موقع متخصص بالشؤون الصينية

إتقان اللغات المتعددة أمر أساسي لنجاح #مبادرة_الحزام_والطريق (العدد 67)

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية
سوي بووين 2- 5- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

تُعدّ مبادرة الحزام والطريق الواحد التي قدم الرئيس الصيني شي جين بينغ تصورا لها عام 2013 بمثابة المخطط الصيني للعولمة الاقتصادية والتبادل الثقافي، والذي يهدف إلى بناء مجتمع أوثق ذو مصير مشترك مع البلدان والمناطق الواقعة على طول طريق المبادرة من خلال الارتباط السياسي، والتجاري وعلى صعيد الاستثمار، والبنى التحتية والدعم المدني.
وسيُؤمن منتدى الحزام والطريق المقرر عقده يومي 14 و 15 أيار منبراً للمشاركين لبحث كيفية تعزيز المبادرة بشكل شامل وتعميق التعاون بين الدول والمنظمات الدولية.
لقد قرأت بعض التقارير والتعليقات الإعلامية التي قالت إن مبادرة الحزام والطريق قد جنت حصادها المبكر في دعم الارتباط، وتعزيز بناء البنى التحتية ودفع التنمية الاقتصادية في المنطقة. ولكن قلّة تذكر أهمية إتقان اللغات في تقدم المبادرة. والواقع أن أهداف المبادرة لا يمكن تحقيقها بالشكل الكامل دون إجادة رفيعة المستوى للغات الأجنبية.
وبوصفي طالب دراسات عليا (ماجستير) في دراسات الترجمة في جامعة بكين للغات والثقافة، التي تستقبل أكبر عدد من الطلاب الأجانب في الصين، فإنني أدرك حقاً أهمية الدور الذي تلعبه اللغة والثقافة في بناء العلاقات بين البلدان المختلفة. إن فهم لغات وثقافات بعضنا البعض يوثّق العلاقات بين الدول، في حين أن المعرفة الشحيحة في أي من المجالين تخلق العقبات، وحتى أنها توسّع الهوّة.
إن النقص في إجادة اللغة الإنجليزية سيجلب تحديات للشركات الصينية التي تأخذ توجهاً عالمياً. وبصفتها لغة مشتركة، فإن للغة الإنجليزية أهمية محورية للنهوض بالتجارة والتمويل عبر الحدود، وبناء البنى التحتية. ويقال إن معظم المشاريع في مبادرة الحزام والطريق التي تستثمر الشركات الصينية فيها أو تشارك فيها هي برامج بُنى تحتية واسعة النطاق. وبصفة عامة، فإن مشاريع البنى التحتية الخارجية الواسعة النطاق تتطلب اتصالات ومفاوضات متكررة.
ومع ذلك، لقد أصبحت الحواجز اللغوية حاجزاً أمام توسيع الشركات الصينية أعمالها في الخارج. وكثيراً ما تواجه هذه الشركات معضلة: فمن ناحية، إن العديد من الخبراء الصينيين ذوي المعرفة المهنية ليسوا بارعين في اللغة الإنجليزية. ومن ناحية أخرى، إن بعض المترجمين الصينيين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ولكنهم يفتقرون إلى المعرفة المهنية. وعند الترويج لبرامج البنى التحتية الخارجية في وجه المنافسين الأجانب، غالباً ما تكون الشركات الصينية في وضع غير مؤاتٍ.
ولنأخذ القطارات الصينية فائقة السرعة التي تذهب إلى ما وراء البحار كمثال. فعلى الرغم من أن السكك الحديدية الصينية فائقة السرعة قد حققت انجازات ملحوظة على الصعيدين التكنولوجي والخدماتي، فإن ترجمتها الإنجليزية للنصوص التقنية والتجارية بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية ومتخلفة عن نظيراتها الأجنبية من حيث نوعية تلك النصوص. لقد أمضت شركة لوكوموتوف اند رولنغ ستاكر المحدودة جنوب الصين أكثر من عامين وهي تعد مشروع قطار فائق السرعة شمالَ أوروبا، ولكنها انتهت بالفشل أواخر عام 2012 بسبب أخطاء الترجمة.
وبصرف النظر عن الشح في إجادة اللغة الإنجليزية، فإن عدم الإلمام باللغات المختلفة المستخدمة في مناطق مبادرة الحزام والطريق هي عثرة أخرى على الطريق. ووفقاً لأحوال اللغة في البلدان الموجودة على امتداد مبادرة الحزام والطريق، التي نُشرت في عام 2015، فإنه هناك 64 بلداً على طول الطريق وعدد اللغات المحكية في هذه البلدان تقارب ال 60. وإتقان اللغة الإنجليزية واللغات الدولية الأخرى هو أبعد ما يكون عن كونه كافياً. إن العجز عن التواصل مع السكان المحليين بلغاتهم الأم المفضلة غالباً ما يلقي بظلاله على تنفيذ بعض مشاريع البنى التحتية الكبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، إن إتقان اللغة لا يؤدي بالضرورة إلى فهم جيد للثقافة أو المنطقة التي تستخدم فيها تلك اللغة.
وبما أن التبادل الشعبي بين الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق يتطلب فهماً متبادلاً للغة والثقافة المحلية، فإن الافتقار إلى التبادل والتعاون الثقافي يضع عبئاً على الثقة المتبادلة والروابط العاطفية بين الصين والدول المجاورة. إن الفشل في فهم ثقافات الشعوب الأصلية سيؤدي إلى إشعال الصراعات الثقافية أو يسيئ حتى إلى العلاقات الدبلوماسية، مما يشكل عقبة أمام التطوير المستمر للمبادرة. وبناءً عليه، ينبغي بذل المزيد من الجهود لتوسيع نطاق المواهب التي تتقن اللغات الأجنبية بشكل رفيع المستوى من أجل النهوض بمبادرة الحزام والطريق. وبشكل أكثر تحديداً، ينبغي تدريب المزيد من الأشخاص على إتقان اللغات الدولية مثل اللغة الإنجليزية واللغات المحلية المستخدمة في البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق. ولكننا بحاجة إلى تحديد اللغات المحلية التي تكثر الحاجة إليها، حتى لا نخرج بفائض من المحترفين اللغويين في أقليات معينة. ومن ثم، ينبغي أن يكون التدريب اللغوي والتعلم الثقافي على المستوى نفسه من التركيز.
قال وزير الخارجية الصيني وانغ يى إن مبادرة الحزام والطريق ليس لها حدود جغرافية وتسعى الى التعاون الدولي. يمكننا تحقيق هذه الأهداف عبر اللغات الأجنبية. فعلى المدى القصير، إنها تشكّل شرطاً مسبقاً للنمو السلس للمبادرة. وعلى المدى الطويل ستساعد في حماية مصالح الصين الوطنية وتعزز صورتها الوطنية. وبالتالي، يجب إعطاء الأولوية لدراسة اللغات والثقافات للانطلاق بمبادرة الحزام والطريق بكامل طاقتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.