موقع متخصص بالشؤون الصينية

تدويل العملة الصينية والتجارة الدولية

0


صحيفة الخليج الإماراتية ـ
د . علي توفيق الصادق:
الرنمنبي واليوان هما وجهان لعملة الصين التي تستحوذ على حيز كبير مهم في المحافل الدولية المهتمة بالعلاقات التجارية الدولية وبالتوازن الاقتصادي العالمي عامة والعلاقات الاقتصادية الصينية- الأمريكية على وجه الخصوص . فالصين احتلت المرتبة الثانية في عام 2010 بعد الولايات المتحدة الأمريكية متفوقة على اليابان على أساس حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يمثل مجموع قيم السلع والخدمات النهائية التي تنتج داخل البلد المعني، وهو ما نسميه هنا الدخل الوطني .

فقد بلغ الدخل الوطني للولايات المتحدة حوالي 7 .14 تريليون دولار وللصين حوالي 9 .5 تريليون دولار ولليابان 5 .5 تريليون دولار عام 2010 . ويمثل الدخل الوطني لهذه الدول الثلاث حوالي 41 في المئة من الدخل العالمي الذي بلغ حوالي 63 تريليون دولار في عام 2010 . ولقد بلغت قيمة الصادرات السلعية العالمية حوالي 15 تريليون دولار عام 2010 منها حوالي 5 .10 في المئة صادرات الصين أو ما يعادل حوالي 27 في المئة من الدخل الوطني الصيني، و2 .12 في المئة صادرات الولايات المتحدة الأمريكية أو ما يعادل 12 في المئة من الدخل الوطني الأمريكي، و1 .5 في المئة من صادرات اليابان أو ما يعادل 14 في المئة من الدخل الوطني الياباني .

وأصبحت الصين عضواً في منظمة التجارة العالمية في عام 2001 وكان دخلها الوطني حوالي 33 .1 تريليون دولار، بينما كان الدخل الوطني الأمريكي حوالي 3 .10 تريليون دولار . وكان سعر صرف الدولار يساوي 28 .8 يوان علماً بأنه كان يساوي 5 .1 يوان عام 1980 و78 .4 يوان عام ،1990 وخلال الفترة 2001 2010 حققت الصين فائضاً في حسابها الجاري مع العالم بلغ حوالي 99 .1 تريليون دولار، وفي المقابل حققت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة نفسها عجزا في حسابها الجاري مع العالم بلغ حوالي 8 .5 تريليون دولار، وعجزاً في الميزان التجاري مع الصين بلغ حوالي 93 .1 تريليون دولار . هذا الفائض الصيني مع العالم والعجز الأمريكي مع الصين خلقا اختلالاً في العلاقات التجارية الدولية وأصبحا موضوع مناقشات واختلاف في معالجة الخلل الاقتصادي العالمي . والدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تضغط في اتجاه رفع سعر اليوان مقابل الدولار على أمل أن مثل هذا الإجراء يقلص فائض الصين مع العالم وفائض الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية . ونذكر في هذا السياق أن سعر صرف اليوان مقابل الدولار مر بمراحل تخفيض واستقرار ورفع سعره مقابل الدولار وفي جميع هذه المراحل كانت الصين تحقق فائضا في حسابها الجاري مع العالم ومع الولايات المتحدة .

يبدو أن مشكلة سعر صرف اليوان مقابل الدولار قد تكون في طريقها إلى الحل من خلال القبول بتدويل اليوان الصيني . فسنغافورة تخطط لأن تصبح مركز تجارة الرنمنبي الأول خارج الصين كما ذكرت صحيفة الفايننشل تايمز بتاريخ 20 إبريل/نيسان 2011 . ويبدو أن سنغافورة أخذت الضوء الأخضر من بكين التي ستعين بنكا صينيا لإجراء مقاصة للمعاملات التجارية المقيمة باليوان . ومثل هذا الترتيب يتيح للبنوك في سنغافورة العملة الصينية مباشرة بدلا من اللجوء إلى البنوك في هونغ كونغ أو في الصين .

إن خطوة سنغافورة ستلقى ترحيباً من البنك المركزي الصيني الذي يرغب ويدعم دورا أكبر للرنمنبي في التجارة الدولية وفي الاستثمارات الدولية لكي يقلص اعتماد الصين الكبير على الدولار الأمريكي .

إن تدويل العملة الصينية سيلعب دوراً إيجابياً في احتواء الاتهامات المستترة والمعلنة بين الدول المتقدمة والدول الناشئة حول استخدام سعر صرف اليوان المنخفض لتحقيق مكاسب أكبر على حساب الشركاء التجاريين .

ونظراً لأن الصين شريك تجاري مهماً لكثير من البلدان، فإن تدويل العملة الصينية يعني خلق طلب على اليوان لتسوية الالتزامات الناشئة من استيراد السلع والخدمات وتدفق الاستثمارات إلى الصين .

ولا بد للبنوك المركزية في الدول التي تكون تجارتها مع الصين مهمة أن تعيد النظر في مكونات احتياطياتها وأن تحتفظ بنسبة تتناسب مع علاقاتها التجارية والاستثمارية مع الصين .

فالصين التي كان دخلها الوطني اقل من 13 في المئة من الدخل الوطني الأمريكي عام ،2001 عند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، حققت إنجازات مذهلة خلال عقد من الزمن حيث أصبح دخلها الوطني أكثر قليلاً من 40 في المئة من الناتج الوطني الأمريكي عام 2010 .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.