موقع متخصص بالشؤون الصينية

العرب ونهضة الصين: نحو علاقة حضارية مفيدة

العرب ونهضة الصين:

نحو علاقة حضارية مفيدة

Samer KHraino

نص محاضرة في “الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة”

السبت 15/11/2014

 

  • سامر خير أحمد: كاتب وباحث أردني، مؤلف كتاب “العرب ومستقبل الصين”.

 

مقدمة: لماذا الصين؟

الغرض الأساسي من اقتراب العالم العربي من الصين، سيتمثل بالضرورة في الاستفادة من النهوض الصيني، لتطوير الواقع العربي في مختلف الأبعاد المتاحة.

وإذا كان طبيعياً أن تطلب الصين من العرب النفط والفرص التجارية، على امتداد سنوات طويلة في المستقبل، كما ستشرح هذه الورقة، فإن العرب في طموحاتهم التنموية، إنما تنقصهم التكنولوجيا المتقدمة، فيكون مطلبهم الحصول من الصين على التكنولوجيا التي تدعم التنمية والتطوير والابتكار العربي الداخلي المخطط، وتجسر سريعاً جزءاً من فجوة الإمكانيات التصنيعية والتطويرية مع العالم الصناعي، مما لم يعد ممكناً لأية أمة جسره ذاتياً بعد التطور التكنولوجي الكبير الذي عرفته البشرية. هذه التكنولوجيا يمكن أن تتضمن أيضاً تلك الخاصة باستكشاف واستخراج النفط، وهو ما يعزز سيادة العرب على ثرواتهم. غير أن هذا الأمر يلزمه بيئة تتوافر فيها استقلالية القرار العربي، وهي بيئة غير ممكنة في ظل ما يواجهونه موضوعياً من ضغوط خارجية، وعلى هذا يحتاج العرب الحصول على مساندة الصين لقضاياهم السياسية في المحافل الدولية، بالاستعانة بما يتوافر للصين وقتها من دور ونفوذ وتأثير في السياسة العالمية، بشكل يغيّر مسيرة القضايا العربية في العالم، من الخضوع لمصالح القوى “الإمبريالية” التي تتعارض مع المصالح العربية، إلى التأييد من قوة عالمية جديدة مثل الصين، بدافع من المصالح أيضاً، وهو ما يوفر مناخاً من “العدل” لحل تلك القضايا، ومن ثم مناخاً ملائماً للبدء بمشروع عربي تنموي متحرر من الضغوط، تقود نجاحاته إلى تعزيز المكانة العربية دولياً، وصولاً إلى تحسّن الشروط الموضوعية للعرب في “المجتمع الدولي”، بالدرجة التي تتناسب مع ما يحرزونه من قفزات حضارية.

 Samer KHraino2

أولاً: الصين والعالم – مراجعة “مفتاحية”

واقع العلاقات العربية مع الصين، لا بد من تفحصه ضمن سياقات نظرة الصين إلى العالم الخارجي، وسياساتها تجاهه. لقد تغيّرت نظرة الصين إلى العالم الخارجي، منذ إصلاحات ما بعد ماو تسي تونغ، فبينما كانت في عهد ماو محكومة إلى الأيديولوجيا، باتت في العهد الجديد الذي بدأ في العام 1978، مرتبطة بتحقيق مصالح الصين وخدمة مشروعها الوطني النهضوي.

فقد أراد الزعيم الجديد دينغ شياو بنغ أن يضع سياسة بلاده الخارجية في خدمة مشروعه التنموي والنهضوي الكبير، ولهذا أوقف سياسة ماو حول الصراع الطبقي في العالم والثورة المستمرة ضد الإمبريالية، واستخدم سياسة التعاون والمصالح المشتركة بدلاً منها(1).

كانت الخطوة الأولى في هذا المجال، هي تجميد الخلافات مع دول الجوار، ومع الغرب، من دون حلها تماماً، لصالح التركيز على بناء العلاقات الاقتصادية. وقد نجحت هذه السياسة بخاصة مع أعداء الصين التاريخيين، كاليابان والهند، فباتت الصلات قائمة معهما على أساس التعاون الاقتصادي.

أما مع الغرب، ومع الولايات المتحدة تحديداً، فلم يكن كافياً تأجيل القضايا الخلافية كدعم أميركا لتايوان، أو تناسي التناقضات الأيديولوجية، لإقناع الأميركيين بتحسين علاقاتهم مع الصين والانفتاح الاقتصادي عليها. لهذا، أبقت الصين على علاقاتها المتوترة مع الاتحاد السوفييتي، وهو الخصم الرئيسي للولايات المتحدة، وفتحت حواراً مع أميركا حول إمكانية التعاون لمواجهة النفوذ السوفييتي في العالم، استراتيجياً(2)، وقد أقنعت هذه الجهود أميركا بجدوى التعاون مع الصين، والسماح للشركات الأميركية بدخول السوق الصينية، وهكذا تدفقت مئات المليارات من الدولارات إلى الصين على شكل استثمارات غربية، مستفيدة من انخفاض أجور اليد العاملة واتساع الأسواق في الصين، فيما أتبعت الصين هذا التعاون الاقتصادي، بالسعي لمهادنة الغرب سياسياً، فابتعدت عن التدخل في القضايا والصراعات الدولية، وكان لهذا الأمر انعكاساته على علاقات الصين الخارجية، فتطورت علاقاتها مع إسرائيل، وباتت الصين تعتمد عليها في تزويدها بالتكنولوجيا الغربية العسكرية المتطورة، كما صارت جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، تعمل لصالح الصين في القضايا التي تمس مصالحها، وكذلك تسارعت الاستثمارات اليهودية داخل الصين(3).

أدى التقارب الصيني مع الولايات المتحدة، إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الدولتين في الأول من كانون الثاني/ يناير من العام 1979، بعد سنوات من الاتصالات السرية والعلنية، بدأها وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بزيارة سرية في تموز/ يوليو من العام 1971(4)، خلال رئاسة ريتشارد نيكسون (1969-1974) الذي كان يخطط للتقارب مع الصين بهدف تقليل التواجد العسكري الأميركي في شرق آسيا(5)، وهكذا اعترفت الولايات المتحدة بوجود حكومة واحدة تمثل جمهورية الصين الشعبية، وبأن تايوان جزء من الصين. وفي تموز/ يوليو من العام التالي 1980، حصلت الصين على وضع “الدولة الأولى بالرعاية” في الولايات المتحدة، الذي يمكّنها من الحصول على تسهيلات تجارية واقتصادية، بقانون صادق عليه الكونغرس، على أن يتم تجديده سنوياً.

وفي أجواء التقارب هذه، التي دفعت نيكسون لزيارة الصين بنفسه في شباط/ فبراير من العام 1972، أصبحت الصين في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1971 عضواً في هيئة الأمم المتحدة، مستعيدة مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي، الذي كانت تشغله تايوان منذ العام 1949، بفضل تلقيها دعماً دولياً ظل يعتبر النظام التايواني الذي تأسس على ضوء الحرب الأهلية الصينية ولجوء الرئيس السابق “تشانغ كاي تشيك” وأعضاء البرلمان إليها، ممثلاً شرعياً لعموم الصين.

تمحور السعي الصيني للانفتاح على الغرب في اتجاهين: الأول هو جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الصين بحيث تدفع نمو الاقتصاد الصيني من جهة، وتنقل معها التكنولوجيا الغربية المتطورة واللازمة لتطوير الصناعات الصينية من جهة أخرى، أما الجانب الثاني فهو فتح أسواق تلك الدول أمام الصادرات الصينية، بما يخدم الميزان التجاري ويزود الاقتصاد الصيني بالأموال اللازمة للتنمية. وظل هذان الاتجاهان، أساساً لمساعي الصين في علاقاتها الخارجية، مع نمو اقتصادها المطّرد خلال السنوات التالية، حتى باتت صادراتها في مطلع القرن الحادي والعشرين تساوي ما نسبته 20 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي(6)، ما يعني اعتمادها الكبير على الأسواق العالمية، وضرورة احتفاظها بعلاقات سلمية مع مختلف دول العالم. أما بالنسبة للغرب، فإن ترحيبه بالتعاون مع الصين لم ينبع من مساعيه لمحاصرة وعزل الاتحاد السوفييتي فقط، بل إنه كان أيضاً مقتنعاً بجدوى التغييرات الرأسمالية في الاقتصاد الصيني، لمكاسبه الاقتصادية منها، وآثارها السياسية، باعتبارها تساهم في تجفيف منابع الشيوعية في العالم.

ولضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية، عملت الصين على تحسين بيئتها القانونية، فأصدرت في العام 1979 قانوناً للاستثمارات الأجنبية، أجاز للأجانب إنشاء وإدارة مؤسسات استثمار أجنبية خالصة، أو مشتركة مع صينيين، ثم أصدرت في العام 1982 قوانين تتعلق بالملكية الفكرية والعلامة التجارية(7)، فضلاً عن مجموعة قوانين تختص بخفض وإزالة الضرائب والرسوم الجمركية.

ظلت العلاقات الاقتصادية بين الصين والغرب -بما في ذلك مع الولايات المتحدة- تتطور، وهو ما زاد القيادة الصينية اقتناعاً بجدوى سياستها، حتى وقعت أحداث ميدان تيان آن مين في بكين في حزيران/ يونيو من العام 1989، التي أدّت لتوتر العلاقات بين الطرفين، سواء بسبب استغلالها من قبل الدول الغربية للضغط على الصين من أجل اتخاذ إجراءات اقتصادية تخدم مصالحها، أو لحذر الصين بعدها من سعي الولايات المتحدة للإطاحة بنظامها الشيوعي، استكمالاً لانهيار الكتلة الاشتراكية التي كان يقودها الاتحاد السوفييتي. وهكذا، قررت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى وقف تدفق استثماراتها على الصين، ثم فرض قيود على تصدير التكنولوجيا العالية إليها، بما فيها الأسلحة المتطورة(8). فيما بات الكونغرس الأميركي منذ العام 1990 يربط موافقته على تجديد وضع الصين كـ”دولة أولى بالرعاية”، بقيود تتعلق بـ”حقوق الإنسان”(9).

لهذا، واعتباراً من مطلع تسعينيات القرن العشرين، عدّلت الصين استراتيجيتها في السياسة الخارجية من الانفتاح الكامل على الغرب، إلى الانفتاح البرغماتي عليه، مقابل الاتجاه لزيادة الانفتاح على دول شرق آسيا المتطورة اقتصادياً، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا، وحتى تايوان، وكذلك بعض الدول الأوروبية التي تتوفر على التكنولوجيا المتطورة، وبخاصة ألمانيا وفرنسا.

ومع تفكك الاتحاد السوفييتي في العام 1991، تراجعت الضغوط السياسية والأمنية التي كانت تواجهها الصين بفعل علاقتها المتوترة معه، واختفى ما كانت تعتبره تهديداً استراتيجياً لها. فضلاً عن ذلك، كان انهيار الاتحاد السوفييتي بسبب الانغلاق الاقتصادي والتركيز على سباق التسلح، عالي التكلفة، مع الغرب، دليلاً في صالح القيادة الصينية على صواب خطواتها الانفتاحية. وفي مثل تلك الظروف التي بقيت الولايات المتحدة فيها قطباً عالمياً وحيداً، كان ضرورياً أن تواصل الصين سياسة السلام في الخارج، بخاصة لتحييد آثار نفوذ أميركا في محيط الصين الجغرافي، وتحالفاتها الاستراتيجية مع تايوان واليابان.

كان نجاح الانفتاح الصيني على الدول الآسيوية، مرهوناً بحل خلافاتها المزمنة معها، وبخاصة الحدودية منها. في مطلع التسعينيات، عملت الصين على إنشاء “خماسي شنغهاي” بغرض حل المشكلات الحدودية مع جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وهو ما تطور منذ العام 2001 إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”. كذلك قامت الصين بمساعي شبيهة مع دول أخرى في محيطها، وهكذا تم توقيع اتفاقيات تعاون مع روسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام ومنغوليا(10). كما سعت الصين منذ العام 1991 للتقارب -على مراحل- مع منظمة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، التي تضم كلاً من: ماليزيا، إندونيسيا، سنغافورة، الفلبين، بروناي، تايلاند، بورما، فيتنام، لاوس، وكمبوديا (وقد كان من الأهداف الضمنية للمنظمة عند تأسيسها في العام 1967 مواجهة النفوذ الصيني في شرق آسيا)، فأدى ذلك التقارب إلى تطوير علاقات الصين الاقتصادية والسياسية معها، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الآسيان العشر في العام 2007، نحو 202.5 مليار دولار(11). كذلك فعلت الصين مع دول آسيوية أخرى كانت سابقاً على عداء تاريخي معها، وبخاصة اليابان وكوريا الجنوبية (وهما تقاربتا مع “الآسيان” أيضاً، فظهرت صيغة الآسيان+3)، إذ بلغ معدل نمو التجارة بين الصين وكوريا الجنوبية، خلال تسعينيات القرن العشرين، ما نسبته 20 بالمئة سنوياً(12)، وبلغ حجم تبادلهما التجاري في العام 2007 نحو 159.9 مليار دولار، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين واليابان، برغم استمرار خلافاتهما الإقليمية، نحو 236 مليار دولار في العام نفسه، وهو ما جعل الصين الشريك التجاري الأول لكل من كوريا الجنوبية واليابان(13).

أما الانفتاح على دول أوروبا الغربية الساعية للتمايز في مواقفها الدولية عن الولايات المتحدة، فقد أثمر زيادة في العلاقات الاقتصادية، أفادت منه الصين في جانبي جذب الاستثمارات والتكنولوجيا، والتجارة الخارجية، فارتفعت قيمة الاستثمارات الألمانية في الصين من 24.1 مليون دولار في العام 1985 إلى 1041.5 مليون دولار في العام 2000، وارتفعت قيمة الاستثمارات الفرنسية في الصين من 32.5 مليون دولار إلى 853.2 مليوناً خلال الفترة نفسها(14)، واستقدمت هاتان الدولتان، بالذات، التكنولوجيا المتطورة إلى الصين، فافتتحت، على سبيل المثال، شركة فولكس فاجن الألمانية لصناعة السيارات مصنعين كبيرين في شانغهاي وشانغون، ينتجان أكثر من عشرة موديلات من السيارات التي تحمل علامتها(15)، فيما أقامت شركة سيمنز الألمانية أكثر من خمسين مشروعاً في مجالات إنتاج أنظمة الهواتف والاتصالات اللاسلكية والهواتف المحمولة وتجهيزات محطات الطاقة، كذلك فعلت الشركات الألمانية العاملة في مجالات الصناعات الكيماوية والدوائية، مثل “باسف” و”باير” و”هنكل” و”هوكست”(16). كما تطوّرت علاقات الصين مع الاتحاد الأوروبي ككل، في ثنائية التبادل التجاري وجذب الاستثمار، فكانت استثماراته الثالثة من حيث الحجم بين مجمل الاستثمارات الأجنبية في الصين (باستثناء القادمة من هونغ كونغ)، خلال الفترة من بداية عهد الإصلاح حتى نهاية القرن العشرين(17).

التعاون الصيني الأميركي لم يتوقف، وظلت الولايات المتحدة تستشعر أهمية الصين بالنسبة لها، حتى مع انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، برغم استمرارها في استعمال لغة الانتقاد تجاه الصين حول مسألة “حقوق الإنسان”. ونتيجة استمرار العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، باتت الولايات المتحدة الشريك التجاري الأول بالنسبة للصين(18)، فبلغ، على سبيل المثال، حجم التبادل التجاري بين الطرفين في العام 2003 ما قيمته 191.674 مليار دولار، وهو ما مثّل 22.5 بالمئة من إجمالي تجارة الصين الخارجية في تلك السنة، وما نسبته 9.45 بالمئة من تجارة الولايات المتحدة الخارجية(19)، كما ارتفعت قيمة صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بين عامي 1974 و2003، من 123 مليون دولار إلى 163.255 مليار دولار(20)، فيما ارتفعت وارداتها منها من 807 مليون دولار إلى 28.419 مليار دولار خلال الفترة نفسها(21)، وواصل إجمالي حجم التبادل التجاري بين الطرفين ارتفاعه ليصل في العام 2005 نحو 211.6 مليار دولار، ثم ليزيد في العام 2007 عن 300 مليار دولار(22)، في دلالة على تطور العلاقات التجارية بينهما.

ثمة عدة مؤشرات يمكن تفحّصها في سياق تبيّن نتائج سياسة الصين الخارجية، بغرض التأكد من أن توافق العرب مع تلك السياسة، ستكون بمثابة “المفتاح” لأية علاقات وثيقة ممكنة مع الصين. ونظراً لمحدودية المجال، سنكتفي هنا بمراجعة مؤشرين رئيسيين فقط، هما الاستثمار الأجنبي والنمو الاقتصادي، غير أن هناك مؤشرات أخرى يمكن مراجعتها تتعلق بالتشغيل وتغير هيكل الاقتصاد ونقل التكنولوجيا، وجميعها تنتهي إلى النتيجة نفسها:

  • تدفق الاستثمار الأجنبي: تركّز تدفق الاستثمار الأجنبي في البداية، في الأقاليم الساحلية (وبخاصة مقاطعات: فوجيان، غوانغ دونغ، تيانجين، جيانشو، لياولينغ، شانغ دونغ، تشجيانغ، بكين، خبي، وشنغهاي)، والمناطق الاقتصادية الخاصة التي أقيمت في جنوب وشرق الصين، ثم امتدت لاحقاً إلى المناطق الشمالية والوسطى. كما تركّز الاستثمار في الصناعات كثيفة العمالة، مثل: الملابس والنسيج، الأحذية، السلع الكهربائية والأجهزة الإلكترونية، معالجة الأغذية، وكذلك في صناعات موجهة للسوق المحلي الصيني، مثل السيارات والطاقة والسياحة والنقل والاتصالات(23). ومع العام 2005، كانت 450 شركة من بين أكبر الشركات في العالم، تستثمر أموالها في الصين(24). وقد بلغ إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية التي دخلت الصين خلال ثلاثين سنة من عهد الانفتاح، نحو 700 مليار دولار، فيما ضخت تلك الاستثمارات ما يساوي 250 مليار دولار إلى خارج الصين، كأرباح صافية(25). ويوضح الجدول التالي أن حجم التدفق الاستثماري الأجنبي على الصين ظل يتزايد من سنة إلى أخرى:

 

السنة الاستثمار الأجنبي المباشر
1991 4.4
1992 11.2
1993 27.5
1994 33.8
1995 35.8
1996 40.8
1997 45.3
2002 50
2003 53
2004 60.6
2005 60.3
2006 69
2007 78.8
2008 92.4
2009 95
2010 105.7
2011 115
2012 111.7

الجدول رقم (1): تطورات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر على الصين(26)

(الأرقام بمليارات الدولارات الأميركية)

 

  • النمو الاقتصادي: كان الناتج المحلي الإجمالي للصين في العام 1978، الذي بدأت فيه عملية الإصلاح، يساوي 362.41 مليار يوان صيني(27)، ثم نما بمعدلات كبيرة وصلت 11.4 بالمئة سنوياً بين عامي 1982 و1988، في وقت كان فيه معدل نمو الاقتصاد في العالم نحو 3 بالمئة، هذا بينما كان معدّل النمو السنوي في الاقتصاد الصيني قبل تطبيق سياسة الإصلاح، يبلغ نحو 6.1 بالمئة(28). وخلال عشرين سنة، تضاعف الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنحو عشرين ضعفاً، فبلغ في العام 1997 نحو 7477.24 مليار يوان(29)، فيما تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بعد عشر سنوات، أي في العام 2007، إلى نحو 24660 مليار يوان(30)، وهو ما جعل نمو الاقتصاد الصيني يساوي ما نسبته 35 بالمئة من إجمالي نمو الاقتصاد العالمي(31)، وجعل الاقتصاد الصيني في ذلك العام ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد الاقتصاد الأميركي(32). لكن الارتفاع المتسارع في نسب النمو جعل القيادات الصينية تخشى من انعكاساته السلبية على “جودة التنمية”، فسعت لضبطه في الحدود المقبولة التي يمكن لاقتصاد بلادها استيعابها، وهي التي لا تزيد فيها نسبة النمو عن 10 بالمئة، بحيث لا تتأثر الحياة المعيشية للصينيين سلبياً(33). ولا يمكن القول إن القيادات الصينية نجحت في ذلك دائماً، فقد ظل نمو الاقتصاد الصيني يفوق المتوقع، كذلك فإن ثمة آراء لخبراء اقتصاديين تعتبر أن الأرقام التي تعلنها الحكومة الصينية بشأن النمو، محافظة إلى حد كبير(34)، وتقل عن الأرقام الحقيقية بنسب تتراوح بين 10 و20 بالمئة(35)، وربما كان الدافع من وراء ذلك هو خشية الصين أن تثير أرقام النمو العالية مخاوف الدول الكبرى من طموحاتها المستقبلية. ولم ينعكس نمو الاقتصاد الصيني إيجابياً بشكل ملموس على معدّل دخل الجزء الأكبر من الصينيين، وبخاصة في المناطق الريفية، ويرجع ذلك لعدد السكان الكبير (1.3 مليار نسمة)، فكانت الصين في العام 2007 في المرتبة 89 عالمياً من حيث متوسط دخل الفرد(36)، وقد بلغ معدّل دخل الفرد الصيني في العام 2004 نحو 1400 دولاراً(37)، فيما بلغ معدّل دخل الفرد من المزارعين الصينيين في العام 2003 نحو 350 دولاراً(38). ويوضح الجدول التالي معدلات النمو في الاقتصاد الصيني منذ أواخر الثمانينيات، بحسب الأرقام التي تعلنها الأجهزة الحكومية الصينية:

 

السنة معدل النمو%
1988 9.9
1989 4.3
1990 9.3
1991 10.5
1992 13.2
1993 13.4
1994 14
1995 14.5
1996 15.5
1997 8.8
1998 7.8
2002 7.9
2003 9.1
2006 11.6
2007 11.9
2008 9.0
2009 8.7
2010 10.3
2011 9.2
2012 7.8

الجدول رقم (2): نسب نمو الاقتصاد الصيني(39)

 

 Samer KHraino3

ثانياً: شروط اقتراب العرب من الصين

بناء علاقة وثيقة مع الصين، مشروط إذن بالاستناد على البعد الاقتصادي، فضلاً عن أن الحَكَم في علاقات الصين مع العالم الخارجي، يقوم بالدرجة الأولى على المصالح، لا على العقائد والمبادئ.

ويتضح من “الكتاب الأبيض” الذي أصدره مجلس الدولة الصيني في العام 2005، بعنوان “طريق التنمية السلمية في الصين”، إدراك الصين أن حصولها على تلك المصالح، منوط بالشراكة مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، لا بالصراع معها. هنا تبرز الأسئلة حول مستقبل العلاقة الصينية الأميركية، باعتبار الولايات المتحدة هي القوة المسيطرة في العالم، وباعتبار الصين هي القوة الاقتصادية الكبرى القادمة، المنتظرة بعد العام 2020، وهو العام الذي يُتوقع أن يصير الاقتصاد الصيني فيه الأكبر عالمياً، وهو كذلك الذي ستُنجز فيه الخطوات الأساسية في مهمة بناء “المجتمع المتناغم”، ما يعني أنه العام الذي ستُتم فيه الصين جزءاً كبيراً من خططها النهضوية.

ليس ممكناً التغاضي عن المصالح الاقتصادية المشتركة الواسعة بين الصين وأميركا، التي تجعل الطرفين شريكين بالمعنى الحقيقي للكلمة، فالولايات المتحدة بالنسبة للصين سوق أساسي لتجارتها الخارجية، ومصدر مهم للاستثمار، وقد يقع اقتصاد الصين في أزمة لو تداعت صادراتها لأميركا أو توقف الاستثمار، وعلى الجانب الآخر فإن الصين بالنسبة للولايات المتحدة مكان استراتيجي للاستثمار، لأن منتجات استثماراتها في الصين منخفضة التكاليف نسبياً، وبالتالي فهي قادرة على المنافسة عالمياً، كذلك فإن السلع المستوردة من الصين يصعب إنتاجها في الولايات المتحدة لحاجتها إلى أعداد كبيرة من الأيدي العاملة(40)، ما يعني أن جزءاً كبيراً من تلك المستوردات لا تؤثر بشكل سلبي فعلي على الاقتصاد الأميركي، يُضاف إلى ذلك وجود صناعات نوعية تحتاجها أميركا من السوق الصينية، وبخاصة في مجال الكمبيوتر(41).

في الوقت نفسه، لا يمكن التغاضي عن حالة التنافس على النفوذ في شرقي آسيا، القائمة بين الطرفين في مطلع القرن الحادي والعشرين، بخاصة مع وجود إمكانية لتطورها باتجاه توسع مجالات المنافسة السياسة، وربما العسكرية، خلال المراحل التالية، مع تعاظم قوة الصين ونفوذها.

جدلية “الشراكة والتنافس” هذه بين الصين والولايات المتحدة، تجعل إمكانية “الصراع” بينهما محدودة، على الطريقة التي سادت خلال الحرب الباردة مثلاً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، أو على طريقة الحروب الحقيقية الكبرى التي عرفها العالم قبل ذلك. لكن ذلك لا ينفي أن تزايد إمكانيات الصين خلال السنوات التالية، سيجعل حصولها في المستقبل على مكانة دولية مرموقة، تكافئ مكانة الولايات المتحدة على سبيل المثال، أمراً محسوماً، سواء من خلال شراكتها مع أميركا، وإفساح هذه الأخيرة مكاناً دولياً أكبر لها، بما يلبي التطلع الصيني لبناء نظام دولي قائم على التعددية القطبية بدل الأحادية، أو من دون شراكة مع أميركا، سواء احتاج الأمر حرباً باردة أو ساخنة، أو على الأقل تنافساً عالمياً محموماً بينهما.

وهذا يعني أن ثمة مدخلين اثنين لاقتراب العرب من الصين:

الأول: تقديم ما يدعم حاجاتها في التنمية الاقتصادية. ويبرز النفط هنا، على سبيل المثال لا الحصر، كعامل خارجي أساسي في دعم نمو الصين، بسبب حاجاتها المتزايدة له، وعدم كفاية الإنتاج المحلي المتناقص منه. فقد تواصل ارتفاع حجم استهلاك الصين من النفط، كأحد استحقاقات عملية التنمية، حتى باتت منذ العام 2004، الدولة الثانية في العالم، بعد الولايات المتحدة وقبل اليابان، من حيث حاجاتها النفطية(42). فمن بين 3 مليارات طن من النفط أُنتجت في العالم في ذلك العام، استهلكت الولايات المتحدة نحو مليار طن، فيما استهلكت الصين نحو 300 مليون طن (بمعدل 0.83 مليون طن يومياً)، واستهلكت اليابان أقل من ذلك بقليل(43). وبعد أن كانت الصين تستورد نحو ثلث حاجاتها النفطية من الخارج، ارتفعت كمية استهلاكها خلال السنوات التالية، فباتت في حزيران/ يونيو من العام 2008 تساوي 8 ملايين برميل يومياً (نحو 1.1 مليون طن يومياً)(44)، بمعدل ارتفاع سنوي قدره 7.5 بالمئة، يتوقع أن يرتفع بعد العام 2008 ليبلغ 12 بالمئة سنوياً(45)، مقابل معدّل ارتفاع سنوي قدره 2 بالمئة في الإنتاج المحلي من النفط(46)، الآخذ بالتناقص تدريجياً، ما يؤشر على حاجات الصين المتزايدة للنفط المستورد، كي تحافظ على نمو اقتصادها. هذا الحال دفع الصين لإقامة علاقات وثيقة مع الدول النفطية النامية، فرغم أن شركات النفط الصينية تعمل للحصول على المزيد من الإنتاج الداخلي باستخدام تكنولوجيا متقدمة، إلا أن السياسة الصينية ظلت تحسب حساب المستقبل، لذلك عملت على الاستثمار في القطاع النفطي في دول أخرى، بخاصة في دول أفريقيا، وشراء حصص من الشركات النفطية الأجنبية(47).

وإلى جانب النفط، تبرز حاجة الصين لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إليها، بما يعزز استمرار نمو اقتصادها، وحصولها على التكنولوجيا التي تحتاجها. غير أن الصين، وبعد أن أنجزت خطوات مهمة في نموها وتنميتها، راحت تقيد نوعية الاستثمارات التي تحصل عليها، وهو ما أسمته “الانتقال من التركيز على الكمّ إلى التركيز على النوع”(48)، فأصدر مجلس الدولة الصيني، على سبيل المثال، في أواخر العام 2007، دليلاً لماهية الاستثمارات المرحّب بها في الصين، وتلك الممنوعة أو غير المرغوب بها، قرر فيه منع الاستثمار الأجنبي في الصناعات “الاستراتيجية والحساسة” التي تتعلق بالأمن الاقتصادي، من دون أن يسميها، مقابل فتح المجال أمامه في صناعات التكنولوجيا الفائقة والمعدات، كذلك عدم تشجيع الاستثمار الأجنبي في مجالات الصناعات التقليدية وتلك التي تملك الصين بالفعل فيها “تكنولوجيات ناضجة وذات قدرة إنتاجية قوية نسبياً”، والحد من توسيع الصناعات الموجهة للتصدير، بهدف تخفيض الفائض التجاري المتضخم، بعد أن أثار نزعة حمائية بين الشركاء التجاريين الرئيسيين للصين، إضافة إلى منع الاستثمار الأجنبي من استغلال الموارد الطبيعية الهامة وغير المتجددة، ومن إقامة المشروعات المستهلكة للطاقة وعالية التلوث. وبرغم هذه القيود، فقد واصل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر على الصين، تسارعه، فارتفع خلال الشهور السبعة الأولى من العام 2008 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2007، بما نسبته 44.5 بالمئة(49).

الثاني: الاستجابة لحاجات الصين في توسيع نفوذها السياسي في مختلف مناطق العالم، وبخاصة لدى الدول النامية. وتبرز هنا فرصة المناطق التي تنظر إليها الصين باعتبارها “صديقة تاريخياً”، مثل المنطقة العربية، لإقامة علاقات وثيقة معها قائمة على التفاهم والسلم وتبادل الدعم، مع الأخذ بعين الاعتبار القيمة الدولية لكل طرف. فقد تحوّلت الصين منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، من ممارسة سياسة خارجية دفاعية(50)، إلى السعي لتحقيق نفوذ سياسي في مناطق مختلفة من العالم، وفق ما تحتاجه في كل منها. وبالطبع، كانت أولى تلك المناطق هي جنوب شرقي آسيا، كونها تمثل محيط الصين، حيث من مصلحة الصينيين تحقيق السلام والهدوء فيها بما يخدم ازدهار الاقتصاد الصيني، والاستفادة منها كسوق إضافي لتصدير البضائع الصينية. فضلاً عن ذلك فإن توثيق الصين علاقاتها بدول جوارها، مثل تايلند والفلبين وكمبوديا ولاوس، له أهدافه السياسية المتعلقة بالحد من النفوذ الياباني، وكسب تلك الدول إلى صف الصين في مسألة تايوان، فضلاً عن إغلاق هذا المحيط الاستراتيجي في وجه النفوذ الأميركي. وإلى جانب هذا “المحيط”، عملت الصين على توسيع نفوذها في مناطق أخرى، ويُلاحظ في هذا السياق أن الصين تلجأ لتوثيق علاقاتها بالدول التي تتميز بتوتر علاقتها مع الولايات المتحدة، من تلك التي يكون للصين مصلحة مباشرة معها، ومثال ذلك فنزويلا (في عهد الرئيس تشافيز)(51)، والسودان، وهي دول مصدّرة للنفط أو تتوفر على مخزون نفطي كبير. ولا يعني هذا بالضرورة وجود توجه صيني لمناكفة الولايات المتحدة، بل على العكس فهي تعمل لعدم تأسيس حالة من التنافر في المصالح مع أميركا، بخاصة في المناطق البعيدة عن محيطها الجغرافي، وعلى هذا يكون التقارب من تلك الدول بمثابة التعويض عن علاقات متينة مع الدول ذات العلاقة الوثيقة بأميركا، أو بمثابة الاقتراب مما هو غير متاح للأميركيين. ما يؤكد هذا، أن مساعي الصين لإقامة شبكة من العلاقات توفر لها نفوذاً في العالم، تبتعد -بالنسبة للدول الواقعة خارج محيط الصين- عن الجوانب العسكرية والأمنية، برغم الإمكانيات العسكرية الصينية الضخمة، إلا فيما تسميه الصين “الدبلوماسية العسكرية”، ومنها التدريب في المعاهد العسكرية(52). أما الدول الواقعة في المحيط الصيني، فهناك تعاون عسكري وثيق معها، وبخاصة روسيا التي ظلت الصين أكبر مشترٍ لسلاحها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وكذلك الدول الأخرى الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، إلا أن وجهة هذا التعاون ظلت إقليمية لا دولية. ومع أن هذه المنظمة يُمكن أن يُنظر لها كجزء من طموحات الصين على صعيد توسيع نفوذها في محيطها وفي العالم، بخاصة أنها تضم قوى معارضة للولايات المتحدة، ولو بصفة مراقب مبدئياً، مثل إيران، إلا أن الصين تُصرّ على أنها تتبع استراتيجية “التنمية السلمية”، المفصّلة في الكتاب الأبيض الصادر عن مجلس الدولة الصيني في نهاية العام 2005، وتواصل اعتماد نهج “المبادئ الخمسة”(53)، المعلنة أساساً لسياسة الصين الخارجية منذ مرحلة مبكرة من تاريخ جمهورية الصين الشعبية.

وعلى هذا، يمكن القول إن المساعي الصينية في تطوير علاقاتها الدولية، تأخذ ثلاثة مسارات رئيسية:

  • اقتصادية: مثل تقديم الدعم المالي للدول الأخرى، على شكل منح أو قروض، أو على شكل إقامة مشاريع استثمارية فيها، ومن المؤشرات على ذلك أن حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج تزايد من 2.5 مليار دولار خلال العام 2002 إلى 18.76 مليار دولار خلال العام 2007، معظمها في قطاعات المال والتعدين والنفط(54). ومثل توقيع اتفاقيات تجارة حرّة معها، ثنائياً أو إقليمياً.
  • سياسية: مثل توقيع اتفاقيات تعاون ثنائية، أو الانضمام لهيئات تعاون إقليمية أو دولية، أو بناء علاقات دبلوماسية نشطة.
  • ثقافية: وهي الأكثر نشاطاً، وتتمثل في تقديم منح دراسية داخل الصين، وإقامة معاهد وكليات لتعليم اللغة الصينية في العالم، وإقامة معارض فنية في مختلف الدول، فضلاً عن نشر أخبار الصين وشرح رؤيتها بلغات مختلفة من خلال وسائلها الإعلامية، ومنها اللغة العربية، عبر إذاعة الصين الدولية، والقسم العربي لوكالة أنباء الصين الجديدة، ومجلة “الصين اليوم”، ووسائل أخرى. ومن دلائل النشاط الصيني في الجانب الثقافي، أن عدد الطلبة الأجانب الذين يدرسون في الجامعات الصينية ارتفع من نحو 8 آلاف طالب في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، إلى نحو 120 ألف طالب في العام 2008(55).

وهكذا، فإن تطلعات الصين الخارجية تفيض عن الحاجات الاقتصادية، فثمة حاجة صينية لطبع صورة إيجابية عنها وعن شعبها في أذهان الشعوب الأخرى، وبخاصة شعوب الدول التي تطمح لتوثيق صلاتها بها، بما يوفّر مناخاً داعماً أو حاضناً لطموحات الصين في تحقيق مصالحها السياسية المباشرة، وعلى رأس ذلك توحيد أراضيها، ومن ثم التحوّل إلى قطب عالمي، له مكانته، ويحمي مصالحه، ويؤثر في العالم.

Samer KHraino4

ثالثاً: العرب ومقومات الاقتراب من الصين

يتضح أن حاجات الصين لدى العرب تتمثل بشكل أساسي، في ثلاث: النفط، الاستثمار، والدعم السياسي في المحافل الدولية. ورغم وجود حاجة تتعلق بالتجارة الخارجية أيضاً، أي تصدير البضائع الصينية إلى الأسواق العربية، فإنها ليست مما يتمايز به العالم العربي عن غيره من مناطق العالم، ولا مما تتعامل به الصين مع العرب بطريقة مختلفة عما تتعامل به مع المناطق الأخرى، وفي الواقع فإن ثمة أسواقاً في العالم أكثر أهمية استراتيجياً بالنسبة للتجارة الخارجية الصينية، ترتفع فيها القوة الشرائية للناس بفعل عددهم وارتفاع دخولهم ومستوى معيشتهم، أهمها سوق الولايات المتحدة(56). وسيظهر ما يدل على هذا، حين استعراض أرقام التبادل التجاري بين العالم العربي والصين.

1-النفط: تمتلك الدول العربية نحو 57 بالمئة من الاحتياطي العالمي(57) من النفط العادي المستخرج من الآبار النفطية، وتتركز كميات النفط الاحتياطية في كل من السعودية، وهي صاحبة أكبر مخزون نفطي في العالم، ثم العراق وهي الثالثة في العالم، من دون احتساب النفط الرملي، فالكويت والإمارات اللتين تملكان رابع وخامس أكبر مخزون من النفط العادي في العالم، فيما تملك إيران ثاني أكبر احتياطي. وفي حال احتساب النفط الرملي، وهو مزيج طبيعي من الرمال أو الطين والمياه ونوع كثيف ولزج من النفط يسمى “بتومين“، كان استخراجه مكلفاً وصعباً فلم يكن يُحتسب من احتياطيات النفط، ثم تم في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين اكتشاف تقنيات جديدة لاستخراجه وتكريره، ما جعله مربح تجارياً(58)، فإن السعودية تبقى صاحبة الاحتياطي الأكبر في العالم، فيما تصعد كندا للمرتبة الثانية كونها تتوفر على نحو 179 مليار برميل من النفط(59)، أكثر من 95 بالمئة منها من النفط الرملي، كذلك تتحسن مكانة فنزويلا التي تحل سادسة من حيث النفط العادي(60). وفي العام 2006، كان العالم العربي يُنتج نحو 30 بالمئة من إجمالي كمية الإنتاج العالمي من النفط، بمعدّل نحو 22 ألف برميل يومياً، 42 بالمئة منها من السعودية، وما بين 11-12 بالمئة من كل من الإمارات والكويت(61). وفضلاً عن النفط، فإن العالم العربي يملك ما نسبته نحو 29 بالمئة من احتياطي العالم من الغاز الطبيعي. ويشرح الجدول التالي الاحتياطيات العربية من البترول ونسبته من الإجمالي العالمي، وكذلك الاحتياطيات لدى دول رئيسية أخرى، ولدى الصين.

الدولة 2002 2004 2006 2008 2010
السعودية 262.79 264.31 264.25 264.06 264.59
العراق 115 115 115 115 115
الكويت 96.5 101.5 101.5 101.5 101.5
الإمارات 97.8 97.8 97.8 97.8 97.8
ليبيا 36 39.13 41.46 44.27 46.42
قطر 15.21 15.21 26.19 25.41 25.38
الجزائر 11.31 11.35 12.2 12.2 12.2
عُمان 5.7 4.8 5.4 5.5 5.5
السودان 0.81 0.81 5 5 5
مصر 3.7 3.7 3.72 4.19 4.47
اليمن 4 4 3 3 3
سورية 3.15 3.15 3 2.25 2.25
تونس 0.31 0.31 0.4 0.43 0.43
البحرين 0.13 0.13 0.13 0.13 0.13
الإجمالي العربي 652.41 661.2 679.34 680.73 683.66
إيران 130.69 132.46 136.27 137.62 137.01
فنزويلا 77.31 79.73 80.01 99.4 99.4
روسيا 60 60 60 60 60
نيجيريا 34.35 35.88 37.2 37.2 37.2
الولايات المتحدة 22.68 21.89 21.76 21.32 19.12
الصين 18.25 18.25 16.3 16.3 20.35
المكسيك 17.2 14.8 12.35 10.5 10.4
البرازيل 8.33 10.6 11.77 12.62 12.86
النرويج 10.4 9.64 7.85 6.68 5.67
أنغولا 5.41 5.41 9.33 9.5 9.5
الإجمالي العالمي 1124.24 1145.14 1151.56 1169.08 1188.73
نسبة الاحتياطي العربي 58% 57.7% 59% 58.2% 57.5%

الجدول رقم (3): الاحتياطيات العربية والعالمية من النفط العادي بأرقام الأعوام (2002-2010)(62)

(الأرقام بمليارات البراميل من النفط عند نهاية السنة، والإجمالي العالمي يشمل دولاً غير مذكورة)

 

على أن ما لا يقل أهمية عن امتلاك الاحتياطيات النفطية، هو امتلاك القدرة على استخراجها. وقد ظلت الدول العربية تعتمد على الشركات الأجنبية التي تمتلك التكنولوجيا اللازمة للتنقيب والاستخراج، للقيام بهذه المهام، مدّة طويلة، وحتى مع البدء بتأسيس شركات تنقيب وتطوير حقول واستخراج وتسويق عربية خالصة، منذ سبعينيات القرن العشرين، فإن تطوير تكنولوجيا التنقيب والاستخراج ظلت تجري في الغرب واليابان، ثم في الصين، لا في العالم العربي، كذلك فإن الشركات العربية المتخصصة، قامت على أساس شراء أصول من شركات أجنبية عاملة فعلاً، أو ابتياع تكنولوجيا أجنبية. ومع ارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق في العام 2008 (فاق سعر البرميل مئة دولار، وبلغ في بعض الأوقات حدود 150 دولار) تأسس عدد من شركات النفط العربية الخاصة، برأس مال عربي وكوادر عربية إجمالاً، مستفيدة من السيولة المالية التي توافرت، فقامت 18 شركة منها في الإمارات، و10 في الكويت، و8 في البحرين، و6 في السعودية، وواحدة في قطر(63)، وقد تخصّص معظمها في استكشاف حقول النفط وتطويرها، ولكن أيضاً بالاعتماد على تكنولوجيا يتم شراؤها من شركات أجنبية مناظرة.

2-الاستثمار: فضلاً عن الإمكانيات المالية الضخمة التي تتوفر عليها عدد من حكومات الدول العربية، خصوصاً بفعل مردودات بيع النفط، ما يتيح لها إقامة استثمارات كبيرة سواء داخل العالم العربي أو خارجه، فإن ثمة أيضاً أثرياء عرب أصحاب رؤوس أموال، يعملون على استثمارها في الخارج، فيما يُعرف بـ”الأموال العربية المهاجرة”. وبرغم عدم وجود إحصائيات دقيقة لحجم تلك الأموال، إلا أنها كانت تُقدّر في العام 2002 بنحو (1-3) تريليون دولار أميركي، وباتت في العام 2007 تقدّر بنحو (1.5-4) تريليون دولار(64). كذلك يُقدّر عدد هؤلاء المستثمرين العرب بنحو 200 ألف شخص، نحو 37 بالمئة منهم من السعودية، و28 بالمئة من الإمارات، و17 بالمئة من الكويت(65). وتتركز 70 بالمئة من هذه الاستثمارات في الولايات المتحدة الأميركية، وتحوز الدول الأوروبية على معظم النسبة الباقية، فيما أن لدول جنوب شرقي آسيا، حصة محدودة(66). غير أن الاستثمارات العربية الخارجية ليست حتى الآن من تلك التي تريدها الصين، أي العاملة في مجال صناعات التكنولوجيا الفائقة والمعدات، إذ تأخذ أكثر الاستثمارات العربية شكل الإيداعات والتوظيفات المصرفية، والاستثمار في العقارات وأسواق الأسهم والسندات(67)، وهذا طبيعي لأن العالم العربي مستورد للتكنولوجيا، لا مصدّر لها. رغم ذلك، فإن وجود هذه الأموال الضخمة لدى كل من الحكومات والقطاع الخاص، يعني أن العالم العربي يتوفر على الأصل المطلوب للاستثمار، أما نوعيته فيمكن التحكم به عن طريق الشراكة مثلاً مع الشركات التي تملك التكنولوجيا في الصين، في حال فُتحت آفاق كهذه، هذا على افتراض انعدام إمكانية استثمار الأموال العربية في الصين في المجالات المالية.

ويشرح الجدول التالي العوائد المالية في عدد من الدول العربية التي تعتمد على تصدير النفط، وما حققته من وفورات، في العام 2006 (على سبيل المثال)، بحسب أرقام صندوق النقد العربي الأولية، علماً بأن نحو 73.5 بالمئة من إجمالي الإيرادات العامة العربية في ذلك العام تحققت من النفط، وأن هذه النسبة تزيد عن 90 بالمئة في الدول المشار إليها(68).

الدولة قيمة صادرات النفط فائض الميزانية
السعودية 162.002 74.763
الكويت 55.658 23.514
الإمارات 52.437 19.732
ليبيا 34.968 19.415
الجزائر 25.769 15.039

 

 

 

 

 

 

 

 

الجدول رقم(4): وفورات حكومية عربية في العام 2006 على أساس تصدير النفط

(الأرقام بمليارات الدولارات)

 

3-الدعم السياسي: إذا كان العالم العربي ضعيف التأثير واقعياً في السياسة العالمية، بفعل حالته الحضارية المتأخرة في مختلف المجالات، فإن وزنه العددي في المجتمع الدولي، يمكن أن يمثل حالة إيجابية في دبلوماسية التكتلات داخل المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة. على أن ازدياد قيمة العرب سياسياً، بحيث يتمكنوا من إقامة علاقات وثيقة مع الصين على أساس توفير دعم سياسي لها، يظل رهناً بمدى تقارب العرب وتشكيلهم كتلة دبلوماسية واحدة، على الطريقة التي تُحقق بها “المجموعة العربية” نجاحات إيجابية في بعض الممارسات الدبلوماسية داخل المنظمات الدولية، كحالات الانتخاب مثلاً. لكن ما لا يجوز غضّ النظر عنه، أن العرب لم يتمكنوا بعد من صياغة سياسة خارجية موحّدة يتعاملون من خلالها بمنظور واحد مع العالم، ولو من خلال جامعة الدول العربية، إذ أن كل دولة عربية تمارس السياسة الخارجية بشكل منفصل عن الدول الأخرى. فضلاً عن ذلك، فإن الدور السياسي في العالم يرتبط إلى حد بعيد بالقوة العسكرية، وهذه يفتقدها العرب موضوعياً، بما في ذلك على صعيد التصنيع العسكري. وهذا كله، يُقلّص إمكانيات توفير دعم سياسي عربي لقوى أخرى، على أساس المقايضة، بما فيها الصين.

 

رابعاً: العلاقات العربية الصينية

برغم أن العلاقات العربية الصينية قابلة للتوسع إلى آفاق غير محدودة، إلا أنها بشكل عام اتجهت للتحسّن منذ مطلع القرن الحادي والعشرين لتصير أوسع مما كانت عليه سابقاً، ويمكن رصد عدد من مظاهر العلاقات المتطورة نسبياً، والقابلة للتطوير مستقبلاً، بين العالم العربي والصين:

1-في المجال الاقتصادي: هناك ثلاثة وجوه للعلاقات، هي التجارة، والاستثمار، والنفط.

على صعيد التبادل التجاري، بات العالم العربي مجتمعاً، الشريك التجاري السادس بالنسبة للصين، منذ العام 2004(69)، فيما مثّلت الصين الشريك الرابع للعالم العربي، بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان(70). وقد بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الطرفين في العام 2006، نحو 66 مليار دولار، منها نحو 34 ملياراً من الصادرات العربية إلى الصين، مقابل نحو 32 مليار دولار من الصادرات الصينية إلى العالم العربي، وبلغ في العام 2007 نحو 86 مليار دولار(71). وبالطبع فإن الحجم الأكبر من الصادرات العربية تمثّل في النفط، ولو تم استثناؤه لظهر الميزان التجاري بين الطرفين مختلاً، بفعل ما يستورده العالم العربي من الصين من مصنوعات ومنسوجات وآلات وسلع أخرى لا حصر لها، كذلك فإنه حين الأخذ بالاعتبار الحجم الكبير لتجارة الصين الخارجية، الذي تجاوز 1500 مليار دولار في العام 2006 مثلاً، ثم تجاوز 2000 مليار دولار في العام 2007(72)، فإن حجم التبادل التجاري العربي الصيني يبدو ضئيلاً، وقابلاً لإحداث زيادة كبيرة فيه، بخاصة أنه ظل ينمو باطّراد، فلم يكن في العام 2002 يتجاوز 18 مليار دولار(73)، إلا أن النمو المتسارع أيضاً لتجارة الصين الخارجية (مثلاً: كان حجمها الإجمالي في العام 2002 نحو 600 مليار دولار)(74)، جعلت نسبة تجارتها مع العالم العربي ثابتة تقريباً، وقد يؤشر هذا على أن ارتفاع حجم تجارة العالم العربي مع الصين، سببه المبادرات الصينية التي تشمل العالم كله، لا مبادرات عربية. أما أبرز شركاء الصين العرب، فهم دول الإمارات والسعودية وعُمان والسودان واليمن(75)، ويلاحظ أنها إما مصدّرة للنفط، أو يجري فيها استكشاف النفط من خلال شركات صينية. وإلى جانب البضائع والسلع، فإن ثمة شبكة معقّدة من العلاقات بين عرب وصينيين، تتصل بعملية التبادل التجاري والاستثمار، تقوم على اتصالات رجال الأعمال والمؤسسات الأهلية التجارية، سواء ما يختص بالعلاقة المنفردة بين كل دولة عربية والصين، أو ما يتم من خلال جامعة الدول العربية، ويتصل العالم العربي من خلاله بالصين كمجموعة واحدة.

أما على صعيد الاستثمار، فإن النشاط الاستثماري الصيني في العالم العربي تزايد منذ السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين، لكنه ظل حتى نهاية العام 2007 متواضعاً إجمالاً، إذ بلغ 5 مليارات دولار(76)، تتركز في الصناعات الخفيفة والتجارة والإنشاءات والتنقيب عن النفط، بينما كان إجمالي الاستثمارات الأجنبية في العالم العربي قد بلغ حتى نهاية العام السابق 2006، نحو 284 مليار دولار(77) (إلا أن نحو ربعها هو استثمارات عربية بينية). غير أن الاستثمارات العربية في الصين كانت أكثر تواضعاً، إذ بلغت حتى نهاية العام 2007 نحو 700 مليون دولار(78)، تتركز في الأعمال التجارية، من إجمالي ما يزيد عن 700 مليار دولار كانت تدفقت إلى الصين حتى نهاية العام نفسه. وبالنظر إلى الإمكانيات الاستثمارية الكبيرة للطرفين، وما يتوفران عليه من دخول مالية سنوية عالية، فإن باب “الاستثمار” ما يزال يمثّل فرصة متاحة لتوثيق العلاقة العربية بالصين، يعزز ذلك ما ينفّذانه فعلاً من استثمارات خارجية، إذ بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الخارج خلال النصف الأول من العام 2008 نحو 25.7 مليار دولار(79)، فارتفع إجمالي تلك الاستثمارات إلى نحو 118 مليار دولار(80)، فيما يستثمر العرب آلاف المليارات في الولايات المتحدة وأوروبا.

أما النفط، فإن اعتماد الصين على ما يتوافر منه لدى الدول العربية، يزداد بازدياد حاجتها للنفط المستورد، مع تآكل احتياطياتها من سنة إلى أخرى، فقد استوردت الصين نحو 40 بالمئة من إجمالي استهلاكها النفطي في العام 2003(81)، فيما راحت حاجاتها تزيد بمعدل 7.5 بالمئة سنوياً، مقابل زيادة إنتاجها بمعدل 2 بالمئة، حتى بلغ استهلاكها اليومي في العام 2008 نحو 8.5 مليون برميل يومياً(82)، يتم استيراد نصفه تقريباً من “الشرق الأوسط”(83)، مع توقعات بارتفاعه بعد ذلك العام بمعدل 12 بالمئة سنوياً، بسبب اعتماد الصين المتزايد على النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية، ليبلغ 12.8 مليون برميل يومياً، منها 9.4 مليون برميل مستورد، أي بنسبة نحو 73 بالمئة(84)، يكون بينها ما نسبته نحو 70 بالمئة من “الشرق الأوسط” في العام 2015(85). لذلك، اتجهت الصين لبناء علاقات سياسية وتجارية واستثمارية قوية مع الدول العربية المصدّرة للنفط، وبخاصة السعودية (باتت في العام 2008 المزود الأول للصين بالنفط بمعدل 800 ألف برميل يومياً)(86)، والإمارات (الصين هي شريكها التجاري الأول)(87)، وكذلك مع الدول العربية التي تجري فيها عمليات واسعة لاستكشاف النفط، وبخاصة السودان واليمن، إذ تقوم الصين بشراء حصص في الشركات الأجنبية العاملة في تلك الدول، وتسعى لإقامة استثمارات صينية في مجالات التنقيب والاستخراج، كما تقدم لتلك الدول منحاً وقروضاً من دون فوائد، وتنشئ فيها بنى تحتية كالموانئ والطرق(88). كذلك تقيم الصين مشاريع مشتركة لتكرير النفط، مع الدول التي يُتوقع ارتفاع إنتاجها النفطي، مثل الكويت(89). وقد استوردت الصين في النصف الأول من العام 2008 معظم حاجاتها النفطية من عشر دول، هي بحسب كمية الواردات: السعودية، أنغولا، إيران، عُمان، روسيا، السودان، فنزويلا، كازاخستان، ليبيا، الكونغو(90)، أي أن من بينها أربع دول عربية. وعلى هذا، وبفعل وجود اتجاهات للتعاون النفطي بين الدول العربية والصين، وامتلاك العالم العربي احتياطيات كبيرة يمكن استغلالها على مدى طويل، وكذلك تزايد حاجة الصين للنفط باستمرار، فإن إمكانيات تطوير العلاقات مع الصين في هذا الجانب تبدو كبيرة، من حيث المبدأ.

2-في المجالات السياسية والثقافية:

لم يتميز اقتراب العرب من جمهورية الصين الشعبية بالسهولة، فلم تبدأ العلاقات الدبلوماسية العربية الصينية إلا بعد مؤتمر باندونغ في العام 1955 (علاقات مع مصر وسورية واليمن)، بل إن إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية والصين، تأخر حتى العام 1990. ورغم أن التقارب السياسي بين العرب والصين صار نشطاً بعد ذلك، إلا أنه ظل محكوماً بدبلوماسية السعي وراء النفط والتجارة، التي تمارسها الصين، ولهذا فهو محدود في إطار سياسي أو تجاري نخبوي، قياساً إلى العلاقات العربية مع أوروبا والولايات المتحدة.

ضمن هذا الإطار يمكن تصنيف الزيارات الرسمية التي يتبادلها المسؤولون الصينيون مع نظرائهم في الدول العربية التي تقيم مع الصين علاقات اقتصادية وغير اقتصادية نشطة، وتضم قائمتها غالبية الدول العربية، بما فيها الدول الرئيسية الكبيرة والغنية، وكذلك الأمر بالنسبة لتوقيع اتفاقيات التعاون والشراكة بين الطرفين. وبالمنظور نفسه، يمكن النظر للعلاقات الصينية العربية التي تتم من خلال جامعة الدول العربية، بما في ذلك إدارة “منتدى التعاون العربي الصيني” الذي تأسس في العام 2004، لتعزيز فرص التقارب والتعاون بين الصين والعالم العربي، بخاصة لكون الطابع الغالب لهذه العلاقات ما يزال يتركز في الجانبين التجاري والاستثماري، الذين يتخصص فيهما رجال الأعمال. إلا أن وجود منتدى التعاون يوفر آفاقاً وفرصاً مستقبلية كبيرة للتقارب العربي الصيني على المستويين الحكومي والشعبي، وبشكل خاص لأنه يرعى أعمال جمعيات الصداقة العربية الصينية المتعددة (ينظم لها مؤتمراً دورياً كل سنتين انعقدت دورته الأولى في الخرطوم في العام 2006، والثانية في دمشق في العام 2008)(91)، ويتعرض من خلال تنظيم ندوات “الحوار بين الحضارتين العربية والصينية”، للقضايا الثقافية ذات الصلة بالسياسة الدولية، كموضوع الإرهاب، وتلك ذات الصلة بالتبادل المعرفي بين الطرفين، وإن كانت ما تزال في حدودها الدنيا، وتأخذ طابع المجاملات والعصف الفكري، من دون أهداف عملية(92).

وقد انعكس الطابع شديد النخبوية لهذه العلاقات الرسمية، على العلاقات الثقافية في المستوى الشعبي بين العرب والصين، فكانت إلى فترة طويلة محدودة ورمزية، إلا أنها أخذت بالتطور من بوابة التعليم، إذ توجهت أعداد متزايدة من الطلبة العرب للدراسة في الصين، فبلغ إجمالي العدد في العام 2004 نحو 300 طالب(93)، (وهو عدد محدود قياساً إلى آلاف العرب الدارسين في الولايات المتحدة)، كذلك تم افتتاح عدد من معاهد “كونفوشيوس” لتعليم اللغة الصينية، منها واحد في القاهرة، وآخر في تونس، وثالث في عمّان. أما في الصين فأقيمت أقسام وكليات لتدريس اللغة العربية، لكن ذلك لم يختص بالعربية وحدها، إذ اندرج في إطار جهود تعليم مختلف اللغات الأجنبية في الصين، ضمن مساعي الانفتاح على الخارج. ومن علامات محدودية العلاقة الثقافية بين العرب والصين، ورمزيتها، هو قلة عدد الكتب التي تُترجم بين اللغتين (مثلاً: حتى العام 2004 كان عدد الكتب العربية المترجمة إلى الصينية هو نحو 100 كتاب، فيما أن الترجمة من الصينية إلى العربية أقل من ذلك)(94)، وهذا ما يجعل هذه العلاقة الثقافية نخبوية هي الأخرى.

لكن، ورغم هذه العلاقات التي يأخذ معظمها طابعاً نخبوياً، فإنه يصح القول إن كل طرف ما يزال يمثل للآخر، على المستوى الشعبي على أقل تقدير، ما يشبه “العالم البعيد المجهول”، سواء في مرحلة ما قبل “ثورة الاتصال” التي كادت تجعل العالم قرية فعلاً، أو بعدها، وأهم عامل في هذا المجال هو اختلاف اللغة، وسيطرة الثقافات الغربية على العالم العربي مبكراً، بشكل لا يترك مجالاً متاحاً لدخول ثقافات أخرى. وقد أدى هذا التباعد الثقافي لأن يتعرّف العرب على أخبار الصين من خلال الإعلام الغربي، وأن يفعل الصينيون، ممن يهتمون بأخبار ما خارج الصين (أي ممن يغادرون واقع الانغلاق على القضايا المحلية، وهي الأكثر أهمية لدى الصينيين، كحالة شعوب الدول القارية الكبيرة) الشيء نفسه، وفي كلتي الحالتين، فإن وجود “وسيط ثالث”، يحول فعلياً دون التقارب الثقافي.

 

 

 

 

الهوامش

(1) محمد خير الوادي، تجارب الصين من التطرف إلى الاعتدال، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2008، ص 97.

(2) المرجع السابق، ص 97.

(3) محمد خير الوادي، مرجع سابق، ص 100.

(4) كونراد زايتس، الصين: عودة قوة عالمية، ترجمة سامي شمعون، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، الطبعة الأولى، 2003، ص 248.

(5) خديجة محمد عرفة، العلاقات الصينية الأميركية، في (هدى ميتكيس وخديجة عرفة محمد (محررتان)، الصعود الصيني، مركز الدراسات الآسيوية/ جامعة القاهرة، الطبعة الأولى، 2006)، ص 279.

(6) حسن أبو طالب، السياسة الخارجية الصينية في ظل النظام الدولي الجديد، في (هدى ميتكيس وخديجة عرفة محمد (محررتان)، الصعود الصيني، مركز الدراسات الآسيوية/ جامعة القاهرة، الطبعة الأولى، 2006)، ص 257.

(7) محمد خير الوادي، مرجع سابق، ص 104.

(8) المرجع السابق، ص 119.

(9) خديجة محمد عرفة، مرجع سابق، ص 279.

(10) محمد خير الوادي، مرجع سابق، ص 147. وقد أقامت الصين علاقات تجارية نشطة مع روسيا أيضاً، لكن حجمها كان أقل مقارنة بالتجارة مع الدول الآسيوية التي كانت على عداء مع الصين فيما مضى، إذ قدّر حجمها في العام 2008 مثلاً بنحو 50 مليار دولار، وكانت في العام 2007 لا تزيد عن ثلاثة أرباع ذلك المبلغ (arabic.people.com.cn، 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2008).

(11) www.aljazeera.net، 28 نيسان/ أبريل 2008.

(12) حسن أبو طالب، مرجع سابق، ص 247.

(13) www.arabic.xinhuanet.com، 6 أيار/ مايو و24 آب/ أغسطس 2008، و arabic.korea.net، 6 أيلول/ سبتمبر 2007.

(14) السيد صدقي عابدين، علاقات الصين مع الاتحاد الأوروبي، في (هدى ميتكيس وخديجة عرفة محمد (محررتان)، الصعود الصيني، مركز الدراسات الآسيوية/ جامعة القاهرة، الطبعة الأولى، 2006)، ص 327.

(15) محمد خير الوادي، مرجع سابق، ص 173.

(16) كونراد زايتس، مرجع سابق، ص ص 556-558.

(17) السيد صدقي عابدين، مرجع سابق، ص 326.

(18) خديجة محمد عرفة، مرجع سابق، ص 271.

(19) المرجع السابق، ص 271.

(20) المرجع السابق، ص ص 271-272.

(21) المرجع السابق، ص 272.

(22) arabic.people.com.cn، 16 شباط/ فبراير 2006، تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين غانغ. و arabic.cri.cn، 18 حزيران/ يونيو 2008.

(23) هناء عبد الغفار، الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الدولية: الصين إنموذجاً، بيت الحكمة، بغداد، الطبعة الأولى، 2002، ص 317.

(24) arabic.cnn.com، 9 كانون الأول/ ديسمبر 2005، تصريح لنائب وزير التجارة  الصيني، وي جيان غو، في اجتماع ضم ممثلي أكبر 500 شركة في العالم.

(25) محمد خير الوادي، مرجع سابق، ص 174.

(26) عن: هناء عبد الغفار، مرجع سابق، ص 316، بتصرّف، و arabic.china.org.cn، 21 نيسان/ أبريل 2004، و bbcarabic.com، 18 نيسان/ أبريل 2006.

(27) هناء عبد الغفار، مرجع سابق، ص 320.

(28) المرجع السابق، ص 320.

(29) المرجع السابق، ص 320.

(30) bbcarabic.com، 10 نيسان/ أبريل 2008.

(31) arabic.china.org.cn، 14 نيسان/ أبريل 2008.

(32) بحسب أرقام البنك الدولي (www.worldbank.org) عن العام 2007، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 7.055079 مليار دولار، وبلغ للولايات المتحدة 13.8112 مليار دولار، أي أنه كان في ذلك العام يساوي نصف الأميركي تقريباً. فيما توقّع “لين يي فو” رئيس مركز البحوث الاقتصادية بجامعة بكين وكبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي، أن يزيد حجم الاقتصاد الصيني عن الاقتصاد الأميركي بمقدار 2.5 ضعف، بحلول العام 2030 (arabic.people.com.cn، 4 أيار/ مايو 2008).

(33) bbcarabic.com، 16 نيسان/ أبريل 2006، تصريحات للرئيس هو جينتاو، قال فيها: “بصراحة، لا نرغب في اتباع نهج للنمو يتسم بالسرعة الهائلة، ولكن نسعى لأن نولي مزيداً من الاهتمام لكفاءة وجودة التنمية، ولتحويل نمط النمو، والحفاظ على الموارد، وحماية البيئة، والأهم من ذلك تحسين معايش الناس”.

(34) bbcarabic.com، 20 كانون الأول/ ديسمبر 2005.

(35) asharqalawsat.com، 20 تموز/ يوليو 2007.

(36) asharqalawsat.com، 20 تموز/ يوليو 2007.

(37) طريق التنمية السلمية في الصين، الكتاب الأبيض الذي أصدره مجلس الدولة الصيني في كانون الأول/ ديسمبر 2005، النص المنشور على arabic.china.org.cn.

(38) arabic.people.com.cn، 9 آذار/ مارس 2004.

(39) عن: هناء عبد الغفار، مرجع سابق، ص 319، و bbcarabic.co، تواريخ مختلفة.

(40) عن: كونراد زايتس، مرجع سابق، ص 305.

(41) المرجع السابق، ص 563.

(42) news.bbc.co.uk، 13 آب/ أغسطس 2004.

(43) arabic.peopledaily.com.cn، 13 كانون الثاني/ يناير 2005.

(44) arabic.peopledaily.com.cn، 13 كانون الثاني/ يناير 2005.

(45) www.daralhayat.com، 27 تموز/ يوليو 2008.

(46) www.arabianbusiness.com، 30 آب/ أغسطس 2008.

(47) تحليل لـ”علي باكير” بعنوان “استراتيجيات الصين النفطية” منشور على موقع مجلة العصر على الإنترنت، www.alasr.ws، 20 أيار/ مايو 2006.

(48) arabic.people.com.cn، 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007.

(49) www.moheet.com، 25 أيلول/ سبتمبر 2008، تصريح لنائب رئيس مجلس الدولة الصيني “وانغ كيشان”.

(50) تحليل سياسي مترجم إلى العربية لـ”جوسوا كورلانتزك” بعنوان “قوة الصين الناعمة مقاصدها وأخطارها”، على موقع www.islamonline.net، 5 تموز/ يوليو 2006.

(51) أقام الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز علاقات وثيقة مع الصين، شملت مجالات متعددة منها التجارة، النفط، المال، التعليم، القضاء، الاتصالات، البنية التحتية، الرياضة، والثقافة. www.arabic.xinhuanet.com

(52) منذ العام 2004، تزايدت زيارات الاستطلاع والبعثات التعليمية التي ترسلها الصين من ضباطها أو تلاميذها العسكريين إلى الخارج، بما في ذلك إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، وكذلك الأمر في شأن استقبال متدربين أجانب في المعاهد العسكرية الصينية. arabic.china.org.cn

(53) من فترة لأخرى، يصرّح كبار المسؤولين الصينيين بما يدل على استمرار اعتماد المبادئ الخمسة. مثلاً: تصرح وزير الخارجية “تانغ جيا شيوان” خلال مؤتمر صحفي في دورة البرلمان الصيني في آذار/ مارس 2003، وتصريح رئيس مجلس الدولة “ون جيا باو” خلال استقباله ضيفاً أجنبياً في تشرين الأول/ أكتوبر 2006. arabic.china.org.cn و www.arabic.xinhuanet.com

(54) www.arabic.xinhuanet.com، 14 أيار/ مايو 2008، تصريح لنائب وزير التجارة الصيني “تشن جيان” خلال الدورة الرابعة لمنتدى شرقي آسيا للاستثمار، في بكين.

(55) تحليل سياسي لـ”محمد سيف حيدر” بعنوان “صعود الصين المخملية: دبلوماسية جديدة لعصر جديد، منشور على موقع news.maktoob.com 8 آب/ أغسطس 2008.

(56) مثلاً: بلغ متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة الأميركية في العام 2003 نحو 37610 دولارات، فيما بلغ أعلى متوسط لدخل الفرد في العالم العربي في العام نفسه، في دولة الإمارات، 21719 دولار، وبلغ في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان، وهي مصر، 3552 دولار. عن: www.alriyadh.com، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2004.

(57) يُعرّف الاحتياطي النفطي على أنه “مخزون النفط في مكانه، بشرط أن تكون معالجته ممكنة مادياً”. www.assafir.com، 4 كانون الأول/ ديسمبر 2007.

(58) ar.wikipedia.org

(59) www.assafir.com، 4 كانون الأول/ ديسمبر 2007.

(60) التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007، www.amf.org.ae

(61) موقع منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول “أوابك” على الإنترنت (www.oapecorg.org).

(62) عن: التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007، و www.oapecorg.org، بتصرّف.

(63) مقال لـ”وليد خدوري” بعنوان “ثلاث ظواهر نفطية عربية في 2008″ منشور على موقع www.alaswaq.net، 13 نيسان/ أبريل 2008.

(64) تحليل صحفي لـ”أحمد حسين” بعنوان “الأموال المهاجرة خطر التجميد وحلم العودة” منشور على موقع www.islamonline.net، 26 كانون الثاني/ يناير 2002.

(65) المرجع السابق.

(66) www.aljazeera.net، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004.

(67) المرجع السابق.

(68) النسب وأرقام الجدول، مشتقة من: التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007.

(69) تشو وي ليه، العلاقات العربية الصينية في أوائل القرن الحادي والعشرين، في (مسعود ضاهر وآخرون، العلاقات اللبنانية الصينية، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2005)، ص ص 57-58.

(70) الترتيب مستقى من أرقام التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007.

(71) www.arabianbusiness.com، 30 آب/ أغسطس 2008، و التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007.

(72) arabic.people.com.cn، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، (تقديرات نهاية العام).

(73) الرقم مستقى من التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2007.

(74) arabic.people.com.cn، 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 (تقديرات نهاية العام).

(75) www.arabianbusiness.com، 30 آب/ أغسطس 2008.

(76) المرجع السابق.

(77) تحليل اقتصادي لـ”بلقاسم العباس”، بعنوان “دور الاستثمارات العربية البينية في تحريك الاقتصاد” منشور على موقع www.aljazeera.net، 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2007.

(78) www.arabianbusiness.com، 30 آب/ أغسطس 2008.

(79) www.moheet.com، 28 تموز/ يوليو 2008، نقلاً عن تقرير لوزارة التجارة الصينية.

(80) بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في الخارج حتى نهاية العام 2007 نحو 92 مليار دولار (www.arabic.xinhuanet.com، 16 نيسان/ أبريل 2008)، وكانت الحكومة الصينية أطلقت استراتيجية “التوجه العالمي من أجل الشركات المحلية”، في العام 1998، ما يعني أن الفترة الزمنية التي جرى فيها الاستثمار الصيني في الخارج قصيرة نسبياً.

(81) تشو وي ليه، مرجع سابق، ص 58.

(82) www.arabianbusiness.com، 30 آب/ أغسطس 2008.

(83) www.moheet.com، 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2008.

(84) www.moheet.com، 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2008.

(85) تحليل “علي باكير” على موقع www.alasr.ws، مرجع سابق.

(86) www.yemenchina.com، 23 آب/ أغسطس 2008، نقلاً عن صحيفة “الرياض” السعودية.

(87) www.moheet.com، 10 آب/ أغسطس 2008.

(88) قدّمت الصين عدداً من القروض الميسرة لهذه الدول، ولدول أخرى غير غنية، للصين علاقة نفطية معها، وبخاصة أنغولا. انظر مثلاً: www.yemenparliament.com (موقع مجلس النواب اليمني على الإنترنت)، و arabic.peopledaily.com.cn 26 يونيو/ حزيران 2001.

(89) أُعلن عن خطط لإقامة مصفاة صينية كويتية مشتركة في مقاطعة غوانغدونغ، على أن تُنتج 300 ألف برميل يومياً، ضمن مساعي الكويت لرفع صادراتها النفطية إلى الصين من نحو 150 ألف برميل يومياً في العام 2008، إلى 500 ألف برميل. www.moheet.com، 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2008.

(90) تحليل “علي باكير”، مرجع سابق. ويورد باكير أنغولا قبل السعودية، إلا أن معلومات جديدة تمت الإشارة إلى مصدرها أعلاه، أوضحت أن السعودية هي مصدّر النفط الأول إلى الصين.

(91) arabic.people.com.cn، 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2008.

(92) انظر مثلاً نتائج أعمال ندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية التي عُقدت في الرياض بين 1و3 كانون الأول/ ديسمبر 2007، وكذلك أعمال قمة منتدى التعاون العربي الصيني التي انعقدت في المنامة في أيار/ مايو 2008، وناقشت قضايا السياسة الدولية ومكافحة الإرهاب (إلى جانب القضايا الاقتصادية والتجارية).

(93) تشو وي ليه، مرجع سابق، ص 59.

(94) المرجع السابق، ص 59.