موقع متخصص بالشؤون الصينية

“شَنغهاي” تُمثِّل العَالم المُسَالِم

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
فادي زواد السمردلي
*

مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون الذي أقيم مؤخراً في مدينة تشينغداو الساحلية الصينية، كان فرصة ذهبية لعقد لقاء إستراتيجي الملامح والجوهر بين الزعيمين الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، كما أرسل المؤتمر رسالة ضمنية للعالم، تظهر المستوى العالي والاستراتيجي للعلاقة الثنائية بينهما، والانجازات التي وصل اليها البلدان وتحققت لهما من خلال تعميق التعاون، وموائمة مبادرة الحزام والطريق مع الاستراتيجيات الروسية للتنمية لا سيّما خطتها للسكك الحديدية العابرة للقارات.

وبحسب وكالة أنباء “تاس” الروسية، فقد شارك في قمة “شنغهاي” العالم كله، من خلال مشاركة ممثليه وهم رؤساء كبار المنظمات الدولية، بدءاً من الأمم المتحدة، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة “آسيان”، وصولاَ إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم روسيا ودولاَ انفصلت عن الاتحاد السوفييتي السابق.

رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ أكد قوة منظمة شنغهاي ودورها الأممي الحقيقي في خطابه الذي نوّه فيه إلى: أن قمة المنظمة “تكتسب أهمية تاريخية”، وبأنها “أصبحت أقوى وأقوى”.

وتأكيداً على ما بينّناه أعلاه، فقد أشار “شي” إلى أن دول المنطقة والمجتمع الدولي تعلق آمالا إنسانية كبيرة على المنظمة التي “غدت قوة مهمة، وبهذا أصبحت لدينا مسؤولية أكبر لضمان الاستقرار والأمن الإقليميين، وتعزيز التنمية المشتركة”، وختم بالقول: “الصين مستعدة بالتعاون مع أعضاء المنظمة، لتلخيص تجربتها في التنمية، وتحليل الوضع في المنطقة والعالم، وإيجاز آفاق التعاون، وسوف نسعى جاهدين لضمان التنمية المستدامة طويلة الأجل لمنظمة شنغهاي للتعاون”.

روسيا والصين بلدان جاران وشركين إستراتيجيين، ويتمتعان بميزات طبيعية وأساس جيد للتعاون من أجل ضخ دفعة جديدة في العلاقات الثنائية وروح التعاون البنّاء في العلاقات الدولية، لتوسيع نطاق الروابط الانسانية فالتجارة البينية، وتعزيزمشاريع النفط والتعاون في مجال الغاز، بالإضافة الى الدعوة للتوسّع بسلاسل وسلاسة التعاون الصناعي، وتكثيفه في العلوم والتكنولوجيا والطيران ودراسة القمر والفضاء ودرب التبانة، كما ولم يغفل المؤتمر قيمة وأهداف وجوهر التواصل والتبادل  الثقافي والتعاون الانساني، فظهر هذا جلياً بتوقيع إتفاقيات بمليارات الدولارات، في مشاريع جديدة للتعاون تتركّز في الطاقة النووية، والاستثمار في صندوق صناعي بقيمة مليار دولار، تليها عمليات تجسير شعبي وثقافي لأُمّتي البلدين، وهو ما يؤدي بالتالي الى ضخ قدرات جديدة لاستقرار العالم.

هذه الاتفاقيات، بالإضافة الى علاقة الاحترام  والتقدير العميق المتبادل الذي ظهر جلياً بمنح الرئيس الروسي بوتين ميدالية الصداقة الصينية الاولى، إشارة واضحة ورسالة جلية الى كل العالم بالقيمة المُثلى والأهم للعلاقات الصينية الروسية، ثباتها وصلابتها، ونجاحها في امتحان الزمن وفي خضم المتغيرات الدولية والاقليمية والآسيوية، والعمل المشترك وتقسيمه بعدالة بين الدولتين، لجني محصول رابح ومعقول ومرضٍ لكليهما.

إن هذا الحِلف الروسي الصيني المتصاعد والتعاون التكاملي للدولتين، سيُشكّل بدون أدنى شك قوة أكثر جبروتاً في مواجهة أي تغوّل أو إملائية أمريكية وغربية، ويقوم كصمّام أمان للشعوب بسبب إهتزاز ثقة العالم بالرئيس ترامب، الذي لا يستطيع أحد الحكم على تصرفاته، فانسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي مع إيران، وقبلها من  إتفاقية المناخ أفقد الثقة العالمية به، وبالرغم من محاولة الدول الاوروبية ثنيه عن هذا القرار الانسحابي السلبي، إلا انه تعامل معهم جميعاً من منطلق العنجهية والفوقية، وكـأنه  السيد وهم خدمه وليسوا أصحاب قرار أو حلفاء له أو حتى أصدقاء أو دول مستقلة وسيّدة بقراراتها.

اعتقد جازماً أنه لولا تخوّف الغرب، الذي يَصطنع عادة أو يقوم بتصنيع أعداءً وهميين لأوروبا الغربية، لا سيّما من التقارب الصيني الروسي، لتحرّروا من كل تبعية أمريكية، ولكان لهم قرارهم الحر والمستقل وازدهار كل اوروبا، شرقها وغربها، على قاعدة الجماعية والكسب المشترك وكذلك لنعكس ذلك على العالم أجمع.

إذن، التعاون والتحالف الروسي الصيني هو مَن سيَصنع المستقبل الاستقلالي، في رد أية غطرسة أمريكية وأية محاولة ترامبية  لنشرالاسلحة حول الصين وروسيا، وفي “الشرق الاوسط”، وفي “الفضاء  الخارجي”، مما يقلص من تهديد السلم العالمي، خصوصاً عندما تنفلت القوة من قرار أهوج!

#فادي_زواد_السمردلي: ناشط إجتماعي وسياسي، وعضو في الهيئة الاردنية للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.