موقع متخصص بالشؤون الصينية

المغرب والصين: علاقة خمسة عقود تتوّج بشراكة استراتيجية

0

Flag-Pins-China-Morocco
جريدة ايلاف الالكترونية:
أيمن بن التهامي:
تزداد العلاقات المغربية الصينية نموًا، يومًا بعد يوم، وسيتوِّجها الملك المغربي بشراكة استراتيجية، خلال زيارته المرتقبة إلى بكين في حزيران (يونيو) المقبل.

الرباط: وصلت العلاقات بين المغرب والصين لمرحلة جديدة من النمو الشامل، بعد مرور 50 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وأثمر هذا النمو المستمر تزايد الزيارات الثنائية رفيعة المستوى بين مسؤولي الرباط وبكين، كانت آخرها زيارة وزير الشؤون الخارجية الصيني، وانغ يي، للمغرب، الذي سلم، خلال استقباله من طرف العاهل المغربي، رسالة صداقة وتقدير تتضمن دعوة رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جينبينغ، للملك محمد السادس من أجل زيارة العملاق الآسيوي.

ما تستفيده الصين من المغرب

من المنتظر أن يقوم الملك محمد السادس، في حزيران (يونيو) المقبل، بزيارة لجمهورية الصين الشعبية. ومن المتوقع أن تتيح هذه الزيارة إقامة شراكة استراتيجية كإطار جديد للتعاون بين البلدين، بهدف تعميق التشاور السياسي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمار، وتقوية التعاون في الميادين الثقافية، والتقنية، والعلمية.

ويشغل التعاون التجاري حيزاً مهماً في العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال محمد خليل، رئيس جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، إن القيمة المالية للمبادلات التجارية بين البلدين بلغت 15 مليار درهم في سنة 2011، بينما كانت 18 مليار درهم ، في سنة 2010، مشيرًا إلى أن الصادرات الصينية نحو المغرب تقلصت نحو 15 بالمئة، في حين عرفت الصادرات المغربية نحو بكين بعض الارتفاع.

وأكد خليل لـ “إيلاف” أن سنة 2013 عرف تسجيل 3.36 مليارات دولار من المبادلات بين البلدين، مبرزًا أن هذه الأرقام لا تخفي العجز، الذي ما زال يطبع العلاقة التجارية بين البلدين.

وأضاف خليل، الذي يعد أول طالب يتخرج من الصين في مجال الطب، أن الأرقام تكشف تسجيل عجز تجاري كبير على حساب المغرب. فالصادرات المغربية للصين ضئيلة بالمقارنة مع بكين، وتقتصر على المواد الفوسفاطية وبعض المواد الفلاحية، خصوصاً الحوامض، “والصين تحتل الآن المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تستورد منها الرباط حاجياتها. لهذا، فإن المملكة تعتبر بلداً مهماً بالنسبة للعملاق الآسيوي”.

أهمية الرباط لبكين

تشكل المغرب أهمية كبيرة بالنسبة للصينيين. وتحاول الحكومة العمل على تعبيد الطريق من أجل تدفق المزيد من الشركات الصينية للاستثمار في المغرب، الذي يتمتع بالاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي، والموقع الجغرافي المثالي.

وقال خليل إن المغرب مقبل على مشروع استراتيجي كبير، ألا وهو شراكة استراتيجية مغربية صينية كبيرة، مشيرًا إلى أن الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى بكين يمكن أن تتوّج بتوقيع هذه الشراكة.

وأوضح رئيس جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية أن المغرب بلد مهم بالنسبة للصين لعدة أسباب، “ونحن نعرف التوجه الكبير لحكومة بكين نحو أفريقيا، إذ خصصت ميزانية ضخمة من أجل الاستثمار في القارة السمراء، لكن كما هو معروف فإن عددًا من الدول الأفريقية عرفت اضطرابات كبيرة، ويبقى المغرب من بين الدول التي تتمتع بالاستقرار، خصوصًا بعد ما سمي الربيع العربي، وهذا المعطى مهم جداً بالنسبة للصينيين”.

إلى جانب الاستقرار، ميزات أخرى تثير اهتمام الصين بالرباط، أولها الموقع الجغرافي.

فالمملكة، بحسب خليل، توجد في شمال أفريقيا وتربطها علاقات متينة مع عدد من دول المغرب العربي وشمال أفريقيا، كما تربطها اتفاقيات تبادل حر مع عدد من الدول أهمها الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى العلاقة المتميزة مع الاتحاد الأوروبي، مبرزًا أن كل هذه الجوانب يمكن أن تشكل قنطرة بالنسبة للصينيين نحو أفريقيا، كما أن المصنعات التي ستتم في المغرب يمكن تصديرها إلى الدول الأوروبية والدول التي لدينا معها اتفاقية تبادل حر.

شركات صينية بالمغرب

رسخت مجموعة من الشركات الصينية أقدامها في سوق التعاقدات بالمغرب. ويشير خليل إلى أن عدد الشركات الصينية في المملكة يصل إلى 20 شركة، تنشط في مجال بناء الطرق أو القناطر، إلى جانب شركات كبرى مثل “هواوي التي تشتغل في مجال الاتصالات.

وبعد أن أكد طموح الرباط في جلب استثمارات كبيرة أخرى من الصين، شدد محمد خليل على ضرورة إبداع الجانب المغربي في الجوانب التي يمكن أن تشكل سلعة رائجة في الأسواق الصينية، وتساهم في تخفيض العجز التجاري بين البلدين.

وأضاف: “نحن نعلم بأن هناك دولاً مثل إسبانيا تصدر زيت الزيتون إلى الصين. ونحن من أكثر الدول المعروفة بجودة زيت الزيتون، فلماذا لا نعمل على تطوير هذا المجال؟”.

الرقم الرابح للرباط

تعرف الصين قفزة سياحية غير مسبوقة، إذ تشير الأرقام إلى أن عدد السيّاح الصينيين الذين سافروا للخارج في سنة 2010، بلغ 57.39 مليونًا، وهو رقم يتوقع أن يرتفع ليصل إلى 100 مليون في 2020. كما ذكر أن السيّاح الصينيين أنفقوا 48 مليار دولار بالخارج في 2010 أي بارتفاع بلغ 14 بالمئة سنويًا.

هذه السوق الواعدة تثير شهية المغرب، الذي يراهن على بلوغ 20 مليون سائح في العام 2020. وأكد خليل أن المستوى المعيشي للصينيين أصبح الآن في ارتفاع متزايد والحكومة تشجعهم على السفر، مشيرًا إلى أن “جانب السياحة يجب أن يتطور بشكل كبير”.

وأضاف: “الدول الأخرى تتسابق لجلب السائح الصيني، فهو متميز حاليًا ويستهلك بشكل كبير”. ومضى شارحًا: “قبل العام 2003، جعلت الصين الشعبية من المغرب الوجهة الثالثة للسياحة بعد جنوب أفريقيا ومصر، لكن الآن أصبحت دول كثيرة تتسابق على السائح الصيني، في وقت لم نتمم الفرصة التي كانت ممنوحة لنا في وقت سابق، ولم نعمل بشكل جدي وقوي من أجل جلب السيّاح الصينيين للمغرب”.

وأشار إلى أن هناك مشروعاً لإحداث خط جوي مباشر بين المغرب والصين، مبرزًا أن هذا المشروع إذا تحقق فسيكون مهمًا، سواء بالنسبة للسيّاح أو بالنسبة إلى المستثمرين.

وشدد خليل على ضرورة التفكير في خلق مكاتب يمكن أن تقوم بتسهيل عملية الحصول على التأشيرة لدخول المغرب، خصوصًا في المدن الكبرى مثل شنغهاي وغوانشو، مشيرًا إلى أن وجود سفارة للمغرب في بكين غير كافٍ، علمًا أن نسبة مهمة من المستثمرين توجد في غوانشو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.