موقع متخصص بالشؤون الصينية

الشركات الصينية العاملة بالدول الاسلامية المضطربة تسلك طريقا وعرا

0


صحيفة الشعب الصينية:
تتأثر أنشطة الإنتاج والإدارة بالشركات الصينية الموجودة فى منطقة غرب اسيا وشمال افريقيا بشكل كبير بالاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ بداية عام 2011، حيث تنحى رئيسا تونس ومصر على التوالي وتتصاعد الاحتجاجات في شوارع اليمن وسوريا وتتواصل أزمة ليبيا, الأمر الذي كبد تلك الشركات خسائر مادية هائلة وأدى الى اجلاء العديد من العمال الصينيين من هذه الدول.

وبالاضافة الى ذلك, تعمل بعض الشركات والمؤسسات الصينية في دول اسلامية تفتقر الى الامن مثل افغانستان وباكستان, لإقامة البنى التحتية ودفع التنمية الاقتصادية المحلية لتطوير التعاون الثنائي, لكنها فى الوقت ذاته تسلك طريقا وعرا يفتقد الأمن ويعرض منشآتها وأرواح عمالها لأخطار جمة.

— خسائر فادحة
تظهر الاحصاءات الرسمية مدى نشاط الشركات الصينية في دول الشرق الأوسط، حيث بلغ عدد الشركات الصينية المسجلة في مصر 1100 شركة حتىنهاية عام 2010 تستثمر نحو 330 مليون دولار أمريكي، ويعمل في سوريا حوالي ألف عامل تابع لأكثر من 20 شركة صينية في مجالات البترول والاتصالات والبناء وغيرها, كما تقوم بأعمال المقاولات في ليبيا حوالي 75 شركة صينية ليصل اجمالى قيمة تلك العقود الى 18.8 مليار دولار أمريكي في مجالات بناء المساكن والسكك الحديدية والاتصالات .

وأوضحت وزارة التجارة الصينية مؤخرا ان الاضطرابات في المنطقة ألحقت خسائر فادحة بالشركات الصينية وخاصة في ليبيا، اذ بلغت الخسائرالاقتصادية المباشرة 1.5 مليار دولار أمريكي مع انخفاض حجم العقود التي تم التوقيع عليها خلال الشهرين الأوليين في ليبيا بنسبة 45.3 في المائة وانخفاض حجم الأعمال بنسبة 13.9 في المائة مقارنة بيناير وفبراير الماضيين.

وأشارت الوزارة ايضا الى انخفاض حجم العقود بـ97.1 في المائة وحجم الأعمال بـ10.7 في المائة في الجزائر, وانخفاض حجم العقود بـ54.2 في المائة وحجم الأعمال بـ42.8 في المائة في الامارات العربية المتحدة نتيجة الوضع المضطرب مقارنة مع السنة الماضية.

وعلى الرغم من مرور ثلاثة أشهر على انتهاء الاضطرابات في مصر, وبدء حوالي ألف شركة صينية استئناف أنشطتها, الا انها ما زالت متأثرة بتداعيات الفوضى.

وصرح ما هونغ, رئيس هيئة الشركات الصينية العاملة في مصر ورئيس مكتب الشركة الصينية لاستيراد وتصدير التكنولوجيا فى مصر, قال لوكالة انباء ((شينخوا))، انه من الصعب تفادى تكبد خسائر مادية جراء تداعيات الوضع, اذ صارت الأسواق المصرية ضعيفة وتأخر اطلاق برامج جديدة وعلقت بعض الأطراف المصرية دفع أموال تكاليف البرامج.

كما قال لي داي شين, نائب مدير شركة ((تاي دا)) للاستثمار ات المصرية ان ما اجماليه 26 شركة صينية متواجدة بمنطقة السويس الصناعية في اطار التعاون الصيني-المصري تواجه, بعد استئناف أعمالها عقب انتهاء الاضطرابات في مصر, تواجه مشاكل تتمثل في تباطؤ الاجراءات الجمركية وتعثر بعض طرق بيع البضائع وانخفاض الطلب على السلع وصعوبة فى استعادة الدين المستحق, الى جانب زيادة تكاليف الادارة بعد رفع رواتب العمال المصريين بنسبة 12 الى 18 في المائة .

— مخاطر أمنية
عادة ما تكون مشكلة الأمن هى أكبر المشاكل التي تواجه الشركات الصينية في المناطق المضطربة. وأكد السكرتير الثاني بالسفارة الصينية لدى مصر تشن بينغ على ضرورة بحث الشركات الصينية لمشاكل الأمن في هذه الدول, قائلا انه يجب على الشركات زيادة تقييمات المخاطر الأمنية وإدراج نفقات للأمن والحماية الى تكاليف المشاريع الى جانب تشكيل ادارة مشتركة للأمن وتطوير العمل.

وكان موقع البناء التابع لشركة ((هوا فنغ)) الصينية في مدينة أجدابيا شرقي ليبيا قد تعرض لهجمات في 20 فبراير الماضي, حيث جرى سلب الممتلكات والمنشآت وتشرد أكثر من 900 عامل صيني كانوا يقيمون فى الموقع.

ومنذ اندلاع الاضطرابات في مصر, شهد كثير من الشركات الصينية العاملة هناك عمليات سلب وسرقة وخطف. وسلب أكثر من 20 مسلحا مصريا كافة قطع الغيار من احد مصانع شركات صنع مكيفات الهواء الواقعة في مدينة 6 اكتوبر غربي العاصمة المصرية، القاهرة.

وفي افغانستان, تعرضت مشاريع الشركات الصينية لهجمات مكثفة وخطف أفرادها، حيث هاجمت مجموعة من المسلحين المجهولين, في 10 يونيو 2004,موقع العمل التابع لاحدى شركات سكك الحديد الصينية بمقاطعة كندوز شمالي افغانستان, الأمر الذي أودى بحياة 11 عاملا صينيا وأصاب أربعة آخرين بجراح خطيرة.

وذكر وو قانغ تشن المستشار بالسفارة الصينية لدى افغانستان ان بعض الشركات الصينية تنفق حوالي 25 في المائة من النفقات العامة من اجل ضمان أمن الشركة.

وأشارت خه ون بينغ, مديرة قسم شؤون افريقيا بدائرة غرب آسيا وشمال افريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية , الى انه “على الرغم من توافر الموارد في هذه الدول, الا أن الأوضاع السياسية فيها غير مستقرة وتتصاعد فيها النزاعات بين القبائل وكذا بين السلطات تزامنا مع تغير سياساتها الخارجية, الأمر الذي تتمخض عنه سلسلة من المشاكل مثل إعادة تقييم المشاريع المستثمرة أو نقض ما وعدت به السلطة السابقة لتضطر الشركات المستثمرة الى تكبد خسائر فادحة.”

— اندماج محلي
تعيش الشركات الصينية المستثمرة خارج البلاد في بيئة معقدة, فلا بد لها ان تهتم بتحقيق المنافع الاجتماعية سويا مع تحقيق المنافع الاقتصادية، كما ينبغى لها ان تحترم الأديان والتقاليد المحلية وتتعامل بشكل مناسب مع السكان المحليين, وتلتزم بالمسؤوليات الاجتماعية عن طريق تدريب الموظفين المحليين وتوسيع فرص العمل وبناء المدارس والطرق العامة لتكسب فهم المجتمع المحلي ودعمه وتندمج فيه بنشاط.

وقال قاو هونغ بين المدير العام لمكتب ((شركة مشاريع بناء الموانئ الصينية)) فى مصر، انه خلال فترة الاضطرابات المصرية ارسل أعيان قبيلة محلية اكثر من 20 رجلا الى موقع العمل التابع للشركة لضمان أمن العمال وتفادى وقوع عمليات سلب للمعدات والمنشآت, مضيفا ان هذا يمثل استفادة من العلاقة الوثيقة بين الشركة والقبيلة المحلية، اذ اعتادت الشركة ارسال مندوبين للمشاركة فى حفلات الزفاف ومراسم الجنائز المحلية وتقديم المساعدات لهم.

وبالاضافة الى تحسين العلاقات مع السكان المحليين, تهتم ايضا الشركات الصينية بتوطين الاستثمارات لتحقيق الدمج المحلي.

وفي باكستان, قامت الشركات الصينية التي تعمل معظمها فى بناء الطرق والجسور ومحطات الطاقة المائية , بتوظيف العمال المحليين لتسوية مشاكل البطالة ودفع التنمية الاقتصادية المحلية، فمثلا, يعتمد مكتب ((شركة الاتصالات الصينية)) فى باكستان عملية التوطين كاستراتيجية أساسية حيث يعمل لديها 14 عاملا صينيا فقط مقارنة مع أكثر من 2500 عامل محلي, ما يسهل للشركة الوصول الى شوارع المدن ومنازل القرى لتسويق منتاجاتها.

وأشار تسو جيان هوي, المدير العام ورئيس مجلس الادارة ((شركة النحاس والزنك)) التابعة لـ ((مجموعة الصين للمعادن))، قال لوكالة انباء ((شينخوا)) الى اننا “نواجه مخاطر محتملة يوميا منذ اطلاق المشاريع في افغانستان, لا بد ان نصبح خبراء فى التكنولوجيا والأعمال وديبلوماسيين في الوقت ذاته”, مؤكدا على ان المبدأ الأول لنا يتمثل في تحقيق منافع لافغانستان حكومة وشعبا لتحقيق الكسب المتكافئ”.

ويخلق مشروع “آيناك” لتطوير معدن النحاس، التي رست مناقصته على المجموعة الصينية في عام 2007 ويقع على بعد 35 كيلتومترا جنوبي العاصمة الافغانية كابول, أكثر من 3700 فرصة عمل.

وصرح صحفي محلي لوكالة (شينخوا) قائلا انه “من الواضح ان السكان المحليين يعرفون الفوائد التى سيعود بها هذا المشروع عليهم، لذا فانهم يتطوعون ليكونوا رجال أمن له.”

وخلاصة القول ان الاوضاع المضطربة فى العالم بصفة عامة والدول الاسلامية بصفة خاصة، تفرض مزيدا من الضغوط على الصين للحفاظ على استثماراتها ونموها الاقتصادى ودفع مسار التنمية السلمية، اذ تسعى الصين جاهدة لبسط السلام فى اصقاع المعمورة وتفادى نشوب اى حرب فضلا عن تحقيقها لأى منافع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.