موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين .. افتقار أنموذج النمو للطاقة يختبر قدرات القيادة الجديدة

0


صحيفة الاقتصادية السعودية:
جاميل أندرليني من بكين:
تمت دعوة الشعب الصيني يوم الخميس لإطلالة نادرة على المسرح السياسي، عندما ظهر الرجل الذي تم اختياره لحكم الصين خلال العقد المقبل على المسرح في “قاعة الشعب الكبرى”، وتحدث إلى الشعب كزعيم لأول مرة.

كان شي جنبنج، الذي يبلغ من العمر 59 عاما قد تم اختياره رسميا رئيسا للحزب الشيوعي الصيني الذي يضم 83 مليون عضو. وقد تم تعيينه رئيسا لـ “اللجنة العسكرية المركزية”، ما يجعله القائد العام للقوات المسلحة لجيش التحرير الشعبي، أكبر جيش دائم في العالم.

وسيصبح شي رسميا رئيسا في آذار (مارس)، خلفا لهو جينتاو. ولم يتم منح أي من السابقين له هذه الأدوار الثلاثة معا – رئاسة الحزب، والقوات المسلحة، والدولة – في بداية ولايتهم. وبذلك يكون قد تم منح شي دعما قويا لتوطيد السلطة وتحديد الشكل الرئيسي لجدول أعمال جريء.

وسيحتاج لأن يكون حازما في التعامل مع المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية المتزايدة، التي يعتقد كثير من الصينيين أنها يمكن أن تهدد حكم الحزب الواحد السلطوي.

وانضم إلى الزعيم الجديد على المسرح يوم الخميس “اللجنة الدائمة للمكتب السياسي”، الكيان الذي يضم سبعة أشخاص ويدير الصين الآن.

وشملت اللجنة لي كيكيانج، الرجل الذي تم تعيينه نائبا أول لرئيس الوزراء، وتشانغ ده شيانج، الخبير الاقتصادي الذي تدرب في كوريا الشمالية. وظهر على المسرح أيضا رئيس الحزب الشيوعي في شنغهاي يو تشنج شنج، وليو يونشان قيصر الدعاية، ورئيس مكافحة الفساد وانج كيشان، وتشانج قاولي حليف شي جنبنج.

وخلال الأعوام الخمسة الماضية، تم إعداد شي ولي علنا لمنصبيهما، لكن حتى رحيل الآخرين يوم الخميس، لم يعرف أي شخص خارج زمرة صغيرة من كبار رجال الحزب من سيكون ضمن بقية فريق القيادة الجديد.

وقد يجعل غموض النظام والسرية التي تحيط بعملية صنع القرار في الصين من الصعب للغاية تشكيل حتى فهم أساسي لكيفية إدارة الدولة الأكبر من حيث عدد السكان على المستوى العالمي.

ومن بين الأسئلة التي ظهرت في أعقاب الفترة الانتقالية؛ كيف تختار الصين قادتها؟ يصف الحزب الشيوعي عملية الاختيار بأنها “ديمقراطية اشتراكية”، أو “ديمقراطية الشعب”، أو “ديمقراطية داخل نطاق الحزب”. وفي الحقيقة العملية هي عبارة عن قرار يتم اتخاذه من قبل السلطة العليا بالكامل تقريبا، إضافة إلى مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين وشيوخ الحزب المتقاعدين الذين يقررون بشأن جميع التعيينات الكبيرة.

ومن الأسئلة أيضا، لماذا حضر الرئيس السابق جيانج زيمين مؤتمر الحزب الشيوعي هذا العام؟ فقد كان واحدا من المشاهد الأكثر إثارة للدهشة في مؤتمر الحزب الـ 18 الذي ينعقد كل خمس سنوات، الذي اختتم يوم الأربعاء، هو ظهور شيوخ الحزب المتقاعدين بقيادة جيانج الذي حكم الصين من عام 1989 إلى عام 2002. وقد ترك جيانج منصبه الرسمي الأخير، قائدا للجيش، في عام 2004 ولم يتقلد أي دور رسمي في الحزب أو الحكومة منذ ذلك الحين، لكنه احتفظ بسلطة هائلة ونفوذ فيما يتعلق بإدارة الدولة. ويُعتقد أنه قام بدور أساسي في عملية اختيار عُصبة “اللجنة الدائمة للمكتب السياسي”.

كذلك يطرح سؤال عن عدد أعضاء اللجنة ولماذا هم سبعة أشخاص وليس أي عدد آخر؟ حتى يوم الخميس، كانت اللجنة الدائمة تضم تسعة أعضاء. وهذه المجموعة من زعماء الحزب تحكم الصين من خلال نظام جماعي لصنع القرار ولديها سلطة مطلقة في كل جانب من جوانب الدولة.

وهؤلاء الرجال السبعة، بالتشاور مع كبار رجال الحزب وجماعات المصالح، يقررون من سيتم ترقيتهم ومن سيحل محلهم. وفي الماضي، كان عددهم – و كانوا دائما رجالا – في اللجنة الدائمة يراوح بين ثلاثة وتسعة أعضاء. ويقصد بقرار تقليل العدد جعل الإعداد للسياسة أكثر فاعلية وأقل إثارة للنزاع.

وماذا يحدث بعد ذلك؟ في الجمهورية الشعبية توجد ثلاث هيئات رئيسية تتحكم في السلطة، هي الحزب، والدولة، والجيش. ويحتفظ الحزب بوضع مهيمن ومركز السكرتير العام الذي تولاه شي يوم الخميس هو الدور الأهم. وفي آذار (مارس)، سيسلم هو جينتاو الرئاسة، لكن هذا إجراء شكلي إلى حد كبير. فالكلمة المخصصة التي تعني الرئيس، “زونجتونج” president، لا تستخدم أبدا في الصين لوصف رئيس الدولة. وما أن يتولى شي الدور في آذار (مارس) حتى يصبح معروفا بـ “زوشي”، أو “رئيس” chairman الصين.

وكيف سيكون شي جنبنج مختلفا عن هو جينتاو؟ في خطابه الموجز، أظهر شي أسلوبا مختلفا للغاية عن ذلك الخاص بسلفه الذي لا يملك قدرة كبيرة على التعبير. وقد بدا مسترخيا وواثقا وهو يتحدث عن عظمة الدولة والشعب، لكنه انتقد الحزب الشيوعي لأنه لم يقم بمهمة جيدة بما فيه الكفاية لرعاية مصالح الشعب.

وعلى خلاف هو، الذي اعتمد بشدة على شعارات خاوية، ذكر شي بالكاد أيدولوجية الحزب وأشار مرة واحدة فقط إلى “الاشتراكية”.

ماذا تعني القيادة الجديدة بالنسبة للاقتصاد الصيني؟ لم يتسع الوقت كي يوضح شي وزملاؤه أولويات سياستهم، لكن يتم النظر للفريق على أنه محافظ ومن غير المحتمل أن يقوم بعمل تغييرات كبيرة. ومع تباطؤ الاقتصاد والمخاوف بشأن افتقار أنموذج النمو الصيني للطاقة التي تمكنه من الاستمرار، من الممكن أن يواجهوا قرارات صعبة للاحتفاظ بمستويات النمو التي تمت رؤيتها خلال العقود الثلاثة الماضية.

ما رأي الصينيين في قادتهم الجدد؟ في عينة عشوائية صغيرة من مواطني بكين بالأمس، ظهر أن الجميع سمعوا عن شي جنبنج، ولي كي تشيانج، بينما لم يسمع أحد عن رئيس الدعاية ليو يونشان.

وتقول تشو (55 عاما)، وهي موظفة حكومية متقاعدة: “لديّ ثقة بأنهم ربما سيقومون بمهمتهم جيدا، لكنني في الحقيقة لا أعرف كثيرا عنهم. كيف يمكننا نحن العوام معرفة كثير عنهم؟”.

وتقول تشانج (28 عاما)، وهي من مواطني بكين وتعمل في مجال الإعلام: “هذا حال انتقال القيادة في الصين، الناس ليس لديهم أي فكرة حقيقية عما يحدث. أتمنى أن يكون باستطاعتهم خفض أسعار المنازل المرتفعة”.

وتقول وانج (60 عاما)، وهي عاملة مصنع متقاعدة في بكين: “لا أهتم بمن يكون القادة، فلست أنا من يقرر من سيكونون. وليس لدي أدنى فكرة بشأن ما إذا كانوا سيقومون بمهمتهم جيدا أم لا – سيكون علينا أن ننتظر عدة سنوات حتى نكتشف ذلك. وإذا فشلوا، فسيكونون قد فشلوا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.