موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصين و #روسيا: شراكة نحو التحالف (العدد 66)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ محمود ريا

تبدو العلاقات الصينية الروسية مثالية، فهي قوية جداً، وتتقدم بثبات، وتتحرك على أسس تاريخية ومبادئ مشتركة ومصالح اقتصادية كبرى، بما يعني أنها تسير نحو مزيد من التكامل.
توصف العلاقة بين بكين وموسكو بأنها أقوى من شراكة وأقل من نحالف، ما يضعها في مصاف العلاقات المميزة التي تملك إمكانيات كبيرة للتطور والارتقاء إلى حد الحلف الحقيقي الذي يخدم مصالح الطرفين، ومعهما مصالح البشرية جمعاء.
لقد ظهرت مفردات الشراكة الصينية الروسية في أكثر من ملف وعلى أكثر من صعيد. فالمواقف السياسية للعاصمتين متقاربة في الكثير من الملفات الإقليمية والعالمية، والعلاقات الاقتصادية قوية وهي تنمو بشكل كبير وتشمل أكثر من مسار، وعلى رأسها مسار الطاقة.
والعلاقات الثقافية تتطور، وأيضاً العلاقات الاجتماعية. أما الملف العسكري فهو مجال خصب لتحقيق الفائدة المشتركة للطرفين، والمناورات المشتركة تحصل بشكل سنوي وفي أكثر من مجال، كما أن هناك الكثير من المشاريع المشتركة على صعيد التصنيع والتجهيز.
لقد مرّت العلاقات الروسية الصينية على مرّ التاريخ بالكثير من التقلبات، وشهدت العديد من المحطات الإيجابية والسلبية. وبعد الحرب العالمية الثانية وقف الاتحاد السوفياتي بثبات إلى جانب الصين في حربها التحررية أولاً وفي مسيرة البناء الطويلة والشاقة ثانياً.
وبالرغم من تعرّض هذه العلاقات إلى نكسات خطيرة، كادت أن تصل الأمور معها إلى حد اندلاع حرب بين الدولتين، فإن المسار العام للعلاقات عاد ليعدّل نفسه شيئاً فشيئاً، ومن ثم استعادت هذه العلاقات حرارتها، لتصبح الدولتان قريبتين من بعضهما، ولتبنى جسور الصداقة والتفاهم من جديد.
لا يمكن نفي وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر بين الدولتين حول العديد من القضايا، وربما يوجد بعض التناقض في المواقف من هذه المسألة أو تلك، لكن السياق العام يؤكد أن ما تتفق عليه بكين وموسكو أكثر بكثير مما تختلفان عليه، وأن حالة الانسجام السائدة على هذا الخط يندر أن توجد بين قوتين كبريين في عالمنا المعاصر.
هذا التناغم بين الصين وروسيا لا يعجب البعض. ومن أبرز المتضررين من هذا التقارب الولايات المتحدة الأميركية التي ترى في تفاهم العاصمتين الكبيرتين تهديداً للهيمنة الأميركية على العالم، ومحاولة للخروج من نظام القطب الواحد الذي فرضته واشنطن.
إلا أن المحاولات الأميركية لدق أسفين في العلاقة بين الصين وروسيا تبدو غير ناجحة في الوقت الحاضر، كما أن مصيرها هو الفشل في المستقبل، فالقيادتان الروسية والصينية تعرفان حجم الفائدة التي تعود على البلدين من اتفاقهما، مقابل الخسائر التي ستلحق بهما ـ وبالعالم ككل ـ في حال تمكنت اليد الأميركية من الدخول بينهما.
كل هذا يدل على أن الصين وروسيا اختارتا السير في العلاقة الطبيعية التي يجب أن تربط بينهما، علاقة التعاون والتفاهم والتعاضد، وصولاً ربما إلى التحالف، ولمَ لا، فهذا أمر سيكون بمثابة إعلان لقيام النظام العالمي الجديد، القائم على تعدد الأقطاب وعلى التشاور بين الدول، لا النزوع إلى التسلط والهيمنة من الأقوى باتجاه الأضعف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.