موقع متخصص بالشؤون الصينية

مقالة خاصة: بكين تتابع بقلق تصاعد التوترات وخبراء صينيون يستبعدون مواجهة عسكرية مباشرة بين السعودية وإيران

0

Iran oil
أعربت الصين عن قلقها إزاء تصاعد التوترات بين المملكة السعودية وإيران وقرار بعض الدول العربية مثل السودان والبحرين والإمارات قطع العلاقات مع طهران أو خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي معها لإظهار التضامن مع السعودية.

وذكرت هوا تشون يينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الاثنين في مؤتمر صحفي أن الصين تتابع عن كثب تطورات الوضع وتشعر بالقلق إزاء تصاعد النزاع الإقليمي. وحثت الجانبين على التحلي بالهدوء وإظهار ضبط النفس وتسوية الخلافات بشكل مناسب من خلال الحوار والمشاورات للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.

وقالت هوا “نأمل أن تستطيع جميع الأطراف المعنية تقوية التواصل والتعاون في محاربة الإرهاب. ونأمل أيضا ضمان أمن وكرامة الدبلوماسيين ومقار البعثات الدبلوماسية.”

وأدلت هوا بهذه التصريحات بعد أن أعلنت السعودية يوم السبت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد أن اقتحم متظاهرون إيرانيون غاضبون يوم السبت السفارة السعودية احتجاجا على قيام السعودية بإعدام 47 شخصا، بينهم رجل الدين الشيعي البارز نمر باقر النمر، بتهمة الإرهاب.

وفي هذا الصدد، رأى خبراء ومحللون صينيون أن هذه التطورات من شأنها أن تفاقم الوضع الأمني المعقد أصلا في منطقة الشرق الأوسط وتزيد الضغوط على حملة مكافحة الإرهاب في المنطقة, متوقعين عدم نشوب حرب مباشرة بين البلدين الإسلاميين الكبيرين، لكن تصعيد حرب الوكالة بينهما وازدياد حدة النزاعات.

ورأى هوا لي مينغ، سفير الصين الأسبق لدى إيران، قيام السعودية بهذه الإعدامات الجماعية في هذا التوقيت يأتي نتيجة للضغوط الخارجية والداخلية وحقائق الجغرافية السياسية الممثلة في تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة وتحسن علاقاتها مع الولايات المتحدة، التي تعد حليفا تقليديا للسعودية, ونتيجة أيضا للتحديات والصعوبات التي تواجه الاقتصاد السعودي في ظل استمرار انخفاض سعر النفط العالمي, وسعي المملكة لاستقرار سلطتها الحاكمة وسط قلقها من تنامي القوة الشيعية في شرق السعودية.

وتوقع هوا أن تصبح النزاعات السعودية -الإيرانية أكثر صرامة, ما سيؤثر بالطبع على شتى الخلافات في المنطقة، مضيفا أن الولايات المتحدة ستحاول من خلال ممارسة الضغوط على حليفها السعودية تهدئة التوترات، لكن الوصول الى هذه النتيجة لن يتحقق في المقابل إلا في وجود رغبة لدى الجانب الإيراني في عدم التصعيد.

وشاطره الرأي تيان ون لين، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد الصين للدراسات الدولية المعاصرة، قائلا إنه على المدى القريب, سيتفاقم حدة النزاع بين السعودية وإيران مع شعور الإيرانيين بالاستياء والغضب نتيجة الإجراءات السعودية. لكن على المدى البعيد, لن تخرج النزاعات والصراعات الممتدة منذ وقت طويل بيت الدولتين عن السيطرة، نظرا لكثرة ساحات المواجهة بينهما, وعدم رغبة أي منهما في فتح معركة جديدة أو القتال المباشر.

وقال تانغ تشي تشاو، نائب مدير معهد قضايا غرب آسيا وإفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، إن النزاع بين البلدين لم يعد خلافا تقليديا بين الشيعة والسنة فحسب, وإنما يتمثل في التنافس على قيادة المنطقة وامتلاك زمام السيطرة على القيادة الدينية.

وأضاف “أن إمكانية اندلاع اشتباك عسكري ضئيلة. فإيران التي وقعت اتفاقا نوويا مع الدول الكبري, تولي الأهمية الآن للاندماج في المجتمع الدولي. أما السعودية, فلا يمكنها أن تخاطر بدخول قواتها في اشتباكات مباشرة مع إيران”.

ومن جهتها, نشرت صحيف ((غلوبال تايمز)) تعليقا قالت فيه إن هذه التطورات في المنطقة تعكس تراجع سيطرة الغرب بقيادة الولايات المتحدة على الأوضاع في الشرق الأوسط, مشيرة إلى أن قدرة الغرب على ممارسة النفوذ في المنطقة تقل باستمرار ما يضفي المزيد من الغموض على الوضع الأمني الإقليمي ويفسح مساحة أكثر للإرهابيين.

وأرجعت الصحيفة تاريخيا سبب استمرار النزاع بين الدول الإسلامية منذ وقت طويل الى دفع وتحريض الدول الغربية، إذ يتخوف الغرب من تضامن الدول الإسلامية أكثر من خوفه من نزاعاتها. وأضافت أن الغرب استخدم في مناسبات عدة الدول العربية لإحتواء إيران، وقد كان هذا مبدأ ثابتا في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، محملة الغرب المسؤولية وراء التطور في الأوضاع وحالة عدم اليقين التي تسود المنطقة.

وأضاف التعليق أن الوضع في الشرق الأوسط جعل الدول الغربية الكبري تشعر الآن أكثر من أي وقت مضى بأن قدرتها أعجز من أن تلبى رغباتها, بعد تفشي الإرهاب وسط الفوضى والاضطرابات في المنطقة، وعدم قدرتها على منعه من الوصول الى أراضيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.