موقع متخصص بالشؤون الصينية

#الصين ـ #الهند: حرب لا تريدها إلا #واشنطن (العدد 76)

0

نشرة الصين بعيون عربية ـ محمود ريا

مرة أخرى تعود العلاقات الصينية الهندية إلى التوتر، لتجعل من عملاقي آسيا يبدوان وكأنهما على حافة الحرب.
بالطبع هي حرب لن تقع، ولا يمكن لأي منطق أن يتقبّل فكرة دخول بلدي المليار في مواجهة شاملة أو حتى محدودة، وذلك في عصر القوة النووية والترسانات الحربية العملاقة، وكذلك في عصر التفاوض والدبلوماسية ووضع السعي إلى الحلول في رأس قائمة الأولويات.
وهذا السعي موجود حتماً في بكين، ويبقى أن يتأكد وجوده أيضاً في نيودلهي، حتى يتم نفي خيار اللجوء إلى الحرب لحل المشاكل ـ العالقة والطارئة ـ بشكل نهائي.
إلا أن نفي الخيار العسكري لا يعني عدم الاستعداد له، أو دراسة فائدته، أو حتى التهديد به.
من هنا جاءت التصريحات والتعليقات الصادرة من أصوات إعلامية وأكاديمية صينية، تحذر الهند من تجربة الصين مرة أخرى، بعد تجربة عام 1962، والتي كانت كارثة حقيقية على نيودلهي، فاليوم باتت “الفجوة العسكرية بين الصين والهند أكبر مما كانت عليه” في ذلك الوقت.
ومع ذلك فالصين ما زالت صابرة، بالرغم من اختراق الهند لحدودها، وما تزال تنادي بانسحاب القوات الهندية ـ المتسللة إلى أرض صينية “تحت ذريعة مخاوف أمنية” ـ بشكل فوري وسلمي. ولكن الرد الآتي من الهند لا يبدو مفعماً بهذا المستوى من الحرص على السلمية والدبلوماسية.
فهل هذا يعني أن الهند مقتنعة بقدرتها على مواجهة الغضب الصيني إذا تصاعد؟ أم أنها يستهويها اللعب على حافة الهاوية؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
لا تبدو الخطوة الهندية يتيمة أو بلا خلفية، وإنما هي نابعة من تاريخ مفعم بالتنافس بين العملاقين، ومن حاضر قائم على تناقض التحالفات، ومستقبل مشوب بالقلق من الرغبة بالهيمنة.
وبقدر ما أن الصين باتت واثقة من قدراتها ومن ثبات مبادئها ومن توازن تحالفاتها، بقدر ما تبدو الهند قلقة ومتوترة وخائفة من المستقبل، وخاضعة في علاقتها مع الولايات المتحدة التي تعمل على افتعال المشاكل في شرق آسيا لإدامة هيمنتها وسطوتها على المنطقة.
لا مصلحة لبكين ونيودلهي، ولا لقارة آسيا، ولا حتى للعالم النامي بحرب بين بلدين عملاقين مثل الصين والهند، بل ما يطلبه هذا العالم هو التكامل بين البلدين، على مختلف الصعد، ولا سيما الاقتصادية منها، لقيادة العالم إلى غد أفضل لكل أبنائه، وهذا بالضبط ما لا تريده واشنطن.
فإرادة مَن ستغلب؟ إرادة مليارات الناس التواقين إلى الرخاء، أم إرادة بارونات الحرب المعششين في دوائر واشنطن الحربية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.