الصين تبحث عن القوة الدافعة للنمو الاقتصادي في مرحلة تعديل هيكلها الاقتصادي
صحيفة الشعب الصينية:
يشهد الاقتصاد الصيني تعديلات وتغيرات مستمرة في ظل البيئة الاقتصادية العالمية المضطربة, بحثا عن “محرك جديد” لثاني اكبر كيان اقتصادي عالمي.
وهبط معدل النمو الاقتصادي للبلاد في النصف الاول من العام الجاري الى اقل من 8% لاول مرة منذ ثلاثة اعوام , ما يثير قلقا حول آفاق التنمية الاقتصادية الصينية. ويعزو بعض الخبراء اسباب التباطؤ الاقتصادي للبلاد الى التذبذبات قصيرة الامد الناجمة عن البيئة الخارجية المتدهورة.
ومن الطبيعي ان يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا في الوقت الراهن نظرا لان الاقتصاد العالمي مرتبط بصورة وثيقة, لذا فانه لا مناص من تأثر الاقتصاد الصيني بركود الاقتصاد في الولايات المتحدة واوروبا على ما ذكر ادوارد برسكوت, الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد 2004 , لشينخوا على هامش الدورة الـ16 للندوة التجارية الاستثمارية الدولية بالصين المنعقدة مؤخرا في مدينة شيامن بمقاطعة فوجيان جنوب شرقي البلاد.
وأوضح بعض المحللين ان الاقتصادات العالمية الرئيسية شرعت في اعادة التفكير في الانماط التنموية الاقتصادية حتى تطرح استراتجية تنموية جديدة لها.
وتبذل الصين جهودها لتعديل هيكل نموها الاقتصادي في اطار خطوة تهدف الى تحفيز الطلب المحلي واستبدال الانتاج الفائض بالاضافة الى تغيير الاقتصاد الانتشاري.
وكانت شركة مينغوى للاحذية والملابس, بصفتها احدى الشركات الصغيرة العاملة في التجارة الخارجية والواقعة في مدينة جينجيانغ بمقاطعة فوجيان, تعمل في تصينع الاحذية نيابة عن العلامات التجارية الاجنبية المشهورة قبل عام 2008. واعتزمت الشركة التحول الى الاسواق الداخلية بعد الازمة المالية التي تسببت في انكماش الطلب الخارجي.
وقال هونغ تشين مينغ, نائب مدير الشركة, انه تم فتح 600 محل بعموم البلاد , وتحولت 80% من اعمالها التجارية الى الاسواق المحلية الداخلية نتيجة لجهود مبذولة تستغرق عدة سنوات لكي تؤسس علامة تجارية وقنوات تسويقية. وشهد حجم المبيعات منذ مطلع العام الجاري ارتفاعا بمقدار حوالى 30% على اساس سنوي على خلفية ركود اوضاع التجارة الخارجية.
واوضح ((تقرير الاستثمارات العالمية 2012)) الصادر في سبتمبر الماضي عن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ان حجم الاستثمار الاجنبي المباشر الموجه الى الصين بلغ 124 مليار دولار امريكي في عام 2011 ما يسجل رقما قياسيا تاريخيا. الجدير بالذكر ان الحجم الموجه الى قطاع الخدمات تجاوز قطاع التصنيع لاول مرة.
ومن جانبه, قال قاو هو تشنغ, نائب وزير التجارة الصيني, على هامش الندوة ان الحكومة الصينية ستواصل تشجيع تدفق رؤوس الاموال الاجنبية الى قطاعات الزراعة الحديثة والتصنيع المتقدم وصناعات التقنيات الفائقة والطاقة الجديدة وتوفير الطاقة وحماية البيئة الى جانب قطاع الخدمات الحديثة, كما ان الصين تستقطب رؤوس الاموال الاجنبية الى مناطقها الوسطى والغربية.
هذا وتدعم اوساط رجال الاعمال الجهود الصينية التي ترمي الى تعديل الهيكل الاقتصادي.
ومن جانبه, قال تشانغ ون جي, المدير العام لمنطقة الصين الكبرى لشركة سامسونغ الكورية الجنوبية, ان شركته حددت الصين كمحور تنميتها الدولية, تلبية لتخطيط تنمية سبعة قطاعات كبرى استراتيجية صينية, متوقعا بان يبلغ حجم استثمارات شركته في الصين 22 مليار دولار امريكي بحلول نهاية العام المقبل مع وصول ايرادات اعمالها التجارية الى 100 مليار دولار امريكي.
فيما يتعلق بالقوة الدافعة الجديدة لنمو الاقتصاد الصيني, اشار روبرت مونديل, ابو اليورو والحائز على جائزة نوبل للاقتصاد , ان “هذا يتوقف على ما اذا كانت الحكومة الصينية تطرح السياسات لتحفيز الطلب الداخلي والنمو في حينه ام لا. فاذا عدلت السياسات تعديلا مناسبا, قد يكون الوقت الراهن بالضبط نقطة انتقالية لتعديل الاقتصاد الصيني.”
ويرى المحللون ان نصيب الاستهلاك في الناتج المحلي الاجمالي ما زال ضعيفا, مشددين على ضرورة اتخاذ التدابير لتوسيع نسبة الاستهلاك بهدف تغيير هيكل النمو الاقتصادي للبلاد.
من الضروري ان تعدل الصين السياسات الاقتصادية بصورة مرنة حسب مختلف المناطق والقطاعات لضمان فعالية السياسات وجدواها. اما على مستوى الشركات, يتعين على الحكومة ان تساعد الشركات المحلية في خفض أعبائها من اجل التغلب على الازمة على حد قول برسكوت الذي شدد على ضرورة تشجيع الشركات الخاصة على توسيع الاسواق الاجنبية.
“انا متفائل من وجهة النظر بعيدة المدى واظن ان الاقتصاد العالمي سيشهد تحسنا مستمرا” طبقا لما قال برسكوت الذي عبر عن ثقته بتواصل زخم نمو الاقتصاد الصيني خلال العشر سنوات القادمة منذ عام 2013, طالما تحافظ