موقع متخصص بالشؤون الصينية

علاقات صينية-أمريكية سليمة تتطلب واشنطن مسؤولة

0

تعليق ((شينخوا)):

على مرأى ومسمع العالم، اتفق الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن في اجتماع افتراضي مثمر يوم الثلاثاء على إعادة العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم إلى مسارها.

لقد أعطى التوافق المشجع جنبا إلى جنب مع النتائج الإيجابية الأخرى التي تمخض عنها أول اجتماع بين رئيسي الدولتين منذ تولي بايدن منصبه في يناير الماضي، جرعة من التفاؤل لازمة للغاية للعلاقات الصينية-الأمريكية والعالم الذي يكابد أيضا.

ومع دخول العالم فترة من الاضطرابات والتحولات الجديدة، ووصول كل من الصين والولايات المتحدة إلى مرحلة حرجة من التنمية، فإن بناء علاقة سليمة ومستقرة بين أكبر اقتصادين في العالم يعتبر أمرا بالغ الأهمية بشكل خاص.

وكما قال شي في مكالمة هاتفية مع بايدن في سبتمبر، فإن قدرة الصين والولايات المتحدة على التعامل بشكل جيد مع علاقتهما “هو سؤال القرن الذي يتعين على البلدين الإجابة عليه جيدا”.

وقد كانت إجابة الصين واضحة ومتسقة، فهي تسعى إلى تعزيز علاقة صحية وثابتة مع الولايات المتحدة تتسم بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، وتتحرك بمسؤولية باتجاه تحقيق هذا الهدف.

وقد آن الآوان لأن تبدأ الولايات المتحدة التصرف بطريقة مسؤولة حقا وتنضم إلى الصين للبناء على الزخم الذي تم تحقيقه بشق الأنفس وتعزيز العلاقات بينهما لمصلحة البلدين والعالم بأسره.

يجب على واشنطن مسؤولة أن تحافظ على الاحترام المتبادل مع الصين من كل قلبها.

إن الاحترام المتبادل هو أساس صرح العلاقات الصينية-الأمريكية، ويعني هذا أن البلدين بحاجة إلى التعامل مع بعضهما البعض على قدم المساواة واحترام النظام الاجتماعي ومسار التنمية والمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لكل منهما الآخر وكذلك حقه في التنمية.

وبالتالي، فإن واشنطن بحاجة إلى التوقف عن تشويه نظام الصين ومسارها ومؤسساتها، التي اختارها الشعب الصيني بما يتماشى مع الظروف الفريدة للصين والتي قادت أكبر دولة نامية في العالم وأكثر الدول اكتظاظا بالسكان إلى تحقيق معجزتي النمو الاقتصادي السريع والاستقرار الاجتماعي الدائم.

إن ما هو ضروري الآن بشكل خاص هو أن تحترم الولايات المتحدة مبدأ صين واحدة، وتلتزم بتعهدها بعدم دعم “استقلال تايوان”، وتكف عن اللعب بالنار في قضية تايوان، القضية الأكثر أهمية وحساسية في العلاقات الصينية-الأمريكية، فلا الاستفزاز ولا التهديد سيزحزح الصين قيد أنمله.

في الوقت نفسه، لا يمت للاحترام المتبادل بصلة أن يبتدع أحد الأطراف ما يسمى بـ”قواعد الطريق” من تلقاء نفسه أو من خلال زمرة، ويقوم بفرضها على الجانب الآخر، فالاحترام المتبادل يستلزم التشاور الحقيقي.

يجب على واشنطن مسؤولة أن تسعى إلى التعايش السلمي مع الصين بنوايا صادقة.

وبينما يتعين عليهما اتخاذ عدم الصراع أو المواجهة كأساس، يجب على البلدين تبني نهج بناء لإدارة خلافاتهما والقضايا الحساسة، الموجودة بشكل طبيعي ولكن لا ينبغي السماح لها بالانتشار أو حتى تقويض العلاقة الشاملة.

بالنظر إلى الماضي، فإن أهم تطور في العلاقات الدولية خلال نصف القرن الماضي هو إعادة فتح العلاقات الصينية-الأمريكية وتطويرها، الأمر الذي حقق فوائد جمة لكلا البلدين وبقية العالم.

وبالنظر إلى المستقبل، يجب أن تعمل واشنطن مع الصين لتعزيز التواصل، والتعلم من التقلبات التي شابت المسار التاريخي لعلاقاتهما، ورسم المسار الصحيح للتطور المستقبلي لعلاقتهما اللاحقة.

وفي ضوء سلوكها في السنوات الأخيرة، فإن واشنطن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لإثبات أن دعوتها لإدارة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بشكل صحيح وإعلان عدم السعي لاحتواء الصين هو خيار استراتيجي وليس مناورة تكتيكية.

يجب على واشنطن مسؤولة أيضا أن تسعى إلى تعاون متكافئ الكسب مع الصين بجدية حقيقية.

وفي ضوء ضخامة اقتصاديهما وأوجه قوتهما التكاملية، سيكون الأمر بمثابة تبديد مؤسف لفرص وموارد كبيرة إذا سعت الصين والولايات المتحدة فقط إلى التعايش بسلام.

فقد شهد العالم على مدار الخمسين عاما الماضية أن البلدين بامكانهما، إذا تعاونا، فعل الكثير لدفع تنمية بعضهما البعض، وتحسين رفاهية شعبيهما، وجعل العالم مكانا أفضل.

وكما أوضح شي في اجتماع يوم الثلاثاء، فإن التعاون الصيني-الأمريكي قد لا يحل جميع المشاكل، لكن بدونه لا يمكن حل سوى القليل من المشاكل. وتتطلب هنا الاستجابة للوباء والتغيرات المناخية والعديد من التحديات المشتركة الأخرى جهودا متضافرة.

لا شك أن المنافسة موجودة بين الصين والولايات المتحدة. ومع ذلك، فمن غير المفيد وغير المسؤول استخدام مصطلح “المنافسة الاستراتيجية” المشؤوم لتعريف علاقة مهمة من هذه القبيل تحمل مثل هذه الإمكانات الإيجابية الكبيرة للعالم أجمع.

فالأمر كما شبه شي بوضوح الصين والولايات المتحدة بسفينتين عملاقتين تبحران في المحيط يجب أن تحطما الأمواج وتتقدما للأمام معا دون فقد الاتجاه أو السرعة أو حتى الاصطدام ببعضهما البعض.

ولكي يحدث ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تنضم إلى الصين للعمل بمسؤولية. وقد حان الوقت الآن لبدء ذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.