موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: على المفاوضين الأمريكيين إظهار الصدق والتعقل خلال محادثات شانغهاي

0

وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
يعيد مفاوضو الصين والولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء) في شانغهاي إطلاق المشاورات لإصلاح علاقاتهما التجارية المتوترة.
يعد هذا أول اجتماع رسمي بين فريقي التفاوض بعدما وصلت محادثاتهما التجارية إلى طريق مسدود في مايو وأعيدا إلى مسارهما خلال اجتماع عُقد بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي دونالد ترامب على هامش قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في مدينة أوساكا اليابانية في يونيو.
وفي أعقاب القمة، ظل وفدا البلدان على تواصل. وتحدث نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه مع الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين مرتين هاتفيا قبل أن يقرر الجانبان إعادة إطلاق مشاوراتهما التجارية في شانغهاي.
كما إنها المرة الأولى التي يعقدان فيها المحادثات التجارية خارج عاصمتي بلديهما؛ وتحظى شانغهاي، المكان الذي تعقد فيه هذه الجولة الجديدة من المشاورات، بمكانتها الخاصة في تاريخ العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
جدير بالذكر أنه في عام 1972، عندما قام الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون بزيارة لكسر الجليد إلى الصين، أصدر الجانبان “بيان شانغهاي” على أمل صادق في تطبيع العلاقات الثنائية بعد أكثر من عقدين من القطيعة.
واليوم مرة أخرى في الحاضرة شانغهاي، ثمة حاجة إلى أن يظهر المفاوضون الأمريكيون نفس الصدق، والأهم من ذلك، توقعات معقولة في المحادثات التجارية المعاد إطلاقهما مع نظرائهم الصينيين سعيا لتطبيع العلاقات التجارية الثنائية.
منذ أكثر من عام، عقدت الصين والولايات المتحدة 11 جولة من المحادثات رفيعة المستوى، في محاولة لتسوية خلافاتهما التجارية، وأظهرت خلالها بكين أقصى درجات الصدق للتغلب على الخلافات بين الجانبين سعيا للتوصل إلى اتفاق يمكن أن يرضى كلاهما.
ومع ذلك، اختار بعض الصقور في التجارة الأمريكية غض الطرف عن المصالح المشروعة للصين وطرحوا مطالب غير واقعية تنتهك سيادة الصين وكرامتها. حتى أن منتقدي الصين من أمثال ستيفن بانون حاولوا ركوب موجة حرب التعريفات الجمركية لإثارة المشاعر المعادية للصين وإحتواء تنمية الصين. وأدت هذه الإجراءات الاستفزازية في النهاية إلى طريق مسدود في الحوار.
وفي الجولة الحالية من المحادثات التجارية، ثمة حاجة إلى أن ينخرط الجانب الأمريكي في مشاورات على قدم المساواة ومعاملة الصين بالاحترام الواجب إذا كانت يريد التوصل إلى اتفاق تجاري. ولكن إذا كانت واشنطن لا تزال تتوهم بأن بكين سترضخ بشكل أو بآخر وتتنازل بشأن قضايا متعلقة بالسيادة وغيرها من المصالح الأساسية الأخرى ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق، فلن يكون أي اتفاق حينئذ بالاتفاق الجيد. وستجد الصين دائما طريقا للصمود في وجه الضغوط.
إن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة هو تعاون يعود في طبيعته بالفائدة على الطرفين. وفي الوقت الذي تحاول فيه واشنطن شن حرب تعريفات جمركية ضد الصين، فإنها تلحق الضرر باقتصادها وشعبهما. ووفقا لبحث أجراه اقتصاديون من بنك الاحتياطي الاتحادي لنيويورك وجامعتي برينستون وكولومبيا، فقد كلفت حرب التعريفات الجمركية الشركات الأمريكية والمستهلكين الأمريكيين 4.4 مليار دولار أمريكي شهريا في عام 2018.
وعلاوة على ذلك، يشهد الاقتصاد العالمي أيضا معاناة حيث لا تزال الخلافات تراوح مكانها، فقد ذكر تشيتان أهيا كبير الاقتصاديين في مورغان ستانلي إن “التأثير على آفاق النمو أصبح أكثر وضوحا، نظرا لعدم تبديد حالة عدم اليقين التي تغلف السياسة التجارية”.
ومن أجل مصلحة الطرفين والعالم بأسره، على الصين والولايات المتحدة الحرص على الاستئناف صعب المنال للمحادثات التجارية ومراعاة المصالح الجوهرية للآخر من أجل تمهيد الطريق للتوصل إلى اتفاق في وقت مبكر.
قبل 47 عاما، أظهر “بيان شانغهاي” شجاعة قادة البلدين في العمل معا على تجاوز الفجوات الأيديولوجية الضخمة ليس لصالح شعبيهما فحسب، إنما أيضا لصالح تخفيف التوترات في العالم. ومن المأمول أن يتمكن المفاوضون التجاريون الصينيون والأمريكيون هذه المرة من استجماع بعض الشجاعة كما فعل أسلافهم والعمل معا من أجل علاقات تجارية ثنائية أكثر متانة وأكثر إثمارا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.