موقع متخصص بالشؤون الصينية

ملكة الأردن لـ”شينخوا”: الصين حققت تقدما هائلا وتلعب دورا مهما ومؤثرا في التنمية والاقتصاد العالمي

0

 

أكدت الملكة رانيا العبد الله عقيلة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن الصين حققت تقدماً هائلاً خلال العقد الأخير، منوهة بأن الصين هي المُصدّر الأكبر في العالم، وثاني أكبر اقتصاد، ومما لا شك فيه أنها تلعب دوراً مهماً ومؤثراً في التنمية والاقتصاد العالمي.

وقالت ملكة الأردن رانيا العبد الله، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، “اليوم، صنفت التقارير بكين كأفضل مركز للتكنولوجيا في العالم، مما وضع الصين كرائد في الابتكار التقني عالمياً ومركزاً لشركات بمستوى كبرى شركات (سيلكون فالي) مثل (ابل وامازون)”.

وأشادت الملكة رانيا بما تقوم به مؤسسة (جاك ما) الصينية، مؤكدة أنها تقوم بعمل رائع في مجال التعليم، منوهة بأنه خلال زيارة إلى عمان قبل بضعة أشهر، أعلن السيد جاك ما عن منحة كريمة بمقدار 3 ملايين دولار أمريكي لدعم وتطوير منصة “إدراك” الالكترونية التعليمية، إحدى مبادرات مؤسسة الملكة رانيا، بالإضافة إلى دعم تدريب مدراء المدارس في أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين.

وقالت الملكة رانيا “نتطلع لمزيد من التعاون وتبادل المعرفة مع مؤسسة جاك ما بحيث نستطيع العمل معاً على هدفنا المشترك لتعزيز حصول الجميع على تعليم نوعي”.

ولفتت ملكة الأردن رانيا العبد الله إلى أن النزاع والاضطراب دمرا منطقتنا لوقت طويل، وأحبطا فرص الملايين من الأطفال والكبار في الحصول على تعليم مناسب، مشيرة إلى أن اليوم، أكثر من 15 مليون طفل عربي هم خارج المدرسة بسبب الحرب، قد لا يرى العديد منهم الصفوف الدراسية مرة أخرى، مأساة من شأنها أن تعرقل آفاق مستقبلهم وتجعلهم عرضة لليأس والتطرف.

وفيما يلى نص مقابلة الملكة رانيا العبد الله عقيلة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع وكالة أنباء ((شينخوا)) :

1.هل يمكنك أن تعطينا مقدمة بسيطة حول التعاون بين المؤسسات الأردنية والتي منها مؤسساتك والمنظمات غير الحكومية الصينية مثل مؤسسة جاك ما؟

في عام 2013، أسست مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية لأنني أؤمن بأن الاستثمار في التعليم هو أفضل استثمار يمكننا القيام به لأطفالنا في العالم العربي، المعرفة والابداع والموهبة هم مكونات رئيسة لنجاح أي بلد، وتبدأ في الصفوف المدرسية.

ولحسن الحظ، منذ ذلك الوقت وجدنا العديد من الشركاء الذين يفكرون بنفس الطريقة حول العالم والذين يتشاركون معنا برسالتنا بما فيهم السيد جاك ما.

وتقوم مؤسسة جاك ما بعمل رائع في مجال التعليم، وخلال زيارة إلى عمان قبل بضعة أشهر، أعلن السيد جاك ما عن منحة كريمة بمقدار 3 ملايين دولار أمريكي لدعم وتطوير منصة “إدراك” الالكترونية التعليمية، إحدى مبادرات مؤسسة الملكة رانيا، بالإضافة إلى دعم تدريب مدراء المدارس في أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين.

ونتطلع لمزيد من التعاون وتبادل المعرفة مع مؤسسة (جاك ما) بحيث نستطيع العمل معاً على هدفنا المشترك لتعزيز حصول الجميع على تعليم نوعي.

2. هل يمكنك أن تعطينا مقدمة موجزة حول رحلتك إلى الصين في سبتمبر؟ ما الذي يجعلك أكثر اهتماماً؟

لدى ذكريات جميلة جداً من زياراتي السابقة إلى الصين، واتطلع إلى زيارتها مرة أخرى، أكن الكثير من الاحترام لجاك ما والعمل الذي يقوم به ورؤيته للعطاء والعمل الخيري، لذا عندما دعاني لإلقاء كلمة في مؤتمر علي بابا الثاني للعطاء والعمل الخيري في هانجتشو أسعدني قبول المشاركة، وتلهمني رؤية الناس يهتمون بالعطاء والعمل الخيري، سواء في الصين أو خارجها.

انا متفائلة بخصوص قدرة العطاء على ايجاد الفرص وتقليل عدم المساواة، وأقدر مدى التزام وشغف بعض الناس تجاه العطاء والعمل الخيري.

أعتقد أنه من الضروري دعم وتشجيع هؤلاء الذين يريدون المساعدة، ويريدون إحداث التغيير الايجابي، وجلب أفكار مبدعة لمجالات العطاء والعمل الخيري سواء في الصين أو في بقية أنحاء العالم.

3. ما رأيك بخصوص أدوار الحكومة والمنظمات غير الحكومية والأعمال في العطاء والعمل الخيري؟

في عالم مثالي، العطاء والعمل الخيري يجب أن يكونا جهداً مشتركاً، بحيث يكمل القطاع الخاص والعام والمجتمع المدني عمل بعضها البعض ويبني على نجاحات مشتركة.

المنظمات غير الحكومية في موقف فريد من ناحية تواجدها على المستوى الشعبي لفهم احتياجات المجتمعات على الأرض وايصالها إلى صناع القرار والشركات والجهات المانحة.

ويمكن للحكومات أن تساعد في وضع التشريعات التي تعزز الحس بالمسئولية لدى الشركات من خلال العمل الخيري.

ومع ذلك، يبقى الافراد في قلب العمل الخيري لأن العطاء هو جزء من تركيبتنا الانسانية ومتجذر في ضميرنا البشري.

العطاء هو جزء مما يجعلنا بشر، حتى البحوث العلمية أثبتت أن الإنسان يشعر بالسعادة من التبرع ويرى فوائد كبيرة من بذل الذات في خدمة الآخرين، بمعنى أننا نرى العطاء كأفضل طريقة لتحسين أنفسنا.

نحن البشر لدينا امكانات جوهرية كثيرة لإحداث التغيير في حياة المستضعفين من خلال أعمال إحسان فردية صغيرة من شأنها أن تحدث أثر كبير.

العام الماضي، شكلت التبرعات الفردية أكثر من 4 مليارات دولار من المساعدات الانسانية العالمية، تخيلوا الفوائد غير المتناهية التي يمكن تحقيقها من خلال الجهود المشتركة والمنظمة للعطاء عندما تتخطى الحدود والثقافات.

4. منصة إدراك الالكترونية هي واحدة من الانجازات الرئيسية لعمل مؤسستك، ما هي الفرص التي يمكن أن تحققها للاجئين في العالم العربي؟ برأيك ما هو الأصعب بالنسبة للاجئين خاصة في مجال التعليم؟

أنا فخورة جداً بادراك وما حققته، ولكن الأهم هو أنني متفائلة جداً بقدرتها على تقديم تعليم نوعي مجاني للمتعلمين العرب من خلال التكنولوجيا.

هناك عالم من فرص التعلم الالكترونية يفوت شبابنا واطفالنا العرب بسبب عقبة اللغة، وهذا كان الدافع وراء إدراك، عندما أطلقنا المنصة قبل أربعة أعوام، كانت من أوائل المنصات العربية غير الربحية لمصادر التعليم المفتوحة التي بدورها قدمت الفرصة للمتحدثين باللغة العربي للتعلم الكترونيا باستخدام لغتهم الام. وحتى هذا العام، ركزت إدراك بشكل أساسي على المتعلمين الكبار الذين يسعون لتعليم عالي وفرص تنمية مهنية، حيث وصل عدد المتعلمين المسجلين 1.7 مليون شخص.

بداية هذا العام، بدأنا بالأعداد لمنصة “إدراك للتعليم المدرسي” (من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر) – وهي امتداد للمنصة المجانية الأصلية – وتم تصميمها للأطفال في عمر المدرسة ومعلميهم في العالم العربي، سواء كانوا طلبة في المدرسة يبحثون عن مواد تعليمية اضافية أو كانوا لاجئين مهجرين أو متسربين من المدرسة ويبحثون عن تعليم غير رسمي الكترونيا، ستكون إدراك ملجأهم لموارد تعليمية مساعدة.

النزاع والاضطراب دمرا منطقتنا لوقت طويل، وأحبطا فرص الملايين من الأطفال والكبار في الحصول على تعليم مناسب، اليوم، أكثر من 15 مليون طفل عربي هم خارج المدرسة بسبب الحرب، قد لا يرى العديد منهم الصفوف الدراسية مرة أخرى – مأساة من شأنها أن تعرقل آفاق مستقبلهم وتجعلهم عرضة لليأس والتطرف.

لكن على عكس عقود مضت، مكن التقدم التكنولوجي الجميع من التعلم عن بعد، وهذا يتطلب فقط اتصال جيد على الانترنت وجهاز الكتروني – وهي متوفرة للكثيرين في هذا اليوم والعصر.

يسعدني دوماً الاستماع إلى الآراء الشخصية من المتعلمين الذين استخدموا إدراك أينما كانوا، فتجاربهم شهادات حقيقية لفوائد التعلم عن بعد بالعربية.

وأثناء زيارته إلى الأردن هذا العام، استمع جاك ما مباشرة لآراء مستخدمي إدراك في الأردن والسعودية والجزائر وسوريا وكان بعضهم لاجئين يكملون تعليمهم من دول مستضيفة مثل تركيا.

5. آخر مرة قمتِ بها بزيارة عمل إلى الصين قبل 11 عاماً في العام 2007، ما هي توقعاتك من هذه الزيارة ؟ وما هي انطباعاتك عن التطور والنمو في الصين منذ زيارتك الأخيرة؟

حققت الصين تقدماً هائلاً خلال العقد الأخير، هي المُصدّر الأكبر في العالم، وثاني أكبر اقتصاد، ومما لا شك فيه أنها تلعب دوراً مهماً ومؤثراً في التنمية والاقتصاد العالمي، اليوم، صنفت التقارير بكين كأفضل مركز للتكنولوجيا في العالم، مما وضع الصين كرائد في الابتكار التقني عالمياً ومركزاً لشركات بمستوى كبرى شركات (سيلكون فالي) مثل (ابل وامازون).

لا يسعني الا أن أكون سعيدة بالعودة لزيارة الصين في مثل هذه الأوقات، وأنا متأكدة أن رحلتي ستكون مثمرة على العديد من المستويات.

الأردن دولة صغيرة، سكانها الشباب طموحين ويمكنهم تعلم الكثير من التعاون مع الصين، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والتبادل التجاري والتعليم.

كما يسعدني كثيراً الانضمام إلى جاك ما في مؤتمر علي بابا للعطاء والعمل الخيري، وأن أكون جزءاً من نقاش يزداد قوة في الصين اليوم.

6. كيف ترين وضع المرأة الحالي في العالم العربي؟ في الصين، الكثيرون يرونك على أنك نموذج رائع للمرأة العربية.

الشرق الأوسط متنوع كثيراً، وتعكس التجارب المتعددة للسيدات العربيات في المنطقة ذلك، اعتقد أنه من الأسهل في كثير من الأحيان أن يرسمنا الناس بذات الفرشاة النمطية – مضطهدات وغير متعلمات وبلا صوت.

الحقيقة هي أن النساء العربيات من جميع مناحي الحياة تتركن أثراً متزايداً على كل مستوى في المجتمع – كربات بيوت، وكأستاذات وطبيبات ومهندسات ورياديات.

برزت النساء العربيات كقدوة في كل المجالات تقريباً، في اختراقهم السقوف الزجاجية وتقديمهم مثالا ممتازا لفتيان الجيل القادم.

ومع ذلك، في العديد من الحالات، كان التقدم أبطئ مما نريد، لسوء الحظ التحيز على اساس الجنس لا يقتصر على دولة أو منطقة واحدة، والنساء في كل مكان معرضات لخطر التمييز والاساءة.

وهذا بالأخص صحيح في مناطق النزاعات، حيث النساء هن دوماً الأكثر تضرراً، في أوقات الأزمات أو الاضطرابات السياسية، يتم عكس مكاسب النساء التي تم تحقيقها بصعوبة ويتم التعامل مع حقوقهن على أنها أمور ثانوية.

انتقلت بعض النساء العربيات من صعود سلم الوظيفة قبل سنوات قليلة إلى المعاناة لدعم أسرهن في مخيمات اللجوء اليوم. وهؤلاء هن النساء الأكثر حاجة إلى الدعم، بالرغم من سوء حظهن، فهن يحافظن أسرهن ببطولة ويوفرن سبل العيش من لا شيء.

7. ما رأيك بالمساعدة الصينية الإضافية والتي تقدر بـ 2,35 مليون دولار أمريكي للأونروا أخيرا؟

في وسط الأزمة المالية الاسوأ في تاريخ أونروا الممتد لسبعين عاماً، شعرنا بالتفاؤل حينما قدمت دول مثل الصين الدعم للوكالة التي تقدم المساعدة الانسانية والتعليم والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في الشرق الاوسط.

أونروا هي طوق النجاة لأكثر من 5 ملايين شخص في المنطقة، 40 % منهم يعيشون في الأردن وحدها، وكرم الصين سيساهم في تخفيف بعض الضغط على الوكالة التي تعاني.

الأردن الذي يقود جهودا لضمان التمويل اللازم للوكالة لتستمر في خدماتها، يأمل ان تحذو دول أخرى حذو الصين، خاصة تلك التي لم تكن من المانحين المعتادين لأونروا في الماضي.

الحل النهائي لهذه الأزمة، يمكن فقط إيجاده من خلال تسوية يتم التفاوض عليها لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وجميع قضايا الوضع النهائي ومن بينها قضية اللاجئين.

8. عندما أصبحتِ ملكة في العام 1999، كنت أصغر ملكة في العالم، كيف تطور نهجك للدور خلال العقدين الأخيرين؟

عشرون عاماً وقت طويل، تغير الكثير منذ العام 1999، كما أنني تغيرت وتعلمت كثيراً، لسوء الحظ، العقدين الماضيين كانا مضطربان بشكل خاص في منطقتنا، ونتيجة لذلك شكلا تحدياً كبيراً بالنسبة للأردن.

فقد صدمتنا أزمة خارجية تلو الأخرى ومع ذلك بقي الأردن وشعبه وقيادته صامدين في التزامهم للسلام والاعتدال.

واجهت تحديات صعبة، لكنها جعلتني أصدق تجاه نفسي وأقل خوفاً، على عكس ما كنت في العام 1999 وحتى بدايات 2000، لدي الآن توازن أفضل بين القيام بالدور التقليدي لملكة والدفع باتجاه القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لي دون أن يؤثر ذلك على قناعاتي الشخصية، لست خائفة من التعبير عن مبادئي ومواقفي.

في حياتنا، علينا أن نظهر بصورتنا الحقيقية بغض النظر عن الدور الذي نلعبه أو اللقب الذي نحمله، في النهاية، أن أكون ملكة هي مسؤولية في المقام الأول وقبل كل شيء، وهي مسؤولية أحملها معي في كل مكان، قمت بالتزام تجاه الاردن ومواطنيه لخدمتهم بقدر استطاعتي، وأحاول الوفاء بهذا الالتزام كل يوم.

وأهم شيء، بوجود جلالة الملك إلى جانبي كقدوة، خفف من تخوفاتي الأولية من أن أصبح ملكة، ويبقى جلالته أكبر داعم لي والشخص الذي أتوجه إليه للنصيحة والمشورة، أنا محظوظة في الزواج من قائد يقود بقدر كبير من التعاطف والنزاهة والشجاعة.

9. كيف توازنين بين حياتك الخاصة كزوجة وأم وواجباتك العامة كملكة؟

تحقيق ذلك التوازن ليس سهلاً ابداً، لأن الأمومة أو تربية الأطفال في جوهرها هي وظيفة بدوام كامل! في هذا الزمن والعصر، تتولى النساء أدواراً متعددة، تحاولن أن تكون كل شيء لكل واحد من الادوار: أمهات، بنات، زوجات ورائدات في أعمالهن وهكذا.

بالنسبة لي، في نهاية المطاف، الاسرة هي أولويتي – لطالما كانت وستبقى، لكن العمل الذي أقوم به أيضاً مهم وكغيري من النساء العاملات في الأردن وحول العالم، أقوم بأفضل ما عندي لتحقيق توازن صحي بين العائلة والعمل، مدركة أنه سيكون صعباً وغير مستدام في بعض الأحيان.

10. معظم عملك في بلدكم يركز على دعم ومناصرة نظام التعليم الأردني، ما الذي ألهم اهتمامك الكبير في التعليم؟ وما هو وضع التعليم في الأردن اليوم؟

أنا أؤمن بقوة التعليم لأنه يحمل الإجابة للعديد من التحديات التي نواجهها اليوم.

لطالما كان الأردن تاريخياً رائدا اقليميا في التعليم، للأسف، كان للعديد من الأزمات من حولنا تأثيراً مباشر على تأخير إنجاز خطط إصلاح التعليم طويلة المدى، وأرهقت ميزانياتنا التعليمية.

على سبيل المثال، اليوم هناك أكثر من 150 ألف طالب لاجئ سوري في المدارس الحكومية الأردنية، الذين وضعوا ضغطاً هائلاً على نظامنا التعليمي.

وبالرغم من ذلك، لم نتراجع عن كفاحنا من أجل تعليم نوعي.. فالأردنيون يثمنون التعليم بشكل كبير، في بلد بمثل هذه الموارد الضئيلة، كل أسرة أردنية تدرك أن التعليم اساسي لتقدمنا كدولة.

ومن أجل ذلك قامت مؤسستي بتطوير عدد من المبادرات والبرامج التي تدعم إصلاح التعليم في الأردن، ولكن لا يستطيع شخص واحد أو مؤسسة واحدة التعامل مع هذا التحدي، يجب أن يكون إصلاح التعليم أولوية وطنية، ولكل فرد دور ليلعبه.

بالنسبة لي، الاستثمار في معلمينا ضرورة اساسية، أؤمن أن المعلمين في قلب عملية التعليم وأن نجاحنا يعتمد على نجاحهم.

ولذلك اسست أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين والتي تقدم تدريباً مهماً وتطويراً مهنياً للمعلمين.

في الحقيقة، قبل عامين أطلقت الأكاديمية برنامج دبلوم مهني لإعداد وتأهيل المعلمين بالتعاون مع كلية لندن الجامعية وبشراكة مع الجامعة الأردنية ووزارة التربية والتعليم، وقد تم تصميمه لتزويد المعلمين الطموحين بالمهارات والخبرات الضرورية للتعليم قبل أن يبدأوا عملهم.

كما أنني أؤمن أن العديد من أطفالنا في الأردن وفي منطقتنا مغيبين عن عالماً من الموارد التعليمية المجانية عبر الانترنت لأنها غير متوفرة باللغة العربية.

لذا، في بداية هذا العام أعلنا عن توسع في منصة إدراك للتعليم المدرسي للمتحدثين بالعربية ابتداء من رياض الاطفال وحتى الصف الثاني عشر لتزويدهم بالمواد التعليمية بلغتهم الأم.

سنبدأ بمادة الرياضيات ولكن من المقرر أن تغطي المنصة جميع الصفوف والمواد الدراسية الرئيسية بحلول العام 2020.

11. في وقت سابق من هذا العام، وسعت مؤسستك منصتها التعليمية الالكترونية المجانية – إدراك – لتشمل المتعلمين في المدارس، ما أثر ذلك برأيك على التعليم في المنطقة وما هي رؤيتك لتقدم إدراك؟

مع سنوات من الاضطراب التي تركت آثاراً ظاهرة على المنطقة، وما سببه التعليم الذي عفا عليه الزمن من تأخر في تطور الاطفال، وعليه كان واضحاً بالنسبة لنا ان نسأل ما هي الخطوة التالية لإدراك.

طموحي أن تساعد منصة إدراك للتعلم المدرسي (من رياض الاطفال إلى الصف الثاني عشر) على تلبية احتياجاتهم التعليمية في عمر المدرسة للمتحدثين باللغة العربية في الشرق الاوسط من خلال تقديم مناهج الكترونية في جميع المواد الاساسية.

وعليه بدأنا في الرياضيات والتي ستصبح متوفرة لجميع الصفوف مع نهاية هذا العام، مع الشركاء والدعم المناسب، آمل انتهاء تطوير المحتوى الميداني للمنصة في كافة المواد ولكافة الصفوف بحلول العام 2021، ويشمل ذلك الفيزياء والكيمياء والاحياء واللغة الانجليزية والعربية وبرمجة الحاسوب.

بالطبع، النازحون أو أولئك الذين يعيشون في مناطق النزاع ليسوا وحدهم الأكثر عرضة للتأخر، سواء كان الطفل لا يمكنه الوصول إلى تعليم رسمي، أو طالب يحتاج إلى مساعدة إضافية في بعض المجالات، وضعت إدراك للتعلم المدرسي كلتا الحالتين بعين الاعتبار.

سيتمكن الطلبة من الوصول إلى الالاف من مقاطع الفيديو التعليمية والاختبارات والتمارين التطبيقية، بينما المعلمون والاهالي وعمال الاغاثة سيكونون قادرين على توجيه تعلم الاطفال باستخدام خطط الدروس وادوات التقييم.

عندما نفشل في فهم أن احتياجات وقدرات التعلم الخاصة بكل طفل هي فريدة من نوعها، فإننا نفشل في منحهم المعرفة التي تخدم نجاحهم في العالم الحقيقي، الذي يجعل إدراك مؤثرة هي قدرتها على تلبية احتياجات التعلم المختلفة لدى الاطفال وفي الوقت ذاته اثراء ودعم التعليم الرسمي.

12. كيف أثرت أزمة اللجوء السوري على الأردن؟ ما الأثر الذي تركته على الاقتصاد المحلي؟

لطالما كان الأردن ملاذاً آمناً للاجئي المنطقة، لكن امتداد أزمة اللجوء السوري أثرت بشدة على مواردنا المحدودة، شخص من كل سبعة أشخاص الآن في الأردن هو لاجئ.

كنا نعلم أن قبول هذا الكم من اللاجئين سيضع ضغطاً كبيراً على اقتصادنا – لكننا علمنا أيضاً أنه لا يمكننا رد أشخاص أبرياء يهربون من الحرب والموت واليأس عبر حدودنا.

وكنتيجة لذلك، تعاني مدارس ومستشفيات والبنية التحتية في الأردن من أجل التعامل مع الزيادة في عدد السكان، لأنه حوالي 90 % من اللاجئين يعيشون في المدن والقرى، وليس في المخيمات، وارتفعت معدلات البطالة والايجارات، مما سبب تأثيراً قاسياً على المواطنين الأردنيين.

كما أننا اضطررنا لزيادة الاقتراض الخارجي، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الدَين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 67 % قبل الحرب السورية إلى 96 % اليوم.

وفي خضم أزمة لجوء عالمية، كان من المحبط رؤية العديد من أعضاء المجتمع الدولي يتجاهلون هذه المسؤولية الانسانية ويتركون الدول المستضيفة للاجئين لتتعامل مع الأمر وحدها، وببساطة، الدعم الذي نحصل عليه غير متكافئ مع الاحتياجات الكبيرة لهذه الفئة الضعيفة.

وفي الوقت ذاته، نحن ممتنون جداً لأصدقائنا حول العالم بما في ذلك الصين والتي لعب دعمها طويل الأمد وكرمها دوراً كبيراً في مساعدتنا على تحمل هذا العبء.

عبر السنوات، لم تقدم الصين المساعدات الغذائية والانسانية للاجئين في الأردن فقط، لكن دعمتنا أيضاً في تنمية بنية بلدنا التحتية المنهكة.

وقبل شهرين فقط، تعهدت الصين بـ 15 مليون دولار اضافية والتي ستساعدنا في تلبية احتياجات اللاجئين.

13. لسنوات، ساهم الأردن في الجهود العالمية لمحاربة ودحر الإرهاب، في ضوء الهجوم أخيراً في الأردن، هل تؤمنون أننا قريبون من ذلك الهدف؟ وما الذي يجب فعله؟

عبر السنوات، بقي الأردن من أحد أعمدة الأمن والأمان القليلة في الشرق الاوسط، وعلى الرغم من أننا نعلم أن بلدنا كانت وستبقى هدفاً للمتطرفين، لكننا – والحمد لله – تعرضنا لعدد قليل جداً من الهجمات الإرهابية، وذلك نظرا للجهود الكبيرة من حرس الحدود والأمن الداخلي.

مع ذلك، كل هجوم يحدث يفطر القلب، في هجوم الشهر الماضي، فقدنا ستة من أفراد قواتنا الأمنية الشجعان، على يد المتطرفين الجبناء، هي خسارة عظيمة لبلدنا، وتذكير أننا لن نستطيع أن نتهاون في معركتنا ضد الإرهاب.

يحارب الأردن الإرهاب على أكثر من مستوى، من الناحية العسكرية، لعب الأردن دوراً مهماً في التحالف الدولي ضد داعش في سوريا والعراق والتي وصلت إلى نهايتها.

وعلى الصعيد السياسي، نعمل إلى جانب اللاعبين الدوليين للمساعدة على استعادة السلام في سوريا والعراق، لكن قد تكون أكثر معركة تحدياً بالنسبة لنا هي تلك التي نحارب فيها رواية المتطرفين الزائفة المثقلة بالكراهية والايدولوجية الملتوية والمحبوكة من قبل الخوارج عن الاسلام.

دائماً اقول إنه لا يمكنك قتل ايدولوجية برصاصة، يمكنك فقط قتلها بفكرة أفضل، يصطاد المتطرفون من اليأس والاحباط، ويستغلون الأشخاص الضعفاء الذين يشعرون بأنهم لا يملكون خيارات أفضل.

يجب علينا ايجاد فرص للشباب وأن نضعهم على الطريق نحو مستقبل واعد، ليس هناك علاج واحد للتطرف لكنني مقتنعة أن جزءاً كبيراً من الحل هو في التعليم.

إذا تمكنا من تجهيز شبابنا بالمهارات التي يحتاجوها للنجاح في العالم والوظائف التي تجعل حياتهم هادفة، لن يكون هناك سبب لليأس والنقمة، من أجل هزيمة الارهاب علينا إزالة الظروف التي يولد فيها.

14. بالمقارنة مع الصين، الأردن دولة شابة جداً حيث أكثر من 40 % من سكانها تحت عمر الـ18 عاماً، ما هي التحديات والفرص التي يمثلها هذا للأردن؟

التحدي الأكثر الحاحاً بالنسبة للشباب اليوم هو البطالة، وهي من أكبر التحديات في بلدنا، حتى قبل التخرج، يدرك الشباب الاردنيون تماماً انهم على وشك دخول سوق عمل مزدحم وشديد التنافس.

وفي الوقت ذاته، وكما هو الحال حول العالم، لا يتم تمكين الشباب للمنافسة في العصر الرقمي.

وبحسب بعض التقديرات، يمكن أن تتم أتمتة نصف الوظائف في العالم خلال السنوات العشرين القادمة، مما جعل جهودنا من أجل إصلاح النظام التعليمي الأردني أكثر الحاحاً، ليكون شبابنا قادرون على المنافسة في سوق عمل المستقبل.

كملكة، أنا أتشرف بلقاء العديد من الشباب الاردنيين الذي لا يتوقف طموحهم وإبداعهم وإصرارهم عن الهامي، لدى شبابنا الكثير من الامكانات الهائلة – لقد جعلوا من الأردن أكبر منتج لمواهب تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، بالإضافة إلى المنتج الريادي للمحتوى العربي على شبكة الانترنت.

التحدي أمامنا هو الاستمرار في الاستثمار في النوع الصحيح من التعليم وتنمية اقتصادنا من أجل إيجاد فرص أكثر لهم في الأردن.

15. مع استمرار معاناة الشرق الأوسط مع الحرب والنزوح والتوتر، ويستمر تصاعد عدم الثقة بين الدول حول العالم، ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل زيادة التفاهم العالمي؟

في بداية الثورة الرقمية، الكثير منا شعروا بالأمل بان هذه المرحلة من العولمة والتواصل المتزايد ستقرب الانسانية من بعضها البعض.

لكن في الحقيقة الكثير من التطورات التكنولوجية التي حققناها كشفت مدى انقسامنا، في كل يوم، نتفاجئ من العناوين عن الحرب والمعاناة وانعدام العدالة مما يوفر أرضية مثالية لزيادة التضليل وانتشار خطاب الكراهية ولغة التصعيد، هي حلقة مفرغة، ويكافح العالم بأكمله للتصدي لها.

بغض النظر عن من أين نأتي أو بماذا نؤمن، في صميم كل ذلك، يريد جميع البشر الأمور ذاتها: مكان آمن يسمونه دارهم، القدرة على العمل من أجل المعيشة، وتعليم نوعي لأطفالنا.

وهذه الأمور يمكن تحقيقها بالنسبة لنا جمعياً لكن عندما نضع جميع اختلافاتنا جانباً ونتعاون على حلول شاملة.

وبفضل الجهود العالمية، في السنوات الأخيرة، انخفضت مستويات الفقر العالمي وازدادت معدلات معرفة القراءة والكتابة والعديد من الأمراض التي كانت شائعة هي على وشك ان يتم القضاء عليها.

تلك نجاحات تستحق الاحتفال بها، انسانيتنا المشتركة أقوى بكثير من العلامات التي تفرقنا، ومن مصلحتنا جميعاً العمل معاً لتحقيق تنمية عالمية مستدامة وايجاد عالم جدير بالجيل القادم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.