موقع متخصص بالشؤون الصينية

في الرسالة الإعلامية والإبتكارات النصية

0

CCTV Arabic
صحيفة الديار الأردنية:
يلينا نيدوغينا*:
لا يمكن للحروب على الأرض أن تكتسب زخماً شعبياً حقيقياً بدون مُنَاصرة الناس لها بغض النظر عن طبيعة هذه الحرب أهي عادلة أم ظالمة. ومُنَاصرة الناس للحرب إنما تعتمد على درجة الذكاء في تقديم الوجبات الإعلامية وفي الإبتكار الإعلامي والتغطيات الصحفية في وسائل الإعلام على اختلافها. وانشداد الناس الى الاعلام يستند الى العديد من الروافع العلمية والاحترافية والخبرات المتراكمة لدى أصحاب القلم. وفي العالم العربي كثيراً ماينفر الناس من الإعلام خاصة الحكومي لكون كوادره من فئة الموظفين واللاأُباليين واللامنتمين، بينما ينشد القارئ والمستمع والمشاهد الى الإعلام المقروء والمسموع والمرئي الذي يُعطي هامشاً واسعاً من الحريات الإعلامية ويُقدّم الخبر والخبر المضاد في آنٍ، طبعاً بدون التخلي عن الإستراتيجيات والأهداف، وفي الغالب يكون هذا الإعلام منتمياً للقطاع الخاص، أو يتبع شخصيات مُدرِكة لأهمية ودور الإعلام في الصراع على الأرض لكسب العقول والقلوب.
في العالم العربي يوجد فضائيات تمكنت من الحوز على المشاهدين، وغدت رئيسية بالنسبة إليهم في مصداقية الخبر والمعلومة، بينما لم تتمكن المئات غيرها من الفوز بنسب قليلة منهم وتراجعت بعضها بعد تغميسها بزيت الأجنبي، ومنها و”الجزيرة” و”العربية”. وفي الدول الاخرى، تراجعت فضائيات أجنبية وتقهقرت وصارت مُقِيمة في خطوط خلفية، على مِثال فضائية “الحرة”، والفرنسية والـ”بي بي سي”، وهذه جميعها تقلّص هامش الحريات الاعلامية فيها، وصارت تنشر “ما هب ودب” بعيداً عن المصداقية والمهنية والموضوعية، بل وبعيداً عن مصالح الدول والشعب العربي وحقوقه. وفي جانب آخر، نرى صعود فضائيات أخرى حلّت محل هذه منها “روسيا اليوم” بنسختيها العربية والانجليزية، والـ”سي سي تي في” الصينية كذلك بنسختيها العربية والانجليزية، كما وتلك الفضائيات التي تبث باللغة الصينية، لأن عدداً غير قليل من المشاهدين العرب مهتمون بالوصول الى الصورة الحقيقية للصين من خلال قناة صينية تبث بالصينية بالذات، فالتقييم هنا أجدى وأفضل وأكثر دقة وموضوعية. لكن، في القناة الصينية التي تبث بالعربية، يعتريها سلبيات عديدة تنفّر المشاهدين منها، تماماً كما يعتري بعض السلبيات بعض المواقع الإعلامية الصينية، بغض النظر عن الكوادر الإعلامية العربية التي تعمل فيها وبعضها على درجة رفيعة من المهنية و”الصلاحية” والإلتزام. لكن أيضاً، يُفترض بهذه الكوادر أن تكون على مستوى كامل من الإخلاص السياسي والمهني للموقع الاعلامي الذي “تتحرك” فيه، حتى يتمكن الموقع من الوصول الى الهدف الصيني المنشود، ففي خواتيم المسألة الإعلامية السياسية ومراميها تُعتبر الصين حليفاً إستراتيجياً طبيعياً وتاريخياً للعرب بشهادة القاصي والداني، ومن السخف الخروج عن الاخلاص للموقع لأسباب شخصية.
وفي بعض التفاصيل، فإن الرسالة الإعلامية الصينية يجب أن تكون سلسة لغةً وتقديماً، وعلى مُقدِّمها الصيني الابتعاد عن التثاقل في الأداء الإخباري والشخصي، وعليه أن يكتسب ناصية اللغة العربية ومخارج حروفها، وأن يكون مَرِناً في أدائه وحركاته وتعابير وجهه وانسجامها مع النص المقروء، حتى يَصل الهدف المطلوب الى مراميه ويكتسب بُعداً في المُشَاهِدين العرب، ناهيك عن ضرورة الإبتكار والإبداع اللغوي وفي أساليب تقديمها سيّما فيما يتصل بالتغطية الكتابية للحدث وصياغته، فتأثيره المطلوب في المستمع الذي ينتظر شيئاً جديداً ومتجدداً وموضوعات هادفة تستقطب اهتمام العرب، بكل برنامج وحلقة ونشرة أخبار صينية، وهنا بالذات يكتسب التواصل مع المستمع العربي عن بُعدٍ وعن قُربٍ أهمية مفتاحية. لذا، فمن المهم إقامة جسور من التواصل مع المشاهدين من خلال برامج مختلفة، وبضمنها نشرات الأخبار نفسها، وهو أسلوب يمكنه تعميق المصداقية والتأثير وكسب العقول والقلوب معاً. وفي الحقبة الحالية التي نشهد فيها ارتقاءً لمكانة الصين دولياً، كما ومحاولات حثيثة لؤأد موقف الصين السياسي وجعله مغموراً ومنسياً والتأثير سلبياً على نشاطها التجاري، على الإعلام الصيني التقدّم بخطوات سريعة وواسعة الى الأمام، لتعمير بنيانه بالمزيد من الخبرات لكسب الجمهور المستهدف وثقتهم.
*كاتبة وعضو المجلس القيادي التنفيذي للإتحاد الدولي للصُحفيين العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.