موقع متخصص بالشؤون الصينية

خبراء ومسؤولون: العلاقات الصينية الإماراتية تعيش عصرها الذهبي .. وشعبا البلدين المستفيد الأول

0

 

صحيفة الشعب الصينية ـ
كتب محمود سعد دياب:

تعيش العلاقات الصينية الإماراتية في الوقت الحالي، عصرها الذهبي، بعد اتفاق قادة الدولتين على رفع مستوى التعاون إلى قمته، واختيار الرئيس الصيني شي جين بينغ أبو ظبي، لكي تكون وجهته الأولى الخارجية عقب إعادة انتخابه رئيسًا للصين العام الماضي، ومن هناك أعلن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ما أثمر عن تعميق صداقة البلدين وترسيخ أواصر التقارب بينهما، ووضع أساس متين قادر على تجاوز التحديات الإقليمية والعالمية، لتستفيد منها الأجيال المستقبلية في كلا البلدين.

تلك العلاقة التي تدخل عامها الـ35 حاليًا، والتي أسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس للدولة وباني نهضتها الحديثة، حيث استطاع مبكرًا ببصيرته النافذة، استشراف ما ينتظر الصين من مستقبل واعد قريب، كقوة اقتصادية عالمية ولاعب سياسي رئيسي في الساحة الدولية، ومثلت زيارته للصين عام 1990، نقطة انطلاق محورية في علاقات تنامت بسرعة وكثافة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.

فيما توالت زيارات رسمية رفيعة المستوى، من قادة دولة الإمارات المتحدة، ففي إبريل الماضي، أرسل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي، رسالة قوية من منتدى الحزام والطريق، بتأكيده أن بلاده تثق بمبادرة “الحزام والطريق” وتؤمن بقدرتها على دفع الاقتصاد العالمي قدماً.

فيما يزور الصين حاليًا الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، في زيارة رفيعة المستوى، أقيم على هامشها المنتدى الاقتصادي الأول الصيني الإماراتي، بحضور قرابة 300 رجل أعمال ومسئول من البلدين.

صحيفة الشعب اليومية أونلاين كانت موجودة في المنتدى، وحصلت على آراء عدد من المسئولين ورجال الأعمال الإماراتيين والصينيين، حول مستقبل التعاون بين الدولتين، وتفاصيل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها على هامش زيارة ولي عهد أبو ظبي، والمنتدى المقام.

تطوير مطار بكين

في البداية، أكد محمد العبار رئيس مجموعة إعمار العقارية، إن مجموعته وقعت اتفاقية لتطوير مطار بكين الجديد، والذي يتضمن مباني سكنية وملاعب وأماكن ترفيهية، حيث تطور المجموعة مساحة 50 كيلومتر مربع من إجمالي 100 كيلومتر مربع هي مساحة المطار الجديد، بحجم استثمار يصل إلى 11 مليار دولار.

ديدي تنافس أوبر

وأضاف العبار –في تصريحات خاصة لصحيفة الشعب اليومية أونلاين- أنه تم توقيع اتفاقية مع شركة “ديدي” (وهو تطبيق التاكسي الشهير في الصين مثل “أوبر و”كريم” في المنطقة العربية)، لكي تضخ استثماراتها في الإمارات، موضحًا أن ديدي وسائقوها اكثر احترافية من “أوبر” الأمريكية وسائقوها، لدرجة أنها تقوم بمليون رحلة يوميًا في حين تقوم “أوبر” بعدد لا يصل إلى النصف، كما تمتلك الشركة الصينية 21 مليون سائق حول العالم، فيما تمتلك نظيرتها الأمريكية 5 مليون سائق فقط، فضلا عن اتفاقية أخرى مع سلسلة مقاهي “لوكين” الصينية، التي سوف تضخ استثماراتها في الإمارات لكي تنافس ستار بكس الأمريكية.

لوكين تنافس ستار بكس

ومن المعروف أن “لوكين” تقدم خدمات توصيل الطلبات إلى المنازل، وتقديم الطلب عبر تطبيق على الإنترنت، ما زاد من حجم المنافسة مع “ستار بكس” التي تعتمد على تقديم خدماتها إلى روادها في مقار تواجدها فقط وليس على الإنترنت، في كل دول العالم، ولكنها في الصين اضطرت لتوصيل الطلبات للمنازل بسبب منافسة “لوكين” لها، وفي حالة تواجد الأخيرة في السوق الإماراتي سوف تضطر الأولى لتعديل خططها وفي النهاية العميل هو المستفيد من تلك المنافسة.

إنظر إلى الشرق

وكشف العبار عن أن الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي، كان دائمًا ما يقول: “إنظر إلى الشرق”، ما معناه أن ذلك الرجل كان يسترف أن الشرق هو المستقبل وليس الغرب كما يظن البعض، مضيفًا أن الصينيين ماهرون في كل شيء، لكن أهل الغرب ماهرون في التسويق، وجعل بضاعتهم رغم تواضعها تصل إلى مختلف الأسواق، مضيفًا أن الأسواق الإماراتية مفتوحة أمام جميع الاستثمارات، خصوصًا الصينية التي تتمتع بجودة عالية وخدمات جيدة، موضحًا أن أهل الإمارات يتحدثون عدة لغات، وسوقها به رؤوس أموال من مختلف دول العالم، أبرزها الاستثمارات الإيرانية والهندية والعربية أيضًا، مضيفًا أنه يتطلع للاستفادة من التكنولوجيا الصينية، في قطاع العقارات.

أعظم اقتصاديات العالم

فيما قال المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي، إن المنتدى يمنح العلاقات الإماراتية الصينية، دفعة قوية إلى الأمام، مشيرًا إلى وجود تحديات كثيرة، ولكن ليس لدى قادة البلدين أي قلق منها، وأن الطرفين متواصلين بشكل دائم لحلحلة أية إشكاليات، مشددًا على أن الصين واحدة من أعظم اقتصاديات العالم، وأن بلاده تسعى خلال الفترة المقبلة لتعظيم الاستفادة التكنولوجية من قدرات شركة هواوي خصوصًا في تطوير الشبكات ومحطات التقوية وتقنيات الجيل الخامس.

قانون الاستثمار الأجنبي

وأضاف المنصوري –في تصريحات خاصة لصحيفة الشعب اليومية أونلاين – أن قانون الاستثمار الأجنبي التي أقرته الإمارات مؤخرًا يمنح المستثمر الأجنبي حقوقه في التملك بنسبة 100% في المشاريع المختلفة، وذلك في 122 نشاطاً اقتصادياً في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، مع التركيز من خلالها على الأنشطة المتعلقة بالابتكار والتكنولوجيا والأبحاث العلمية والأنشطة الإبداعية.

وأشار إلى أن حكومة بلاده والحكومات المحلية على مستوى إمارات الدولة، حزمًا جديدة من الحوافز والتسهيلات المتنوعة التي تدعم قدرة المستثمر الأجنبي على تحقيق النجاح التجاري، وأبرزها مؤخراً نظام البطاقة الذهبية الذي يمنح المستثمرين تسهيلات مميزة فيما يخص الإقامة والعيش والعمل في الإمارات، مؤكدًا أن تطبيق هذا القانون سوف يزيد من حجم الاستثمارات الصينية بالإمارات التي تصل لـ 6 مليار دولار.

210 شركة صينية في رأس الخيمة

وقال ياسر الأحمد رئيس قطاع الاتصال الحكومي بمناطق رأس الخيمة الاقتصادية “راكز”، إن الصين شريك ما نسب لتطوير اقتصاد رأس الخيمة، مشيرًا إلى أن تلك المناطق الاقتصادية تحتضن حاليًا 210 شركة صينية، منهم 150 شركة انضموا العام الماضي فقط، ما يؤكد ان العدد سيتطاعف خلال سنوات قليلة، مبررًا ذلك بالمميزات التي تعطيها إدارة المناطق للمستثمرين مثل حرية اختيار الباقة وسهولة الحصول على قطة الأرض دون الاضطرار لدفع أي شيء خارج عن حاجته، فضلا عن تنوع الرخص من صناعي إلى تجاري وخدمي وأكاديمي.

جالية صينية كبيرة في الشارقة

وأكد سلطان أبو علي من مركز الشارقة لتنمية الصادرات، إن الشارقة تحتضن عدد كبير من الجالية الصينية، والذين ساهموا بمجهوداتهم المخلصة والدؤوبة على رفع المعدلات الاقتصادية في الإمارة، مضيفًا أنه حضر المنتدى مع 12 رجل أعمال من الشارقة، ومن المقرر أن تعقد مذكرات تفاهم في مختلف المجالات بهدف إيجاد توازن في الميزان التجاري، وتعظيم الصادرات الإماراتية إلى الصين، مثل المواد الغذائية خصوصًا التمور التي تتميز بها الإمارات، والسيراميك وصناعة المحركات.

تكنولوجيا الجيل الخامس في لحظات

وكشف أبو بكر ما وهو رجل أعمال صيني، يمتلك شركة مينا موبايل التي تعمل في الشرق الأوسط ولها ثلاثة مكاتب في القاهرة وبيروت وأبو ظبي، عن أنه يستخدم تكنولوجيا الجيل الخامس في تطبيق “لحظات” الذي يشترك فيه 10 مليون مواطن عربي، وهو عبارة عن منصة اجتماعية مخصصة للفيديوهات القصيرة، مضيفًا أن شركته تقدم للعالم العربي قصة “صلاح الدين” التاريخية، في شكل تطبيق من لعبة بالإسم نفسه مشوقة حصلت على إقبال كبير من الشباب العربي، بالإضافة إلى تطبيق لعبة “صقور العرب” وبطلتها المطربة اللبنانية المعروفة هيفاء وهبي، معربًا عن ثقته بأن الأسواق العربية لا تزال لم تتشبع بعد وتحتاج إلى ضخ المزيد من الاستثمارات الصينية.

الفجيرة وجهة الاستثمارات السياحية

وأكدت عائشة محمد الجاسم، عضو غرفة التجارة والصناعة في الفجيرة، إن الإمارة هي الوجهة الأولى للاستثمارات الصينية في مجال السياحة، خصوصًا وأن تعتبر الواجهة السياحية لدولة الإمارات كلها لوقوعها على الساحل الشرقي المطل على خليج عمان، مضيفة أن الصينيون طوروا عدد من المنشئات السياحية في الفجيرة مثل الشواطئ والفنادق، فضلا عن ميناء الفجيرة الحيوي، وأنها حضرت في المنتدى ومعها 10 رجال أعمال من أعضاء الغرفة لتعظيم تلك الاستثمارات في مجالات المقاولات وهندسة الديكور بالطريق التكنولوجية والسياحة، فضلا عن دفع حركة التبادل التجاري إلى الأمام .

فرصة للشباب الإماراتي

فيما قالت عائشة البلوشي، عضو مجلس الفجيرة للشباب، إن رفع مستوى التعاون بين البلدين، فرصة واعدة أمام الشباب الإماراتي لكي يستفيدوا من خبرات وتجارب الشباب الصيني خصوصًا المبدعين منهم وأصحاب الابتكارات، مثمنة قرار دولة الإمارات العام الماضي بإدخال اللغة الصينية لغة ثانية في البلاد، ما يفتح الباب أمام الأجيال الجديدة على إيجاد فرص عمل سواء في الصين أو في الإمارات المنتظر أن تكون مقر لأكبر عدد من الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط.

وأضافت عائشة البلوشي، أنها حضرت إلى المنتدى مع 20 شاب وفتاة من الإمارات ككل تتقدمهم وزيرة الدولة للشباب شمة المزروعي، لاكتساب خبرات جديدة في الاقتصاد وإدارة الأعمال والتجارة، مضيفة أن الصين من الدول الكبيرة التي تنافس الدول العظمى في الوقت الحالي.

الطب الصيني التقليدي يغزو العالم

من جانبه؛ قال حمد كريم مدير عام منطقة عجمان الطبية، إن الإمارات سوف تستفيد من التقارب مع الصين أيضًا في المجال الطبي، خصوصًا صناعة الأدوية التي تعتمد على الأعشاب الطبيعية بشكل كبير، ولا تحتوي على مواد تسبب أضرار للجسد سواء حاليًا أو مستقبلًا، فضلا عن المستلزمات الطبية والأطراف الصناعية وتجهيزات المستشفيات، وذلك بفضل التوسع في استخدام التكنولوجيا في ذلك، مضيفًا أن الطب الصيني التقليدي حقق نجاحا كبيرا على المستوى الداخلي في الصين، ولكنه على المستوى الخارجي لم يصل إلى المستوى الذي يستحقه من الانتشار، مشيرًا إلى أنه عايش تجارب حقيقية بالتداوي من خلال الطب التقليدي الصيني، وشاهد نجاحاتها في علاج الأمراض المزمنة مثل الروماتيزم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.