موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: نهج واشنطن الحمائي لا يتوافق مع العولمة

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
تحت ذريعة وضع “أمريكا أولا”، يواصل صقور التجارة في واشنطن صنع موجات من الحمائية والانعزالية في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن اتجاه العولمة الاقتصادية لا رجعة فيه سواء شاء أم أبى هؤلاء المتشددون التجاريون.
على مدار أكثر من قرنين من الزمان، سهلت عملية العولمة الاقتصادية انسياب السلع والأشخاص ورؤوس الأموال والتكنولوجيات في عموم العالم، وجمعت دولا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتصبح متصلة ومترابطة على نحو متزايد.
ونتيجة لذلك، أصبح التقسيم الدولي للعمل أكثر اتساعا، بينما أصبح الإنتاج الصناعي والسوق معولمين بشكل غير مسبوق. إنها عملية طبيعية تحركها طاقة رأس المال المتزايد على مستوى العالم والتي تسعى لتحقيق أرباح بتكاليف أقل.
لذلك، على الرغم من أن حمائية واشنطن تحاول تفكيك خطوط التجميع في دول أخرى عبر فرض تعريفات جمركية أعلى على الواردات، لإعادة وظائف التصنيع إلى الولايات المتحدة، فإنها لن تخفق فحسب، وإنما سيأتي ذلك بنتائج عكسية.
في الواقع، حتى لو تركت هذه الوظائف شواطئ الصين، فإنها ببساطة سوف تهاجر إلى مواقع مختلفة ذات تكاليف إنتاج أخفض بسبب نظام السوق العالمي، ولن “تعود” إلى الولايات المتحدة بأعداد تذكر.
على الرغم من أن واشنطن قد تكون قادرة على تعطيل الإنتاج العالمي لبعض الصناعات لفترة محدودة من الوقت، فإنها بالتأكيد لن تكون قادرة على إعادة تشكيلها فقط لخدمة مصالحها الأنانية، أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فيما يخص تطور سلاسل التوريد المعولمة المعمول بها.
قوبلت هجمات واشنطن المتهورة ضد النظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد والاقتصاد العالمي المفتوح بمعارضة متنامية بشكل متزايد سواء من داخل الولايات المتحدة أو حول العالم.
في الشهر الماضي فقط، كتبت جمعية الملابس والأحذية الأمريكية وأربع جمعيات تجارية أخرى تمثل كامل سلسلة توريد الأحذية الأمريكية رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحذره من أن التعريفات الجمركية ستحدث “أضرارا لا حصر لها” بالصناعة، “مما سيؤثر في النهاية على المستهلكين بطريقة سلبية ويعيق ما كان تقليديا جزءا ناجحا بشكل كبير من الاقتصاد الأمريكي”.
بالنسبة للاتحاد الأوروبي، “الانغلاق ليس هو الحل”. وأعربت مفوضة التجارة، سيسيليا مالمستروم، خلال وجودها في واشنطن عن ضغوط أوروبا لمواصلة تحرير التجارة في يناير، مؤكدة “نحن نؤمن بالتجارة المفتوحة والقائمة على القواعد”.
إنها ليست أوروبا فقط. على الرغم من تنمر واشنطن التجاري وتراجعها المتكرر اللامسؤول عن المواقف التفاوضية، ظلت بكين هادئة وتمارس ضبط النفس وأظهرت أكبر قدر من الإخلاص والإحساس القوي بالمسؤولية لحل النزاعات التجارية من خلال الحوار.
على الرغم من تطلع الإدارة الأمريكية نحو الداخل بشكل متزايد، أكدت الصين من جديد أن أبوابها لن تشهد إلا انفتاحا أوسع نطاقا.
لم تكن العولمة الاقتصادية مثالية قط، لكنها دائما ما تمكنت من المضي قدما على الرغم من النكسات. لقد أنتجت كميات هائلة من الثروة للبشرية، وتبقى قوة رئيسية لتحقيق التقدم الاقتصادي العالمي.
ومستلهمة من جولة جديدة من التقدم التكنولوجي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والبيانات الضخمة، دخلت العولمة الآن مرحلة جديدة من التطور.
بالانتقال إلى هذا العصر الجديد، تحتاج الدول في جميع أنحاء العالم إلى التعاون، بدلا من الانقلاب ضد بعضها البعض، بحيث تتمكن من إطلاق العنان لإمكانات الاقتصاد متزايد العولمة ومواصلة تقديم المزيد من الفوائد للناس في جميع أنحاء العالم.
منذ أكثر من عامين، وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري، شبّه الرئيس الصيني شي جين بينغ الاقتصاد العالمي بالمحيط الذي لا يمكن لأي دولة الإفلات منه سواء أحببته أم لا.
وحذر شي “أي محاولة لقطع تدفق رؤوس الأموال والتكنولوجيات والمنتجات والصناعات والأشخاص بين الاقتصادات، وتوجيه المياه في المحيط مرة أخرى إلى بحيرات وجداول معزولة أمر غير ممكن ببساطة. في الواقع، إنه يتعارض مع الاتجاه التاريخي”.
وما يزال تحذيره صائبا اليوم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.