موقع متخصص بالشؤون الصينية

العلاقات الصينية العربية.. مصلحة مشتركة

0

 

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
القاهرة ـ دكتورة كريمة حفناوى:

 

وسط عالم تفرض فيه الدول الرأسمالية الكبرى “المعسكرة والمتوحشة” وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها على السوق العالمى وتفرض سياساتها غير الشرعية بالعدوان المباشر على الدول التي لا تخضع لهيمنتها أو بالعقوبات الاقتصادية التي تخنق الشعوب والتي تصل في بعض البلدان إلى التسبب في المجاعات والموت نتيجة عدم توفر الغذاء والدواء. وفي وسط نمو الفجوة الطبقية سواء داخل بلدان المركز أو الشمال أو البلدان المهيمنة الكبرى كما يقول المفكر العالمي سمير أمين، وداخل أيضا بلدان الأطراف أو العالم الثالث أو البلدان النامية أو الجنوب، وذلك نتيجة لتركز الثروات في يد قلة من المحتكرين على حساب غالبية الشعوب التي تزداد فقراً ومعاناة وتردى الأحوال المعيشية، وسط هذه الظروف استطاعت الصين أن تشق طريقا للبناء تحت اسم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والذي كانت معالمه نمو وبناء الدولة اقتصاديا والانفتاح على السوق العالمي مع الحفاظ على الاستقلالية. وتحتل الصين الآن موقعا محوريا في الاقتصاد العالمى حيث تحتل المركز الثاني عالميا من حيث الناتج المحلي الإجمالي بل والمركز الأول إذا تم تقييمه بتعادل القوة الشرائية للدولار، وتحتل المركز الأول فى التجارة العالمية وثالث دولة عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا فى ميزان القوى الاستراتيجية العالمية.

لقد حدد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في تشرين الأول/ اكتوبر 2017 أن الاشتراكية ذات الخصاص الصينية دخلت عصرا جديدا وطرح السياسة الأساسية للحوكمة ووضع خطة تنمية في 30 عاما بحلول أواسط القرن الحالي لتكون الصين دولة اشتراكية قوية حديثة ديمقراطية على مرحلتين وتبدأ بالحياة الرغيدة والكريمة عام 2020 مع معدل نمو يزيد عن 6% وتحقيق التحديثات الاشتراكية مع حلول 2035.

منذ تولى السيد شي جين بينج منصبه كأمين عام للحزب الشيوعي الصيني فى نوفمبر عام 2012 ورئيسا للصين مارس 2013 تم إطلاق مبادرة الحزام والطريق فى سبتمبر 2013 كما طرح إنشاء مؤسسة مالية آسيوية (البنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية) وتقديم الدعم المالي للبنى التحتية في الدول النامية كما أعلن عن مبادرة المئات الست لمساعدة الدول النامية فى خفض معدل الفقر لمدة 5  أعوام (مائة برنامج للحد من الفقر – مائة برنامج للتعاون الزراعي – مائة لتعزيز التجارة – مائة للمساعدة  ـ مائة لحماية البيئة وتغير المناخ – مائة مستشفى وعيادة ومدرسة ومركز تدريب مهني).

وتم إنشاء البنك في أكتوبر 2014 من 22 دولة أسيوية ومقره الرئيسي بكين.

في عام 2016 قال الرئيس الصينى فى خطابه أمام الأمم المتحدة: دعونا نتحد من أجل تحقيق مزيد من التقارب لخلق شراكة جديدة تحقق المنفعة المتبادلة وبناء مجتمع المصير المشترك.

ومن السياسات التي أكد عليها الرئيس الصيني اقتراح من 4 نقاط لتوسيع التعاون بين الجنوب والجنوب:

  1. التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتمويل والاستثمار وبناء البنية التحتية وحماية البيئة وتحسين القدرات التنافسية.
  2. حث الدول النامية على استكشاف مسارات متنوعة للتنمية وتقاسم التجارب الناجحة للحوكمة وبناء القدرات وتحسين مستوى معيشة الشعب.
  3. الاستفادة من الآليات الجديدة مثل البنك الأسيوي للاستثمار ومجموعة البريكس للأسواق الصاعدة.
  4. تعزيز إصلاح حوكمة النظام الاقتصادي العالمي وتدعيم النظام التجاري المتعدد الأطراف وبناء مجتمع المصالح المشتركة.

ومنذ نشأة منتدى التعاون الصينى العربي فى يناير عام 2004 تسعى كل من الصين والدول العربية إلى التعاون والفوز المشترك والتنمية المشتركة وتقوم العلاقة بينهما على أساس التكامل.

وتسعى الصين إلى تبادل الخبرات مع الدول العربية كما تؤيد الدول العربية في البحث عن طريق يتفق مع ظروف كل دولة لتطور صناعاتها ونموها الاقتصادي وتلتزم الصين بالتعاون والاحترام المتبادل كما تعمل على مساعدة الدول العربية لتعزيز قدرتها على التنمية المستدامة.

في يناير 2016 قال الرئيس الصيني أمام جامعة الدول العربية: “نعمل على تشكيل مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية يتسم بأهمية أن نكون بناة سلام فى منطقة دول الشرق الأوسط ودافعين لتنميتها ومساهمين في تطوير صناعتها وداعمين لتثبيت استقرارها وشركاء في تعزيز تفاهم شعوبها”، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الصين مع الدول في جامعة الدول العربية تناولت مختلف جوانب العلاقات وأكدت على خمسة مبادئ هي الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي – عدم الاعتداء – عدم التدخل في الشئون الداخلية – المساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمى والتأكيد على موقف الصين الداعم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود 1967 وعاصمتها  القدس الشرقية، هذا بجانب القضايا السورية واليمنية ومكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط كما تم التأكيد على معارضة الجانبين الصيني والعربي لسياسات فرض الهيمنة والقوة مع الدعوة إلى الحفاظ على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على حقوق الدول النامية.

تواصل العلاقات الصينية العربية التطور والنمو في الجوانب الاقتصادية والثقافية والتعليمية مع زيادة حجم التبادل التجاري، وتعتبر الصين ثاني شريك تجاري للدول العربية حيث بلغ حجم التبادل التجاري الصينى العربي عام 2017 مائتي مليار دولار، وحجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية 1مليار و260 مليون دولار أمريكي ويشمل التعاون مجالات الفضاء و الطاقة وخاصة فى مجال الكهرباء ومشروعات البنى التحتية فى العديد من البلدان ومنها ميناء خليفة بالإمارات والسكك الحديدية في العاشر من رمضان في مصر وشركة الألياف الزجاجية فى منطقة السويس، وفى مجال الأقمار الصناعية تم إطلاق أول قمر اصطناعى جزائري للإتصالات. ويشمل التعاون أيضا مد جسور المعرفة بين الشعبين الصيني والعربي وتبادل الثقافات وتشجيع السياحة.

إن من مصلحة البلدان العربية تكمن التعاون وبناء علاقات مع الصين تقوم على الندية والمصلحة المشتركة وتبادل الخبرات بدلاً من الاعتماد على سياسات التبعية للدول الرأسمالية المتوحشة ومنها الاعتماد على القروض من صندوق النقد الدولي والتي تشترط خصخصة المشروعات والخدمات وسياسات التقشف على حساب غالبية الشعب مما يؤدي لزيادة الفجوة بين غالبية الشعب والقلة المتحكمة في السلطة ورأس المال، أي زيادة الفقر ورفع أسعار السلع الضرورية، هذا غير سياسة تعويم العملة والتي تؤدي إلى خفض القوة الشرائية للعملة المحلية وتردي الأحوال المعيشية مع زيادة وتراكم الديون. ومن الواضح في الفترة الأخيرة اشتعال الأزمات داخل البلدان النامية التابعة والدائرة في فلك القطب الأمريكي. لذا من مصلحة البلدان  العربية مد جسور التعاون مع الصين ومجموعة البريكس، وكما يقول الرئيس الصينى شى جين بينج التعاون والمصير المشترك بين دول الجنوب وبالتأكيد ستكون مبادرة الحزام والطريق أساسا لهذا التعاون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.