موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين وإستراتيجية ترافق الإقتصاد والسياسة

0

MarwanSudah

صحيفة الديار الأردنية:
مروان سوداح:
خلال إجتماعه مع رئيس الكيان الصهيوني الإحتلالي والإمبريالي الطفولي شمعون بيريز، حثّ الرئيس الصيني الصديق الاستراتيجي “شي جينبينغ” زائر بيجين، على اتخاذ “قرارات شجاعة في وقت مبكر”، داعياً إيّاه إلى العمل مع الجانب الفلسطيني والمجتمع الدولي لتحقيق تقدّم ملموس من خلال محادثات السلام.

وكان اجتماع الرئيس الصيني مع بيريز على خلفية تعثّر التقدّم في المحادثات الجارية في المنطقة مع الجانب الفلسطيني، وعلى “خلفية أزمة بدأت برفض الدويلة الصهيونية الإفراج عن دفعة من الأسرى الفلسطينيين”، الأمر الذي يُشير بجلاء الى رفض تل الزهور تحقيق أي تقدّم في قضية إحراز سلام في المنطقة، عودة على التمسك بمنابع الفكر الصهيوني الذي يرى دولة واحدة في فلسطين، وأُمة دينية واحدة فيها هي يهودية حصراً، نزولاً عند منابع التطرف الصهيوني الفاحش الذي لا يشاهد للآخر وجوداً ولا حياةً.

في اجتماع “شي” مع بيريز لم نقرأ شيئاً عن الخطة الصينية ذات الاربع نقاط للتسوية بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، ومن الممكن ان النسيان قد طواها، أو بأن الاسرائيليين قد تغاضوا عنها وهمّشوها، لكونهم لا يرحبون بأية مشاريع سلامية وحتى تلك الامريكية، لأهداف استراتيجية وايديولوجية وتكتيكية واقتصادية وسياسية لديهم، برغم ان نتنياهو كان رحّب بالخطة الصينية في وقت سابق،ً خلال اجتماع له مع “شي”، عقب اجتماع “شي” مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وفي الخطة المشروع الصيني، كانت بدايةً لسبيل صيني لدخول المنطقة من أوسع أبوابها، وهو الباب الفلسطيني، والحوز بالتالي على تعاطف العرب وأوسع تعاونهم، لكن تراجع الخطة وتراجع الفِعل السياسي الصيني في فلسطين على الأقل إعلامياً وسياسياً، قد عمل على تبريد المشاعر السياسية العربية والفلسطينية الشعبية والرسمية تجاه بيجين، وعاد العرب الى مربع أول، وبضمنهم الفلسطينيون، يبحثون عن دولة آخرى يمكنها العمل على هذا المضمار، والضغط على الدويلة بجدية لتسريع عملية موضوعية ومتكافئة للحل السياسي والاقليمي الذي طال أمده، في منطقة تشتعل وتموت بتسارع بفِعلِ التدخلات الإرهابية الاجنبية

في حديث الرئيس الصيني لبيريز نقرأ دعوة صينية مباشر وصريحة لاسرائيل لتكون جادة في عملية التسوية، ونطالع أيضاً بأن تل الزهور ليست جادة في مسألة السلام ولا نتنياهو الذي كذبَ على “شي” عندما أيّد الخطة الصينية ورحّب بها في بيجين، وإلا لما شرع “شي” بالطلب من نظيره الصهيوني، وبما يحمله من مكانة صينية سياسية وعسكرية ودبلوماسية وغيرها، “إلى العمل مع الجانب الفلسطيني والمجتمع الدولي لتحقيق تقدّم ملموس من خلال محادثات السلام”. وفي حديث “شي” يتبدى دعم الصين للجانب الفلسطيني من خلال دعوته “إسرائيل” للعمل مع فلسطين من أجل السلام، ويبدو ان الدولة الصينية تدرك العقبات التي تضعها تل الزهور بوجه السلام والمباحثات السلمية، والجدران العالية التي التي أقامتها ولا تزال ماثلة على الأرض الفلسطينية وفي المفهوم الصهيوني التاريخي لتفشيل كل عملية تقدم سلمية وتسووية.
في وجه الصين اليوم في العالم العربي تبادلات ومصالح اقتصادية حصراً، لكن المطلوب كذلك أن يتساوى العاملان الاقتصادي والسياسي ويسيران سوياً، ليتم النهوض بصورة مكتملة بالعمل الصيني في الشرق الاوسط وبالتقارب العربي الصيني الاستراتيجي الذي نطمح إليه، ونشره بالاوساط العربية التي باتت تلاحق الخطوات الصينية وتقيّمها بعيون واسهة بخاصة تجاه الحقوق العربية، عِلماً بأن الصين كانت من أوائل الدول إن لم يكن أول الدول الأجنبية في دعم الحق الفلسطيني والعربي في فلسطين، والتاريخ سيبقى شاهداً على ذلك، والأمل العربي سيستمر معقوداً على عودة الصين على بدء تلكم التضامن والتعاون السياسي والعسكري والدبلوماسية الشعبية الصينية الفاعلة مع العرب.

فالصين تتمتع بمكانة كبيرة في العالمين العربي والاسلامي، تمكّنها من لعب دور مفصلي في تذليل عقبات المنطقة وتجسير الجهود لسلام حقيقي، ولا يجوز أن تنأى الصين بنفسها سياسياً وإعلامياً للإعراب عن وجهة نظر شجاعة وفاعلة في يوميات العرب وقضاياهم، والزمن الحالي مناسب لدخول الصين بكل قوة الى العرب، سياسياً، وفي حالة فقدان هذه اللحظة التاريخية الحالية ستخسر الصين بكل المفاهيم، فهي لحظة نادرة لن تتكرر، لكون المَسير الصيني يتكئ على الاقتصاد السياسي مع العرب، وليس على العامل والنشاط السياسي المُجرّد. ومن المهم جداً إلمام الصين بأن عمليات النمو الاقتصادي الصيني تعتمد ايضاً على الوضع في الشرق الأوسط العربي والاسلامي، فهذا العالم الشاسع يؤثر على التنمية الوطنية الصينية إلى حدود على قليلة، وشروع الصين في تفعيل امكاناتها في العالم العربي سيجرُ الى مزيد من ازدهارها، وتقرّب العرب منها، والى تعزيز السلام الحقيقي في المنطقة، وتسييد عناصره الايجابية، سيّما لأن القضية الفلسطينية قد غدت منذ وقت طويل قضية العالم، وبها ترتبط جميع القضايا الساخنة بالمنطقة ومنها السورية والايرانية، وحتى اليمنية، والصومالية، والليبية، والسودانية والمصرية.

وفي الضد، سوف تتمكن الولايات المتحدة من تحييد الصين والتأثير سلباً على المصالح الصينية في الدول العربية، استكمالاً لمجريات التأثير السلبي عليها خلال سني “الربيع العربي”. فواشنطن لن تسمح للصين بثنائية التواجد في المنطقة، تماماً كما تحارب الوجود الروسي فيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.