موقع متخصص بالشؤون الصينية

زيارتي الى الصين (2 – 4) .. “لِن فين!” (مصوّر)

2


موقع الصين بعيون عربية ـ
باسم محمد حسين*:

في طرفٍ جميل من أطراف مدينة العمل والتكنولوجيا المتقدمة والتجارة والأموال والاستثمارات والبنايات العالية (شنغهاي)، قاطرة الاصلاح والانفتاح في جمهورية الصين الشعبية ، هناك حي شعبي يُسمّى (لِن فين) .

في هذا الحي السكني الجميل هناك مبنى  يتوسطه، وهو مكوّن من عدة طوابق مخصصة للارتقاء بإنسانية الانسان وإسعاده والحفاظ على صحته وراحته ويُسمّى (مركز النشاط الثقافي المجتمعي) .

 

(الصور خاصة بـ “موقع الصين بعيون عربية”)

 

هذا المركز أسسته الدولة الصينية قبل 14 سنة كي يرتاده الناس من مختلف الأعمار والشرائح المجتمعية، بمعدل ألفي شخص يومياً تقريباً، وبمشاركة مالية زهيدة جداً مترتبة على الرواد، بينما تتحمل الدولة أغلب تكاليف المستلزمات المادية والعينية التي تديم عمل هذا المركز .

كان في استقبالنا السيد المدير ومساعدوه، حيث قدم لنا صورة عن تاريخ هذه المؤسسة الخدمية الثقافية وكيفية العمل في إدارتها ، ومن ثم كانت لنا جولة في قاعاته الأنيقة المزدحمة بالمشاركين، فبدأنا بقاعة الموسيقى حيث مجموعة من العازفين على المسرح الذي يعلو أرضية القاعة بقليل يحملون آلاتهم المتنوعة المحلية، ومنها الآلات المعروفة عالمياً ، بينما كان المستمعون أغلبهم من كبار السن وقليلون غير ذلك .

رحّبوا بنا وحييناهم في جو إنساني رائع، واستمعنا لموسيقاهم واستمتعنا بها . بعدها كانت قاعة السينما حيث الدخول لها بمبلغ 2 يوان ، أي ما يعادل 30 سنت أميركي فقط.

ثم قاعة الجمناستك حيث كانت مجموعة من الفتيات والنساء متوسطات العمر يتدربن على فعالية رياضية راقصة، أدّوها أمامنا ببراعة متميزة، ثم القاعة الرياضية حيث يتدرب الجنسان معاً على مختلف الأجهزة الكثيرة المتواجدة هناك، وشارك بعض من أعضاء وفدنا الاتحادي باستخدام تلك الألعاب من باب التسلية فقط، تلتها قاعة كرة المنضدة (الطاولة)، وهذه اللعبة مشهورة جداً في الصين وأبطال العالم والدورات الأولمبية  في أغلب الأحيان من جمهورية الصين الشعبية، واثنان من وفدنا لعبا مع لاعبيهم الصينيين لدقائق فقط لغرض التسلية والمشاركة .

هناك مكتبتان في هذا المركز، الأولى للكتب الورقية حيث يمكن الاستعارة منها وبطريقة مبسطة، كما يمكن القراءة في تلك المكتبة المكتظة بألوف العناوين، وأكثرها باللغة الصينية، وفيها كتب بلغات أجنبية، وهناك المكتبة الإلكترونية حيث الحاسبات الحديثة المزودة بالعديد من البرامج بالإضافة إلى شبكة الانترنت، وهناك أيضاً قاعة الرقص الكبيرة لكلا الجنسين حيث قدموا لنا رقصات مختلفة على موسيقى صينية وعالمية، كانوا قد تدربوا عليها مسبقاً.

وأخيراً وليس آخراً كانت قاعة الفنون التشكيلية، حيث وجدنا كبار السن وهم يرسمون بطريقتهم وألوانهم الصينية المتميزة لوحات تمثل باقات الورود ومناظر طبيعية، صدقاً كانت غاية في الروعة، وقد أهدى شخصان منهم لوحاتهما المكتملة إلى اثنين من أعضاء وفدنا الاتحادي، ومن هؤلاء السيدة يلينا نيدوغينا وهي مؤسسة للاتحاد الدولي ورئيسة الفرع الاردني فيه.

وآخراً وجهوا إلينا الدعوة لتناول الشاي الصيني الأخضر الشهير، بعد التعرف على إعداده بالطريقة الصينية في إطار عرضٍ شبه مسرحي جميل، أدّته مجموعة من النساء اللاتي يرتدين زياً فلكلورياً  تقليدياً موحداً، وبعد الاستمتاع بذلك السائل المفيد صحياً، شارك البعض من أعضاء الوفد بالتدرب على طريقة الاعداد المتميزة للشاي الصيني على أيادي السيدات ذاتهن .

وبمثل ما استُقبِلنا بحفاوة وتكريم، كان وداعنا أيضاَ.

حقيقةً لو كنا مجرد سُوّاح للصين كبقية السائحين الكثيرين من مختلف أنحاء الأرض والذين التقيناهم في عدة أماكن، لما أمكننا أن نتعرف على هذا الصرح الثقافي الجميل وعلى هذا الحي البعيد نسبياً عن مركز مدينة شنغهاي، ولم نطّلع على هذه الخدمة المقدّمة من الدولة الصينية وحزبها القائد لجمهور المدينة الواسع. إن هذه الخدمات وغيرها الكثير توفرها الدولة الصينية لأبنائها إيماناً من قياداتها بالإنسان ووجوب الاهتمام به، كونه الغاية والوسيلة للتقدم والبناء والتطوير، وضمن فلسفة الحزب الشيوعي الصيني، وقد نصّت مؤتمراته وآخرها ال19 بقرارات تشير إلى وجوب الالتزام بسعادة كبار السن والنساء والاطفال والعائلات، وتقديم الرعاية من الوجوه كافةً إليهم مجاناً، أو شبه مجاناً.

تُرى، هل سنصل الى هذه المرحلة في بناء الانسان في دولنا العربية؟

سؤالي هذا بدافع الغبطة وليس الغيرة.

أتمنى وأعمل كما الكثير من الخيرين كي نتقدم بشعوبنا الى مرحلةٍ بسيطة مما وصل له أصدقاؤنا في الصين، وإلى رعاية شعبنا وخدمته بالشكل الصيني الذي لمسناه وأحببناه ونتمنى أن نرى مثيلاً له في بلادنا العربية.

وللحديث بقايا..

البصرة 6/4/2018

*الاستاذ #باسم_محمد_حسين: كاتب وعضو في “#المجموعة الرئاسية #العراقية الأولى، وسكرتير تحرير مجلة #الغد للحزب الشيوعي #العراقي، وعضو المكتب الإعلامي ومكتب العلاقات الوطنية للحزب، والأمين الإداري للنقابة #الوطنية للصحفيين #العراقيين.

2 تعليقات
  1. تامر يقول

    الأمل بالله عظيم ولكن نحتاج الى كثير من العمل الجاد والكثير الكثير من الجهد لتغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للحياة .
    فللاسف استاذي الفاضل ( من وجهة نظري طبعا ) ان هؤلاء القوم يعيشون على مبدأ ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) بينما نحن في دولنا العربية نعيش بمبدأ ( كل نفسا ذائقة الموت )
    قد نحتاج الى تغيير الكثير من المفاهيم والمعتقدات لنصبح مجتمعات تحب الحياة

    تقبل مروري

  2. مروان سوداح يقول

    وصف جميل استاذ باسم.. استمر بنشر مقالات مشابهة ومتعنا بها..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.