موقع متخصص بالشؤون الصينية

آفاق واعدة للاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط وسط إمكانات كبيرة للتعاون مع الصين

0

لقد غيّر وباء فيروس كورونا الجديد جميع جوانب أنماط حياة الناس. وخلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، شهد الاقتصاد الرقمي ازدهارا في أشكال مختلفة مثل التسوق عبر الإنترنت والتعليم عبر الإنترنت والتطبيب عن بعد، وهو ما أصبح أحد أبرز التطورات الاقتصادية في الشرق الأوسط. وترى التحليلات أنه في ضوء وجود مجموعات ضخمة من المستهلكين الشباب في البلدان الإقليمية وزيادة شعبية البنية التحتية للإنترنت، فإن التطور المستقبلي للاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط له آفاق واسعة مع تمتع التعاون بين الصين والشرق الأوسط بإمكانات ضخمة.

— ازدهار صناعات الاقتصاد الرقمي ذات الصلة في المنطقة

في سبتمبر الماضي، تم إدراج منصة “Yalla” (يلا) الاجتماعية الصوتية المعروفة في الشرق الأوسط رسميا في بورصة نيويورك، مما يعد نموذجا مصغرا لتطور الشركات الناشئة في المجالات ذات الصلة بالاقتصاد الرقمي في الإمارات.

وخلال هذه الفترة العصيبة والحملة العالمية لمكافحة العدو المشترك للبشرية، تلعب التكنولوجيا الرقمية مثل خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل، وتطبيقات تتبع المخالطين عبر الهواتف الذكية، دورا مهما في تسيير حياة الناس اليومية والمساهمة في احتواء الفيروس، بالإضافة إلى تسريع عملية إعادة الإنتاج.

ويعتقد الخبراء أن النمو السريع للصناعات والشركات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط يثبت أن الحلول الرقمية أكثر مرونة في التكيف مع الأسواق الجديدة والاستجابة للأزمات. وسيكون تحول الاقتصاد الرقمي جزءا مهما من التنويع الاقتصادي لدول الشرق الأوسط.

وفي عاصمة مصر القاهرة، يتزايد عدد سعاة الطلبات الذين يرتدون أزياء رسمية مختلفة ويقودون دراجات نارية ذهابا وإيابا في الشوارع. “بالنسبة للعديد من المصريين، يعد التسوق عبر الإنترنت محاولة جديدة ويوفر أيضا فرص عمل جديدة. وخلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، تضاعفت خدمة التوصيل السريع”، وفقا لموظف من شركة التجارة الإلكترونية (Jumia).

وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية أن سوق التجارة الإلكترونية المصرية وصل إلى 40 مليار جنيه مصري (الدولار يساوي 15.7 جنيه مصري). ووفقا للتقرير الخاص بسوق التجارة الإلكترونية “B2C” في منطقة الشرق الأوسط، تشير التقديرات إلى أن متوسط معدل النمو السنوي لاستهلاك التجارة الإلكترونية في مصر سيتجاوز 30 بالمائة في الفترة من 2019 إلى 2022.

وصرحت جمعية الاستثمار في مركز التسوق التركي مؤخرا أن الجمعية تعمل بنشاط على الترويج لإنشاء منصة برمجية لمراكز التسوق ومراكز التسوق غير المتصلة بالإنترنت لفتح صفحات على الإنترنت لتزويد المستهلكين بخدمات التسوق “اللاتلامسية”، حيث من المتوقع إنشاء أكثر من 6000 وظائف توزيع.

وتواصل منصة التعلم الإلكتروني السعودية “نون أكاديمي” جذب المزيد من الطلاب والمتعلّمين من مختلف الأعمار والمستويات. وحصلت على تمويل جديد بقيمة 13 مليون دولار أمريكي.

في نوفمبر 2020، بمبادرة من السعودية، عقدت الدول الخمس وهي السعودية والبحرين والأردن والكويت وباكستان مؤتمر عبر الفيديو لوزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لديها، وأعلنت عن إنشاء “منظمة تعاون رقمي”. وتهدف المنظمة إلى تعزيز التعاون في المجالات التي يحركها الابتكار وتسريع نمو الاقتصاد الرقمي. في ديسمبر من العام الماضي، استضافت دولة الإمارات معرض الخليج لتكنولوجيا المعلومات، الذي شارك فيه 1200 ممثل شركة من أكثر من 60 دولة ومنطقة حول العالم لمناقشة تطور التقنيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والجيل الخامس.

— إمكانات ضخمة للتعاون الرقمي بين دول الشرق الأوسط والصين

وبحسب مقال نُشر على موقع “تجارة الخليج” الإماراتي، فقد ألحق الوباء أضرارا بالغة بصناعات السياحة والطيران والفنادق في دول الشرق الأوسط، في حين أظهر الاقتصاد الرقمي زخما للنمو عكس الاتجاه، مما جعل دول المنطقة أكثر على دراية بضرورة وإلحاح تعزيز تنمية الاقتصاد الرقمي.

وأشار مقال نشر على موقع جريدة المال المصرية إلى أن الصين في طليعة العالم في مجال الاقتصاد الرقمي ولديها العديد من الخبرات التنموية المتقدمة في الدفع الإلكتروني والبيئة الرقمية، والتكنولوجيا الصينية والحلول الصينية تستحق التعلم منها. وتتطلع دول الشرق الأوسط إلى تعميق التعاون مع الصين في مجال الاقتصاد الرقمي.

في الوقت الحاضر، حقق التعاون الرقمي بين دول الشرق الأوسط والصين نتائج ملحوظة. ووقعت شركة ((هواوي)) اتفاقيات تقنية مع أكثر من 10 مشغلي اتصالات في دول الشرق الأوسط، بما فيها الكويت والإمارات والسعودية والبحرين ودول أخرى لبناء شبكات للجيل الخامس (5جي).

في يوليو 2020، عُقد المعرض الاقتصادي والتجاري الرقمي بين الصين والإمارات في بكين بغية مساعدة الشركات الصينية والإماراتية في مواجهة تداعيات كوفيد-19 وتوفير منصة تبادل وتفاوض لشركات الجانبين من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة، حيث شاركت فيه 2100 جهة عارضة من البلدين وأكثر من 12 ألف مشتر من 11 دولة تشمل مصر والمغرب إلى جانب الصين والإمارات.

في أكتوبر 2020، عقدت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) شراكة مع ((هواوي)) من خلال توقيع مذكرة تفاهم خلال اليوم الثاني من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، كجزء من الجهود المتواصلة لتعزيز مكانة المملكة ضمن أفضل اقتصادات العالم من حيث تطبيق الذكاء الاصطناعي. ويهدف البرنامج الوطني لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي إلى دعم الحكومات والمؤسسات ومراكز الأبحاث في المملكة لعقد شراكات مناسبة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز مهاراتها واستكشاف استراتيجيات نمو جديدة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

إلى ذلك، أطلقت وزارة التعليم المصرية وشركة ((NetDragon Websoft Inc)) من مقاطعة فوجيان الصينية منتجات تعليمية عبر الإنترنت، تغطي خدماتها أكثر من 22 مليون طالب وأكثر من مليون معلم في مصر، مما يوفر دعما للتعليم عن بعد خلال فترة تعليق الفصول الدراسية إثر الوباء، ويمنح التدريس بعد الوباء خدمات طويلة الأجل.

وفي نوفمبر 2020، أقيم “المعرض الرقمي التجاري الدولي للصين والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المغرب)”، باستخدام الإنترنت والتكنولوجيا السحابية لابتكار نماذج خدمة المعارض وأساليب التفاوض في التجارة الخارجية. ويتابع المعرض عن كثب احتياجات السوق في المنطقة، مما يعمق التعاون في الاقتصاد الرقمي بين الصين والشرق الأوسط، ويؤدي إلى إنشاء منصة للتواصل والتفاوض عبر الإنترنت للعارضين وتقديم خدمات مطابقة دقيقة، ويتيح المزيد من الإجراءات العملية لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول المنطقة في ظل الوباء.

ومع تميز دول الشرق الأوسط بوجود شريحة كبيرة من الشباب، وهو ما يعتبر مجموعة ضخمة من المستهلكين، إضافة إلى تزايد شعبية وتحسين البنية التحتية للإنترنت، فإن هناك مساحة واسعة للتطور المستقبلي للاقتصاد الرقمي في هذه المنطقة وسط إمكانات هائلة للتعاون الرقمي مع الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.