موقع متخصص بالشؤون الصينية

مصر والصين.. عَلاقات مُعمِّرَة وعَامرة

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
سامي مسعد*:

العلاقات الصينية المصرية والصينية الافريقية هي علاقات بنّاءه ومتميزة ومتطورة، وصورتها زاهية، وتتسم بكونها صِلات شراكة بين هذه الأطراف الثلاثة.

فمنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع دول القارة الافريقية، متمثلة في جمهورية مصر العربية، أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية، في 30 مايو/ أيار 1956، تطوّرت العلاقات بين هذه الأطراف تطوراً كبيراً، وبعدها بعقود تم تأسيس منتدى التعاون الصيني الافريقي، في عام 2002، ليكون رافعة جبارة لتعمير العلاقات إنسانياً وثقافياً وحضارياً أيضاً.

تمتلك الصين مقومات كثيرة، في مقدمتها رأس المال، والخبرة والتقنيات الحديثة، وعلى الجانب الآخر نجد أن الدول الافريقية تمتلك المواد الخام، والأيدي العاملة الرخيصة، بالإضافة إلى أنها سوق جيد للصناعات الصينية. بالإضافة  إلى ذلك، فإن الجانب الأفريقي يكن كل الاحترام والتقدير للشعب الصيني، نظراً لعده عوامل مهمة، في مقدمتها أن الجانب الصيني لم يكن لديه أية أطماع استعمارية  فى القارة الافريقية، ويحترم الجانب الصيني خصوصية مصر وأفريقيا وحاجتها للصين، في مختلف الحقول ومنها الثقافية والاجتماعية.

كل ذلك أدى الى رصد مبالغ كبيرة من جانب الحكومة الصينية لدعم البُنية التحتية في القارة الافريقية، ولعل فكرة الصين فى النهوض ودعم  البُنية التحية الأفريقية عموماً، فكرة ممتازة تقوم على عدم إعطاء أموال مباشرة للمسؤولين الأفارقة،  لكي لا يتم سرقتها  وتوزيعها على الفاسدين، أو تهريبها للبنوك خارج البلاد، وإنما تقوم في إطار النمط الحكومي الصيني الصارم، على تكليف شركات صينية  بشق وتوسيع الطرق، وانشاء مشاريع للصناعات الثقيلة والطاقة، وتقوم الصين بتمويل شركاتها الوطنية لتنفيذ مشاريعها المشتركة مع القارة السمراء.

وبذلك ضربت بكين عصفورين بحجر واحد، إذ شرعت بتجهيز شبكات طرق يستفيد منها المواطن الافريقي، في اكتساب خبرة نتيجة مشاركته في العمل مع تلك الشركات الصينية، وبالتالي سينعكس ذلك على حركة تدفق البضائع، وتقليل الوقت بخصوص عامل المسافة، الأمر الآخر ساعدت الشركات الصينية على فتح  مجال عمل لها خارج الصين، كما أنها  ضمنت حقها المالي، ولن يضيع أي حق من حقوق العقد المُبرم بين طرفي المشروع.

كل ذلك جعل الاستثمار الصيني في الدول الافريقية على وجه الخصوص، استثماراً ناجحاً من الدرجة الأولى، وكل ذلك سيصب في مصلحة المواطن الأفريقي، من حيث انتشار الصناعات الأفريقية القائمة على المواد الأولية الأفريقية، النفط، وتدريب الكوادر الوطنية الأفريقية على تلك الصناعات ونقل التكنولوجيا لبلدانهم.

ليس هذا فحسب وإنما إرسال بعثات من تلك الدول الأفريقية للتدريب في الصين نفسها  وفتح أسواق في تلك الدول لتكون بمثابة نافذه للمنتجات الصيني.

كل تلك الاستثمارات في أفريقيا  كان له مردود اجتماعى كبير،  وأهمه الحد من الفقر في الدول الافريقية، بالاضافة لتحسين الخدمات الصحية فيها.

أما بخصوص العلاقات الصينية المصرية ففي عام 1956 قام الزعيم جمال عبد الناصر بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وبذلك كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية، وشكّل ذلك صفعة للولايات المتحدة الامريكية التي كانت تؤيد حكومة تايوان وتقودها في مواجهة الصين الشعبية.

لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد فحسب،  فقد قامت  الصين بالتوسط لدى الاتحاد السوفيتي سابقاً، من أجل إتمام صفقه الأسلحة التشيكية، نتيجة لرفض الحكومة الأمريكية إمداد الزعيم جمال عبدالناصر بالأسلحة اللازمة من أجل إعداد وبناء الجيش المصري،  وقد دعمت حكومة الصين  قرار رئيسنا الراحل عبدالناصر، بعد تأميم قناه السويس عام 1956،  وأكد الزعيم الصينى ماوتسى تونغ حق مصر وشعبها في تأميم قناه السويس، وفرض سيادتها على كافة أراضيها،  ليس هذا فحسب، وإنما خرجت مظاهرة ضخمة في بكين  دعما للموقف المصري.

كل ذلك لم ولن ينساه الشعب المصري، فقد قام  الزعيم عبد الناصر بالتوسط من أجل فض النزاع بين الصين والهند، بعد اندلاع الحرب الهندية الصينية عام 1962.

وفيما يتصل بالجانب الثقافي الذى يعتبر من وجهة نظري مفصلياً فقد تطوّر تطوراً كبيراً، ونجد أن أول بعثه صينية إلى مصر كانت عام 1931، وهي للأزهر الشريف. أما أول بعثة مصرية كانت عام 1956، وهو العام نفسه الذي تأسست فيه جمعية الصداقة المصرية الصينية، وأعقب ذلك إفتتاح قسم اللغة الصينية  فى عدة جامعات مصرية، ثم توّجت تلك العلاقات بافتتاح فرعين لمعهد كونفوشيوس، الأول معهد كونفوشيوس بالقاهرة، وهو أول معهد فى شمال أفريقيا، والثاني كان معهد كونفوشيوس بقناة السويس.

ثم يأتي بعد ذلك الجانب الاقتصادي، والذي يعتريه اختلال من وجهة نظري في شقه المصري، لعدة أسباب منها، عدم وجود شفافية لدى الجانب المصري من حيث دراسات الجدوى والبُنية القانونية وعدم الاستقرار السياسي، وبرغم ذلك، تعتبر العلاقات الصينية المصرية علاقات مميزة وتتسم بالتطور، وأنا على ثقة أنها ستتطور أكثر وأكثر مع مرور السنين،  وأن تتحقق رؤية فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ في إحياء طريق الحرير الجديد المُسمّى منذ عام 2013 بمبادرة الحزام والطريق.

كل الحب والتقدير إلى الشعبين الصيني والمصري، والى الأمام دون توقف لتحقيق مزيدٍ من النجاح في علاقات الصين المصرية والأفريقية.

ـ #سامى_مسعد: كاتب ومدرّس وحاصل على ليسانس الآداب/ قسم الجغرافيا، ودبلوم الدراسات العليا  فى التربية، وناشط في العلاقات #المصرية_الصينية مع القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، ومجلة “الصين اليوم”، وصديق قديم للصين والاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء #الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.