موقع متخصص بالشؤون الصينية

“طريق الحرير” في حُلّة الحِزام الاردني!

0

موقع الصين بعيون عربية ـ
رانية ضميري*:
يُعتبر الأردن أحد بلدان طريق الحرير التاريخي الذي مر عبر سهوله وجباله وأراضيه، منطلقاً من الجنوب البحري الى شماله الأرضي. وقد أزدهر هذا الطريق في الأردن الذي كان وما زال بلداً مستقراً، وبخاصة لاحتضان الطريق الصيني ومدّه بأسباب القوة لمواصلة طريقه الى الشام فأوروبا.
قبل أكثر من ألفي عام ، بدأ التجار وقوافلهم بالتحرك في مختلف الاتجاهات الارضية، على طول وعرض طريق الحرير، لتجارة البضائع والتكنولوجيا القديمة. وفي أيامنا، فإن طريق الحرير الحديث الذي يشتهر بتسميته “الحزام والطريق” يعيش طور البناء والتشكيل الأوسع كونياً، وهو يعود للتألق من جديد في سماء آسيا قبل دخوله في القارات الاخرى، جاذباً الاستثمارات والازدهار والفوز المشترك. للناس
لقد حظيت مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ بقوة جذب كبيرة وتأييد في العالم، حيث تتشكل من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ 21، بهدف بناء شبكة تجارة وبُنى تحتية تربط القارات القديمة آسيا بأوروبا وأفريقيا، وصولاً الى تعمير الطريق القديم للحرير والتوابل والعطور وغيرها، حيث تجمّع الآلاف من تجار التجزئة في الأسواق الشرقية والغربية، لِما بات يُعرف اليوم بمدينة “شيآن”، حاضرة مقاطعة شنشي بشمال غربي الصين، وقد كانت تلك الأسواق معروفة ومشهورة على طول طريق الحرير القديم، ذلك أن الناس حملوا على أكفهم وأكتافهم الحرير والشاي الى هناك، ونقلوها بعيداً إلى البلدان العربية ومنها الاردن، وأوروبا، فيما عادت القوافل في المقابل محملة بتوابل الفلفل والقرنفل وغيرها…”.

ولأن الأردن أحد البلدان المستقرة في التاريخ، فهذا يجعل منه محط أنظار وانجذاب الجميع، ومهداً لمختلف أشكال الاستثمارات، ومنها الصناعية والتقنية والتجارية والخدمية التي تربط الجنوب بالشمال، لمنطقة ذات أهمية جيوسياسية كبرى، بالأخص إحتضانه لطريق – مشروع طريق الحريرالجديد، الذي يرث القديم الذي قطع الاردن وما جاوره بلداً بلداً، وجزءاً جزءاً، مٌنتصراً على كل المعيقات..
لقد عاشت بلادنا الاردن فترة ازدهار كبيرة في تلك الفترة مع طريق الحرير القديم، فقد كان الاردن يمثل سوقاً كبرى وتبادلات دولية، وسوّق نفسه عالمياً بأثواب من الازدهار وطيب الحياة والعيش الرغيد.

واليوم تعود سنين الاردن القديمة (مع الحرير) الى واجهة الاحداث، إذ بدأ ذلك في العام 2015 ، حين وقّع جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس شي جين بينغ، معاهدة التعاون الاستراتيجي، وكان لزيارة جلالته أنذاك أثراُ مشهود به على مستوى الصين والاردن وبلدان العالم، لا سيّما لأن الاردن الصغير وقّع معاهدة مع الصين الكبيرة، التي تمدّه بسبُل التقدم والازدهار، ضمن مبادىء السلام والتعاون المشترك والنفع المتبادل والمستاوي.
لقد أثمرت الجهود المبذولة بين البلدين الصديقين منذ 41 سنة، في تدعيم العلاقات الثنائية بينهما، وحظيت على نجاح ملموس في كل المجالات، ومن أهمها السياسية والاقتصادية، والدبلوماسية أيضاً، وأدّت الى اعتبارها مِثالاً يُحتذى .
ومن أجل تجذير العلاقات الثنائية، تم توثيق نجاحات البلدين بالتوقيع على العديد من المشاريع والشراكات الاستثمارية، فكان إنشاء الجامعة الأردنية الصينية، التي توطد العلاقات العلمية والانسانية والثقافية بينهما، وتقرّب بين النهجين، وتخلق تواصلاً بائناً بين الشعبين، إذ كان الهدف من إنشائها تدريس التخصصات التقنية التي تدعم السوق الاردني بالدرجة الاولى، وهو ما يُشير الى ان الصين مهتمة بتدعيم الاستقلالية الاردنية، وبخاصة الاقتصادية التي تفضي الى السياسية وتقريب الاردن من مراكز صنع الأحداث المفصلية في مجاله وخارجه.

ومن المهم الإشارة هنا، الى أن طريق الحرير القديم، سينبثق قريباً جداً في زيٍّ آخر جديد لكنه مشابه بلوجستياته على الارض الاردنية، وهو ما سيُفضي بالتأكيد، الى توسيع علاقات الشعبين والبلدين، ويَجعل من بلادنا سوقاً نشطة لمختلف عناوين السلع في المنطقة، إذ أن الاستقرار الاردني المدعوم من الصين بقواها المالية والصناعية وتقنياتها ورغباتها، لتحويله الى منطقة مركزية في الحزام والطريق، تتواصل مع المناطق المركزية الآخرى في الكويت والخليج وموانئ سلطنة عُمان وقناة السويس ومصر، والذي تتعاطف معه روسيا بوتين، سيكون له بالتأكيد تأثير هائل ومتواصل في الداخل الاردني، كذلك مِن حول الاردن الصغير لكنه الكبير بتطلعاته الإنشائية مادياً ومعنوياً.

ـ #رانية_ضميري: كاتبة ومثقفة أُردنية وعضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.