موقع متخصص بالشؤون الصينية

عن الصين العظمى: قطاع التعليم كشاهد على التطور الصيني المذهل

1

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد زريق*:

مع التطور التكنولوجي والعلمي والاقتصادي والتجاري الهائل الذي تشهده جمهورية الصين الشعبية بات الاقبال على الجامعات الصينية كثيفا، ويزداد يوما بعد يوم. أثبتت الصين أنها دولةحديثة وعصرية من خلال استقطابها لأعداد هائلة من الطلاب الأجانب للدارسة في جامعاتها، ومما لا شك فيه أن نوعية الخدمات التعليمية التي تقدمها الجامعات الصينية أصبحث تضاهي تلك التي توفرها أهم الجامعات الغربية. هذه النقلة النوعية على صعيد القطاع التعليمي في الصين مردُّها إلى السياسات الصينية الحكيمة التي تركّز على التنمية البشرية، فلا يمكن أن يتطور الفرد من دون إيلاء أهمية للثقافة والعلم، وهذا ما تقوم به الصين حاليا، وعنصر آخر مساهم في التطور العلمي الصيني هو التطور التكنولوجي الهائل الذي تشهده الصين والقدرة على دمج التقنيات التكنولوجية الحديثة بآليات التعليم مما يساهم في زيادة جودة الخدمات العلمية والبحثية.
إنَّ جمهورية الصين الشعبية التي أرسى أسسها الزعيم ماو تسي تونغ تختلف اختلافا كبيرا عن الصين الحالية بقيادة الرئيس شي جين بينغ، ففي فترة زمنية قصيرة نسبيا استطاعت الصين أن تحرز تطورا اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وثقافيا هائلا، وتحولت ثورة عام 1949 إلى مدرسة لشعوب العالم بأن الشعب إذا أراد فهو بالتأكيد قادر على أن يحقق وينجز ما يراه البعض مستحيلا. إن التقدم الصيني الكبير فرض على أهم دول العالم التعامل مع الصين باحترام كبير خدمة للمصالح المشتركة، لا بل أصبحت الصين صديقا كبيرا بفضل سياساتها الحكيمة وهذا ما يُسمّى “بالصعود السلمي”، أي فرض الاحترام وانتهاج طريق الحوار مع أقوى الدول دون الحاجة إلى اللجوء لاستخدام القوة، مع العلم أن الصين اليوم باتت من أقوى دول العالم عسكريا وتمتلك ترسانة عسكرية عالية التقنية، إلا أنَّ العقلية الصينية تُفضّل طريق التعامل السلمي على الحروب والصراعات.
بالعودة إلى القطاع التعليمي في الصين، فقد بات ملحوظا وغير مخفي إقبال الشباب العربي على الجامعات الصينية، وقد حطمت الصين مقولة “أنَّ كل ما صنع في الصين لا يصلح”، والدليل على ذلك تهافت الدول العظمى على نظام ال 5G الذي تطلقه الصين. يمكن قياس هذا الأمر على التعليم في الصين، فالجامعات الصينية أصبحت موازية لأهم جامعات العالم، والكثير من الجامعات الغربية تسعى لعقد اتفاقيات شراكة وتبادل طلابي مع جامعات صينية، وتحولت الجامعات الصينية اليوم إلى بيئة دولية تضم طلابا من مختلف الجنسيات والخلفيات الاجتماعية والثقافية بشرط التواصل الحضاري والسلمي واحترام خصوصية كل مجموعة دون المس بالاختلافات أو توجيه الانتقادات.
تكثر الكتابات اليوم عن الصين، والكثير من الصحفيين والباحثين والسياسيين والاقنتصاديين يركضون وراء الصين نظرا لما حققته هذه الدولة من تطور كبير وللمشاريع المهمة والكبيرة التي تقوم بها. إلا أنني لم أبالغ عند الحديث عن التطور العلمي الهائل الذي أحرزته الصين ولا هو من نسج الخيال، فتجربتي الصينية مع الجامعات والاساتذة والطلاب الصينيين جعلتني أفهم والتمس هذا التطور عن قرب. إنَّ مراكز الابحاث الصينية تشكل مصدر جذب لأهم الباحثين والاساتذة من مختلف دول العالم، والمثير في الموضوع هو أن الكثير من الباحثين في أهم الجامعات الغربية يحاولون اقتناص الفرصة للقدوم إلى الصين والعمل فيها.
في كتابه “When China Rules The World” تحدث الكاتب البريطاني Martin Jacques عن ولادة نظام دولي جديد بالخصائص التي تريدها الصين وانحسار النظام الذي حكم العالم لفترة طويلة من الزمن بقيادة بعض الدول الغربية. إلا أن الفارق بين النظامين هو أن الصين سوف تكون دولة مسالمة تتبع الحوار والتبادلات الثقافية والتجارية من أجل رفاه الشعوب عوضا عن استخدام الآلة العسكرية التي لم تجلب للبشرية سوف الدمار والنقمة على دول اعتبرت نفسها أنها دول عظمى. وأنا من المحظوظين أنني لحقت بالركب الصيني وأنني أصبحت أنتمي ولو روحيا ووجدانيا إلى شعب طيب القلب ومسالم لم تغيره الأيام رغم كل العظمة التي وصل إليها.

محمد زريق؛ مرشح للدكتوراه في Central China Normal University، مهتم في سياسة الصين الخارجية تجاه المنطقة العربية مع تركيز خاص على مبادرة الحزام والطريق، لديه العديد من الكتابات والمنشورات.

تعليق 1
  1. بشار جابر يقول

    مقال جميل واتمنى لك التوفيق في الدكتوراة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.