موقع متخصص بالشؤون الصينية

العالم يدعو إلى بذل جهود مشتركة لحماية النمو العالمي

0

خلال انعقاد قمة مجموعة العشرين في اليابان، يدعو المجتمع الدولي الاقتصادات الكبرى إلى بذل جهود مشتركة للمساعدة في الحفاظ على النمو العالمي وسط تزايد حالة عدم اليقين.
تهديدات تواجه النمو العالمي
تكتل الاقتصادات الكبرى ينعقد في مدينة أوساكا اليابانية في وقت صار فيه الاقتصاد العالمي مهددا بشكل متزايد جراء الحمائية.
باسم حماية الصناعات المحلية، فرضت واشنطن تعريفات جمركية مرتفعة ارتفاعا كبيرا على منتجات مستوردة من شركائها وتصل قيمتها إلى مليارات الدولارات الأمريكية، ما أدى إلى تصاعد التوترات التجارية في أنحاء العالم واهتزاز أساس النظام التجاري متعدد الأطراف.
قال بورخارد بلاز عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الألماني (البوندسبنك) إن “حالة عدم اليقين في وقتنا الحاضر لا تتعلق بالتكامل بقدر ما تتعلق بالتفكك. فالتعددية والتجارة الحرة تتعرضان على سبيل المثال لضغوط، في ظل الصراعات التجارية الدولية”.
ذكر لي لي- أوك أستاذ العلوم السياسية في جامعة سونجكينونكوان بسول إن التحرك نحو الانعزالية والأحادية يدمر روح مجموعة العشرين إلى حد كبير.
أصدر وزراء مالية اقتصادات مجموعة العشرين يوم 9 يونيو بيانا مشتركا قالوا فيه إن النمو العالمي “مازال منخفضا والمخاطر مازالت تميل إلى الجانب السلبي”، معتبرين التوترات التجارية العامل الرئيسي وراء ذلك.
ذكرت منظمة التجارة العالمية إن أحدث قراءة لمؤشر آفاق التجارة العالمية والتي بلغت 96.3 نقطة، مازالت تمثلا أضعف مستوى منذ عام 2010، ما يدل على أن استمرار انخفاض النمو التجاري في النصف الأول من عام 2019.
يشير تقرير رئيسي صدر عن الأمم المتحدة في وقت سابق من يونيو إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي انخفض إلى 1.3 تريليون دولار أمريكي في عام 2018، وهو ثالث انخفاض سنوي له على التوالي.
ذكر موكيسا كيتوي الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن عوامل مثل تصاعد التوترات التجارية “تخاطر باالاستمرار في التأثير على الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019 وما بعده”.
قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها المؤقت الصادر مؤخرا حول الآفاق الاقتصادية إن “الآفاق الاقتصادية باتت الآن أضعف في جميع دول مجموعة العشرين تقريبا مما كان متوقعا من قبل”.
علاوة على ذلك، هناك مخاطر رئيسية أخرى مثل التوترات الجيوسياسية وأزمات المناخ.
وذكر كيتوي إن العقبة الرئيسية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في أوروبا هي “التأثير السلبي للبريكست في بريطانيا”، الأمر الذي أدى إلى حالة كبيرة من عدم اليقين.
في تقريرها الشهري الأخير، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2019 بمقدار 0.2 مليون برميل يوميا ليصل إلى 1.2 مليون برميل يوميا، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
قالت جويس مسويا نائبة المدير التنفيذي للأمم المتحدة للبيئة “وفقا للبنك الدولي، فإن تلوث الهواء يكلف المجتمعات أكثر من 5 تريليونات دولار سنويا”.
ذكر وزير الخزانة الاسترالي جوش فريدنبرغ أن “هذا الاجتماع أتي في وقت يشهد على الأرجح أهم تحول في البيئة العالمية منذ الحرب الباردة”.
الحاجة إلى توافق
إن أكثر ما يهم المجتمع الدولي هو ما إذا كان بوسع اقتصادات مجموعة العشرين أن تظهر تضامنا في القمة في مواجهة مخاطر التباطؤ الاقتصادي العالمي.
على الرغم من أن العديد من اقتصادات مجموعة العشرين قد دعت مرارا إلى تنسيق السياسات الاقتصادية على مدى الأعوام القليلة الماضية، إلا أن التكتل لا يزال منقسما حول بعض القضايا الشائكة مثل تزايد الحمائية وتغير المناخ.
على سبيل المثال، فشل الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين في وقت سابق من يونيو في تضمن جزء من معارضة الحمايئة التجارية في البيان المشترك بسبب اعتراضات من الجانب الأمريكي.
قالت يانا ليكسيوتينا الأستاذ بجامعة سان بطرسبرغ الحكومية إن “الولايات المتحدة …فقدت اهتمامها بالتعاون في شكل متعدد الأطراف وأوقفت بالفعل عملية إصلاح نظام الحوكمة العالمي”.
إلى جانب ذلك، شهد أيضا مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي عقد العام الماضي في بولندا تعبير بعض الدول عن معارضتها لإدراج مسودة النص في الوثيقة الختامية.
صرح تشيان مي جون الأستاذ بكلية الأعمال والاقتصاد في الجامعة الوطنية الاسترالية لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه يتعين على الدول المشاركة في قمة مجموعة العشرين أن تتصرف بشكل إيجابي للتوصل إلى اتفاق ما “يكون مفؤدا للناس من جميع أنحاء العالم”.
رأى كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لورانس بون إنه “يتعين على الحكومات تنسيق الإجراءات السياسية لتجنب حدوث مزيد من التباطؤ”.
في مقابلة مع ((شينخوا))، دعا أتسوشي سونامي نائب رئيس المعهد الوطني العالي للدراسات السياسية في طوكيو الجميع إلى فهم التأثير الحقيقي للتوترات التجارية، وإنهاء الاحتكاكات التجارية في أقرب وقت ممكن.
صرح المحلل السياسي تاكاكاج فوجيتا لـ((شينخوا)) بأنه لن يكون هناك أي فائز.
ذكر أن الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية التي أثارتها الولايات المتحدة لا تلحق الضرر بالصين فحسب، بل أيضا بالمزارعين الأمريكيين وكذا الصناعات الأمريكية التي أصدرت بالفعل تحذيرات ضد مثل هذه الأعمال المتهورة التي تقوم بها الحكومة الأمريكية.
قال تاداشي ياناي مؤسس العلامة التجارية اليابانية الشهيرة للملابس (Uniqlo) لـ((شينخوا)) أن الاقتصاد ليس له حدود، مضيفا أنه يأمل في أن يفهم الجميع أن العالم مرتبط ارتباطا بشكل وثيق، وأن الناس من جميع البلدان يتطلعون إلى حياة سلمية ومستقرة.
الدعوة لاتخاذ إجراءات فورية
يأمل الكثيرون في أن تتمكن اقتصادات مجموعة العشرين من اتخاذ إجراءات ملموسة مثل العودة إلى طاولة المفاوضات لتخفيف التوترات التجارية.
أشار فوجيتا إلى أنه يتعين على اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة، انطلاقا من منظور العمل لصالح السلام والتنمية العالميين، العودة إلى المحادثات وحل المشكلات من خلال التفاوض والتشاور العقلانيين.
وقال إن المحادثات هي الخيار الصحيح الوحيد.
حث المجتمع الدولي أيضا اقتصادات مجموعة العشرين على تطوير منصات مجموعة العشرين على تطوير منصات مفتوحة وعادلة مثل مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين وتعزيز إدخال إصلاحات على المنظمات الدولية، من أجل الدفاع بشكل أفضل عن النظام التجاري متعدد الأطراف.
ذكر سونامي إن مبادرة الحزام والطريق تدعم حقا نمو الاقتصاد العالمي.
قال لي إنها فكرة أكثر انفتاحا ومتعددة الأطراف تعارض الأحادية والانعزالية.
ذكرت ليكسيوتينا إنه يتعين على الدول النامية المشركة في الجهود المبذولة لتعزيز دور الأمم المتحدة في الشؤون العالمية وإصلاح مؤسسات أساسية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
خلال قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في الأرجنتين في العام الماضي، دعا العديد من القادة إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية. وكذلك دعا البيان المشترك الصادر بعد الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين الذي سبق القمة.
قال سونامي إنه من المهم بالنسبة قادة مجموعة العشرين التوصل إلى قواعد أكثر شفافية، خاصة فيما يتعلق بالتوترات التجارية والاقتصاد الرقمي.
وذكر أنهم بحاجة إلى التحدث عن منظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات العالمية، وما إذا كان يمكن لمنظمة التجارة العالمية أن تلعب دورا أكثر نشاطا في تهيئة بيئة عادلة يتفق عليها الجميع.
قال روبرتو أزيفيدو المدير العامة لمنظمة التجارة العالمية “لابد للقادة من أن يفعلوا شيئا أكثر من مجرد تكرار الدعوة. فمن الضرورى أن نرى تحركا”
ودعا بوجه خاص إلى بذل جهود مشتركة لإصلاح نظام تسوية المنازعات الخاص بمنظمة التجارة العالمية لتفادى أزمة حادة لهيئة الاستئناف.
إضافة إلى ذلك، اقترح تشن يوي لو نائب محافظ بنك الشعب الصيني إجراء إصلاح لحصص صندوق النقد الدولي ليعكس بموضوعية المراكز النسبية للدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي، وتعزيز صوت اقتصادات الأسواق الناشئة.
قال دوي رودت كبير الاقتصاديين في شركة (Efficient Group) للخدمات المالية الإفريقية إن “كيفية تفاعل البنوك المركزية الكبرى مع آخر التطورات في السوق والاقتصاد العالمي بما في ذلك أسعار الفائدة والتيسير الكمي بالإضافة إلى العملات، تعد قضية أخرى”.
يتوقع الخبراء أيضا أن تساعد القمة في إيجاد حلول لتغير المناخ.
قال أوتمار إيدنهوفر مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ إنه يتعين على قادة مجموعة العشرين التفكير في تسعير الكربون وتطوير تكنولوجيات جديدة منخفضة الكربون لخفض الانبعاثات، ودمج أسواق الكربون الخاصة بهم لدفع المفاوضات الدولية الجارية للأمام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.