موقع متخصص بالشؤون الصينية

سبعون عاماً في قيادة الشعب الكوري.. بمناسبة الذكرى ال70 لتأسيس حزب العمل

0

marwan-soudah-korea70

موقع الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح*

يستمر حزب العمل الكوري للعام ال70 على التولي بقيادة الشعب الكوري الصديق والحليف في طريق النصر المؤزّر، متخطياً شتى العواصف والمحن التاريخية والعقبات الخارجية، التي يذللها الحزب منذ تأسيسه في العاشر من تشرين الاول عام 1945.
وفي التاريخ، أن الإعلان عن تأسيس الحزب كان في ظروف جد معقدة، حيث لم يكن قد مضى شهران منذ تحرير كوريا (15 آب 1945) من براثن الاحتلال العسكري الياباني (1905-1945)، ليتم على وجه السرعة إبراز جماهير الشعب العامل سيّداً على السياسة والبلاد، وتشكيل المنظمات الجماهيرية الموحَّدة، مثل اتحاد النقابات، واتحاد الفلاحين، واتحاد الشباب، واتحاد النساء على جناح السرعة، وإقامة السلطة الشعبية. وبعد ذلك، مارس الحزب مختلف الإصلاحات الديمقراطية، على شاكلة الإصلاح الزراعي وتأميم الصناعات الهامة، وتطبيق حق المساواة بين الجنسين، حتى تحققت الأماني العارمة للشعب، وقام بتوعية الجماهير واستنهض الشعب الى بناء مجتمع جديد ونوعي، عن طريق المبادرة الى حركة التعبئة الفكرية العامة للبناء الوطني وحركة المسابقات لزيادة الإنتاج وحركة محو الأمية وما إليها.
ولذا، تجدّدت ملامح كوريا التي كانت مجتمعاً متخلفاً ومستعمَراً وشبه إقطاعي قبل التحرير، على نحو جذري خلال مدة قصيرة من الزمن، وأخيراً، تأسست جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، كأول دولة ديمقراطية شعبية في الشرق الآسيوي، في أيلول عام 1948.
بعد تحرّر البلاد، بذل حزب العمل جهوده الأساسية في بناء الجيش الشعبي وتقويته وتطويره، انطلاقاً من إرادة أكيدة بعدم تكرار تاريخ الحرمان الذي شهدته البلاد قبل التحرير. فحين انقضَّ على كوريا في مهدها الغزاة المسلحون من 16 دولة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف طمس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية طرية العود أنذاك، والتي لم تمضِ حتى سنتين منذ تأسيسها بإشعال نيران الحرب الكورية (1950 – 1953)، أنزل الجيش الكوري هزيمة نكراء لأول مرة في التاريخ بالولايات المتحدة، التي كانت تتبجح بأنها “أقوى قوة” في العالم، وصان حرية الوطن واستقلاله وسيادته، بقيادته الجيش والشعب.
رغم ان الامريكيين زعموا بأن كوريا لن تنهض على انقاض الحرب حتى بعد مرور مئة سنة، لكن حزب العمل انهى عملية إعادة الإعمار والبناء خلال ثلاث سنوات فقط، بقيادته للشعب. والى جانب إعادة البناء في حقبة ما بعد الحرب العدوانية، دفع الحزب عملية التعاون الزراعي، والتحويل الاشتراكي للصناعة الحرفية الخاصة والتجارة والصناعة الرأسماليتين قدماً في آن واحد، حتى أُقيم النظام الاشتراكي في آب عام 1958. وبعد إعادة البناء، شرع الحزب بإحداث النهضة الإنتاجية الكبرى التي تشمل الشعب كله، بإسم حركة تشوليما (التي هي: الحصان المُجنّح الأسطوري والأسرع – الكاتب)، الأمر الذي أدّى الى تحقيق المهام التاريخية للتصنيع في مدة قصيرة لا تتجاوز 14 سنة.
وفي سبعينات القرن الماضي، مارس حزب العمل التعليم الالزامي المجاني الشامل لمدة 11 سنة على مستوى هو الارفع في العالم، وألغى نظام الضرائب إلغاءً تاماً وهلمجرا. وفتح، بذلك، عصراً جديداً من أوجه الازدهار في كل الميادين ومنها السياسية والاقتصادية والثقافية. وفي الثمانينات، طرح الحزب شعار: “لنخلق (سرعة الثمانينات) بالروح التي اظهرناها في فترة مد تشوليما الكبير!”، واستنهض أبناء الشعب الى اجتراح المآثر الجديدة، مثل بناء هويس البحر الغربي، الأكبر في العالم قاطبة، بسدٍ طوله ثمانية كيلومترات من مياه البحر الهائجة المائجة.
لنتصوّر، أنه لو تم تحقيق المهام الرئيسية لبناء الاقتصاد الاشتراكي، ووضعها موضع التنفيذ وتفعيل أهدافها المستقبلية ، التي تقدم بها كلها حزب العمل الكوري في ذلك الحين، كما كانت عليه دون تعديل أو تغيير، لدخلت كوريا الديمقراطية بكل جدارة في مصاف الدول المتقدمة على صعيد الاقتصاد. ولكن كوريا الاشتراكية فوجئت بجملة من المحن والمصاعب والعدوانات التي بدأت أنذاك تواجهها، إذ ان الاشتراكية في مختلف البلدان، انهارت على التوالي منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي. وانتهازاً لهذه الفرصة، ركّزت القوى الامبريالية المتحالفة كل قواها على هجمات تهدف الى خنق كوريا، وتوالت صرخاتها عن “نهاية تامة للاشتراكية على الكوكب الارضي”!
كان كل ذلك مناخات سيئة للغاية، وفي خضمها استنهض حزب العمل أفراد الجيش والشعب الى معركة الدفاع عن الاشتراكية، وهو يمارس سياسة سونكون (إعطاء الأولوية للشؤون العسكرية – الكاتب) في كل الحقول في التسعينات. وتحت قيادة الحزب، صانت كوريا، جيشاً وشعباً، اشتراكيتها. وفضلاً عن ذلك، وضعت هدفاً ضخماً لبناء الدولة الاشتراكية القوية والمزدهرة، وهيّأت الخطوات الوثّابة لتحقيقه.
في آب عام 1998، أطلقت كوريا القمر الصناعي “كوانغميونغسونغ رقم 1”. وقد كان ذلك شبيهاً بدوي مدفعية يؤذن ببداية بناء الدولة الكورية القوية والمزدهرة. وتمت تسوية الأراضي في كل أنحاء البلاد لتتحوّل الى “حقول قياسية” سهلة وواسعة النطاق، أُقيمت عليها المحطات الكهرمائية في مختلف نواحيها، وتم كذلك تحديث الكثير من المصانع والمؤسسات، بما يتفق مع مقتضيات القرن الجديد.
والى ذلك، أُقيمت أًيضاً واحدة بعد أخرى قواعد حديثة لإنتاج الفاكهة وتربية الاسماك والدواجن والمواشي. ونتيجة لإسكمال عملية استصلاح أراضي التي تربط مختلف الجُزر في بحر كوريا الغربي، صارت خريطة كوريا تتغير أكثر فأكثر عما كانت عليه سابقاً. فشهدت البلاد نهضة لا مثيل لها في الإنتاج، بإستكمال نظام جديد لإنتاج الحديد، لا يَستخدم فحم الكوك ونفايات الحديد. الى ذلك، إدخال تقـّانة التشغيل الرقمي بالكمبيوتر في مختلف الميادين الاقتصادية. وأُقيمت الكثير من مراكز الصناعة الثقيلة والصناعة الخفيفة المستقلة والحديثة. فتوصلت القدرات الوطنية في كوريا الى مستوى عالٍ جداً، نظراً لإطلاق أول القمر الصناعي التطبيقي “كوانغميونغسونغ رقم 3 –2 “بنجاح، في كانون الاول عام 2012، على إثر إطلاق القمر الصناعي “كوانغميونغسونغ رقم 2” في نيسان إبريل عام 2009، وكان ذلك كمِثل طرق بوابة الدولة القوية والمزدهرة.
بعد ان وضع حزب العمل الكوري بلده في مكانة الدولة السياسية والفكرية القوية، والدولة العسكرية الجبارة، ينكب الآن على بناء الدولة الاشتراكية المتمدنة، بالتزامن مع تركيز قواه على بناء الدولة الاقتصادية القوية وتحسين معيشة الشعب.
في الفترة الاخيرة، ينفتح تحت قيادة الحزب عصر جديد جُلّه الازدهار في كل الميادين المادية والروحية والثقافية، ومن ذلك تحقيق الخدمات الطبية عن بُعد في ميدان الصحة ورفعها الى مستوىً عالٍ، وانتقال عملية التعليم الى التعليم الالزامي الشامل لمدة 11 سنة متوالية، الى أرفع مرحلة، وهي التعليم الالزامي لمدة 12 سنة في مجال التعليم. وفي مختلف أنحاء البلاد، بما فيها بيونغ يانغ، يتم تشييد مرافق ثقافية تتلاءم مع مقتضيات القرن الجديد واحداً بعد الآخر، مثل متنزّه رونغرا للشعب، ومسرح الشعب، ودار ريوكيونغ للصحة والاستجمام، وحلبة التزلج المكشوفة للشعب وغيرها الكثير.
النصر والمجد حليف موثوق ودائم لحزب العمل الكوري المِعطاء، إذ أنه حقّق تغيّرات مدهشة خلال 70 عاماً فقط في قيادته للشعب الكوري، الذي يَجتمع حول زعيمه، كالسوار حول المِعصم.

*رئيس المجلس العربي للتضامن مع الشعب الكوري ومُنَاصرة توحيد شطري كوريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.