موقع متخصص بالشؤون الصينية

ليلة القدر والفطر في مدينتي تيانجين..

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
أبو موسى وانج هونجوا*:

أكتب هذه المقالة الصغيرة والسريعة للتعريف بحياة مسلمي الصين، لأنني أعلم أن جميع أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، من غير الصينيين، لم تتم دعوتهم للتعرّف على مسلمي الصين والاعياد الاسلامية فيها، كعيدي الفطر والأضحى وهم لم يزوروا الصين في شهر رمضان المبارك، بل أن غالبيتهم عموماً لم يزورا الصين ولم يروها سوى في الصور والافلام، وها هم برغم ذلك يكتبون وينشرون عن بلادنا ويتصادقون معها، حين تتعرض الصين الى هجمات دولية ظالمة في مجال الحريات والأديان.. هؤلاء الاعضاء الدوليون  مشكورون شخصاً شخصاً لأنهم يعملون بالصداقة معنا بصورة تطوعية وبدون مقابل، وهذه هي الصداقة الأوفر حظاً والأفضل والأحسن والأكثر ديمومة والأشرف بين الناس والخَلق، فما بالكم بها بين أصدقاء الصين من أصحاب القلم والفكر، وبين الصين، التي تحبهم وتقدّرهم عالي التقدير.. لذلك الشكر كبير وموصول (للاتحاد الدولي) وقياداته واعضائه نساءً وسيدات ورجالاً وشباباً لاهتمامهم بالمسلمين الصينيين والأعياد الإسلامية بالصين، ولتخصيصهم عدداً خاصاً من نشرة موقع الصين بعيون عربية للحديث عنها، فلم يسبق مَثيل لهذه المبادرة العظيمة في العالمين العربي والاسلامي ومن أصدقاء الصين.

بدايةً، نبذة سريعة عن مدينتي تيانجين، بحسب الموسوعة الدولية، فهي واحدة من أكبر مدن جمهورية الـصين الشعبية إدارياً، وتبعُد عن بكين مسافة120 كم تقريباً، وتعدُ مدينةً صناعيةً وتجاريةً هامةً، وميناءً هاماً لخدمات النقل البحري والتجارة الخارجية. ومن بين أهم الصناعات المتواجدة في المدينة التالية: الحديد والصلب/ الآلات والكيماويات/ والطاقة الكهربائية/ الغزل والنسيج/ ومواد البناء/ وصناعة الورق والأطعمة. وتتطور فيها باستمرار صناعة السفن والسيارات/ واستخراج النفط ومعالجته/ وصناعة الجرارات والأسمدة الكيماوية والمبيدات الزراعية/ وساعات اليد/ وشاشات المُباصَرة وآلات التصوير وغيرها الكثير. وتـتميز المدينة بوجود مخيّمات رياضية دولية، حيث تُدرّب فيها منتخبات عالمية عديدة.

 

وعن ليلة القدر، فمن المعروف أن ليلة القدر هى إحدى ليالى شهر رمضان المبارك، وهي كذلك أهمّ وأعزّ الليالى عند المسلمين فى الصين بعامةٍ، وفى مدينة تيانجين بخاصةٍ، وكون هذه الليلة مذكورة فى القرآن الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾..

 ففي هذه  الليلة المقدّسة تنزّل القرآن فيها جملةً واحدة ًمن اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا، ثم أنزل مفرقاً بعد ذلك خلال اكثر من عشرين سنة الى نبينا محمد ﷺ .. انها الليلة الموعودة التى سجلها الوجود كله فى فرح وغبطة وابتهال ،انها ليلة الاتصال بين الارض والسماء..   وهي  الليلة التي تشاركنا فيها نور الملائكة والروح حتى مطلع الفجر.. انها ليلة القدر تقدر فيها مقادير الخلائق على مدى العام فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والحاج والداج والعزيز والذليل، ويكتب فيها الجدب والقحط، وكل ما أراده الله تبارك وتعالى فى تلك السنة.

لذلك كله وغيره يَهتم المسلمون الصينيون قديماً وحديثاً بهذه الليلة، وهم يَجهدون بالنهار على الصيام وبليلة القدر المطهرة للاحتشاد رجالاً نساءً فى مساجد مدينتى التي نشأت فيها وإسمها (تيانجين)، والتي عدد المساجد فيها ثمانية وخمسون، وهي متوزّعة فى أنحاء هذه المدينة للصلاة اليومية ولإحياء ليلة القدر.

لقد سُميت ليلة القدر بهذه التسمية في لغة قوميتنا الـ(هوى) بـِ”يزو”، بمعنى “قيام الليلة”، وفيها تنظّم لجنة شؤون القوميات والأديان في المدينة التابعة للحكومة الشعبية المركزية لجمهورية الصين الشعبية، عدداً من المناسبات والاحتفالات الدينية وهي غاية في التنوّع خدمةً للمسلمين وتلبية لمتطلباتهم الإيمانية والحياتية والثقافية.

وفي الاحتفال الحالي بليلة القدر في مساجدنا يتم دعوة العديد من المطاعم الاسلامية ذائعة الصيت والشركات الاسلامية المتخصصة بتحضير الأغذية، لتقديم طعام الحلال للمسلمين وغير المسلمين، وتاريخ بعض هذه المساجد يَرجع إلى أكثر من مئات السنين وهي ذات طابع أخّاذ – كما في الصور المرفقة بهذه المقالة – وذلك لتجهّز للمسلمين الأطعمة الألذ وطعام السحور المتميزة الذي يمنحهم راحة نفسية ودينية، ويُعطيهم القوّة الى مزيد من العمل تنفيذاً لمتطلبات الدين الاسلامي، وبكونهم مواطنين مخلصين لوطنهم، جمهورية الصين الشعبية.

لكن أهم ما يُميّز مناسبة ليلة القدر وعيد الفطر أيضاً، هو الصيام والقيام والذكر والتقرّب الى الله في ألوف مساجد الصين العاملة يومياً، ويرفع فيه كل مسلم يديه إلى السماء ويسأل الله سبحانه وتعالى:  ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ: عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ.. ))

أما في عيد الفطر المبارك، فيحتفل به عدة أيام كما في أية عائلة مسلمة في العالم الاسلامي. فهناك تنظيف للبيت استعداداُ لاستقبال الزوار والمهنئين، ويقوم الأزواج والذكور بمهام هذا التظيف والعناية بفناء البيت، بينما تهتم السيدات بإعداد وتحضير الطعام الاحتفالي، ويلبس كل أفراد العائلة ملابس جديدة ويتوضأون. ومنذ صباح يوم العيد يكون الجميع متواجدين في المساجد، وكل واحد منهم حاملاً سجادة الصلاة، والأطيب في العيد هو صلاة الجماعة التي تعني الكثير للمسلم أينما كان .

ـ ملاحظة: الصور المرفقة في المقالة تـَعرض مطاعم وأسواق ومواقع إسلامية شهيرة في مدينة (تيانجين) الصينية التي أتردد عليها أنا شخصياً.

 

*مدير في شركة صينية، ومُستعرب يكتب بالعربية وعضو ناشط ورئيس ديوان الشؤون والمتابعات الاسلامية في الصين في دواوين ومديريات الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.