موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين.. دولة العالم

0


صحيفة الديار الأردنية:
 مروان سوداح*:
في المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني العتيد, المُنعقد حالياً في بكين, يُمثَل شعب الصين ومكوناته المُتعددة والتعددية مندوبون عن المناطق القومية النائية”, التي تحيا فيها أقوام وقوميات توليها الحكومة المركزية جل عنايتها لئلا تنقرض وتذوب فتذوي ريحها.
السياسة القومية التي ينتهجها الحزب الشيوعي الصيني, أكبر الأحزاب في العالم, أكدت فعاليتها عبر الزمن ونجحت في مواجهة التحديات وتذليل العقبات, وتطورت منذ تأسيس الدولة الشعبية الحمراء, فازدهرت الثقافة القومية للشعوب الصُغرى عددياً, وانتشرت روحها في رياح الصين فغدت شعبية حقاً, عامة ومتصلة بالأمة جمعاء, فأضحت ملكاً لجميع مكونات المجتمع بغض النظر عن توصيفات هذه المكونات وأسماء القوميات.
عندما تكون الثقافات القومية مُلكاً للأمة الناهضة وإرثاً جمعياً على سبيل الصين لا تزول ولا تشوّه بفعل فاعل أو تخريب حاقد. ففي الرأسمالية توظَّف الثقافة مَصلحياً وانتهازياً لصالح طبقة أو جماعة واحدة تغرف من توظيفها ما تشاء, فتفقد الثقافة طبيعتها التي تراكمت فيها عِبر الأجيال روح الأُمة وعنفوانها وحيويتها. إلا أن الثقافة القومية تتعمّق شعبيتها وجماهيرية في الدولة الاشتراكية ذات الألوان الوطنية بالذات, فتحافظ على الموروث, وتنهض به فيصير جزءاً مِن كلٍ يدافع عنه الجميع ويكون قضيتهم.
في المؤتمر الثامن عشر طالعنا العديد من التصريحات التي اكّدت على ازدهار الثقافات القومية في الصين, ومنها ثقافات القوميات الإسلامية, في غرب البلاد على وجه الخصوص, وهي مناطق تشهد منذ سنوات عديدة نهضة عمرانية واستثمارية واسعة تؤكد رغبة الحكومة المركزية وقيادة الحزب الشيوعي بتعمير تلك المناطق وجعلها مِثالاً ناصعاً للعالم وبضمنه الإسلامي.
رئيس منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الويغور المسلمة, نور بكري, صرح على هامش المؤتمر, بأن الاستقرار الاجتماعي في تلك المنطقة التي يُمثِّلها يَشهد تحسناً, ويُلاحظ فيها توطّد لدعائم الاستقرار برغم وقوع عددٍ من الأعمال الإرهابية في جنوبها هذا العام. المسوؤل بكري كشف عن ان شينجانغ تعدُ منطقة مُعرّضة للعنف, فقد جرَت فيها تحقيقات لكشف الأعمال الإرهابية اعتماداً على الهيئات الحكومية والأساليب التكنولوجية المتقدمة, والآن بدأ مزيد من المواطنين المحليين بفضح جرائم العنف وإبلاغ الحكومة بها, وبدأ الاهابيون من المشاركين في الجماعات المتطرفة والإرهابية بتسليم أنفسهم إلى الشرِطة.. وإلى جانب ذلك, كانت حكومة المنطقة قد باشرت بتنفيذ مجموعة من السياسات لتحسين مستوى معيشة الشعب فيها خلال السنوات الأخيرة, مِما عَززّ شؤون التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة بشكل شامل, وبفضل ذلك تشكّلت في شينجيانغ قاعدة من الاستقرار الجمعي الأكثر صلابة”. ويقيناً بأن وقائع المنطقة تتناسب مع تلك التصريحات التي أطلقها الرئيس هو جين تاوس بشأن المجتمع الصيني الواحد, والامة الصينية المترابطة بعرى لا تنفصم عراها ووحدتها الأبدية وسيادتها ثابتة, عندما قال أمام ألوف المؤتَمِرين الحزبيين: “علينا أن نعمل بمزيد من الجد والاجتهاد, ونواصل دفع التنمية العلمية وتحفيز التناغم الاجتماعي, ونستمر في تحسين معيشة الشعب ورفع مستوى سعادته, بغية إنجاز المهام الشريفة والشاقة التي عهد بها إلينا العصر”.
في الإرهاب نقرأ أيضاً بأنه مُتصلٌ ومتضامنٌ على الشر وإن دقَّت ملامحه وصَغُرت إعماله, فهو أممي الوصل والنسب, وينابيعه واحدة, لذا نرى كيف أن الارهابيين يتقاطرون من كل بقاع العالم دون استثناء للقتال في سورية سفحاً للدم السوري الزكي, فلا فرق لدى هؤلاء بقتل السوري أو العربي والأجنبي, فداءُ التطرف لديهم مُعدٍ يصيب الجميع وصاحبه أولاً بمقتل.
وهنا, فأن تطوير المناطق الصينية الغربية, ومنها نينغيشيا وشينجيانغ يرتدي أهمية كبرى ومفصلية وأساسية لا مندوحة عنها وبطرق صينية لا تخضع لأية مواصفات غربية وأجنبية رغبة بوأد أمزجة العنف والتطرف الديني والقومي والاجتماعي, وتوفير متطلبات الشعب المادية والروحية دون تأخير, وإيلاء مسألة الأعمال والوظائف والاستثمارات الواسعة أهمية أولى, ضمن مسارات الدبلوماسية العامة الصينية والنظرية الصينية لرفع الإنسان الى المقام الأول والإرتقاء به الى سناءِ السماء, كما في مُقَرّرات الحزب الشيوعي الصيني القائد الشريف وقيادة الدولة المخضرمة. وقد أثبت هذه الرئاسات فعاليتها وقدرتها على تحسين الأداء الشعبي وتجذير الولاء الجماهيري للقضية الوطنية الأُممية والانسانية, وتحويل الصين برمتها بتسارع الى دولة عالمية, ودولة العَالَمِ, المُعبِّرة عن أُممه وشعوبه وبخاصة النامية منها والفقيرة, المُتعَبَة منها والمقهورة والمُمَارس عليها إملاءات إمبريالية ودولية لا تنتهي ولا تتوقف عند حدود ولا جُدر.
* رئيس الإتحاد الدولي الالكتروني للصحفيين والإعلاميين والكُتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.