موقع متخصص بالشؤون الصينية

القوة الصينية والروسية.. خلاصية وإستراتيجية

0

china-russia-US

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح*:
تتلاحق التصريحات الروسية والصينية التي تؤكد على القوة العسكرية النافذة للدولتين العظيمتين وتحالفهما الطبيعي، وتأتي هذه التصريحات في وقت ينزلق فيه المجتمع الدولي نحو هاوية حربية سحيقة وتصعيد متسارع للتوترات الاقليمية بجريرة الامبريالية الامريكية التي أعياها تمسك بكين وروسيا بموقفهما تجاه استقلالية العالم وسيادة دوله وشعوبه. وهكذا، فقد دعا مسؤول عسكري صيني كبير إلى “دفع الاستعداد للنضال العسكري “بقوة” من أجل بناء أمة قوية وجيش قوي، وفقاً لِما ذكرته تصريحات “شيوى تشى ليانغ” نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية خلال جولات تفقدية أخيرة له في القوات المتمركزة فى شمال غرب الصين والمنظمات الاعلامية التي تتخذ من بكين مقراً لها والتي تقوم أساساً بعمليات تغطية أنباء الجيش الصيني. قال “شيوى” إنه “يجب ترسيخ المعتقد الماركسي والاشتراكية ذات الخصائص الصينية والثقة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في الجيش”. وتابع المسؤول العسكري بحزم: على الجيش أن ينصاع انصياعاً مطلقاً لقيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني واللجنة العسكرية المركزية ورئيس اللجنة “شي”. وأضاف المسؤول الذي يشغل كذلك منصب عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني: أن الاستعداد للنضال العسكري يجب ان يستمر أولوية كما ان قوة القتال يجب ان تكون “المعيار الوحيد والجوهري” للجيش، وعلينا فهم التطور العميق لشكل الحرب وأنماط القتال، وعلى الجيش أن يُخطِّط لميادين المعارك المستقبلية ومهامه وواجباته في ذهنه، مع تعميق دراسة العمليات العسكرية. والى جانب هذه التصريحات أصدر “شيوى” أوامره لمنظمات الأنباء العسكرية بخدمة الجنود والضباط والمصالح الشاملة وتحسين القدرة القتالية، وتبعه في المنحى نفسه رئيس اللجنة العسكرية المركزية “فان تشانغ لونغ” الذي أكد بدوره على “القدرة القتالية” ودعا ضباط الجيش الى تبنّي “معايير حقيقية للقتال” وفي تدريب الجيش “من أجل الوفاء باحتياجات الحرب المستقبلية فى عصر المعلوماتية”.
وفي المجال الروسي، تستمر الصديقة الكبرى روسيا بمناوراتها الحربية البحرية في مختلف مناطق العالم وفي مناطق شمالي روسيا نفسها، والى الشرق منها بمحاذاة الأراضي الأمريكية ومنطقة الاسكا الشاسعة التي ضمّتها أمريكا الامبريالية إليها بغير وجه حق، وتشدّد هذه القوات الروسية على ضرورة تطوير أدائها القتالي وانتشارها في المحيط العالمي، وتعاونها مع أصدقائها المقرّبين ومنهم سورية والجزائر وفنزويلا ودول عديدة في أمريكا اللاتينية والصين والهند وإيران الخ، وقد حملت المناورات الروسية قِبالة السواحل السورية مؤخراً رسالة ضمنية شديدة اللهجة لحلف الأطلسي وتركيا والدول الخليجية وغير الخليجية المتورطة في تشجيع الحرب الدولية والارهابية الفالتة من عِقالها على سورية. وفي هذا السياق عبَّر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال الكسندر بوستنيكوف الذي قاد بنفسه مناورات القوات الروسية في البحر المتوسط عن أن القوات الروسية التي أجرت تدريباتها في هذا البحر “أشعرت حلف شمال الأطلسي بأنها قادرة على حفظ استقرار هذه المنطقة وغيرها من مناطق العالم”. بوستنيكوف أكد بأن المشروع التدريبي الذي نفّذته قواته أخيراً، وفقاً لما أفضى به بالحرف “أظهر لكل ذي عين، وعلى الأخص حلف شمال الأطلسي، أن روسيا مستعدة للحفاظ على استقرار أية منطقة في العالم”. وقد حمل هذا التصريح تهديداً واضحاً للغرب برمته وعلى رأسه أمريكا الغبية الكبرى، وكشف عن اهتمام روسيا بسورية وأمنها واستقرارها وبأنها خط أحمر لموسكو، وبأن هذه المناورات الروسية لم تكن لتجري لولا التدخل الخارجي الوقح والمتواصل في الشؤون العربية السورية، الى ذلك هي علامة تبيّن عدم رضى موسكو عن الدول المتورطة ضد سورية وما يسمى “بأصدقاء سورية” المزعومين في العالم الذين يؤلّبون المجاميع الصناعية العسكرية عليها. وكانت المناورات الحربية البحرية الروسية في المتوسط والتي قادها ميدانياً الجنرال بوستنيكوف قد شارك فيها أكثر من عشرين سفينة حربية وثلاث غواصات ضخمة تعمل إحداها بالطاقة النووية، وأدرجت فيها طائرات سلاح الجو الروسي الاستراتيجية البعيدة المدى، بالاضافة الى وحدات من مشاة البحرية وقوات العمليات الخاصة الضاربة الروسية. وفي بيان لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أنها “رأت أن تلك المناورات قد حققت أهدافها من ناحية إبراز القوة العسكرية في منطقة بحرية بعيدة وإبداء العزم على استخدامها، وأكدت استعداد القوات الروسية لتنفيذ مهامها في البحار البعيدة”. من ناحيته وتساوقاً مع هذا كله عَّبر الجنرال بوستنيكوف للصحفيين أخيراً بلسان قاطع ومانع عن أن حلف شمال الأطلسي “الذي شاهد تدريبات القوات الروسية في البحر المتوسط” “شعر بأن القوات المسلحة الروسية، التي تزداد قوة، تستطيع تأمين الاستقرار في أي منطقة.. عند الضرورة!”.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.