موقع متخصص بالشؤون الصينية

التبادل التجاري القوي بين الكويت والصين يجنب البلدين مخاطر التباطؤ

0


صحيفة السياسة الكويتية:
قال تحليل اقتصادي صادر عن الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية, ان  حجم التبادل التجاري حول العالم بما فيه الصين شهد انخفاضا تسبب به تباطؤ الطلب العالمي والأداء الضعيف لاقتصاد الولايات المتحدة الأميركية, واستمرار أزمة الديون المتفاقمة في منطقة اليورو. ففي يوليو الماضي, نمت الصادرات الصينية بمعدل 1 في المئة فقط على أساس سنوي, وهو أقل من معدل النمو الذي سجلته في الشهر الذي سبق والذي بلغ 11.3 في المئة على أساس سنوي. وكانت الصادرات إلى الولايات المتحدة ومنطقة اليورو الأكثر تأثراً وانخفاضاً, حيث تقلصت بمعدل 8.5 في المئة على أساس سنوي في يوليو, مقارنة بمعدل نمو بلغ 11.3 في المئة في يونيو على أساس سنوي. وبما أن الاقتصادات الآسيوية مترابطة وتعتمد على بعضها في تبادلها التجاري, ومع أيضاً ضعف الطلب من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو, انخفض بالتالي حجم التبادل التجاري بين الدول الآسيوية كذلك. فشهد بذلك مستوى الصادرات الصينية إلى الدول الآسيوية انخفاضاً من 16.1 في المئة على أساس سنوي في مايو إلى 13.5 في المئة على أساس سنوي في يونيو. وبالرغم من ذلك, لم يكن التباطؤ كبيراً كما هو في الاقتصادات المتقدمة, بفضل ما تتمتع به دول آسيا من متانة في قطاعها المحلي.

ومن ناحية أخرى, حافظت دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى طلبها القوي على السلع الصينية,  فنمت الصادرات الصينية إلى مجلس التعاون الخليجي بمعدل 30.5 في المئة على أساس سنوي في يونيو, وهو معدل أقل بقليل من معدل شهر مايو البالغ 32.5 في المئة على أساس سنوي. ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي, كانت الصادرات الصينية لقطر هي الأكثر انخفاضاً, حيث بلغ معدل النمو 12.7 في المئة على أساس سنوي في يونيو, منخفضاً من 44.7 في المئة على أساس سنوي من مايو. أما في الكويت, ارتفع مستوى الصادرات إلى 20.5 في المئة في يونيو على أساس سنوي, من 12.9 في المئة على أساس سنوي في مايو. وبهذا تستمر الصين من الاستفادة من الطلب القوي من دول مجلس التعاون الخليجي.

وخلال فترات الأزمات الاقتصادية العالمية, عادة ما تنخفض أسعار الأصول مع هبوط مستويات النشاط الاقتصادي. وعلى سبيل المثال, خلال الأزمة المالية الأخيرة في 2008, فقدت العقارات في الولايات المتحدة الأميركية جزءًا كبيراً من قيمتها, كما انخفضت أسعار نفط برنت الخام من أكثر من 140 دولارا أميركيا إلى أقل من 40 دولارا أميركيا. وفي مثل هذه الحالات تتراجع اقتصادات الدول التي تعتمد على الإيرادات النفطية, مثل الدول الأعضاء في “منظمة الدول المصدرة للبترول” (أوبك), ودول مجلس التعاون الخليجي. ولكن وبعد أزمة 2008, استمرت أسعار النفط بالارتفاع خلال التراجع الاقتصادي الراهن, وذلك يعود إلي سببين رئيسيين وهما تأثثيرات الربيع العربي, والتوقعات بأن تتفق البنوك المركزية والحكومات حول العالم لوضع برنامج تحفيزي. وقد استفادت الدول المصدرة للنفط مثل الكويت والسعودية من هذا الارتفاع في الأسعار. وبالرغم من أن الصادرات الصينية شهدت بعض الضعف, إلا أن الخطط الاستثمارية وخطط البنية التحتية كانت تتطلب استيراد كميات كبيرة من النفط, مما شكل طلباً منتظماً من الصين على الصادرات النفطية الخليجية. وبالتالي, تستمر الكويت ودول خليجية أخرى بالتمتع بمصدر مزدهر للدخل الذي يدفع نموها الاقتصادي. وبفضل المساعدات والإعانات التي تقدمها الحكومات على مواطنيها حينما يشهد اقتصادها نمواً, يزيد مستوى الطلب المحلي, مما يعني زيادة الطلب على السلع المستوردة, بما فيها السلع الصينية.
وتربط الكويت والصين روابط اقتصادية قوية, على سبيل المثال, تبلغ نسبة الواردات الكويتية من الصين نسبة 10 في المئة من إجمالي الواردات الكويتية, وتصل نسبة الواردات النفطية للصين من الكويت نسبة 5 في المئة من إجمالي الواردات الصينية, مما يعود بالنفع على كلا البلدين بالرغم من التباطؤ الاقتصادي الحالي. فمن جهة, تستفيد الصين من تصدير سلعها إلى الكويت بالوقت الذي يشهد فيه شركاؤها التجاريون مثل الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو تباطؤاً اقتصادياً. ومن جهة أخرى, تتمتع الكويت بمصدر ثابت للطلب المنتظم على نفطها من الصين. وهذا ما وضع دول مجلس التعاون الخليجي في مركز مرن لمواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي, حيث زادت الكويت حجم طلبها على السلع الصينية في يونيو, كما يبين الرسم البياني المرفق. وتستورد الكويت بشكل أساسي السيارات والآلات والمواد الخام المستعملة في البناء والإنشاءات, وتدل زيادة هذه الواردات من الصين على انتعاش النشاط الاقتصادي المحلي في الكويت.
وطالما ثبتت أسعار النفط فوق مستوى 80 دولاراً أميركياً هذا العام, ستتمتع الكويت والدول الأخرى المصدرة للنفط التي تتعامل مع الصين تجارياً بنمو قوي. ومن المتوقع في الكويت أن تدعم حجم الصادرات النفطية العالية والطلب المحلي المنتعش مستوى ثابت من النمو. وقد ارتفع العرض النقدي والنمو الائتماني إلى 5 في المئة على أساس سنوي في يونيو, وهو أعلى معدل خلال أكثر من عامين, وهو ما يدفع الاستهلاك المحلي. ولكن ومع ذلك, لا تزال هناك مخاوف بارزة من استمرار الأزمات في الدول المتقدمة وصعوبة حلها خلال هذا العام, ما بعني أن الصين ودول مجلس التعاون قد يفقدوا شراكاتهم الاقتصادية على المدى القصير مع الدول الغربية مثل الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو. إلا أن القطاع المحلي في كل من الكويت والصين اليوم في وضع مناسب لمواجهة أي تباطؤ اقتصادي, حيث يتجه تركيزهما تدريجياً إلى الاستثمار في البنية التحتية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.