موقع متخصص بالشؤون الصينية

رفع حملة مكافحة الفساد لمستوى الحرب الممتدة

0

China Celebrates Youth Day
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا:
تمثل إحالة قضية تشو يونغ كانغ الذي كان واحدا من أهم المسؤولين في الصين للنيابة يوم الجمعة بمثابة ذروة حملة مكافحة الفساد للعام الحالي.

كان تشو واحدا من تسعة أعضاء في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خلال الفترة ما بين 2007 و2012، ويعد أحدث وأعلى مسؤول تسقطه حملة مكافحة الفساد منذ بدايتها في نوفمبر عام 2012.

وقال هوانغ وي تينغ وهو باحث في مجلة ((سيكنج تروث))، الناطقة بلسان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ويتابع حملة مكافحة الفساد عن كثب ان “إسقاط مسؤولين رفيعي المستوى مثل تشو يرسل رسالة قوية لجميع المسؤولين البارزين. وهذا يدعم سياسة عدم التهاون التي يطبقها الحزب ضد الفساد”.

لكن حملة مكافحة الفساد في الصين انتقلت من مجرد ضرب أمثلة تحذيرية إلى ردع آخرين. ويؤكد حجم التحقيقات وكذلك المبادرات الجديدة والإصلاحات القانونية أن الصين تسعى لخوض حرب ممتدة .

وأدركت قيادة الحزب الشيوعي الصيني انها تواجه وضعا غير مسبوق وتحديات خطيرة في قيادة حزب متكون من 86 مليون عضو وحكم دولة يبلغ تعداد سكانها 1.3 مليار نسمة على المدى الطويل.

وقال هوانغ “على الرغم من أن أغلبية أعضاء الحزب الشيوعي الصيني ملتزمون بواجباتهم ويحسنون التصرف، لكن الفساد ظل مشكلة بارزة وسيكون تهديدا خطيرا لحكم الحزب للبلاد ما لم يعمل على احتوائه”.

وقال إن قيادة الحزب تدرك تماما أن قدرتها على تحقيق الانضباط بين أعضائها، خاصة أصحاب النفوذ ,ستؤثر على قدراتها واستقرارها في الحكم.

وصرح الرئيس الصيني شي جين بينغ لوسائل الإعلام عندما انتخب سكرتيرا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في نهاية عام 2012 بأنه لكي يتم التعامل مع تلك المشكلات لابد أن يقوم الحزب الشيوعي الصيني “أولا بإدارة شئونه بشرف”.

وخلال اجتماع للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعي الصيني في مطلع عام 2013 تعهد شي أيضا بعدم وجود أي استثناء عندما يتعلق الأمر بقواعد الانضباط الخاصة بالحزب وقوانيه وألا يكون هناك أي تهاون بغض النظر عن المتورط في الأمر.

النمور والذباب

كانت التطبيقات متماشية مع تصريحات الرئيس حيث انتشر مسؤولو مكافحة الفساد في كافة القطاعات العسكرية والمدنية والحكومة المركزية والحكومات المحلية والشركات المملوكة للدولة والمؤسسات العامة.

وذكر الموقع الالكتروني للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعي الصيني أن هناك نحو 50 مسؤولا على مستوى المقاطعات والوزارات أو أعلى يجرى التحقيق معهم في حالات الفساد أو غيرها من الانتهاكات الخطيرة للانضباط منذ نوفمبر عام 2012.

وفي النظام البيروقراطي للصين يتخذ المسؤولين على هذا المستوى وأعلى قرارات هامة في الشؤون المركزية والمحلية.

وإلى جانب تشو استهدفت الحملة أيضا مسؤولا آخر رفيع المستوى هو شو تساي هوه نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية سابقا. وانتهت التحقيقات في القضية التي تورط فيها شو وبدأت محاكمته في نهاية أكتوبر الماضي.

والغالبية العظمى من هؤلاء “النمور” وهو مصطلح يشير للمسؤولين الفاسدين رفيعي المستوى كانوا مسؤولين بارزين على مستوى المقاطعات ومسؤولين بارزين في حواضر المقاطعات. وشهدت مقاطعة شانشي بشمال الصين التحقيق مع خمسة أعضاء باللجنة الدائمة للجنة الحزب الشيوعي الصيني بمقاطعة شانشي، أعلى هيئة لصنع القرار في المقاطعة بسبب انتهاكات للانضباط.

كما كان هناك مسؤولون بارزون في إدارات الحكومة المركزية مثل جيانغ جيه مين رئيس لجنة إدارة ومراقبة الأصول المملوكة للدولة ولي دونغ شنغ مساعد وزير الأمن العام.

وبعض المسؤولين كانوا من شركات مملوكة للدولة ومؤسسات عامة مثل سونغ لين الرئيس السابق لهيئة الموارد الصينية وخه جيا تشنغ نائب الرئيس التنفيذي للأكاديمية الصينية للحوكمة.

كما شدد مفتشو الانضباط أيضا قبضتهم على المسؤولين الفاسدين منخفضي الرتب الذين يشار لهم “بالذباب”.

وخلال النصف الأول من العام الحالي تلقى 84 ألف مسؤول على مستوى البلاد عقوبات لانتهاك قواعد الانضباط بزيادة 30% على أساس سنوي، في حين قدمت النيابة قضايا فساد ضد 35600 شخصا خلال الفترة ما بين يناير وسبتمبر.

حملات تفتيش منتظمة و”صيد ثعالب”

قد لا تكون بعض الجهود المبذولة بأهمية فصل مسؤول بارز، لكنها لا زالت تحقق أثرا عميقا.

ومنذ عام 2013 جعلت السلطات المركزية للحزب الشيوعي الصيني مسؤولي مكافحة الفساد ينتشرون على شكل فرق في الوزارات والحكومات على مستوى المقاطعات والشركات المملوكة للدولة والمؤسسات العامة بشكل منتظم.

وشهد العام الحالي ثلاث جولات للتفتيش مقارنة باثنتين فى عام 2013. ولا زالت الجولة الثالثة مستمرة في 13 مؤسسة حكومية تشمل وزارة الثقافة والمؤسسة الصينية لبناء السفن وشركة تشاينا يونيكوم وسينوبك.

وأبلغ المفتشون اللجنة المركزية لفحص الانضباط دلائل على فساد محتمل بعد جمع معلومات من مفتشى فحص الانضباط على المستوى المحلي ومسؤولي وكالة مكافحة الفساد بناء على معلومات حصلوا عليها من الجمهور ومقابلات مع مسؤولين متقاعدين وزملاء سابقين.

وعلى الرغم من عدم السماح للمفتشين باستجواب المسؤولين فإن وانغ تشي شان رئيس اللجنة المركزية لفحص الانضباط أكد أن عملهم أدى لكشف انتهاكات للانضباط وتزوير في ترقية المسؤولين.

وتخضع كل التقسيمات ال31 على مستوى المقاطعات و6 شركات مملوكة للدولة و9 إدارات للحكومة المركزية ومؤسسات عامة لعمليات التفتيش.

ولإشراك الجمهور كانت هناك محاولات لخفض الغموض الذي يكتنف عمل مكافحة الفساد وزيادة التفاعلات عن طريق الانترنت.

وأطلقت اللجنة المركزية لفحص الانضباط خدمة إبلاغ الكترونية ونشرت العقوبات المتخذة ضد المسؤولين الفاسدين وعقدت مؤتمرات صحفية على الانترنت وفتحت ندوات وعقدت استطلاعات للرأي.

وفي الشهر الماضي كشف بث تليفزيوني على التليفزيون الصيني المركزي كيفية عمل مفتشي فحص الانضباط في جولات التفتيش عن طريق عرض اثنين من المفتشين خلال الحديث مع رئيس شركة سينوبك فو يو تشينغ.

كما اتسعت حملة مكافحة الفساد للخارج من أجل قطع الطريق على المسؤولين الفاسدين الفارين للخارج.

ونجحت حملة صيد الثعالب التي تنتهي يوم 31 ديسمبر في إعادة 400 هارب إلى الصين والعديد منهم مسؤولون فاسدون و54% منهم قاموا بتسليم أنفسهم.

واليوم (الثلاثاء) ناشدت اللجنة المركزية لفحص الانضباط معلومات في الداخل أو الخارج عن المسؤولين الفاسدين الذين لا زالوا هاربين.

وقال البروفيسور رن جيان مينغ خبير مكافحة الفساد والحوكمة في جامعة بكين لعلوم الطيران والفضاء لوكالة ((شينخوا)) إن تلك المبادرات الجديدة ساعدت في سد الفجوات في نظم الحزب والحكومة وساهمت في الحرب طويلة المدى لمكافحة الفساد.

وقال تشنغ يونغ نيان خبير الدراسات الصينية في الجامعة الوطنية بسنغافورة إن حملة مكافحة الفساد أكثر من مجرد ضبط “النمور والذباب” لأنها تتعلق أيضا بمنح فرص للإصلاح لمسئولين أطهار وأمناء .

وقال تشنغ ان “اقتلاع المسؤولين الفاسدين وتعزيز إجراءات الإصلاح هما الهدف النهائي للحملة”.

وفي المقابل ستفيد الإصلاحات الإضافية تلك الحملة. وتم تبني خطة إصلاح قانوني شاملة خلال دورة هامة للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي شملت إجراءات لدفع الحزب والحكومة والمسؤولين للعمل وفقا للقانون وبناء نظام قضائي أكثر استقلالا.

وقال هوانغ وي تينغ إن قضية تشو ألقت الضوء على المبدأ الأساسي لحكم القانون الذي ينص على أن جميع الناس أمام القانون سواء.

وحاولت المجالس التشريعية المحلية تحسين تشريعات مكافحة الفساد. وقام المجلس التشريعي لمقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين باستشارة الجمهور فى شأن مشروع قانون على مستوى المقاطعة لمكافحة الفساد.

وجذب هذا المشروع الاهتمام من شتى أنحاء البلاد لأنه أول مشروع قانون ينص على حظر تولى مراكز قيادية أو “مناصب مهمة وحساسة” على “المسؤولين العراة ” أي المسؤولين الذين هاجرت زوجاتهم وأولادهم جميعا . وتلك الفئة تعتبر من فئات الفساد شديدة الخطورة ويتهربون من التحقيقات.

وأشار الخبراء إلى أن الإصلاح القانوني سيساعد في دفع حملة مكافحة الفساد وتحسين الكفاءة والشرعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.