موقع متخصص بالشؤون الصينية

في ازدهار العلاقات المصرية الصينية وشساعتها

0

abdekader-abdelkader-china-egypt

موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر حسن عبد القادر*:

تتطور العلاقات المصرية الصينية بصورة متسارعة، وتحتل مكانة مميزة فى ظل امتلاك البلدين أرضية مشتركة وخلفية ثقافية متقاربة، إضافة لوجود دوافع لدى الحكومتين على ضرورة تعميق المصالح المتبادلة بينهما0

ويرجع تاريخ العلاقات الصينية المصرية لبداية عام 1953 قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، حيث بعثت مصر إبان هذه الفترة بمسئول تجارى لبحث المسائل التجارية بين مصر والصين. وبلغ حجم التبادل التجارى فى ذلك الوقت بين البلدين ملايين قليلة من الدولارات ما بين صادرات وواردات.

تعد مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتقيم علاقات دبلوماسية معها عام 1956، وذلك بعد مرور عام واحد من الاجتماع التاريخى الذى جمع وقتها، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر برئيس وزراء الصين شو آن لاي فى باندونغ.

وفى أغسطس 1955 وقع الجانبان فى العاصمة بكين على اتفاق تجارى يقيم بمقتضاه كل طرف مكتبا تجاريا له لدى الطرف الآخر وفى بداية عام 1956 تكثفت لقاءات المسئولين التجاريين فى البلدين وأدى اعتراف مصر فى 16 من شهر مايو 1956 رسميا بجمهورية الصين الشعبية إلى فتح الباب واسعا أمام المزيد من التبادلات الاقتصادية والتجارية.
و فى حقائق العلاقات، تطورها المتسارع فى عقود ماضية، ماشكل قاعدة مناسبة لازدهارها فى الحقبة الحالية، التى تشهد مزيدا من الزيارات الرسمية والشعبية للصين، بخاصة تلك التى يقوم بها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الى بكين ويتمخض عنها المزيد من أطر التعاون والتنسيق والتنفيذ والتفعيل فى شتى الحقول.
فى الروابط الحالية بين الصين ومصر، عمق واضح يتصل بالحقب التاريخية بينهما، لكن الدفعة الكبرى التى شهدتها تلك العلاقات خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الزيارتين اللتين قام بهما الرئيس عبد الفتاح السيسي الى بكين خلال عامي 2014 و2015، وما تم الاتفاق عليه من تطوير العلاقات الى أعلى مستوى والوصول بها الى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، يكشف عن حرص الحكومة المصرية على دعم التعاون الثنائي خاصة فى المجالات الاقتصادية والمشروعات المشتركة والتجارة البينية.

ومن الضرورة الإشارة بكل اعتزاز الى النتائج الضخمة التى يتم العمل على تحقيقها حالياً للزيارة التى من المزمع أن يقوم بها الرئيس الصيني الى مصر فى مطلع العام المقبل، سيّما للاتفاق على تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة، ماسيفتح المجال الى مشاركة أوسع من طرف الشركات الصينية فى المشروعات المصرية القومية، وبخاصة لتنمية منطقة قناة السويس، والمشروعات فى مجالات النفط والغاز والنقل والاتصالات والبتروكيماويات وتجميع السيارات، الى جانب المساهمة فى تحديث وتطوير المصانع المصرية.
لذا، يحق لنا تأكيد حقيقة أن العلاقات بين القاهرة وبكين استراتيجية قولا وفعلا، وهو ما يكرره الطرفان المصري والصيني حالياً، ما سيكسب البلدين شراكة ثنائية فاعلة وذات محتوى عميق، وتمكين العلاقات البينية بما يصب فى مصلحة الشعبين الشقيقين وتعاونهما وتنسيقهما فى كل الميادين.
وفى صدد تلك العلاقات، نقرأ مطالعة السيد يونغ يوان يانغ، الخبير الإعلامى الصينى، الذى أكد أن الصين حريصة على دعم العلاقات الثنائية بين البلدين بما يحقق طموح الشعبين الشقيقين، ومنوهاً الى أن زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى للصين تكتسب أهمية خاصة لكونها تحقق المزيد من علاقات التعاون سواء كانت السياسية أو الاقتصادية. ويستطرد بالقول، أن الصين تدعم مصر فى توجهها نحو تحقيق التنمية، نظرا لمكانة مصر الكبيرة فى العالم العربى، مشيرا إلى أن الصين ضمن ثوابتها تحقيق النمو والأمن والاستقرار فى المنطقة العربية بأكملها.

وهكذا، نرى كيف ان الجانب الصيني يعتبر مصر قوة عربية اقليمية نافذة، وبمثابة بوابة لأفريقيا، بينما الجانب المصري يعتبر الصين {نموذجاً فريداً} فى التنمية الاقتصادية لدول العالم وقارة اسيا، لذا نلاحظ زيادة فى العدد الكبير من الخبراء الذين يطالبون بضرورة استفادة مصر من التجربة التنموية الصينية، حيث حقق الاقتصاد الصيني معدلات نمو عالية فى فترة قصيرة قياسية، أضفت على الشعب الصيني رغادة غير مسبوقة.
وعلى الرغم من الأزمة المالية التى يمر بها العالم، وضرورة نقل التكنولوجيا الصينية لمصر، والاستفادة من تزايد عدد السائحين الصينيين الذين يزورون مصر سنويا، وعديدهم يصل الى100 ألف سائح، أن البلدين لديهما حرص على تعميق هذه العلاقات فى السياحة ايضا، ناهيك عن السياسية والثقافية والعسكرية، ونعرض فى السطور التالية لموجز من التعاون التعليمي الذى يُميّز التعاون التاريخى المصري الصيني والذى كان القاعدة الصلدة التى نما عليها الازدهار الحالي لصلات البلدين الصديقين:-
ـ وجود آلية تبادل: حيث عقد الجانبان المصري والصيني أول ندوة تعليمية مشتركة فى بكين عام 1996، وأصبح تواصل انعقاد هذه الندوة آلية عالية المستوى بين البلدين، ويتبادل وزيرا التعليم فى البلدين الزيارات كل سنة.
– التعاون بين المؤسسات التعليمية : وقع الجانبان المصري والصيني على عدد من اتفاقات التعاون التعليمي منذ عام 1956، وأبرزها الاتفاق الذى وقعت عليه وزارتا التعليم فى البلدين بالقاهرة فى 17 من نوفمبر عام 1997 حول الاعتراف المتبادل بالشهادات الدراسية، كما وقعت جامعة القاهرة وجامعة الإسكندرية وجامعة عين شمس والجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة الزقازيق وجامعة المنيا اتفاقيات تعاون وتبادل ومشاريع مشتركة مع جامعة بكين وجامعة اللغات والثقافة وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين والجامعة الثانية للغات الأجنبية وجامعة الدراسات الأجنبية بشانغهاى وجامعة المعلمين بشانغهاى وجامعة أنهوي على التوالى.
– زيادة عدد الطلاب الوافدين سنوياً : حيث تجاوز عدد الطلاب الصينيين المبعوثين بشكل حكومي إلى مصر200 طالب فى الخمسين عاما خلال الفترة من عام 1955 حتى عام 2005. وقد تنوعت اختصاصات الطلاب الوافدين، فلم تعد تقتصر على اللغات والآداب بل شملت اختصاصات العلوم الطبيعية والصناعة والزراعة والطب ويدرس كل الطلاب فى مصر لمدة سنة.
– تطوّر تعليم اللغة الصينية : ازداد عدد الدارسين للغة الصينية منذ عام 1958 بكلية الألسن لجامعة عين شمس، حيث تجاوز الآن600 دارس ومنهم عدد من الطلاب الوافدين من الدول العربية الأخرى، كما أنشأت الجامعة مركز بحوث للعلوم الصينية (الصينولوجي) عام 1999.
– تواصل التعاون فى إقامة المؤسسات التعليمية.
وعلى صعيد آخر، امتد نطاق التبادل الثقافى الى فضاءات أبعد، بحيث لم يقتصر على مجال الثقافة والفن فحسب، بل توسع وتعددت مجالاته كالعلوم والسينما والتلفزيون والآثار التاريخية والمكتبات والمتاحف، حيث شهدت هذه الحقول العديد من التبادلات بين الجانبين. ففى عام 2003 أقيم فى بكين وشنغهاى “معرض كنوز مصر القديمة” فى إطار مهرجان الفنون الدولى الذى أقيم فى شنغهاي فى أكتوبر عام 2003

*عضو ناشط فى هيئة الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء الصين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.