موقع متخصص بالشؤون الصينية

من إزميل النحت الصيني إلى قلم الخط العربي…أدوات فنية تبنى جسرا يربط بين الصين والدول العربية

0

تحت ضوء الشمس وعلى سطح مبنى في شرق القاهرة، تجلس غادة مصطفى في ورشة صغيرة وسط مجموعة كبيرة من علب الألوان والقطع الخشبية حيث تضيف غادة الألوان إلى هذه القطع لتبدع منها أعمالا فنية جميلة ومتميزة.

بدأت غادة رحلة صنع منتجات يدوية فنية منذ خمس سنوات، واختارت العمل تحت أشعة الشمس والسماء الصافية لأنها تفضل الضوء الطبيعي. ومع اعتمادها على أدوات صينية في إنجاز هذه الأعمال الفنية، تقول إن “ما يقرب من 90 في المائة من الأدوات التي استخدمها صينية الصنع سواء كانت ثقيلة أو خفيفة. فأسعارها معقولة وجودتها جيدة”.

وفي الحقيقة، بالإضافة إلى أدوات الفن العادية، مثل إزميل النحت وفرشاة الرسم بالألوان الزيتية، أنتجت شركات صينية أدوات خاصة للفنون العربية مثل أقلام كتابة الخط العربي.

فعلى شبكة التسوق الإلكترونية الصينية ((تاوباو))، هناك عشرات المتاجر التي تعرض منتجاتها من أقلام كتابة الخط العربي، وقد كتب صاحب أحد تلك المتاجر على صفحته الرئيسية يقول “على نحو مغاير للغة الصينية، تُكتب اللغة العربية من اليمين إلى اليسار، وهذا القلم مصمم خصيصا لكتابة الخط العربي…”

كما قالت مان يوان، خريجة قسم اللغة العربية بجامعة بكين، وهي أحد عشاق الخط العربي، إنها تلقت الكثير من الأقلام الخاصة بكتابة الخط العربي كهدايا من أصدقائها العرب، مضيفة أن “الخط العربي هو فن أساسي يدخل كعنصر في جميع أنواع الفنون بالشرق الأوسط ويتم دمجه مع فنون العمارة والأدب والخزف وغيرها لخلق أنماط متنوعة من الفنون”.

وأكدت مان أنها تتخذ من القلم والخط العربي نقطة انطلاق للتعرف على حضارات الشرق الأوسط وتعميق الصداقة بينها وبين الأصدقاء العرب. وفي الصين، هناك مجموعة كبيرة من محبي وعشاق الفن العربي والمصري، فضلا عن شركات صينية تنتج أقلاما خاصة لكتابة الخط العربي.

فعلى شبكة ((360doc.com))، عرض أحد مستخدمي الإنترنت “الطريقة التي يمكن بها للمرء أن يصنع بنفسه قلما خاصا بكتابة الخط العربي”، حيث ذكر في مقال أفرده لهذا الموضوع “قم باختيار نوع من عيدان الطعام الصينية، واشحذ رأسه إلى أن يصبح مدببا…” وألحق بالمقال عددا كبيرا من الصور يعرض فيها خطوات صنع القلم وكتابة الخط العربي الجميل.

وفي الواقع، يرى الفنانون أن الأدوات مهمة، لكن التطلع المستمر إلى إبداع أعمال فنية ممتازة وبناء جسر بين مختلف الحضارات هو الشيء الأهم. وهكذا يربط إزميل النحت الصيني وقلم الخط العربي بين قلوب الناس.

ومنذ القدم وحتى الآن تتواصل التبادلات الثقافية والحضارية بين الصين والدول العربية وتزداد عمقا. وفي إطار مؤتمر حوار الحضارات الآسيوية لعام 2019، استضاف المتحف الوطني الصيني بالعاصمة الصينية بكين معارض تبرز جمال حضارات الدول الآسيوية والدول الواقعة على طريق الحرير، حيث عُرض فيها عدد كبير من الآثار الثقافية من مصر والسعودية والإمارات وسوريا وسلطنة عمان وفلسطين واليمن وغيرها من الدول العربية، ما أتاح للجمهور في الصين فرصة التمتع بسحر حضارات عريقة.

وتتزايد مشاركة الفنانين العرب في معارض الفن الصينية. فقد أقامت الفنانة المصرية كوثر الشريف معرضها الأول للفن التشكيلي في بكين في عام 1999، واختيرت عضوا لعرض لوحاتها في معرض “بينالي بكين الدولي للفنون” على هامش أولمبياد بكين فى أغسطس 2008، ومن بين أهم لوحاتها هي لوحة “الأهرام وسور الصين العظيم”، والتي تعد خير تعبير عن العلاقة بين حضارتي مصر والصين.

ومنذ عام 2008، ركزت الفنانة كوثر الشريف على المشاركة في “بينالي بكين الدولي للفنون”، وهو معرض دولي شهير في الصين يقام كل عامين في مدينة بكين. وقد شاركت كوثر الشريف في عدة دورات من بينالي بكين. وفي دورة المعرض عام 2017، التي دار موضوعها حول طريق الحرير البحري، قدمت الفنانة محاضرة تضمنت عرضا عن الفن ودوره أمام جمهور الحاضرين مستخدمة تقنية “باوربوينت” وحازت على إعجاب عدد كبير من المشاركين، وفقا لما ذكرته شبكة ((الصين اليوم)) الصينية.

وفي إبريل 2016، تألقت 6 فنانات صينيات بمعرض للفن التشكيلي أقيم في القاهرة تحت عنوان “أناقة الحبر: رسم بالحبر للفنانات الصينيات أثناء زيارة لمصر”. وقدمت الفنانات التشكيليات الصينيات خلال المعرض الذي أقيم بمركز بن هانئ الثقافي بمتحف أحمد شوقي نحو 30 لوحة فنية متنوعة.

واستخدمت الفنانات في أعمالهن الحبر وورق “شوان” وهو ورق صيني تقليدي يستخدمه الصينيون منذ آلاف السنين، ويتميز هذا النوع من الورق بالقدرة على الاحتفاظ بالرسوم والألوان لفترة طويلة تمتد لنحو ألف سنة.

وشاركت الفنانة شيه لي فانغ عضو جمعية الفنانين الصينيين، رئيس جمعية الفنانين بمقاطعة هونان في المعرض، وأعربت عن اعتقادها بأن هناك تشابها كبيرا بين الفن المصري القديم والفن الصيني التقليدي.

وقالت إن “أسلوب التعبير الذي نستخدمه هو نهج سريالية ورموز، وذلك يرجع إلى بحوث المصريين والصينيين القدماء في موضوع العلاقة بين الناس والطبيعة، وموضوع الأبدية”.

ووسط مكافحة انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، نظم المركز الثقافي الصيني بالقاهرة بالاشتراك مع جمعية الرسوم الكاريكاتيرية المصرية معرضا افتراضيا للرسوم الكاريكاتيرية حول مكافحة الجائحة، وشارك ما يقرب من 100 ألف شخص في هذا التفاعل.

وقوبل المعرض باستجابة من جانب رسّامي الكاريكاتير من 8 دول وهي مصر والجزائر والبحرين والهند وفلسطين وبولندا والمملكة العربية السعودية والصين، وتجاوز عمر أكبر المشاركين فيه سبعين عاما، وبلغ عمر أصغرهم 8 سنوات فقط. حيث أبدعوا عددا كبيرا من الأعمال المتميزة تحت موضوع “العالم يكافح الجائحة، والبناء المشترك لمجتمع ذي مصير مشترك للبشرية”.

وفي الواقع، من إزميل النحت الصيني إلى قلم الخط العربي…تبنى أدوات فنية جسرا يربط بين الصين والدول العربية، وتلعب هذه المعارض والورش الفنية دورا مهما في تعزيز وتحفيز التبادلات الثقافية والفنية والاستفادة من الخبرات والموروث الحضاري لكل جانب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.