موقع متخصص بالشؤون الصينية

مرصد الشرق الأوسط: اكتشاف المبادئ السامية في الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط من خلال الكلمات

0

نشرت إدارة غربي آسيا وشمالي أفريقيا بوزارة الخارجية الصينية مؤخرا مقالة على حسابها على منصة التواصل الاجتماعي الصينية ((ويتشات)) بعنوان “اكتشاف المبادئ السامية في الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط من خلال الكلمات — الجولة الجديدة لعضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي في العام الجاري إلى الشرق الأوسط”، وفيما يلي النص الكامل للمقالة:

في منتصف الصيف، انطلقت الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط من جديد، حيث قام عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي بجولة إلى كل من سورية ومصر والجزائر ومقر جامعة الدول العربية بين يومي 17 و20 يوليو/ تموز. هذه الجولة الثانية التي قام بها وزير الخارجية الصيني إلى الشرق الأوسط في غضون العام الجاري، وألقى خلالها كلمات تحمل دلالات كبيرة حول المبادئ والأهداف للدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط.

– “الشعب السوري شعب صلب العود والأمة السورية أمة لها إرادة صلبة”

يظل الدعم الثابت لمساعي دول المنطقة لصيانة سيادتها واستقلالها وكرامتها الوطنية ورفض التدخل الخارجي المبادئ الراسخة تقوم عليها الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط. في سورية التي تعد المحطة الأولى في هذه الجولة، كانت هذه الكلمات ذات الثقل لعضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مليئة بالتقدير والدعم للشعب السوري العصي. قبل 10 سنوات، اجتاح “الربيع العربي” الشرق الأوسط مدفوعا بالولايات المتحدة والدول الغربية، مما جر سورية إلى أتون الاضطراب. على مدى السنوات الـ10 الماضية، أودت الحرب في السورية بحياة قرابة 500 ألف شخص وأدت إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص ويتجاوز حجم الخسائر الاقتصادية 400 مليار دولار أمريكي، وانخفض إجمالي الناتج المحلي السوري بنسبة 60% عما كان عليه قبل 10 سنوات. غير أن سورية صمدت ودافعت بحزم عن سيادتها واستقلالها ووحدتها. وظلت الصين تدعم بثبات مساعي سورية لصيانة سيادة البلاد واستقلالها وكرامتها الوطنية واستخدمت حق النقض لـ10 مرات ضد القرارات المتعلقة بسورية داخل مجلس الأمن الدولي لرفض تدخل القوى الخارجية وفرض العقوبات على سورية. خلال الزيارة إلى سورية، طرح عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي المبادرة ذات النقاط الأربع لإيجاد حل شامل للمسألة السورية التي تؤكد على عدم انتهاك مبدأ السيادة والاستقلال وعدم التقصير في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية وعدم التراخي في مكافحة الإرهاب وعدم الانحراف عن مسار التسامح والمصالحة، مما لاقى تفهما ودعما من سورية والدول الأخرى في المنطقة.

– “لن يتحقق السلام الدائم بدون أساس من العدالة”

إن الدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني ودفع تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل على أساس “حل الدولتين” يعتبر التزاما لا يتزعزع للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط. وإن القضية الفلسطينية قضية جذرية في الشرق الأوسط، وهي أطول قضية إقليمية ساخنة التي دامت بعد الحرب العالمية الثانية. كان أحد الأسباب الرئيسية لتأخّر إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية هو مخالفة دولة كبيرة بعينها قرارات الأمم المتحدة وتخليها عن التوافق الدولي والعدالة والضمير. قد أثبت التاريخ والحقائق بشكل كاف أن “حل الدولتين” هو الطريق الواقعي الوحيد لحل القضية الفلسطينية. خلال زيارته إلى مصر، طرح عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي الأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ “حل الدولتين”، وهي “ممارسة السيادة – المصالحة الداخلية – استئناف المفاوضات”. كما أعلنت الصين ومصر تقديم 500 ألف جرعة من اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد كمساعدة مشتركة إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. إن “الأفكار ذات النقاط الثلاث” والمساعدة الإنسانية يتكامل بعضهما البعض وتشكلان كائنا عضويا، الأمر الذي يعكس التفكير العميق للجانب الصيني حول تنفيذ “حل الدولتين” ودفع عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، ويجسد النوايا الصادقة للصين وجديتها للمشاركة في الشؤون الإقليمية بشكل بناء.

– “يدعم الجانب الصيني الدول العربية في اتباع طريق يؤدي إلى تقوية نفسها عبر التضامن، وأخذ زمام مصيرها في أيديها، ويدعم جامعة الدول العربية للقيام بدور أكبر سواء في تدعيم السلام والاستقرار في المنطقة أو إيجاد تسوية سياسية للقضايا الساخنة.”

يعدّ الدعم الثابت للدول العربية في تقوية نفسها وتعزيز السلام والتنمية في الشرق الأوسط مهمة تثابر عليها الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط. في مارس/ آذار الماضي، طرح عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي خلال جولته الشرق الأوسطية المبادرة ذات النقاط الخمس حول تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، مما قدم الحكمة الصينية لحل عجز المنطقة في الحوكمة والأمن والتنمية.

خلال هذه الزيارة، أصدر الجانب الصيني مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانا مشتركا تم إشادة فيه عاليا بالجهود المهمة التي بذلتها جامعة الدول العربية في سبيل صيانة السلام في الشرق الأوسط وتعزيز التنمية في المنطقة ودفع العالم العربي لتقوية نفسه عبر التضامن، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالمبدأ الدولي المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار. إن تقوية النفس عبر التضامن وتحقيق السلام والتنمية موضع تطلعات دول المنطقة وشعوبها. إن الصين على الاستعداد لمواصلة لعب دورها كدولة مسؤولة كبيرة ومساعدة دول المنطقة على إيجاد “المفتاح الذهبي” لحل القضايا في المنطقة. سيدعم الجانب الصيني بقوة دول الشرق الأوسط للتخلص من العطالة التاريخية المتمثلة في التنافس الجيوسياسي وتعزيز الاستقلال الاستراتيجي وتكريس التوافق حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية واستكشاف الطرق التنموية المتسمة بالخصائص الشرق أوسطية بإرادتها المستقلة وتعزيز الوحدة الداخلية وحل الخلافات والنزاعات عبر التسامح والمصالحة.

– “تشارك الصين والدول النامية في مستقبل واحد إلى الأبد”

ما تتطلبه الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط هو الوقوف بثبات إلى جانب الدول النامية الغفيرة بما فيها دول الشرق الأوسط ودفع النظام الدولي والحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولة. لم تخيب الدول النامية آمال الصين. خلال زيارته إلى الجزائر، تذكر عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي التاريخ عن قيام الدول النامية الغفيرة بما فيها الجزائر بـ”حمل” الصين إلى الأمم المتحدة قبل 50 عاما، وأكد على أن هذا الحدث الذي يكون له مغزى تاريخي هام يمثل تجسيدا حيا للتضامن والتعاون بين الدول النامية. في الوقت الراهن، بات تعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية الغفيرة أكثر إلحاحا في ظل قيام البعض في الساحة الدولية بتكوين “دائرة صغيرة” وممارسة “التعددية المزيفة” و”الهيمنة الحقيقية”. في مسيرة السعي وراء بناء النظام الدولي الأكثر عدالة ومعقولة، لن تخيب الصين آمال الدول النامية بكل تأكيد. سنعمل مع الدول النامية الغفيرة بما فيها دول الشرق الأوسط على عدم الرضوخ لسياسة القوة ورفض الظلم، وبذل جهود حثيثة في تكريس القيم المشتركة للبشرية، وتطبيق التعددية الحقيقية، وسنعمل سويا على إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، بما يصون المصلحة المشتركة للدول النامية.

“القضية العادلة تلقى دعما واسعا والقضية الظالمة لا تلقى إلا الدعم الضئيل”، إن السياسة الصينية المسؤولة تجاه الشرق الأوسط حظيت بالشعبية وكسبت الدعم. تعدّ الدول الثلاث التي شملتها هذه الجولة أصدقاء قدامى وإخوة أعزاء للصين، ولم تكن غائبة في دعم المصالح الجوهرية الصينية. قال الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه مع عضو مجلس الدولة وزير الخارجية وانغ يي إن الجانب السوري يدعم الصين بدون شروط في القضايا المتعلقة بتايوان وشينجيانغ وهونغ كونغ وغيرها. قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الجانب المصري سيقوم بكل ثبات وغير متأثر بالتشويشات بتطوير التعاون بين الجانبين في كافة المجالات، سيتمسك دون أي تزعزع بسياسة الصين الواحدة، ويدعم بثبات جهود الصين لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني. وشدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على أن الجزائر منذ استقلالها لم تغير سياستها تجاه الصين، فإنها كانت وما زالت تدعم الصين، وستدعم الصين أكثر في المستقبل. وسجّل أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط تقديرا عاليا للإنجازات التاريخية التي حققها الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وأعرب عن دعمه للمبادرات الصينية بشأن الأوضاع الإقليمية والقضايا الساخنة، مؤكدا على استعداده للتواصل مع الجانب الصيني بشكل وثيق لضمان نجاح القمة العربية الصينية الأولى.

لا تنوي الصين التنافس مع أي أحد في الشرق الأوسط، ولا تنوي حل محل أي أحد، ناهيك عن ملء ما يسمى بـ”الفراغ”. نضع المستقبل والمصير للبشرية في نصب أعيننا، ونظل نعمل على صيانة سلام العالم ونساهم في التنمية العالمية وندافع عن النظام الدولي. سنواصل المضي قدما يدا بيد مع دول المنطقة وشعوبها كالمعتاد، والدفع بإحلال السلم والأمن والتنمية في الشرق الأوسط في يوم مبكر، بما يمكّن المزيد من الناس أن يعيشوا حياة سعيدة، ومن ثم تقديم مساهمات أكبر في تعزيز السلام والتنمية في العالم وإقامة مجتمع مستقبل مشترك للبشرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.