موقع متخصص بالشؤون الصينية

قيادة جديدة تؤسس لمرحلة جديدة في جمهورية الصين الشعبية

0

National-conference5

موقع الصين بعيون عربية ـ
بقلم : دياب اللوح:

عقد المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني دورته لعام (2013م), وكذلك المجلس الوطني الاستشاري السياسي للشعب الصيني عقد دورته لعام (2013م), وعادةً ما يجتمع هذان المجلسان في شهر مارس كل أربع سنوات, وعلى رأس جدول أعمالهما في هذه الاجتماعات الدورية يكون انتخاب قيادة جديدة تشمل رئيس الجمهورية ونائبه, ورئيس مجلس الدولة ونوابه, وأعضاء مجلس الدولة, ونواب رئيس اللجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية التي يرأسها رئيس الجمهورية, ورئيس محكمة الشعب العليا, والنائب العام للنيابة الشعبية العليا, وكذلك يتم انتخاب نواب رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني, حيث تم انتخاب 23 نائباً, ويتم انتخاب نواب المجلس الوطني الاستشاري السياسي للشعب الصيني والذي يضم ممثلين عن الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب الصينية الأخرى وعددها ثمانية, وشخصيات غير حزبية, وممثلين عن المنظمات الشعبية والأقليات العرقية, ومختلف الطبقات الاجتماعية, ورجالات وكوادر الدولة القدامى, ولاسيما الدبلوماسيين القدامى.

نتائج اجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني, والمجلس الوطني الاستشاري السياسي للشعب الصيني, تضع الصين على أعتاب مرحلة جديدة, سيما وأن إعادة انتخاب قيادة جديدة لتتولى مقاليد الأمور في البلاد لدورة أربع سنوات قادمة قابلة للتمديد دورة أخرى لمدة أربع سنوات, يعني أن تجديداً سوف يحصل, وأن دماءً جديدة سوف تتدفق في شرايين وعروق أجهزة ومؤسسات الدولة من خلال رفدها بكوادر وقيادات جديدة شابة, ودلالة هذه المتغيرات هو انتخاب (لي يوان تشاو) نائباً لرئيس الجمهورية, وهو عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني وليس عضواً في لجنته الدائمة, وإذا ما انتخب في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني عضواً  في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي, فإنه يكون من أقوى المرشحين لتولي مقاليد الأمور بالبلاد في عام (2022م) بعد خروج الرئيس (شي جين بينغ) من الرئاسة على افتراض أنه سوف يمدد له ولاية ثانية في رئاسة الجمهورية طبقاً للتقاليد والقوانين الصينية, فلقد كان الرئيس (شي جين بينغ) نائباً للرئيس الصيني السابق (خو جين تاو) منذ عام 2008م في ولايته الثانية, وسوف يتولى الرئاسة حسب القانون لمدة دورتين (8) سنوات, والنائب الجديد لرئيس جمهورية الصين الشعبية من مواليد (1950م), مرشح أن يستمر في مهامه في حال فوزه بعضوية اللجنة الدائمة للمكتب السياسي, ويتردد في الأوساط الصينية بأنه قد يتم الاتفاق عليه بين الفريقين المتنافسين في القيادة الصينية, فريق المحافظين, وفريق الديمقراطيين, لكي يتزعم الجيل القيادي ما بعد (شي جين بينغ) في عام (2022م).

توجهات القيادة الصينية الجديدة :

تعهدت قيادة الصين الجديدة المنتخبة بالاقتراع السري من بين نواب المجلس الوطني للشعب الصيني, وهي حسب المتبع, قيادة منتخبة في المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد في نوفمبر من عام (2012م), والمرشحة من الحزب الشيوعي الصيني لانتخابها ونيل ثقة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني, وهي قيادة تأتي بالتوافق بين قيادات الحزب والبلاد, وخاصة بين فريق المحافظين وفريق الديمقراطيين, تعهدت القيادة الجديدة بتحقيق منافع ملموسة للمواطنين لضمان رفاهية الشعب وتحسينها, والاعتناء أكثر فأكثر بالفئات المحرومة والفقراء وتقديم منافع ملموسة للشعب الصيني, وبذل المزيد من الجهود للقضاء على الفقر وتحسين المستويات المعيشية للأفراد بشكل أكبر مع السير على خُطى التنمية.

يسود اعتقاد في الأوساط الصينية أن القيادة الجديدة للصين سوف تولي أهمية كبيرة لتحسين جودة معيشة الناس, وتحسين التعليم, وتوفير وظائف وفرص عمل أكثر, ورفع مستوى دخل الفرد, وتطوير الرعاية الطبية والصحية, وتحسين ظروف السكن, وبناء بيئة مجتمعية أفضل, وقال الرئيس الصيني الجديد:” إن تلبية تطلعات الشعب في توفير حياة سعيدة هي مهمتنا”, من أجل زيادة الناتج المحلي ونصيب الفرد من أجل بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل, لن يكون تحقيق هذه الأهداف على مدار السنوات الثماني المقبلة أمراً سهلاً, بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وغيرها من التحديات التي تواجه البلاد, بما في ذلك تعديل الهيكل الاقتصادي وتقليص الفجوة في الدخل والتنمية غير المتوازنة بين المناطق الشرقية والوسطى والغربية, وتظهر الميزانية المركزية لعام (2013م) زيادة ملحوظة في الإنفاق في المجالات المرتبطة بشكل وثيق بجودة الحياة ومنها التعليم والرعاية الصحية والأمن الاجتماعي والإسكان الشعبي, وعلى سبيل المثال, زاد الإنفاق الحكومي على الرعاية الطبية والصحية بنسبة (27,1) في المائة ليبلغ (260,25) مليار يوان صيني في عام (2013م).

تعهد تقرير الحكومة بضمان أن يزيد دخل الفرد في المناطق الريفية والحضرية تماشياً مع النمو الاقتصادي وأن الرواتب سترتفع بما يتوافق مع الزيادة في إنتاجية العمالة, وقال الباحث الاقتصادي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (ليو شون تشينغ): “إن تلك الزيادة المتزامنة تُعد دليلاً على الجهود المبذولة للتعامل بشكل أفضل مع المشكلات المتعلقة بالمستويات المعيشية للأفراد, وأن الرفاهية في مستويات معيشة الشعب لن تشمل فقط زيادة الرواتب, ولكنها تحل أيضاً المشكلات المتعلقة بالتعليم والرعاية الصحية والإسكان والمعاشات لتحقيق العدالة الاجتماعية”, ويعتقد محللون صينيون أنه سيكون من الصعب تحقيق “الحلم الصيني” في حالة عدم توفر فرص متكافئة, وقد وصف الرئيس الصيني الجديد (شي جين بينغ) الحلم الصيني بأنه تجديد عظيم للأمة الصينية.

وقال (جيانغ هونغ) عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني:” أنه يجب أن تُغطي الخدمات الاجتماعية العامة المركزية المناطق الريفية والحضرية على حدٍ سواء, وأن توزيع الدخل يجب أن يكون أكثر عدلاً وشفافية, وتحسين رفاهية مستويات معيشة الأفراد, وهذا يتطلب حلول للعديد من المشكلات والمزيد من الإصلاح في القطاعات المعنية”.

أولوية القيادة الصينية الجديدة في الإستراتيجية الدبلوماسية :

صرح وزير الخارجية الصيني (يانغ جي تشي) في مؤتمر عقده على هامش الجلسة الأولى للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب الصيني, المنعقد في قاعة الشعب الكبرى في بكين بتاريخ 10/3/2013م, “بأن أولوية القيادة الصينية الجديدة في الإستراتيجية الدبلوماسية ستكون المشاركة بفاعلية في الشؤون الدولية والإسهام في بناء المنظومة الدولية, وأن قادة البلاد سيشاركون بفعالية في القمم لتعزيز الصورة الدولية للصين وزيادة تأثيرها الدولي”.

وقال وزير الخارجية في مؤتمره الصحفي:”حافظت الصين والولايات المتحدة الأمريكية, لكونهما أكبر اقتصاديين في العالم, بشكل عام على قوة دفع التنمية المستدامة في علاقتهما خلال السنوات الأخيرة بفضل الجهود المشتركة من كلا البلدين”, وقال:” توصل قادة البلدين إلى اتفاقية مفادها أنه يتعين على الصين والولايات المتحدة أن يعملا معاً لبناء شراكة تعاونية ترتكز على الاحترام والمنافع المتبادلة وبحث إقامة نوع جديد من العلاقات بين القوتين الكبيرتين, وأن الصين والولايات المتحدة تتقاسمان المصالح الأكثر تقارباً كما يمتلكان تفاعلات متكررة إلى حدٍ بعيد في منطقة آسيا-الباسفيك”, مستشهداً بترحيب الصين بدور بناء للولايات المتحدة في آسيا- الباسفيك, وضرورة أن تحترم واشنطن أيضاً مصالح الصين ومخاوفها في المنطقة, وأنه يجب أن تتعامل كافة البلدان في المنطقة مع الشؤون الإقليمية في آسيا- الباسفيك عبر المشاورات لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار”.

وشدد وزير الخارجية على الثوابت التالية في الدبلوماسية والسياسة الخارجية الصينية:

–  العلاقة بين الصين والاتحاد الأوروبي من أكثر العلاقات الثنائية أهمية في العالم, بعد مرور عشر سنوات لإقامة شراكة شاملة وإستراتيجية بين الطرفين, وسوف تعقد القمة السادسة عشرة بين الصين والاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام (2013م), وأن الصين سوف تتعاون مع الاتحاد الأوروبي في عدة مجالات مثل التحديث ومصادر الطاقة الجديدة والابتكار العلمي والتكنولوجي والتنمية الخضراء.

–  العلاقة مع الدول المجاورة أصبحت أكثر أهمية في النظام الدبلوماسي الصيني, وتجاوزت التجارة الصينية مع دول الجوار في العام الماضي القيمة الإجمالية للتجارة الصينية مع أوروبا والولايات المتحدة لتصل (1,2) تريليون دولار أمريكي.

–  إن الصين متمسكة بموقفها القوي في الدفاع عن سيادتها وحقوقها ومصالحها المشروعة, ونأمل أن يتم التعامل بشكل ملائم مع تلك النزاعات وتحل عبر المفاوضات من أجل المحافظة على السلام والاستقرار الإقليميين.

–  إن الصين على استعداد لتعزيز العلاقات الإستراتيجية وتبادل المنافع بين الصين واليابان على أساس الوثائق السياسية الأربعة التي وقعها البلدان.

–  إن الصين تقر أن العقوبات ليست هي غاية قرار مجلس الأمن الدولي, وليست هي السبيل الأساسي لحل القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية, وأن الحل الوحيد للمسألة النووية في شبه الجزيرة الكورية هو إجراء المفاوضات والتعامل بطريقة شاملة ومتوازنة مع مخاوف الأطراف.

–  تلتزم الصين بالعمل على تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية, وتأمل الصين بأن تنظر كافة الأطراف إلى التعاون بين الصين والدول الأفريقية بطريقة موضوعية وتحترم اختيار الأصدقاء الأفارقة لشركاء التعاون بأنفسهم, وأن التعاون بين الصين والدول الأفريقية يتوافق مع تطلعات الشعوب الأفريقية لتحقيق الاستقرار والتنمية في بلدانهم وتحقيق الوحدة بين الدول الأفريقية وإرساء عدالة النظام الدولي.

–  ترحب الصين بالتعاون مع أفريقيا, والصين على استعداد لتطوير التعاون مع المنظمات الإقليمية مثل مجموعة دول أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي وتعزيز إقامة منتدى للتعاون بين الصين ودول أمريكا اللاتينية.

استشهد وزير الخارجية (يانغ جي تشي) بمثل أفريقي للتأكيد على أهمية التعاون مع الدول الأفريقية قائلاً:”إذا كنت تريد أن تسير بسرعة فسر بمفردك, وإذا كنت تريد أن تسير بعيداً فسر مع الآخرين”.

لا مجال للحرب الالكترونية :

الفضاء الالكتروني يحتاج إلى قواعد وتعاون وليس حرباً, والصين تعارض تحويل الفضاء الالكتروني إلى ساحة حرب أخرى, واستغلال الفضاء الافتراضي للتدخل في شؤون الدول الأخرى, وتعارض أنشطة التسلل الالكتروني, ويأتي تأكيد هذا الموقف الصيني تعقيباً على تقرير شركة (مانديانت) الأمريكية للأمن الالكتروني, الذي يزعم أن وحدة سرية للجيش الصيني في شنغهاي هي المسؤولة عن الهجمات الالكترونية على شركات أمريكية لعدة سنوات, الذي وصفه الوزير بأنه يستند إلى أساس هش.

انتخاب الرئيس الجديد لجمهورية الصين الشعبية :

أعلن حوالي ثلاثة آلاف مشرع بالهيئة التشريعية الوطنية لجمهورية الصين الشعبية يوم الخميس الموافق 14/3/2013م, في اليوم الخامس من انطلاق أعمال المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لدورة عام2013م, عن انتخاب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني, ورئيس اللجنة العسكرية المركزية بالحزب (شي جين بينغ) (xi jin ping), رئيساً لجمهورية الصين الشعبية ورئيساً للجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية, وهو الرئيس السابع للصين بعد ماو تسي تونغ, وليوشاوتشي, ولي شيان نيان, ويانغ شانغ كون, وجيانغ تسه مين, وخو جين تاو.

ومنذ انتخابه أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر من عام 2012م, أكد الرئيس (شي جين بينغ) على محددات أساسية من أهمها:

–   أهمية الإصلاح وروح التعاون والقانون, والحد من التبذير, وتبني قواعد صارمة على ممارسات وسلوكيات الحزب الشيوعي الصيني, والجيش الصيني, وبذل كافة الجهود لمكافحة الفساد والذي بات تحدياً يواجه الحزب والأمة.

–  سياسة الصين في التنمية السلمية, وخلق فرص قد يستفيد من خلالها العالم من صعود الصين.

–   بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل على كافة الصعد, عندما يحتفل الحزب الشيوعي الصيني بمئويته, وتتحول الصين إلى دولة اشتراكية عصرية مزدهرة وقوية وديمقراطية, وتحظى بالتناغم والتقدم الثقافي.

–   سوف يتم تحسين النظام السياسي الصيني, وسوف يظهر تفوق النظام الاشتراكي بشكل كامل عبر مستقبل أكثر إشراقاً, وأنه يجب أن يكون للصينيين ثقة قوية في طريقتهم ونظريتهم ونظامهم.

–   تعزيز دراسة وممارسة النظرية الاشتراكية بخصائص صينية, وتسريع بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل, وتحسين المستويات المعيشية للشعب, وتدعيم بناء الحزب وتعميق الإصلاح والانفتاح.

–   تأكيد أهمية نشر روح القانون في بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل, وأخذ زمام المبادرة لضمان تطبيق الدستور والعمل وفقاً للقانون, ويجب أن ينعم الشعب بالعدالة والإنصاف في كل قضية قانونية.

–   تقييد السلطة عبر مجموعة من اللوائح وجعل الكوادر تحترم القانون بالإضافة إلى منعها من ارتكاب أي مخالفات, وملاحقة الذباب والنمور في إشارة إلى فساد الموظفين على المستويات الصغيرة والرفيعة.

–   المضي قدماً في الإصلاح والانفتاح, وتعميق الإصلاحات في المجالات الرئيسية مثل تحويل الوظائف الحكومية وتبسيط النظام الإداري, وضرورة أن تفهم الحكومة ما يجب فعله وما لا يجب فعله عند تغيير وظائفها, وتحديد الأدوار والمسؤوليات المختلفة للحكومة, والسوق والمجتمع بشكل واضح, دون أدنى تغيير في الخدمات التي تقدمها الحكومة للشعب.

–   أن يكون النمو الاقتصادي مستداماً ويتمتع بأداء جيد وجودة عالية, وتعديل الهيكل الاقتصادي الصيني وتحول نموذج التنمية الاقتصادية, وتنفيذ إستراتيجية مدعومة بالابتكار من أجل تحقيق تنمية مستقبلية تركز على جودة النمو والأداء.

–   تكوين جيش قوي من أجل التجديد العظيم للأمة الصينية, وأن يكون ولاء الجنود للحزب والالتزام بالقانون, وإن استعداد القوات المسلحة ضرورة لحشدها تلبية للنداء الأول للحزب الشيوعي وأن تكون قادرة على القتال والظفر بأي معركة.

–   عدم السماح مطلقاً بانتهاك السيادة الوطنية أو الأمن الوطني أو المصالح التنموية للبلاد, وأن الصين سوف تحافظ على موقفها الداعم لتحقيق السلام العالمي باعتبارها أمة عانت من ويلات الحروب في الماضي, وأكد الرئيس المنتخب قائلاً:” لن نسعى مطلقاً لفرض الهيمنة أو نتورط في عمليات توسع”.

–   أكد الرئيس المنتخب خلال لقائه بالرئيس التنفيذي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة (سي ليونغ) والرئيس التنفيذي لمنطقة ماكاو الإدارية الخاصة (تشوي ساي اون), والرئيس الشرفي لحزب كومينتانغ (لين تشات), أنه يتوقع أن يسهم سكان هونغ كونغ وماكاو وتايوان بالكثير من أجل تحقيق التجديد العظيم للأمة الصينية.

وأصبح الرئيس الصيني الجديد (شي جين بينغ), اسماً معروفاً ومألوفاً بالنسبة لبقية العالم, إذ ظهر عدة مرات على الساحة الدولية في السنوات الأخيرة, وقد زار منذ ثمانينات القرن الماضي أكثر من (60) دولة ومنطقة لاكتساب الخبرة والسعي لإيجاد فرص التعاون, وعقب انتخابه نائباً للرئيس في عام (2008م), زار أكثر من (40) دولة ومنطقة وأصبح متمرساً بشكل أكبر في التعامل مع الشؤون الدولية المعقدة, وقال بأن الصين مستعدة للتعلم من إنجازات كافة الثقافات الأخرى.

والتقى الرئيس الصيني المنتخب, منذ نوفمبر من العام (2012م), بوفود عديدة من بينها, وفود من الولايات المتحدة وروسيا وكوريا واليابان, وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي, ومنظمة شنغهاي للتعاون, وطمأن الرئيس الجديد العالم بأن التنمية السلمية للصين تعكس التعاون المثمر للجانبين والمنفعة المتبادلة, وتقاسم المصالح المشتركة بين الصين والعالم, وإرساء السلام والتنمية في العالم, وقال الرئيس الجديد:”إن قيام مجتمع مزدهر ومستقر يتيح فرصاً للصين في حين تفتح تنمية الصين المجال أمام فرص عظيمة للعالم, وحث الدول الأخرى على الدخول في عملية التنمية السلمية من أجل تعزيز التعايش السلمي.

انتخاب رئيس مجلس دولة جديد لجمهورية الصين الشعبية :

انتخب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في دورته (مارس/2013م), (لي كه تشيانغ) عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني رئيساً لمجلس الدولة, ويعد لي رئيس مجلس الدولة السابع منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام (1949م), خلفاً لرئيس مجلس الدولة السابقة (ون جيا باو) الذي كان يرأس مجلس الدولة منذ عام (2003م), وكان لي نائباً له.

وضع رئيس مجلس الدولة المنتخب (رئيس الوزراء), الخطوط العريضة للمهمات العليا لمجلس الدولة الصيني الجديد في المرحلة المقبلة, ومن أبرزها ما يلي:

–  قال رئيس مجلس الدولة في أول مؤتمر صحفي له بعد انتخابه, الأحد الموافق (17/3/2013م), في بكين, في قاعة الشعب الكبرى: “إن الصين قادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ولن تسعى الصين الأقوى للهيمنة, وإن الصين قادرة على الحفاظ على التنمية الاقتصادية المستمرة والصحية ومتابعة التقدم الاجتماعي, وأن في دولة كبيرة مثل الصين لدينا كثير من المهام لإنجازها, والأهم منها, هو تحفيز النمو الاقتصادي المتواصل, وتوقع رئيس مجلس الدولة الجديد أن تواجه الصين بيئة اقتصادية معقدة, وأنه يجب على الحكومة الحيلولة دون وقوع المحن والتعامل مع المتغيرات بطريقة هادئة وتسهل النمو الاقتصادي وتكبح التضخم المالي ومواجهة المخاطر الكامنة وعدم التسبب في تقلبات اقتصادية كبيرة, ومن أجل تحقيق هذه الأهداف ومضاعفة إجمالي الناتج المحلي لعام (2010م) ونصيب الفرد من الدخل الشخصي بحلول عام (2020م), ستسجل الصين كما يتوقع رئيس مجلس الدولة الجديد متوسط النمو الاقتصادي السنوي بنسبة 7,5% للسنوات العديدة المقبلة, وأشار رئيس الوزراء بأن هذا ليس أمراً سهلاً, غير أن لدينا كثيراً من الظروف المواتية والطلب المحلي الهائل, وأن المفتاح هو تيسير إعادة الهيكلية الاقتصادية وتعزيز محركات النمو الجديد من خلال دمج ثمار الإصلاح مع إمكانية الطلب المحلي وحيوية الابتكار, وبهذه الطريقة فقط, يمكن للصين الارتقاء باقتصادها إلى جودة محسنة وفعالية, والمزيد من فرص العمل والدخل وتحسين البيئة والاستخدام الفعال للطاقة والموارد.

–   إن المهمة الثانية التي تواجهها الحكومة الصينية الجديدة هي تحسين معيشة الشعب بشكل مستمر عن طريق رفع دخل المواطنين في المدن والأرياف وخاصة الفقراء, وتحسين حجم الطبقة متوسطة الدخل, وأكد رئيس مجلس الدولة على أهمية نسج شبكة اجتماعية صلبة لضمان الرفاهية الاجتماعية الأساسية لجميع الصينيين في جوانب التعليم الإلزامي والعناية الطبية والتأمين الاجتماعي والإسكان, ولا بد من إقامة نظام الإقامة والمساعدات الطبية لدعم الفقراء عند وقوعهم في وضع صعب, وأضاف رئيس مجلس الدولة “إذا وقع هؤلاء الناس في محنة, سيواجه الخط الأساسي للأخلاق والعامل النفسي في المجتمع خطراً”.

–   يجب على الحكومة أن تبذل أقصى جهودها لحفز كافة الموارد الممكنة لحماية معيشة وكرامة المحتاجين, وذكر رئيس مجلس الدولة بأن العدالة الاجتماعية هي مصدر الإبداع ومقياس لتقييم رضاء الجمهور حيال الحكومة, مؤكداً أنها مسؤولية يجب حمايتها من قبل الحكومة.

–   أشار رئيس مجلس الدولة, ستعمل الحكومة الصينية الجديدة على ضمان تمتع جميع الصينيين بتكافؤ الفرص والحصول على مكافآت مقابل أعمالهم الشاقة مهما كانت الخلفيات الاجتماعية والعائلية لهم, وأن جميع المبدعين للثروة, سواء مملوكة للدولة أو خاصة, ينبغي لهم التمتع بمكافآت مقابل تنافسهم الصادق على نفس المستوى, ولأجل تحقيق هذه المهام, قال لي:إن الصين ينبغي عليها بناء حكومة مبدعة ونظيفة وحكومة تتبع سيادة القانون, وقال:”قبل بناء حكومة مبدعة, يجب علينا أن نعتمد الإصلاحات والانفتاح لإطلاق نشاطات الاقتصاد والمجتمع, ورفع المصداقية والإدارة والفعالية لنا”.

–   شدد رئيس الوزراء, على أن بناء حكومة على أساس حكم القانون هو أمر أساسي, باعتبار أن القانون لديه مكان مقدس في المجتمع الصيني كما ذكر رئيس الوزراء, ولا يجوز انتهاك حدود القانون, ومن الضروري التمسك بمبدأ حكم القانون لبناء اقتصاد حديث ومجتمع حديث وحكومة حديثة.

–   قال رئيس الوزراء:”إن الصين لديها التزام قوى بالتنمية السلمية وتصميم لا يتزعزع على حماية سيادتها وسلامة أراضيها, وهذان لا يتعارضان مع بعضهما البعض, بل في الواقع أنها ضرورة لاستقرار المنطقة والسلام العالمي, وقال رئيس مجلس الدولة أن الصين ستتناول التزاماتها الدولية بصفة أنها دولة نامية كبيرة, وأضاف:”نحن على استعداد للعمل مع دول العالم للحفاظ على السلام العالمي وتوسيع الازدهار العالمي في القرن الــ 21″.

–   تعهد رئيس الوزراء بتعميق الإصلاحات الشاملة في الصين, حيث أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يسعى إلى خلق زخم جديد للتنمية بخلاف قوتها العاملة الكبيرة, وأن الإصلاح يدفع بأكبر الأرباح إلى الصين لأنه لا يزال هناك مجال للتحسين في اقتصاد السوق الاشتراكي, وأن هناك مساحة كبيرة لإطلاق مزيد من القوة الإنتاجية من خلال الإصلاح وهناك إمكانية كبيرة للتأكد من أن فوائد الإصلاحات سوف تصل لجميع المواطنين, واتخاذ الاجراءات اللازمة, ومتابعة الإصلاحات الموجهة نحو السوق.

–   قال رئيس الوزراء: “إن الحكومة المركزية ستتقدم بالمزيد من السياسات الرائدة لتعميق التعاون بين البر الرئيسي الصيني ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة, وأنها سوف تبذل قصارى جهدها لدفع المبادرات التي من شأنها تعزيز رفاهية المواطنين في هونغ كونغ وماكاو, وتعميق التعاون بين البر الرئيسي وهونغ كونغ وماكاو, والإسهام في الازدهار على المدى الطويل في هونغ كونغ وماكاو, وأن البر الصيني سيعطي المزيد من الاهتمام بمصالح المواطنين في تايوان, بحيث يتمكن الجانبان من تقاسم ثمار التنمية للبلاد, وهم أبناء الوطن الواحد, من منطلق الحفاظ على مبدأ”الصين الواحدة”.

–   قال رئيس الوزراء: “إن عملية الإصلاح والانفتاح في الصين قد غيرت حياة العديد من الصينيين, وغير مصير البلاد وانتشلت مئات الملايين من الناس من براثن الفقر, وإن مسؤولية الإصلاح تقع على عاتقنا, وسوف نحاول أن نعيد بفوائد ثمار الإصلاح على جميع المواطنين, وسنجعل كبار السن يقضون سنوات عمرهم المتبقية في راحة, والشباب يغمرهم الأمل”.

–   تم تخفيض عدد الوزارات التابعة لمجلس الدولية من 27 وزارة إلى 25 وزارة, وتم إلغاء وزارة السكك الحديدية الضخمة وإلحاقها في هيئات حكومية أخرى.

–   أعرب رئيس الوزراء عن استعداده لقبول مراقبة الشعب ووسائل الإعلام على الإدارة النظيفة, وإذا عمل أحد في منصب عام فلا بد أن يحد من أي توقع للثراء, وأكد لي أن الفساد لا يتوافق مع سمعة الحكومة, وأن الحكومة لا بد أن تكافح الفساد, ووعد أنه خلال ولايته لن تستخدم الحكومة أموالاً عامة في بناء مكاتب أو قاعات أو فنادق جديدة من أجل الاستخدام الحكومي, كما أكد على تخفيض عدد الموظفين الحكوميين وتكاليف الضيافة الرسمية والرحلات الخارجية لأغراض رسمية والنفقات في شراء السيارات الرسمية, وستصبح الحكومة المركزية نموذجاً ويجب على الحكومات من كل المستويات أن تحذو حذوها.

–   تناول رئيس مجلس الدولة جملة من القضايا الداخلية والخارجية, وعلاقة الصين مع روسيا وأمريكا ودول الجوار ودول العالم, وختم حديثه في مؤتمره الصحفي في ختام دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في 17/3/2013م قائلاً: “إن الحكومة الصينية تعتزم أن تحترم القانون والشعب وتتحمل مسؤولياتها نحو البلاد, وإن الحكومة أيضاً سيكون لها الشجاعة لإنجاز الأمور وذلك لصالح الأمة كلها, وإنشاء دولة قوية ومزدهرة, وسنكون مخلصين للدستور والشعب, وقدم رئيس مجلس الدولة الصيني الجديدة نوابه الأربعة وهم:(تشانغ ماو لي, ليو يان دونغ, وانغ يانغ , وماكاي) .

القيادة الصينية الجديدة المنتخبة في دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني المنعقدة في 10-17/3/2013م, في قاعة الشعب الكبرى, بالعاصمة بكين, بمشاركة حوالي ثلاثة آلاف مشرع صيني :

– (شي جين بينغ): الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس لجنته العسكرية، رئيس جمهورية الصين الشعبية ورئيس اللجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية.

– (تشانغ ده جيانغ): عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, رئيساً للجنة الدائمة للمجلس الوطني الــ12 لنواب الشعب الصيني.

– (لي كه تشيانغ): عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, رئيساً لمجلس الدولة.

– (يو تشنغ شنغ): عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, رئيساً للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني .

– (جانغ قاو لي): عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, النائب الأول لرئيس مجلس الدولة.

– (لي يوان تشاو): عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, نائباً لرئيس جمهورية الصين الشعبية.

– (فان تشانغ لونغ) و (شيوي تشي ليانغ) : كلاهما أعضاء في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, ونواباً لرئيس اللجنة العسكرية المركزية للحزب, ونواباً لرئيس اللجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية.

– (تشو تشيانغ):  عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني, ورئيس محكمة الشعب العليا.

– (تساو جيان مينغ): عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني, ونائباً عاماً للنيابة العامة الشعبية العليا.

– (ليو يان دونغ): عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, نائبة رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية.

– (وانغ يانغ): عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, نائب رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية.

– (ما كاي): عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني, نائب رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية.

– (يانغ جينغ): عضو مجلس الدولة الصيني.

– (يانغ جيه تشي): عضو مجلس الدولة الصيني.

– (تشانغ وان تشوان): عضو مجلس الدولة الصيني, ووزيراً للدفاع الوطني.

– (قوي شنغ كوين): عضو مجلس الدولة الصيني.

– (وانغ يونغ): عضو مجلس الدولة الصيني.

– (وانغ يي): وزير الخارجية الصيني.

– (شيوي شاو شي): وزيراً مسؤولاً عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح.

– (يوان قوى رن): وزيراً للتعليم.

– (وان فانغ): وزيراً للعلوم والتكنولوجيا .

– (مياو وي): وزيراً للصناعة وتكنولوجيا المعلومات.

– (وانغ جان وي): وزيراً مسؤولاً عن لجنة الدولة لشؤون القوميات.

– (قوه شنغ كون): وزيراً للأمن العام.

– (قنغ هوي تشانغ): وزيراً لأمن الدولة.

– (هوانغ شو شيان): وزيراً للرقابة.

– (لي لي قوه): وزيراً للشؤون المدنية.

– (وو آي بنغ): وزيراً للعدل.

– (لو جي وي): وزيراً للمالية.

– (ين وي مين): وزيراً للموارد البشرية والأمن الاجتماعي.

– (جيانغ دا مينغ): وزيراً للأراضي والموارد الطبيعية.

– (تشو شنغ شيان): وزيراً لحماية البيئة .

– (جيانغ وي شين): وزيراً للإسكان والتنمية الريفية.

– (يانغ تشوان تانغ): وزيراً للنقل.

– (تشن لي): وزيراً للري.

– (هان تشانغ فو): وزيراً للزراعة.

– (قاو هو تشنغ): وزيراً للتجارة.

– (تساي وو): وزيراً للثقافة.

– (لي بين): الوزيرة المسئولة عن اللجنة الوطنية للصحة وتنظيم الأسرة.

– (تشو شياو تشوان): محافظ للبنك الشعبي الصيني .

– (ليو جيا يي): مراجعاً عاماً لمكتب المراجعة الوطني.

ومن الجدير بالذكر أن مجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء), يضم نواب الرئيس وعددهم أربعة, وهم في المرتبة الأولى, ويليهم في المسؤولية أعضاء مجلس الدولة وعددهم خمسة بما فيهم السكرتير العام لمجلس الوزراء وهم في المرتبة الثانية, وهم في مرتبة أعلى من الوزراء على الرغم من حمل البعض منهم في بعض الأحيان حقائب وزارية مثل وزير الدفاع (تشانغ وان تشوان), أي أن الترتيب في مجلس الدولة الصيني يكون كما يلي: الرئيس, نوابه, أعضاء مجلس الدولة, الوزراء, وإذا كان من بين أعضاء مجلس الدولة من هو متخصص مثل وزير الخارجية السابق (يانغ جي تشي), سيكون مسؤولاً عن ملف الشؤون الخارجية في مجلس الدولة ويكون مرجعية وزير الخارجية الجديد (وانغ يي), أي أنه أعلى مرتبة من وزير الخارجية المعين حديثاً.

لا شك أن تعيين قيادة جديدة لجمهورية الصين الشعبية من شأنه أن يضع الصين على أعتاب مرحلة جديدة من البناء الاقتصادي والسياسي والإصلاحات, وينطبق على المرحلة القادمة بالنسبة للصين مقولة الزعيم الصيني (دنغ شياو بينغ) حول العشرية الأولى من الإصلاح والانفتاح “يجب أن نقطع النهر متلمسين الحصى”, واصفاً دقة المرحلة وضرورة المضي قُدُماً في تنفيذ الإصلاحات اللازمة وسط بيئة كانت تعج بالمصاعب والمعوقات, والقيادة الصينية الجديدة أمام بيئة تعج بالمهام والمسؤوليات والتحديات, تتطلب منها حشد ودفع لكل الإمكانيات والجهود, للانتقال بالصين إلى مرحلة أفضل من النمو والتنمية وبناء وتحديث الاقتصاد الوطني الصيني, ورفع الراية العظمى للاشتراكية الصينية عالياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.