موقع متخصص بالشؤون الصينية

لماذا لا تستطيع الحرب التجارية ردع نهوض الصين؟

1

قناة سي جي تي أن الصينية ـ
بقلم كين مواك*:

إنه قول مفرط في التبسيط إن السياسيين والمسؤولين الأمريكيين لا يعرفون أن الحرب التجارية ضد الصين تقلل الاستثمار والاستهلاك وتعرض المزارعين الأمريكيين لمخاطر مالية، وتبطئ الاقتصاد وتؤثر على بقية العالم بشكل سلبي. وبهذا الصدد، قد لا تتعلق الحرب التجارية وتصعيدها بالعجز أو الممارسات التجارية الصينية ”غير العادلة“.

إن أرقام العجز مضللة بسبب العلاقة التجارية المعقدة بين الولايات المتحدة والصين، باعتبار الصين منصة المصانع والأسواق والصادرات الأمريكية. وقد تستند الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة للصين بممارساتها التجارية “غير العادلة” إلى افتراضات ومعلومات مشكوك فيها.

ومع ذلك، فإن الحرب التجارية التي شنها ترامب مباركة من قبل الكونغرس. وبموجب استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها مركزي بيو وغالوب، تحظى سياسات ترامب غير المنطقية بدعم متزايد من قبل الجمهور الأمريكي والنقابات والشركات باعتقاد أن الصين ”تظل تتناول غداء أمريكا“.

ويرجع سبب هذا إلى عدم فهم الجمهور للعلاقة التجارية المعقدة بين الصين وأمريكا، وهو ما يتيح فرصة للسياسيين والمسؤولين باستخدام الحرب التجارية كذريعة لخنق الصعود الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري للصين.

العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين

في الواقع ليست العلاقة التجارية الأمريكية الصينية مجرد علاقة بين بائع ومشتري باعتبار الصين مصنعا وسوقا لأمريكا. وإن غالبية الواردات الصينية من أمريكا التي تشمل الإلكترونيات والألعاب وغيرها من منتجات أمريكية مصنوعة في الصين، ويعتبر أيفون مثلا جيدا. فتم تصميمه في أمريكا وإنتاج أجزاءه في آسيا وأماكن أخرى وتم شحنه وتجميعه النهائي في الصين، ومن ثم ”تصدره“ الصين إلى أمريكا.

يتم تقييم المنتجات في أمريكا بتكاليف إجمالية وتشمل التكاليف المتكبدة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى بموجب منهجية قياس إحصاءات التجارة الأمريكية. ووفقا لمجلة ”ذا كونفرزيشن الأمريكية“، يكلف إنتاج أيفون ما يقرب من 240 دولارا أمريكيا(الإنتاج من البداية إلى النهاية) وكان نصيب الصين منها حوالي 8.40 دولارًا أمريكيًا فقط. والباقي يرجع إلى الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى. هذا وفي الواقع، ساهم أيفون بنحو 1.9 مليار دولار أمريكي فقط في العجز الأمريكي.

علاوة على ذلك، يتم بيع الكثير من منتجات “صنعت في الصين ولكنها منتجات أمريكية” في سوق الصين الثري بشكل متزايد والذي يبلغ 1.4 مليار مستهلك. وقد تكون الصين أكثر الأسواق ربحية لشركة أبل وغيرها من الشركات الأمريكية في الخارج.

لقد أضرت التعريفات بالاقتصاد الأمريكي بنفس القدر إن لم يكن أكبر من الاقتصاد الصيني.

ليس من المستغرب أن الحرب التجارية قد أسفرت عن اضطرار أمريكا إلى دفع الرسوم الجمركية وفقدان السوق الصينية المربحة وأضرت بالاقتصاد الأمريكي بنفس القدر إن لم يكن أكبر من الصين. وقام صندوق النقد الدولي بتعديل النمو الاقتصادي في الصين إلى 6.4 في المائة في عام 2019، لكنه توقع أن ينخفض معدل النمو في الولايات المتحدة إلى حوالي 2.5 في المائة.

وفضلا عن ذلك، فإن رد الصين على أمريكا في فرض رسوم على سلع أمريكية قيمتها 60 مليار دولار يعتبر ”موجة الصدمة“ بالنسبة لأسواق رأس المال العالمية. إذ شهد مؤشر داو جونز وناسداك أكبر خسارة لهما منذ سنوات، حيث خسرا نحو 2.3 في المئة و 2.5 في المئة و 3.4 في المئة من قيمتها على التوالي.

تستند أرقام ورسوم العجز التجاري إلى معلومات مشكوك فيها.

بالإضافة إلى طريقة حساب العجز، يتجاهل ترامب التجارة في الخدمات مع الصين التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بفائض كبير، وإذا سمح الكونغرس بتصدير التكنولوجيا “ذات الاستخدام المزدوج” إلى الصين، فقد تحصل الولايات المتحدة على فائض أكبر.

وإن اتهام “نقل التكنولوجيا القسري” معيب أيضًا لأنه شرط للقيام بالأعمال التجارية في الصين. وفي الواقع، إنه منطقي من الناحية المالية أن تنقل الشركات الأمريكية تكنولوجيتها إلى الشركاء الصينيين الذين استفادوا من ذلك، حيث تشكل التكنولوجيا القيمة السوقية للشركات الأمريكية. وعلاوة على ذلك، فإن دمج التكنولوجيا الأمريكية مع العمالة الصينية الماهرة سيزيد من كفاءة الإنتاج والأرباح.

لا تستطيع أمريكا أن تردع نهوض الصين.

في ضوء ما سبق ذكره، يجب ألا تكون الحرب التجارية في المقام الأول، وبالعكس فإن تصعيدها سيؤدي إلى تفاقم اقتصادات الولايات المتحدة والصين والعالم.

وإلى جانب ذلك، فإن الصين قادرة على التغلب على الحرب التجارية حيث يتجاوز عدد المستهلكين الداخلي 1.4 مليار مع حجم إنفاق لايصدق على السلع والخدمات، مما يشير إلى أنها يمكن أن تستوعب نسبة كبيرة من الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة.

وفضلا عن ذلك، ينضم المزيد والمزيد من الدول إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية. وتراكمت الكمية التجارية للصين و 80 دولة مشاركة لأكثر من 6.5 تريليون دولار أمريكي بين عامي 2013 و2018، وفقا لإحصاءات الحكومة الصينية.

ووفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة يولر هيرمس لتأمين الائتمان التجاري فإن تجارة دول مبادرة الحزام والطريق ستنمو بمقدار 117 مليار دولار أمريكي في عام 2019. وإن قدرة هذه الدول على استيعاب الصادرات الصينية غير مشكوك فيه.

ويمكن لمجموعة الأدوات النقدية القوية في الصين أن تمنع الاقتصاد الصيني من الوقوع في “هبوط صعب” بسبب الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة. وتعد نسبة احتياطي البنوك الصينية المطلوبة هي الأعلى في العالم، حيث تتراوح بين 12.5 في المائة و 14.5 في المائة، مما يشير إلى أن تخفيض نقطة مئوية واحدة قد يحرر 116 مليار دولار أمريكي للإقراض الجديد دون الإضرار بالنظام المالي، وفقًا لما ذكره بنك الصين الشعبي.

خلاصة القول، لا تستطيع الولايات المتحدة وقف نهوض الصين. وبالعكس من ذلك، يبدو أن المواقف المناهضة للصين قد عززت العملاق الآسيوي أكثر من ذلك، حيث تدفقت مبالغ ضخمة على تصنيع الابتكار وتطوير الأسلحة وإنتاجها.
ملاحظة المحرر: كين مواك، الذي قام بتدريس النظرية الاقتصادية والسياسة العامة والعولمة على المستوى الجامعي لمدة 33 عامًا، وشارك في تأليف كتاب بعنوان “النهوض الاقتصادي للصين وتأثيره العالمي” في عام 2015. وتعكس هذه المقالة فقط وجهة نظر كاتبها ولا تعبر عن وجهة نظر سي جي تي أن العربية.

تعليق 1
  1. نيروز عقيق يقول

    السلام عليكم
    إجابة السؤال عن لماذا لاتستطيع الحرب التجارية ردع نهوض الصين؟
    سأجيب إن شاء الله عن هذا السؤال من وجهة نظر دينية.
    عندما تكون الدولة عادلة مع شعبها اي داخل حدودها ومع شعوب العالم خارج حدودها ومع جميع المخلوقات فإن الله سبحانه وتعالى يسخر ويسهل لها اسباب النجاح لأن الله تعالى من أسمائه الحسني (العدل) فالله ينصر تلك الدولة العادلة مهما كان لونها أو دينها أو عرقها وبعد ذلك يهديها إلى الصراط المستقيم فالصين إن استمرت بمبدا (عش و دع غيرك يعيش) وعملت بالحديث الشريف (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) و راعت العدل في كل الأمور فإن الله تعالى سيقف معها ولن يخذلها وسيجيء النصر والعون من حيث لاتحتسب ويسخر لها جنودا مرئيين وغير مرئيين هذا إذا راعت العدل والعدل والعدل فإنها ستنقد نفسها والعالم من ظلمات الفقر والجهل والتخلف يجب مراعاة العدل في كل شيء بشر، حجر، بيئة (الحفاظ عليها من التلوث)…. الخ.
    اتمنى للصين التوفيق لما يحب الله ويرضاه وان يلهم رئيسكم وحكومتكم الحكمة والهداية وان يحفظنا جميعا وان تنجحوا في مبادرة الحزام والطريق وان تشع هذه المبادرة خيرا وسلاما على جميع قارات العالم بدون استثناء ونتمنى أن نعيش في امان إلى يوم القيامة وبعده ما بقى وجه الله الكريم الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين والطاهرين والله اعلم والله ولي التوفيق……

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.