موقع متخصص بالشؤون الصينية

شخصيات سياسية عربية تثمن منجزات الحزب الشيوعي الصيني في الحوكمة والنهضة الوطنية

0

في الأول من يوليو، تحل الذكرى الـ98 لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وفي هذه المناسبة الهامة سلطت شخصيات سياسية عربية الضوء على عملية النضال التي قادها الحزب الشيوعي الصيني لمقاومة العدوان الخارجي وتحقيق النهضة الوطنية للأمة الصينية وكفاحه النشط لتعزيز قوة الحزب والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد وبناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل، مشيرين إلى أن هذه المسيرة تحمل مغزى عميقا للصين والعالم وتسترعى التوقف للدراسة والاستفادة.

— مسيرة نضال

فقد ذكر صلاح عدلي رئيس الحزب الشيوعي المصري في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة ((شينخوا)) أن الحزب الشيوعي الصيني تأسس عام 1921 عقب فترة حرجة وصعبة جدا في تاريخ الصين، عاني خلالها الصينيون من احتلال خارجي وفقر مدقع وظروف بائسة. وخاض الحزب معركة طويلة ضد الاحتلال وقوى داخلية كانت متواطئة مع الاحتلال، واستطاع خلال مرحلة طويلة قيادة ثورة كبرى، واجه خلالها العدو الخارجي والخصم الداخلي حتى انتصر في ثورته عام 1949.

وأضاف أن الحزب الشيوعي الصيني بدأ عقب ذلك مرحلة جديدة في بناء دولة حديثة مستقلة بهدف إحياء التاريخ الصيني المجيد وتحقيق نهضة الأمة الصينية، وبالفعل استطاع الحزب قيادة الشعب لبناء قاعدة تحتية لدولة اشتراكية تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية والاستقرار، واستمر هذا الأمر إلى عام 1978 الذي بدأ فيه الحزب مرحلة الإصلاح والانفتاح التي أدت إلى تحقيق المعجزة الصينية التي نرى آثارها الآن.

وفي نفس السياق، رأي السيد إلياس العماري الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي أنه بعد اقتراب مرور قرن من الزمن على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أصبح الحزب مدرسة متكاملة في الفكر والنظرية الماركسية ومدرسة للتجديد والإبداع المتميز والمستمر؛ لافتا إلى أن المنهجية التي قاد بها الحزب، منذ التأسيس، فى المقاومة على العدوان الخارجي في نهاية أربعينات القرن الماضي، والانتصارات المبهرة التي حققها في معاركه المتعددة، تبرهن على القوة المتجددة التي يتمتع بها الحزب الشيوعي الصيني.

وأشار العماري، الذي حضر أول حوار رفيع المستوى يجريه الحزب الشيوعي الصيني مع أحزاب عالمية في بكين في أواخر عام 2017، إلى أن النظريات والممارسات التي أنتجها قادة الحزب في الصين نجحت في بناء الجبهة الوطنية العريضة بين مختلف مكونات الأمة الصينية العظيمة، وأن هذه الجبهة الموحدة لم تنجح في مقاومة العدوان فحسب، وإنما أسست أيضا للإنجاز الكبير في الانتقال من معركة التحرير إلى ربح تحدي بناء النموذج الاشتراكي.

و”قد أصبح هذا النموذج نبراسا لكل قوى التحرير والتحرر في العالم لأنه عمل في مرحلة الثورة ومرحلة بناء الدولة على كسب الكثير من الأصدقاء”، هكذا قال العماري، منوها في الوقت ذاته إلى أن الحزب الشيوعي كان رائدا في الطريق الذي سلكه باستقطاب قاطني الأرياف ليحولهم من مزارعين وفلاحين فقراء إلى قادة للتحرير ولبناء الحواضر الصينية، وإنه بفضل هذه الابتكارات في النظرية والممارسة تعيش الصين العظيمة ما تعرفه اليوم من تقدم وازدهار.

— عمل ومنجزات

وقد أكد د. مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية لحزب البعث ورئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام في سوريا أنه شهد خلال زياراته للصين في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي التطور النوعي الهائل والمدهش الذي حققته البلاد، قائلا إن الصين لم تكن قط دولة معتدية وأنها تسجل تنمية سريعة اعتمادا على قوتها الذاتية، وأنها لا تنمو على حساب الآخرين وتريد للآخرين أن ينمو مثلها لأنها تناصر العدالة والحوكمة العالمية.

كما يرى صلاح عدلي أن الحزب الشيوعي قاد الصين حتى أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم وحقق للبلاد نهضة هائلة وغير مسبوقة خلال 40 عاما فقط، وهي نهضة استغرقت لتحقيقها من بعض الدول الرأسمالية ما يتراوح بين 200 و300 عام، ومن ثم فإن الحزب الشيوعي أحدث نقلة نوعية في الصين خلال مرحلة الإصلاح والانفتاح وطبق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وهذا يتضح جليا من المستوى العالي من تقدم الصين تكنولوجيا وصناعيا واقتصاديا.

وأضاف عدلي أن ما يحدث في الصين من تقدم هو انتصار مبهر للشعب الصيني والحزب الذي يقوده، والعالم ينظر للصين الآن كمثال حي للقدرة على تحقيق التنمية في بلد كان يعاني من صعوبات، لتصبح الصين بذلك نموذجا ملهما للعديد من دول العالم.

وشاطره العماري الرأي، قائلا إنه بفضل توجهات الحزب الشيوعي الصيني وتجربته المتميزة أصبحت الصين تشكل رقما صعبا في المعادلة الدولية وتحتل مكانة متميزة في العالم. وبفضل العمل الذي قام به الحزب حصلت الصين على العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وانطلاقا من موقعها هذا تساهم إلى جانب القوى المحبة للسلام في الاستقرار والأمن الدوليين. حيث يعتبر الحزب الشيوعي الصيني شريكا وصديقا لكل الشعوب المحبة للسلام، وكان ولايزال في طليعة المدافعين عن السلام والاستقرار الدوليين.

وفي هذا الإطار، قال صلاح عدلي إن السياسة الخارجية للصين مميزة، لأنها تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها واحترام خياراتها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية، وهذا أمر واضح في منطقتنا حيث تسعى الصين دائما إلى التهدئة والسلام في سوريا وليبيا واليمن.

كما لفت العماري إلى أن الصين، من خلال الحزب الشيوعي، وضعت فلسفة خاصة ومتميزة لعلاقاتها التجارية والاقتصادية والسياسية، أصبحت مرجعا لدول وأحزاب أخرى، ضاربا مثالا بمبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين والتي قال إنها تمثل تحولا جديدا في العلاقات التجارية والاقتصادية بين الأمم من حيث سمو وعدالة المبادئ التي تم تأسيسها عليها.

وبالمثل رأى عدلي أن الصين تسعى لرخاء العالم وتساعد على البناء، وأن مبادرة “الحزام والطريق” التي تشارك فيها العديد من الدول تؤكد أن الصين تتبع طريقا لتحقيق التنمية للجميع بعيدا عن الهيمنة.

— الحفاظ على التقدمية

وحول جهد مهم آخر للحزب الشيوعي الصيني، قال العماري إن الحزب شهد في العشرية الأخيرة، تحولات مست بنية الدولة والمجتمع والحزب. وجعل من أولوياته ترسيخ البعد التقدمي للحزب في تدبير شؤون الدولة. وقد برز ذلك في ترسيخه لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعفائه، استنادا إلى هذا المبدأ، لعدد كبير من مسؤولي الحزب، بل وإخضاع المتورطين في قضايا فساد للمحاسبة القانونية .

وأضاف أن مبدأ مكافحة الفساد يمثل أولوية لا محيد عنها لتوفير الكرامة للشعب الصيني والمحافظة على قوة وتماسك الدولة. حيث إن معركة مكافحة الفساد أصبحت توازي معركة البناء والتشييد الاقتصادي. ولعل النجاح في هذه المعركة هو الذي يعزز قوة واستقرار الصين، ويساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد.

واتفقه معه صلاح عدلي، قائلا إن الحزب الشيوعي يكافح الفساد بشكل جذري وعلى نطاق واسع، فهو يتبع سياسة لضرب الفساد ليس فقط داخل مؤسسات الدولة لكن أيضا بين صفوف الحزب نفسه، حيث أجريت محاكمات سريعة للفاسدين للحفاظ على مصداقية الحزب لدي الشعب الصيني، مشيرا إلى أن تجربة الصين في مواجهة الفساد نجحت لأن الحزب الشيوعي يعتبر مكافحة الفساد مسألة حياة أو موت، ودول كثيرة تحاول الاستعانة بالتجربة الصينية في هذا الشأن.

ومن ناحية أخرى، ألمح عدلي إن الحزب الشيوعي نجح في قيادة الصين نحو القضاء على الفقر بنسبة كبيرة جدا بعدما وضع برامج للقضاء على الفقر بحلول عام 2020، والأمم المتحدة تعتبر تجربة الصين في هذا الصدد تجربة غير مسبوقة، إذ لن يكون هناك أي شخص صيني تحت خط الفقر في هذا التاريخ وفقا للمعايير الدولية، مضيفا أن القضاء على الفقر في الصين إنجاز عظيم لا يوجد حتى في أي دولة رأسمالية.

وفي الواقع، أشار العماري إلى أن قادة الحزب الشيوعي الصيني الأوائل، ومن استمروا على نهجهم إلى الآن، استوعبوا جيدا الفكر الماركسي ووظفوه بطريقة ذكية ومتطورة، حيث اخضعوا النظرية الماركسية للخصوصية الصينية. واليوم، وبفضل حنكة وتجربة الحزب الشيوعي، أنجزت الصين الكثير على جميع الأصعدة. وأن الانفتاح على تجارب البلدان الأخرى وتوظيفها بشكل جيد ومتميز جعل من التجربة الصينية مدرسة قائمة بذاتها. حيث تم إخضاع النظرية الماركسية للخصوصيات الصينية المحلية. وبذلك نجحت الصين والحزب الشيوعي الصيني في استيعاب جميع المتغيرات لتؤسس، في الأخير، تجربة فريدة من نوعها في العالم، تجربة ناجحة في تحقيق مؤشرات قوية في التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.