موقع متخصص بالشؤون الصينية

الخلاف بين الصين واليابان حول جزر دياويو ينخر جسد الاقتصاد العالمي

0


صحيفة الشعب الصينية:
أكدت أربعة بنوك صينية كبري يوم الاثنين أنها لن تشارك في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي أنطلقت أعماله اليوم الثلاثاء في العاصمة اليابانية طوكيو وسط توتر العلاقات بين الصين واليابان بشأن جزر دياويو الصينية.

ويرى المحللون الصينيون أن قرار البنوك يعد دليلا آخر على ان الإجراءات اليابانية أحادية الجانب لا تؤثر سلبا على العلاقات الثنائية فحسب، وإنما تلقى بظلالها أيضا على الاقتصاد العالمي.

لماذا ترفض البنوك الصينية حضور الاجتماع ؟

وذكر المحللون أن البنوك اتخذت هذا القرار عقب توتر العلاقات الثنائية بين الصين واليابان بعد إعلان الحكومة اليابانية قرارها “شراء” جزر دياويو الصينية في العاشر من سبتمبر.

وقد أدى تحرك اليابان هذا إلى اشتعال الاحتجاجات المناهضة لليابان في عشرات المدن الصينية الشهر الماضي، وأثر سلبا على العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية .

وقال ميه شين يو، الباحث بالمعهد الدولي للتعاون التجاري والاقتصادي التابع لوزارة التجارة الصينية، إن قرار البنوك يدل على أن الإجراءات اليابانية أحادية الجانب تعمل على تجميد العلاقات الثنائية وبدأت تؤثر أيضا على الاقتصاد العالمي.

وأضاف ميه ان توتر العلاقات بين الصين واليابان، ثانى وثالث أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم على التوالي، سوف يقوض بالتأكيد العمل الاقتصادي وتنسيق السياسة الإقتصادية في العالم، إذ تشكل الدولتان معا حوالى خمس الانتاج الاقتصادي العالمي وتمثل احتياطيات النقد الأجنبي للبلدين معا أكثر من 40 في المائة من الاحتياطي العالمي من النقد الأجنبي..

قلق يساور العالم إزاء النزاع الصيني – الياباني:

وعلى خلفية تدهور أزمة الديون الأوروبية وضعف الانتعاش الاقتصادي الأمريكي ، يتخذ هذا الاجتماع السنوي من “التغلب على الأزمة وتحقيق الانتعاش المستدام” موضوعا رئيسيا له تدور حوله سلسلة من المؤتمرات والحلقات الدراسية.

وكان صندوق النقد الدولي قد أعرب عن قلقه إزاء عدم حضور البنوك الصينية – وهى البنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الصين، وبنك التعمير الصيني، والبنك الزراعي الصيني – للاجتماع ، نظرا لكونها تضطلع بدور هام في المجتمع المالي الدولي وكانت مشاركتها ستؤثر حتما على نوعية الاجتماع السنوي هذا العام.

ومن المعروف للكثيرين أن تلك البنوك الأربعة مدرجة على قائمة البنوك العشرة الكبرى من حيث القيمة السوقية في العالم، وبالأخص البنك الصناعي والتجاري الصيني الذي أحتل مرتبة أكبر المقرضين في العالم من حيث القيمة السوقية على مدار خمس سنوات متتالية. كما تم تحديد بنك الصين من بين البنوك العالمية الـ29 التي تتمتع بالأهمية النظامية في العالم وهو البنك الوحيد من بينها الذي ينتمى للاقتصادات الناشئة.

وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد ، في حديثها حول العلاقات الصينية – اليابانية في الوقت الراهن ، إن الاقتصاد العالمي المضطرب أصلا بفعل تداعيات أزمة الديون الأوروبية لا يستطيع أن يتحمل النزاع بين الصين واليابان حول القضايا الإقليمية . وأشارت إلى ضرورة وجود مشاركة كاملة من جانب الصين واليابان كى يتحقق انتعاش الاقتصاد العالمي.

جدير بالذكر أن العلاقات الثنائية بين الصين واليابان بلغت أدنى مستوى لها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وذلك عقب إعلان الحكومة اليابانية قرارها “شراء” جزر دياويو الصينية في العاشر من سبتمبر، الأمر الذي ألحق الضرر سريعا بالعلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية. ومن ثم، بدأ يساور العالم قلق شديد من أن يتعرض انتعاش الاقتصاد العالمي صعب المنال أيضا للخطر.

وقالت تشانغ مو نان، الباحثة الصينية بدائرة التوقعات الاقتصادية التابعة لمركز الدولة للمعلومات، إن “سلسلة ردود الفعل جراء النزاع الإقليمي حول جزر دياويو الذي أثارته اليابان لن تؤدي إلى دخول العلاقات التجارية الاقتصادية الثنائية بين الصين واليابان في فترة شتاء قارس فحسب، بل ستشكل ضربة لسلسلة التوريد في آسيا والاقتصاد العالمي”.

ومنذ إندلاع الأزمة المالية العالمية، أصبح لدى آسيا رغبة قوية جدا في تعزيز التعاون الإقليمي وشرعت العديد من بلدان المنطقة في العمل بجد على تعزيز التعاون في إزالة الحواجز غير الجمركية وتعزيز التجارة عبر الحدود والخدمات اللوجستية، وذلك لتعويض الآثار السلبية الناتجة عن الأسواق الأمريكية والأوروبية ، ولكن خطوة الحكومة اليابانية الخاطئة حول قضية جزر دياويو عرقلت هذه العملية بشكل كبير.

وتعتبر سلسلة التوريد الآسيوية أحد السلاسل الأكثر أهمية في الدورة الاقتصادية العالمية، إذ تعد اليابان ثاني أكبر مورد للمنتجات الوسيطة بعد الصين في العالم وكذلك أهم مورد للمنتجات الوسيطة بالنسبة للصين حيث يأتى أكثر من ثلث إجمالي الواردات الصينية من السلع الوسيطة من آسيا.

وعلى سبيل المثال، تشير إحصاءات المنظمة اليابانية لصناعة الإلكترونيات وتقنية المعلومات (JEITA)إلى أن قيمة مبيعات الإلكترونيات يابانية الصنع إلى الصين بلغت 832 مليار ين ياباني (حوالي 10.62 مليار دولار أمريكي ) لتمثل حوالي 40 في المائة من إجمالي مبيعات الإلكترونيات الخارجية لليابان.

دعوة الى عودة العلاقات الصينية اليابانية إلى مسارها الطبيعي

ومنذ إعلان الحكومة اليابانية “شراء جزر دياويو”، تأثرت الصادرات اليابانية إلى الصين سلبا. وأشارت تشانغ مو نان إلى انه مع استمرار توتر العلاقات الثنائية، سيتزايد انخفاض المعروض من المنتجات الوسيطة اليابانية وسيفضى ذلك إلى مجموعة من التفاعلات المتسلسلة العالمية.

وأكدت تشانغ أنه مع مرور الوقت، سيظهر التأثير السلبي تدريجيا على الاقتصاد العالمي بسبب الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة اليابانية بشأن قضية جزر دياويو، الأمر الذي قد يجعل حالة الاقتصاد العالمي الواهن “تزداد سوءا”.

ويعتقد معظم المراقبين الدوليين انه ينبغي على الحكومة اليابانية ان تتخذ إجراءات عملية لتصحيح الخطأ في أسرع وقت ممكن كي تعود العلاقات الصينية – اليابانية إلى مسارها الطبيعي، وهو أمر يصب في صميم مصلحة البلدين والمنطقة والعالم بأسره.

وقال والتر سي لادويج ، الأستاذ المساعد بمعهد العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد البريطانية، إن “العالم كله يراقب عن كثب النمو الاقتصادي في شرق آسيا، لمعرفة ما إذا كانت هناك احتمالات لنشوب صراع في هذه المنطقة وما إذا كان في الإمكان مواصلة الاعتماد على النمو في شرق آسيا”.

وثمة اعتقاد يقيني لدى المحللين بأن النمو في منطقة شرق آسيا هو السبيل لانعاش الاقتصادي العالمي، ولهذا يتصاعد القلق إزاء كيفية التعامل مع الخلاف بين الصين واليابان حول جزر دياويو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.