موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين تفضل وجود رئيس جمهوري في البيت الأبيض

0


صحيفة الاقتصادية السعودية:
فيليب ستيفنز من لندن:
ليس للعالم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن لا ضير في ذلك، فالسياسيون في شتى أرجاء العالم يصطفون خلف باراك أوباما. والمصطفون هذه المرة ليسوا أولئك المشتبه بهم المعتادين – الأوروبيون المملون الذين يكرهون الحروب الثقافية التي يشنها المحافظون الأمريكيون، والذين تخلفوا الآن في أماكن اعتادوا أن تكون لهم فيها ميزة قوية على الديمقراطيين تقليدياً.

تحددت هذه النبرة خلال زيارة ديفيد كاميرون إلى واشنطن أخيرا. فقد صادق رئيس وزراء بريطانيا المحافظ – خلال حفل في البيت الأبيض – تماما على سعي أوباما لولاية ثانية. وفي إشارة لعدم احترامه لأبناء العم الأمريكيين في حزب المحافظين، رفض كاميرون لقاء القادة الجمهوريين.

وتمسك أحزاب يمين الوسط بزمام السلطة في كل مكان تقريباً في أوروبا. ورغم ذلك من الصعب للغاية إيجاد قادة يعترفون، حتى سراً، بأنهم يتمنون الفوز لميت رومني. وحين تذكر ريك سانتورم، أو نيوت غينغريش أمامهم، فإنهم يجفلون.

غالباً ما يوافق السياسيون في النصف الشرقي من القارة على الموقف المتشدد لمرشح الحزب الجمهوري المتقدم تجاه روسيا. ولم يحظ ”تغيير” موقف أوباما تجاه موسكو بشعبية شاملة في الدول التي كانت تابعة في السابق للإمبراطورية السوفيتية. وفيما يتعلق بكل قضية سياسة خارجية كبرى أخرى تقريباً – طموحات إيران النووية، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أو التعاطي مع الصين – فإن الأوروبيين أقرب إلى مواقف أوباما تجاهها.

لا يعني ذلك القول إنه ارتقى إلى آمالهم العالية. ففي عام 2008، كان أوباما يترشح ضد سجل سياسة جورج دبليو بوش. وكان شاباً، وأسود اللون، ويناصر مبدأ التعددية حتى الجذور. وتحدث عن الدبلوماسية كبديل عن الحرب. وتخيل الأوروبيون بشغف أنه سوف يبدأ بإعادة تشكيل العالم حسب صورة أوروبا. وعلى نحو غير مدهش، خاب أملهم للغاية.

انطبق ذلك على نحو أقل على الناخبين، إذ أظهر استطلاع للمواقف العالمية أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2011، أن 88 في المائة من الناخبين الألمان الذين انتخبوا أنجيلا ميركل ما زالوا يعبرون عن ثقتهم بأوباما. وكان الرقم بالنسبة إلى فرنسا 84 في المائة، ولبريطانيا 75 في المائة، ولإسبانيا كان 67 في المائة.

وتتعلق الهوة التي تفصل بين المحافظين على جانبي الأطلسي بالتنافر الثقافي إلى حد كبير، مثلما تتعلق بالاختلافات حول السياسة. فالنقاشات حول روسيا، أو محادثات السلام في الشرق الأوسط يمكن السيطرة عليها. لكن الأمر الأكثر صعوبة هو إيجاد أي أرضية سياسية مشتركة متبقية بين أعضاء الديمقراطيين المسيحيين والمحافظين من حزب الشاي. وطالما كانت هنالك خلافات حول حجم، ودور الدولة، وحول السياسة الاجتماعية. لكن يبدو الآن أنه لا يمكن تجسير الهوة. ويتساءل الأوروبيون بأسف، ماذا حدث تحديداً لمؤسسة حزب الساحل الشرقي؟ ورغم كل شيء، فإن الجمهوريين هم الذين بنوا التحالف الأطلسي.

ولا تذرف القيادة الجمهورية الحالية الكثير من الدموع. ولم تعد المواقف الحماسية من جانب الأوروبيين تلهب قاعدة الحزب، لا بل على النقيض من ذلك. وفي الوقت الذي يعرج فيه رومني بشكل أسرع باتجاه الترشيح الجمهوري، فإنه يتهم أوباما بتحويل الولايات المتحدة إلى ”مجتمع استحقاق على الطراز الأوروبي”. فلا عجب إذاً أن استطلاعا حديثا أجرته شركة الاستطلاع، يو غوف، أظهر أن قرابة ثلاثة أرباع الناخبين في السويد الصديقة للرفاه الاجتماعي، يدعمون أوباما.

على الجانب الآخر من العالم ربما توقع رومني الهتافات من جانب حلفاء أمريكا الآسيويين. وكانت اليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة تفضل الجمهوريين على نحو تقليدي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الهند. وكان يتم النظر إلى الجمهوريين بأنهم مؤيدون لقطاع الأعمال والتجارة، وأنهم على استعداد لتأكيد وجود أمريكي قوي في حال وجود جيران خطيرين. وقد تم التقليل من شأن أوباما بسبب محاولته المبدئية لتأطير منهج المراضاة تجاه الصين.

لكن هؤلاء الحلفاء، مثل الأوروبيين، يشعرون بقلق بشأن تحول الجمهوريين نحو اليمين. ويعملون جاهدين على إيجاد صلة بين حزب إيزنهاور، وريغان، وجورج دبليو بوش، ومبدأ المحافظين الإنجيلي لحزب الشاي. واعتادوا مواقف أوباما، ويقدِّرون تشدد موقفه تجاه الصين. ويمكنك أن تسمع الدبلوماسيين الآسيويين يقولون إن الإدارة الأمريكية الحالية ”قابلة للتوقع”.

ومن الغريب تماما أن يتوقع المرء ميل الصين إلى الجمهوريين. فرغم كل شيء، قدم ريتشارد نيكسون إلى النظام الشيوعي الفرصة للانفتاح على العالم. وتفضل بكين السياسات الواقعية لليمين، وليس ليّ الأذرع الذي يمارسه الليبراليون بشأن حقوق الإنسان. وينظر إلى الجمهوريين على أنهم منحازون إلى جانب الأسواق المفتوحة، بينما يعتبر الديمقراطيون حمائيين من حيث رد الفعل.

ويعمل رومني بأقصى طاقته لقلب مثل تلك الحسابات رأساًَ على عقب. ويقول إن الصينيين ”ساروا فوق أوباما”. وتعني انتهاكاتهم لحقوق الإنسان أنه لا يمكن الوثوق بهم كشريك مؤتمن. وبالنسبة إلى التجارة، فقد كان واحداً من أعمال أوباما الأولى رئيسا هو اتهام بكين ”بالتلاعب بالعملة”، وفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين.

والقصة هي ذاتها إلى حد كبير على الجانب الآخر من المحيط الهادئ. فقد أسس الرئيس بوش الابن علاقات جيدة مع القادة في البرازيل، والمكسيك، وكولومبيا. وبدا أن رومني مصمم على إقصائهم بالانضمام إلى سباق المحاولات الجمهورية لفرض ضوابط أشد بكثير على الهجرة.

ولدى الجمهوريين حليف واحد قوي على الأقل. فقد حصل رومني على دعم بنيامين نيتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، برفع وتيرة التهديد العسكري ضد إيران، ووعده بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس. ويعارض الخطوتين حلفاء الولايات المتحدة الآخرون.

أما فيما يتعلق بالنتيجة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، بطبيعة الحال، فلا يهم أي شيء من هذا كثيراً. وسوف يتخذ الأمريكيون، بحق، خيارهم الخاص بهم. والأمر اللافت للنظر، على الرغم من ذلك، هو إلى أي حد ابتعد الجمهوريون عن اتجاه يمين الوسط للسياسات الغربية. وثمة أمر غريب يحدث حين يصوت المحافظون في العالم لمصلحة الديمقراطيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.