موقع متخصص بالشؤون الصينية

تأثير صناعة المعلومات علي النمو الإقتصادي في الصين

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
علا علاء الدين عبد الفتاح:

أصبح من الواضح أن صناعة المعلومات تعد الآن قوة مؤثرة فى الاقتصاد ككل. ولا تختلف عن القطاعات الأخرى،  خاصة من حيث الهدف، وهو مساهمة فى النهوض بالقطاع الاقتصادي. حيث تقوم مؤسسات وشركات المعلومات وصناعتها بتحسين وتطوير، وتوسيع أنشطتها المعلوماتية ومنتجاتها؛ لتكون متوافرة ومتواجدة بشكل كبير فى ميدان اقتصاد الخدمات الحاسوبية. وباتساع التحسيب ومعالجة المعلومات فى القطاعات الاقتصادية، فقد أدى هذا إلى زيادة شركات المعلومات ذات الربح، واعتمادها بشكل كبير على صناعة المعلومات والتكنولوجيا المتعلقة بها.

ولاشك أن الصين قد حققت إنجازات واسعة. وهى اليوم تخطو نحو الصعود والتقدم بخطوات غير متسارعة. ولا أحسب أن بلداً حققت هذه الإنجازات التى تصل إلى حد المعجزات، فكم هى ضخمة تلك التغيرات الهيكلية والتحولات الاقتصادية التى حدثت فى الصين فى بداية مخاض الألفية الثالثة.

فلقد أبهرت الصين العالم بهذا العملاق الذى نما فى استقلالية، بعد ما برعت فى توظيف نطاقها الاقتصادي بشكل لم يحدث من قبل. وذلك عن طريق ، زيادة صادراتها وعملها على جذب الاستثمارات الأجنبية، واستيراد التكنولوجيا الحديثة فى ظل معطيات وفرضيات علمية وعملية، بهدف تحريك ومعالجة الترسبات التاريخية الساكنة والعالقة ففي أعماق الشعب للانتقال لمستقبل أفضل.

في عام 1988 تم طرح نظرية “العلوم والتكنولوجيا يمثلان قوة الإنتاج الأولي”، مما دشن مرحلة الإصلاح في نظام العلوم والتكنولوجيا، وساعد على تحويل” نتائج البحوث العلمية إلى سلع ” توسع بالتالى سوق التكنولوجيا. وفي عام 1990 قررت الحكومة الصينية تنمية منطقة بودونغ بمدينة شانغهاي. وأصبحت الآن قاعدة لصناعة العلوم والتكنولوجيا العالية، والجديدة والصناعة الحديثة لمدينة شنغهاي.

وفي عام 2002 بدأ انتشار مصطلح “صنع في الصين” على نطاق واسع في وسائل الإعلام وحينها شعر العالم بوجود الصين واستشعر قوتها. وبعد نضال دام أكثر من عشرين عامًا، أصبح مصطلح “صنع في الصين” حقيقة لا جدال فيها. حيث أثبتت السلع الصينية رخيصة الثمن وحسنة الجودة قوتها للعالم. ويرى البعض أن سر نجاح مصطلح “صنع في الصين“، يكمن فقط في الأيدي العاملة الرخيصة. مما جعلها تحقق إنجازات بارزة. ويمكن القول أن مصطلح “صنع في الصين” كان مقدمة صعود الصين.

ووفقاً لعام 2003 فإن الإحصائيات تؤكد على أن الصين صدرت تكنولوجيا لأمريكا بـ 29 مليار دولار. ومن ثم انتقلت الصادرات الصينية من الاعتماد على الأيدي العاملة إلى الاعتماد على التكنولوجيا العالية ، وبذلك احتلت المركز الثاني عالمياً.

كما أن 81% من الصادرات الصينية رفيعة التكنولوجيا، كان يعزي إلى المشروعات المشتركة. فى حين سجلت التقديرات المحايدة خسارة أمريكية قدرها 6,4 مليون وظيفة بسبب المنافسة الصينية، وغزو الصادرات الصينية لأمريكا ، وهرولة الشركات الأمريكية (عابرات القارات) إلى السوق الصيني الواسع. ويؤكد الباحثون في جامعة كاليفورنيا ، إلى أن الاقتصاد الأمريكي فى القطاع الصناعي، هبط بنسبة 12,8% فى التوظيف بين عامي 2000- 2001 ، مقابل زيادة 1,4% فى قطاع الخدمات نتيجة الاستيراد من الصين. وهبط كذلك قطاعات الأجهزة الإلكترونية والكمبيوتر، وهى تلك المنتجات التى تنتجها الصين من إنتاج الشركات متعددة الجنسيات بنسبة 22,9% عام 2001، والتي ارتفعت إلى 24% عام 2003.

ويشير تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) حول نمو الصين فى مجال الابتكار العلمي والتكنولوجيا. مستشهدة بما قالته هيكس رئيسة معهد السياسة العامة فى معهد جورجيا للتكنولوجيا إلى أنه: “من المدهش أن نرى هذه الحصيلة من الأرقام المطبوعة والشهادات وبراءات الاختراع، تتسارع على هذا النحو. إنه شيء لا يصدق.”

ووفقاً لأرقام تقرير العلوم والتكنولوجيا والصناعة لعام 2006 ، أنفقت الصين ما يقرب من 136 مليار يورو على الأبحاث والتطور فى عام 2006. ففي الفترة من 1995 حتى 2001 زادت الصين من إجمالى الإنفاق على الأبحاث والتطور بما يقرب من 14%.

وقد أورد تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2006 حول اتجاهات التكنولوجيا فى العالم، بأن الصين تمثل الآن المرتبة الثانية في العالم. حيث يوجد 966 ألف باحث، وهى بذلك تأتي مباشرة بعد الولايات المتحدة، حيث يوجد بها 1,3 مليون باحث.

وبارتفاع قيم الصادرات الصينية ، وخاصة فى أمريكا وأوربا، ذهبت الدول الغربية إلى وضع قيود على التجارة الصينية. منها التهديد بإعادة العمل بالقوانين المضادة للملكية الفكرية ضد القرصنة الصينية،  والإغراق التجاري الذى تقوم به الصين فى مجال الكمبيوتر والبرمجيات Sofware.

وتعد الاستراتيجية الصينية فى الآونة الأخيرة، قد اهتمت بموضوع الجودة الشملة الكلية. بالإضافة إلى التغلب على جميع العوائق التى مازالت تبحث عن حلولاً، وخاصة فى مجال حقوق الملكية الفكرية، والتغلب على زيادة حجم السلع المقلدة. غير أن الصين تصر على أنها لو تمسكت بحقوقها فى الملكية الفكرية، لأصبح العالم كله مدين لهم . لأنها أول من صنع البارود والورق والطباعة، بالإضافة إلى أن عملة الصين (اليوان) لاتزال تواجه صعوبات وعوائق؛ نظراً لعدم تحديد سعره إلى الآن. وأيضًا وجود بعض التشوهات المالية والنقدية.

ويتوقع أن تصبح الصين القوة العلمية الأولى عام 2050 إذا سارت التوجهات فى الصين على هذا المنوال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.