موقع متخصص بالشؤون الصينية

ريا: إيجاد حلول للحرب التجارية الصينية – الأمريكية بات ضرورياً

0

مركز سيتا للدراسات ـ
حوار: سمر رضوان

توصلت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، في قمة الـ 20 في بيونيس آيريس العام 2018، إلى هدنة تجارية لمدة 90 يوماً هدفها التوصل إلى حلول من شأنها إيجاد مخرج للحرب التجارية بين الجانبين، ليعقب ذلك اجتماعات جرت للمرة الأولى بعدها، يتوقع البعض منها أن تكون مثمرة تتعلق بإصلاحات هيكلية والتزام كلا الطرفين بتعهداته المبرمة.
مركز سيتا
عن هذه الإجتماعات وما ستؤول إليه وكيفية الحد من الأزمات المشتركة التي تؤثر على الإقتصاد العالمي ككل، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ محمود ريا، الخبير في الشؤون الصينية ومدير موقع “الصين بعيون عربية”، عن هذا الموضوع.

آثار الحرب التجارية

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين مضرّة بإقتصاد الطرفين من جهة، وبالإقتصاد العالمي، من جهة أخرى؛ هذه حقيقة لا مفر منها في حال من الأحوال. لذلك، فإن أي جهد يبذل من أجل الهروب من تلك المواجهة الصعبة بأي طريقة من الطرق، وهذا بالضبط ما يدفع القيادة الصينية إلى بذل الكثير من الجهود من أجل تجنب الخوض في حرب بدأت آثارها السلبية فعلا بالظهور على الإقتصادين الصيني والأمريكي في آن.

إتفاقات ضامنة

نحن الآن في فترة هدنة تم الوصول إليها خلال قمة الـ 20، في العاصمة الأرجنتينية بيونيس آيريس، خلال لقاء بين الرئيس، الصيني شي جين بينغ، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هذه الهدنة لمدة ثلاثة أشهر ستنتهي قريباً، ويفترض خلال هذه الفترة التوصل إلى اتفاقات تكون ضامنة لمصالح الطرفين بما يؤدي إلى الخروج من مأزق الحرب الإقتصادية.

من جهتها، تقدم الصين كل التسهيلات اللازمة للوصول إلى حلول، وهي دائماً ما كانت تدعو لأن يتقدم الطرفان إلى منتصف الطريق من أجل الوصول إلى اتفاقيات معمرة ومستدامة تؤدي إلى النهوض بإقتصاد البلدين، بشكل خاص، والعالمي، بشكل عام.

إشعال الأزمات

لم تتوقف الولايات المتحدة عن حشد العقبات لمواجهة الصين لا سيما في القضايا الضاغطة، كمسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي والحريات الفردية والحريات السياسية وشينجيانغ المسلمة والتيبت والإنفصاليين فيها. كل هذه المسائل تحشدها الولايات المتحدة للضغط على الصين من اجل توقيع العقوبات عليها في كل المجالات.

فقضية تايوان، مثلاً، هي مسألة “متفجرة” دائماً، سواء في فترة حكم الرئيس ترامب أو في فترات الحكم السابقة، ولكن ما يقوم به ترامب هو تصعيد وتسعير الخلافات وتظهيرها بشكل كبير جداً وبدون أي “قفاز” دبلوماسي مما يعني أن الصين مضطرة للقيام بخطوات موازية في القوة متعاكسة الإتجاه من خلال طرح الكثير من المسائل الأخرى أو من خلال تأييد بعض القضايا (التي حرصت الصين دائماً على أن تكون في موقع الظل فيها والتي تعبر عن الإلتزام بمبادئ أساسية في العلاقات الدولية تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والحفاظ على استقلالية هذه الدول والعلاقات المتساوية والمتكافئة بينها) وذلك من أجل الضغط على أمريكا.

الحرب كحل “بديل”

إن من فجر هذه الحرب ليس الصين بالطبع وإنما الولايات المتحدة وتحديداً الرئيس الأمريكي ترامب الذي يلقي الكثير من “القنابل” و”القذائف” الدخانية من أجل عدة أسباب؛ منها، وضعه الداخلي إذ لم يجد أفضل من الصين، كقوة، يمكن تحقيق إجماع شعبي ما عليها من أجل مواجهتها تحت حجة أنها “تبتلع” أمريكا وتؤثر سلباً على اقتصادها وما إلى ذلك.

في الوقت ذاته، نجد أن الشعب الأمريكي، أو القوى الاقتصادية والمجتمعية الأمريكية، ترفض تبريرات الرئيس تلك، فهناك الكثير ممن يعتبرون أن المواجهة مع الصين هي كارثية للصين نعم، ولكنها كذلك أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة وبشكل أكبر.

من هنا، فإن تلك النخب تحذر من تصرفات الرئيس ترامب بهذا الشكل العشوائي والمستفز مع الصين، بما يحطم كل القواعد الناظمة للعلاقات الإقتصادية على المستوى الدولي.

التوقعات والنتائج

يبقى أنه علينا طرح سؤالين أساسيين؛ السؤال الأول، هل سيتحقق التوصل إلى اتفاقات تحد من “عنجهية” الرئيس ترامب ومن تصعيده الكبير على الصين؟ أما السؤال الثاني، هل أن هذه الإتفاقات، في حال وقعت، ستلزم الرئيس ترامب؟ بحسب مجريات الأمور ومتابعة سياسته القائمة على “تحطيم” كل الإتفاقيات الدولية (كخروجه من العديد من المنظمات والإتفاقيات الدولية)، لن يكون الرئيس ترامب مصدراً يوحي بالثقة مستقبلاً بأي اتفاق سيوقعه، أو حتى سبق وان قامت الولايات المتحدة بتوقيعه سابقاً.

في المقابل، لا يمكن تخيل عدم وصول البلدين إلى اتفاقيات في القضايا التي تهم الطرفين لأن عدم الوصول إلى حلول، الأمر الذي يعني، حتماً وحكماً، اندلاع حرب اقتصادية مدمرة بين أكبر اقتصادين عالميين الآن. وهناك تشبيه مهم في هذا المجال مفاده أن الإقتصادين الصيني والأمريكي هما كالتوأمين “السيامين” الملتصقين ببعضهما البعض، بحيث أنه لا يمكن إلا أن يسيرا معا بأي شكل من الأشكال، ولو كانا لا يحبان بعضهما البعض. لذلك، إن اتجاه كل منهما في اتجاه معاكس للآخر سيعني تدمير الإقتصادين معاً.

من هنا، لا بد من الوصول إلى حد أدنى من الإتفاقيات والتفاهمات التي تحكم مسألة الخلاف كي لا يشكل خلافاً مدمراً وقاضياً على العلاقات الإقتصادية بين الطرفين، وهذا ما سنشهده، إذا لم يكن خلال فترة حكم الرئيس ترامب إذا تمكن من إتمام ولايته، ففي الفترة التي ستليها حتماً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.