موقع متخصص بالشؤون الصينية

خطّة “شي” الأًممية في الإقليمين العربي والإسلامي (2)

0

marwan-yelena-xi-middle-east1
زيارة المملكة العربية السعودية: إستراتيجيةُ وشراكَةُ الطّاقة

 

موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان  سوداح* ـ
م. يلينا نيدوغينا*:

العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية ارتكزت “دائماً” دعائم التعاون في مجال الطاقة. وخلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ الى المملكة يوم 19 يناير / كانون الثاني، أعلن الجانبان عن اقامة علاقة شراكة استراتيجية في مجال الطاقة.
يرى الصديق “وو سي كه” – المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط والسفير الصيني السابق لدى السعودية – ، أن الرياض” أهم شريك تجاري للصين في مجال الطاقة على مر السنين”، حيث يمكن للسعودية ضمان احتياجات الصين من الطاقة كلما ظهرت ثغرات في وارداتها النفطية. والصين بحاجة الى أن توفر السعودية امدادات مستقرة من الطاقة باعتبارها المستهلك الرئيسي للطاقة، كما ان المملكة بحاجة الى الصين باعتبارها اكبر منتج للنفط وسوق استهلاكية مستقرة .
ويعتقد “وو سي كه”، أن المملكة العربية السعودية تخطط لتنويع اقتصادها، والتعاون بين الصين والمملكة في مجال النفط لا يقتصر فقط في بيع وشراء النفط ، وإنما يشمل ايضا التنقيب والتعدين والصهر النفطي، المشتقات النفطية وغيرها من صناعات المنبع وصناعات المصب في صناعة النفط.
يعتقد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية “لي قوه فو”: أن اعلان الصين والمملكة العربية السعودية عن بناء شراكة استراتيجية طويلة الاجل ومستقرة في مجال الطاقة، أمر بالغ الاهمية في ظل صعود وهبوط الذي تشهده اسعار النفط الخام الدولية.
ويُشير “وو بينغ بينغ” – مدير مركز دراسات منتدى التعاون الصيني العربي واستاذ اللغة العربية بجامعة بيجين، الى أن للصين وفرنسا وروسيا، كوريا الجنوبية من حيث المستوى الفني الدولي ، القدرة الصناعية والقدرة على الاستثمار، وهي الدول القادرة على تلبية طلب المملكة العربية السعودية المتزايد للطاقة النووية وغيرها من الطاقات الجديدة. وأن هناك مساحة واسعة للتعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية في مجال الطاقة الجديدة.
وللدلالة على أراء وتقييمات بعض الأطراف الدولية، لا مندوحة عن اقتباس بعضها وتوظيفها في عرضنا التالي، لِما لها من أهمية سياسية قصوى.

يقول الكاتب  حسان أبوصلاح في   : MBCقبل 4 أعوام خرجت إحدى الصحف الأمريكية بتحليل حول العلاقات السعودية –  الصينية، كانت نتيجته أن “تنمية العلاقات بين الصين والسعودية تعكس أكبر تغيير في السياسة العالمية”، معتبراً أن هذا التطور بين البلدين الآسيويين “أكبر ضمان لاستمرار النمو الاقتصادي العالمي ومكانة المنطقة في العالم”.
واليوم، يتجاوز حجم التبادل التجاري بين المملكة السعودية والصين 70 مليار دولار، وهو رقم ضخم بالمقاييس العالمية، إذ تورّد السعودية للتنين الصيني 25  في المئة من حاجته النفطية، مقابل استيراد السلع المختلفة من البلد الذي يوصف بأنه “مصنع العالم”.
ويُلاحظ  أبو صلاح بعيونه الفاحصة: ويبدو من أهداف زيارة الرئيس الصيني للرياض بعث رسالة لطمأنة القيادة السعودية إلى أن الانفتاح مع إيران، وتقوية العلاقات معها، لن يكون على حساب العلاقات مع الرياض.
وتستورد الصين نحو 50 مليون طن من النفط السعودي سنوياً، تقدر قيمتها بـ50 مليار دولار، وترغب الرياض بالمحافظة على هذه الحصة، في ظل تراجع الاقتصاد الصيني، ودخول إيران إلى السوق المتخمة أصلاً. في حين تستورد السعودية سلعاً صينية بقيمة 20.6 مليار دولار.
يذهب الكاتب الى انه وعلى المستوى السياسي، فإن أحد أسباب الزيارة الصينية هو دعم السعودية في ملف مكافحة الإرهاب ومحاربة “داعش”. وربما هي حاجة الصين إلى صاحبة المكانة الدينية الأولى في العالم الإسلامي للمساهمة في دعم استقرار الأقلية المسلمة في الصين، والتخفيف من إمكانية تحرك متطرفين في منطقة التبت.
ويرى كذلك أنه : لا يمكن تجاهل كون هذه الرحلة الشرق أوسطية تأتي في سياق فتح أسواق جديدة، أو توسيع أسواق قديمة، لتحريك الركود النسبي الذي يعاني منه العملاق الاقتصادي منذ منتصف 2015، عبر تسويق مزيد من منتجات التنين .
سبب آخر قد يكون رمزياً، ذلك أن العلاقات بين البلدين تعيش هذا العام “يوبيلها الفضي” بعد 25 سنة من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصينية الشعبية والمملكة العربية السعودية، تطورت فيها بشكل لافت، توّج بأن أصبحت الصين “الشريك الاستراتيجي الاقتصادي الأكبر للسعودية في العالم”، مزيحة الولايات المتحدة عن مكانها منذ 2011م. وفي المقابل، فإن المملكة تعد أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا.
وتضاعف حجم التبادل التجاري خلال العقد الأخير إلى 7 أمثال تقريباً، إذ تظهر البيانات الرسمية أن حجم التجارة بين الصين والسعودية بلغ 69.1 مليار دولار أمريكي في عام 2014، مقارنة مع 10.3 مليارات دولار أمريكي لعام 2004.
على صعيد الاستثمار الأجنبي في السعودية، بلغ حجم الاستثمارات الصينية في المملكة نحو 5.6 مليارات دولار أمريكي، فيما يقدر عدد الشركات الصينية العاملة في السعودية بحوالي 150 شركة .
ويُعد العام 1999 مفصلاً أساسياً في تطور العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والصين، ونقطة تحول بعد أن تطورت العقود النفطية بين البلدين، الذي يعد أحدهما المصدر الأكبر للنفط في العالم، والآخر المستهلك الأكبر له.

ولا يستقيم هذا العرض بدون إيراد وجهة النظر الايرانية حِيال زيارة الرئيس شي للسعودية ودول المنطقة..
وهكذا، جاء في وكالة أنباء فارس (نقلاً عن: “الوقت”)، أن الزيارة تأتي بعد الإعلان عن بدء تنفيذ بنود الإتفاق بين ايران والسداسية الدولية، كما تأتي في اعقاب التطورات التي تشهدها المنطقة من انخفاض اسعار النفط إلى الاحداث العديدة التي تمور بها من عسكرية وارهابية وانجرار بعض الدول الى أتونها.
ويستطرد: “وتشكل الدول الثلاث منطلقاً اساسياً للصين. فمصر بوابة أفريقيا وايران مركز ثقل اقليمي ودولي على الصُعد كافة، وللبلدين علاقات مميزة سياسياً واقتصادياً، وتربط بين السعودية والصين علاقات اقتصادية مُمَيَزة. الزيارة التي استهلتها الصين للسعودية تطرح الكثير من الأسئلة التي تصب في خانة الأهداف التي تقف خلف هذه الزيارة.
أولاً: للصين علاقات اقتصادية قوية مع السعودية، فمصادر الطاقة بالنسبة لها تشكل محوراً أساسياً، على الجانب الآخر فإن الزيارة لهذه للمنطقة تأتي بالدرجة الأولى بعد سريان مفعول الإتفاق الإيراني والسداسية الدولية، وحاجة الصين لتعزيز العلاقات الإقتصادية بينها وايران، وتفعيل برنامجها الإقتصادي في المنطقة والذي تشكل فيه ايران الدور الفاعل والمؤثر، والإستثمار في ايران وانفتاح شركاتها في هذا الإطار، ولعب دور فاعل في اعادة تصميم محطة اراك النووية، لكن مع الأخذ بعين الإعتبار “العدوان السعودي” على اليمن، والذي وقفت فيه الصين موقفاً غير مشجع من جهة/ وإعدام “الشيخ النمر” والتحرك السعودي الأخير اتجاه ايران من جهة اخرى/ وكلها عوامل وضعت الصين موضع المُحرَج في زيارة ايران، من دون أن تشمل الزيارة السعودية أيضاً.
ثانياً: تنظر الصين للمنطقة على أنها احد العوامل الحاسمة بالنسبة لها لتحقيق إنتعاشها الإقتصادي خاصة في ظل البيانات الإقتصادية الصينية الأخيرة التي تؤشر إلى تراجع واضح في اقتصادها الذي يُعد ثاني اكبر اقتصاد عالمي، والتخوف من دخول الإقتصاد العالمي في أزمة جديدة، هذا التراجع يَنظر إليه على أنه نتاج سياسة أميركا في المنطقة والتي تمحورت على مخطط اشعالها وشرزمتها/ وهو ما أصبح يُهدّد الإقتصاد الصيني وأفقد الثقة الصينية بإدارة أميركا لمجريات الشرق الأوسط.
وفي سار موازٍ، فإن الصين ترى في السياسة التي تتبعها السعودية حِيال العديد من الملفات، سواء في سورية والعراق واليمن/ أو اتجاه العلاقات مع ايران وما خلفته وأفرزته هذه السياسة من مشكلات هدّدت استقرار المنطقة/ وبالتالي أرخت بثقلها على الواقع الإقتصادي الذي لا شك أن له تأثير كبير على الإقتصاد الصيني، وعليه ترى بكين أن الآوان قد آن للتحرك السياسي بما يخدم الحفاظ على واقعها ومصالحها الإقتصادية.
ثالثاً: تستشعر الصين كما روسيا تغييراً واضحاً في الأولويات الأميركية حِيال منطقة الشرق الأوسط والإتجاه نحو شرق أسيا والقارة الأفريقية/، ولهذا ترى الصين أن لا مانع للدخول إلى المنطقة من بوابتها السياسية واللعب دوراً فاعلاً بالقدر الذي لا تدخل فيه بصدام مع أحد من الدول، وعليه فإن هذه الزيارة تعكس سياسة صينية لمحاولة إعادة تريتيب سياستها في الشرق الأوسط/، خاصة وأن السياسة الأميركية ظلت لعقود قائمة على الحيادية، طالما أن الإدارة الأميركية هي المؤثر الفاعل من دون أن تشعر الصين بأنها بحاجة لبذل جهود.
رابعاً: هبوط اسعار النفط وتباطؤ الإقتصاد العالمي، اذ ترى الصين أن السعودية ومن خلفها أميركا هي من يقف وراء مخطط خفض سعر النفط، ولهذا ترى الصين أن هناك ضرورة ملحة للتحرك في إطار التأثير والمعالجة، خاصة وأن الصين تحتاج للنفط لدعم التنمية الإقتصادية، كما أن للصين حاجة لتعزيز علاقتها مع السعودية لفتح أسواقها لمنتجاتها، فالسعودية تعتبر أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الأيام القادمة ستشهد مزيداً من التحليلات حول ما إذا كانت الصين ستخرج عن صمتها وتتحرك نحو فعالية أكبر وبالتالي التخلي عن حذرها السياسي الشديد/، لكن ما هو واضح أن السياسة الصينية ورؤيتها لمنطقة الشرق الأوسط لا تتماشى مع السياسة الأميركية وحلفائها في المنطقة/ فهي وقفت إلى جانب الحكومة السورية ورئيسها “بشار الأسد”/ وخالفت أعمال العنف والإرهاب التي مورست على الدولة السورية/، وهي مخالفة أيضاً لما يجري في العراق والسياسات الداعمة للإرهاب فيه/، وهي وقفت موقف متباعد عن “العدوان على اليمن”، فهي في الإطار السياسي العام بنت رؤيتها على احترام سيادة الدول”.

وفي تضاد للرؤية الايرانية، طرحت لندن رؤيتها الخاصة، التي نشرها القسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية BBC وتحدثت من خلالها عن زيارة الرئيس شي الى السعودية، ووصفها بدقة. فلندن حاذقة عادة بالأوصاف التي تطلقها أو تقتبسها من أخرين، وقد اهتمت بهذه الزيارة لعاملين إثنين رئيسيين. الاول، أن تاريخها حافل مع المملكة في كل المجالات؛ والثاني، ان بريطانيا  – التي لم تعد عظمى منذ زمن طويل والشمس غدت تغيب عنها باستمرار- طوّرت هي الاخرى علاقاتها مع الصين، ووقّعت العام الماضي إتفاقيات تعاون معها بأرقام فلكية !
إلا ان القسم العربي للاذاعة يَرى، ان هذه أول زيارة يقوم بها شي جين بينغ لمنطقة الشرق الاوسط منذ تسلّمه منصبه، وتأتي: على خلفية تصاعد التوترات حول الحرب الدائرة في سورية/ وبعد ان احرق محتجون على اعدام رجل دين شيعي سعودي مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. وتعتمد الصين الى حد كبير على النفط الذي تستورده من بلدان الشرق الاوسط/، ولكنها لم تتدخل في الصراعات بين بلدانها.
تستعير الاذاعة تصريحات ويلي لام، استاذ العلوم السياسية في الجامعة الصينية في هونغ كونغ، لتوصيف الزيا رة: “شي جينبينغ ملتزم بتعزيز صورة الصين في الخارج وفي ضمان حصولها على نفوذ دولي يتماشى مع تصاعد قوتها الاقتصادية والعسكرية”.
أما زو فينغ، الاستاذ في معهد الدراسات الدولية في جامعة بكين، فقال “إن الصين اكبر مستورد للنفوط الشرق الأوسطية، ولذا فإنها ترغب جداً في إعادة الاستقرار الى تلك المنطقة.
وقال زو، “من الواضح ان هناك توتراً بين السعودية وايران”، ولذا سيلعب الرئيس شي “دور المقنع” و.. “الباحث عن التعاون في الحرب على التنظيم الذي يُطلق على نفسه اسم “الدولة الاسلامية.”
ومضى بالقول: “ستحاول الصين وتفعل ما تستطيع، ولكنها لن تضطلع بالدور الرئيسي”.
وتعتيد الاذاعة اقتباس ما اوردته وكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية: “رغم ان الصين لا تأخذ جانب أحد الاطراف “أبداً”، “تكون هذه الزيارة فرصة نادرة للصين لدعوة الجانبين السعودي والايراني للتهدئة وضبط النفس”.
ونوّه القسم العربي ولفت الى: ان الصين كانت استضافت شخصيات مهمة من الحكومة السورية و”المعارضة”. وتدعو الصين منذ البداية الى “حل سلمي” للازمة السورية، رغم الانطباع السائد بأنها تساند حكومة الرئيس بشار الأسد وتصويتها 4 مرات لنقض قرارات في مجلس الامن حول الازمة.  وكانت الصين قد ساعدت في العام الماضي في التوصل الى اتفاق مع ايران.
كما وكانت الحكومة الصينية قد اصدرت مؤخراً أول وثيقة حول سياستها العربية، قالت فيها إن هدفها “التوصل الى اجماع عريض حول حماية سيادة الدول وسلامتها الاقليمية والدفاع عن الكرامة الوطنية والسعي نحو حل الازمات وتعزيز السلم والاستقرار في الشرق الاوسط”.

واللافت، ان فضائية “العربية” وصفت زيارة الرئيس شي للسعودية بأنها “ناجحة”، وانه تمخض عنها بيان مشترك بين الدولتين بشأن إقامة علاقات “الشراكة الاستراتيجية الشاملة”.
من ناحيتها، نشرت فضائيةCNN  الامريكية بعضاً من أراء عن دور زيارة الرئيس شي للمنطقة في سياق الصراع بين السعودية وإيران، جاء فيه: أن رحلة الرئيس الصيني للمنطقة ليست مجرد صدفة، فهو يزور إيران كذلك”، ولا يريد من الرياض وطهران الانزلاق في صراع، وهذا سبب ذهاب الرئيس الصيني إلى السعودية، فالصين تستورد ستين بالمئة من نفطها الخام وأكثر من نصف تلك النسبة تأتي من الشرق الأوسط ، والسعودية هي أكبر الموردين، لكن مع رفع العقوبات فإن إيران ستكون مورداً مهما أيضاً، والصين تريد التأكد من تنويع مصادر نفطها، لكنها في وضع صعب لأنها تملك تبعية اقتصادية، غير أن الولايات المتحدة تلعب دوراً أكثر أهمية عسكرياً واستراتيجياً في الشرق الأوسط.
ويُشير ضيفٌ حلّ على الفضائية: بطرق عدة كانت الصين بموضع المراقب تجاه أحداث الشرق الاوسط، ومستفيدة من الدور الذي لعبه الآخرون في المنطقة، وفي نفس الوقت عندما تنظر الصين إلى ما قامت به الولايات المتحدة ببعض عملياتها وخصوصاً في العراق، فإنهم يعرفون أن استمرارهم بالاعتماد على نفط الشرق الأوسط، يتوقف على النهوض واتخاذهم دور فعّال أكثر.. لذا فإن هذا موقف صعب لهم لأنهم قلقون ولا يعرفون كيفية التصرف، لكن إن لم يتخذوا الخطوة فإن تبعات الأمر قد تكون وخيمة على اقتصادهم.
يقول مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ان كثيرين من المتابعين وصفوا في وقت سابق الصين بالمتفرج على ما يحدث في الشرق الأوسط، لأنها كانت تحصر دورها على البُعد الاقتصادي والحفاظ على مصالحها الحيوية، وتبتعد عن الانخراط مباشرة في الصراعات الإقليمية، طالما أنها لم تلحق أضراراً مباشرة بها.
لكن المركز يرى: ان الابتعاد عن الأزمات الإقليمية واتباع سياسة الحياد هما اللذان جنّبا بكين الكثير من المشكلات، لكنهما لم يعودا مجديين في الوقت الراهن، الذي تتراكم فيه المشكلات، في محيط الدول التي للصين مصالح كبيرة فيها.
وبرأي خبراء مصريين فإن الصين على وشك أن تتبنى منهجاً استباقياً تجاه الكثير من القضايا الساخنة في المنطقة، حتى لا تجد نفسها أمام واقع سياسي وأمني مخيف، تكون له تداعيات صعبة على مصالحها الإقليمية والدولية. لذلك، من اليوم فصاعداً، قد يَرى العالم دوراً مختلفاً، ربما يَسحب، في المستقبل، البساط من تحت أقدام قوى دولية أخرى، لأن بكين تتمتع بدرجة عالية من العلاقات المتوازنة مع غالبية الأطراف في منطقة مثل الشرق الأوسط.
ويَكشف مركز الروابط البحوث، عن  أن الجولة التي قام بها الرئيس الصيني كان مخططاً لها أن تتم في شهر مايو / ايار الماضي، لكن تم تأجيلها، بسبب اندلاع الأزمة في اليمن، وحساسية موقف بكين بين كل من الرياض وطهران، ناهيك عن مصر التي وقفت علانية بجوار السعودية، الأمر الذي كان سيحرج الصين مع صديقتها إيران، حيث بدت بكين غير مرحبة بالحرب التي شنّها التحالف العربي في اليمن “لعودة الشرعية”.
وعلم المركز من مصادر صينية في القاهرة، أن الرئيس شي جين بينغ أراد أن يُحافظ على علاقات بلاده الجيدة مع الدول الثلاث، وفضّل تأجيل الزيارة لوقت آخر، على اعتبار أن الأوضاع الملتهبة يمكن أن تهدأ. ولأن التطورات ازدادت التهاباً، والعلاقات بين السعودية ومصر من جهة وإيران من جهة أخرى ازدادت توتراً، عقب أزمة الاعتداء على التمثيليات الدبلوماسية السعودية في إيران، لم يكن هناك بدّ من إتمام الجولة المؤجلة.
من جانبه، يؤكد تشانغ مينغ، نائب وزير الخارجية الصيني، في تصريحاته للصحفيين الموقف الصيني أعلاه، عندما يُشير الى ان “الصين لا تتحيز لأحد”. واوضح تشانغ عندما سُئل عن التوترات بين الرياض وطهران: “فيما يتعلق ببعض مشكلات المنطقة الصين تتخذ دائما موقفاً متوازناً وغير متحيز”، و “لو كان الشرق الأوسط غير مستقر، فمع الأسف لا يمكن للعالم أن يكون هادئاً.. لا يمكن لبلد أو منطقة أن تحقق التنمية لو كانت غير مستقرة.. “الصين تؤيد بحزم استكشاف كل دولة في المنطقة على حدة طريقا للتنمية يتلائم مع ظروفها الوطنية” – نشرته ايضاً صحيفة “الجمهورية”
http://www.aljoumhouria.com/news/index/285597
وفي السياق نفسه يؤكد الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون”، موقفه المشابهة للموقف الصيني بـِ:  أن “على السعودية وإيران التصالح والمساعدة في إنهاء التوتر بالشرق الأوسط”. وأشار في نص مكتوب لكلمة ألقاها في العاصمة العُمانية مسقط، أرسله المكتب الصحفي للأمم المتحدة، أنه “يتمنى أن تتسم التعاملات بين السعودية وإيران، على الرغم من انعدام الثقة والخلافات، بالواقعية والمسؤولية والحلول الوسط وهو ما سينعكس على المنطقة”.
نص البيان الصيني السعودي المشترك
“تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية ، قام شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية في الفترة من 9 إلى 10 ربيع الآخر 1437 هـ الموافق من 19 إلى 20 يناير 2016 م .
وأثناء الزيارة عقد خادم الحرمين الشريفين والرئيس الصيني جلسة مباحثات، حيث قام الجانبان في جو تسوده المودة والمحبة بتبادل وجهات النظر بشكل معمق حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى توافق واسع النطاق ومهم.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للتطور الكبير الذي أحرزته العلاقات بين المملكة والصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 29 / 12 / 1410 هـ الموافق 21 / 7 / 1990 م، وخاصة منذ الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الاستراتيجية بينهما في عام 2008م، مؤكدين على أهمية مواصلة تطوير الصداقة التقليدية بين البلدين والشعبين الصديقين وتعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة وعلى المستويين الإقليمي والدولي، بما يرتقي بالعلاقات السعودية ـ الصينية إلى مستوى أعلى.
وتماشياً مع الرغبة المشتركة لدى البلدين في زيادة وتعميق التعاون في المجالات كافة، قرر الجانبان الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وفي هذا الإطار يحرص الجانبان السعودي والصيني على بذل الجهود لتطوير التعاون في المجالات الآتية:
أولاً: المجال السياسي
ــ يتفق الجانبان على أنه في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية يزداد الطابع الاستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية ـ الصينية يوماً بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكاً مهماً لبعضهما البعض على الساحة الدولية، وينظر الجانبان إلى العلاقات بينهما دائماً بنظرة استراتيجية وطويلة المدى، ويقومان بتطوير العلاقات مع الجانب الآخر كتوجه مهم في علاقاتهما الخارجية.
ـ يحرص الجانبان على تبادل الزيارات الرفيعة المستوى وتعزيز التواصل الاستراتيجي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتوثيق التعاون الاستراتيجي وتوطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة.
ــ يؤكد الجانبان على اهتمامهما بآليات التشاور بين البلدين في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، وسيتخذان إجراءات فعالة لتحفيز وتسهيل تبادل الأفراد بينهما وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة في المجالات كافة.
ــ يؤكد الجانبان مجدداً على الدعم المتبادل للمصالح الحيوية لبعضهما البعض، ويؤكد الجانب السعودي على مواصلة الالتزام الثابت بسياسة الصين الواحدة، ويؤكد الجانب الصيني على دعمه لجهود الجانب السعودي للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وتطوير اقتصادها وتحسين معيشة شعبها ودعمه قيام الجانب السعودي بدور أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية.
ثانياً: الطاقة
ــ أبدى الجانبان رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، وأكدا على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، كما أبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لضمان استقرار أسواق البترول العالمية باعتبارها مصدراً آمناً وموثوقاً ويعتمد عليه في إمدادات البترول للأسواق العالمية.
ثالثا: مجال التعاون العملي
ــ يحرص الجانبان على مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لإجراء التعاون العملي وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية ـ الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وذلك لإثراء مقومات التعاون باستمرار، وتوسيع الاستثمار المتبادل ومواصلة تعميق التعاون في مجال البنية التحتية وحسن التعامل مع المشاريع المتبادلة في مجالات السكك الحديدية والطرق والجسور والاتصالات والموانئ وغيرها.
ــ يعرب الجانبان عن تقديرهما لإطلاق التعاون في مجالات الفضاء وإطلاق الأقمار الاصطناعية والاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقات الجديدة وما حققه هذا التعاون من النتائج، مؤكدين على استعدادهما لمواصلة دفع التطور المستمر للتعاون المعني.
ــ يعرب الجانبان عن ترحيبهما بالتشاور في إطار التعاون في بناء “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ “21” مؤكدين على وجود إمكانيات ضخمة للتعاون العملي بين البلدين واستعدادهما لتعزيز التنسيق والارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل تكنولوجيا وتطوير القطاعات وتنويع الاقتصاد.
ـــ يؤكد الجانب الصيني على إشادته بمشاركة الجانب السعودي كعضو مؤسس في إنشاء ” البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية” ويحرص الجانبان على تعزيز التعاون في المجالات ذات الصلة وبذل الجهود المشتركة لدفع التنمية والنهضة في منطقة آسيا.
رابعاً: المجال الأمني
ــ يشدد الجانبان على رفضهما القاطع للإرهاب بجميع أشكاله وصوره التي تهدد السلام والاستقرار في شتى أنحاء العالم واستعدادهما لتعزيز التعاون الأمني في هذا الصدد، ويؤكدان على رفضهما لربط الإرهاب بأي دين أو مذهب، ويعرب الجانب الصيني عن تقديره للجهود السعودية في إقامة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ودعمه لجميع الجهود المبذولة من السعودية وغيرها من الدول في مواجهة الإرهاب.
خامساً: المجالات الثقافية والإنسانية
ـــ يؤكد الجانبان على أن جميع الحضارات يجب أن تتبادل الاحترام والتسامح بما يحقق التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات البشرية ويشيد الجانب الصيني بالجهود السعودية الفاعلة لتعزيز الحوار والتواصل بين مختلف الحضارات والأديان، وأكد الجانبان استعدادهما لبذل الجهود المشتركة للحفاظ على التنوع الحضاري بروح التسامح والاستفادة المتبادلة، ويثمن الجانب الصيني الجهود السعودية في إقامة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا.
ــ يشجع الجانبان التبادل الثقافي بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي ويدعمان التواصل والتعاون في مجالات الإعلام والصحة والتعليم والبحوث العلمية والسياحة وغيرها، وسيواصلان تبادل إقامة الأسابيع الثقافية والمشاركة النشطة في مختلف الفعاليات الثقافية التي يقيمها الجانب الآخر، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الشباب والرياضة والمهارات المهنية، بما يعزز التواصل والصداقة بين البلدين والشعبين الصديقين.
سادساً: الشؤون الإقليمية والدولية
ــ أجمع الجانبان على أن دفع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يتفق مع المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي وهما على استعداد لتعزيز التواصل والتنسيق بشأن الأوضاع في المنطقة، بما يحقق الحلول السياسية للقضايا الساخنة، ويدعمان حق الدول بتقرير النظم والطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، بما يحقق الاستقرار الدائم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
ـــ يؤكد الجانبان على ضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل بأنواعها كافة، وأبديا تأييدهما لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية وذلك طبقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
ــ يؤكد الجانبان على أهمية تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية، وأبدى الجانب الصيني تقديره للمساهمة السعودية في سبيل تعزيز السلام في المنطقة، وأبدى الجانب السعودي إشادته بالجهود الصينية المبذولة لدعم القضايا العادلة للشعب الفلسطيني ودعم الصين لجهود السلام في الشرق الأوسط.
ـــ أعرب الجانبان عن قلقهما البالغ إزاء خطورة الوضع في سوريا، مؤكدين مجدداً على ضرورة إيجاد تسوية سياسية سلمية عاجلة للمسألة السورية والتطبيق الكامل لبيان جنيف الأول الذي تم التوصل إليه في يوم 30 يونيو 2012 م والبيانين الصادرين عام 2015م عن اجتماعات فيينا للفريق الدولي المعني بسوريا وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، كما أكدا على أهمية الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة للاجئين السوريين وتشجيع المجتمع الدولي على تقديم المزيد من الدعم للسوريين في داخل سوريا وخارجها.
ـــ يؤكد الجانبان على موقفهما الثابت من وحدة اليمن واستقلاله وسيادته ويطالبان اليمنيين بالحفاظ على وحدتهم الوطنية بمختلف مكوناتهم وأطيافهم وتياراتهم الاجتماعية والدينية والسياسية وبعدم اتخاذ أي قرارات من شأنها تفكيك النسيج الاجتماعي لليمن وإثارة الفتن الداخلية.
وأكد الجانبان دعمهما للشرعية في اليمن وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وكذلك المبادرة الخليجية المتعلقة باليمن.
ــ يجمع الجانبان على أنه لدى المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية مصالح واسعة النطاق في كثير من القضايا الإقليمية والدولية المهمة، وسيقومان بتكثيف التنسيق والتعاون في الأمم المتحدة ومجموعة الـ 20 وغيرهما من المنظمات الدولية والمحافل المتعددة الأطراف، ويؤكد الجانبان على أن قضية إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تتطلب مشاورات بين جميع الدول الأعضاء لدفعها بخطوات متوازنة والتوصل إلى توافق في الآراء على أوسع نطاق من أجل إيجاد حزمة الحلول، ويدعم الجانب السعودي قيام الجانب الصيني باستضافة مجموعة الـ (20) عام 2016 م وسيبذل جهوداً مشتركة معه لإنجاح القمة.
ـــ أعرب شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشعب السعودي الصديق على ما لقيه والوفد المرافق له من حسن الاستقبال وكرم الضيافة خلال زيارته، ووجه الدعوة لخادم الحرمين الشريفين للقيام بزيارة رسمية للصين في الوقت المناسب للجانبين، وقبل خادم الحرمين الشريفين الدعوة بكل سرور.
قراءة نشرتها صحيفة “الرياض”، بقلم نايف الوعيل حول زيارة الرئيس الصيني شي للسعودية:
يمكن الحكم على نجاح أي زيارة دولية في الجانب السياسي والاقتصادي من خلال محاولة قراءة البيان الختامي لها، وتوقع ما يمكن أن يحدث بعد تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الدولتين من مذكرات تفاهم وورش عمل في مختلف المجالات، والمتتبع للشأن الدولي يلحظ حضورا قويا للجانب الإقتصادي في البيان السعودي الصيني المشترك والذي صدر في ختام زيارة فخامة السيد شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية للمملكة والذي يدل على أهمية هذا الجانب خصوصا في ظل أسعار نفط منخفضة ورغبة سعودية في تنويع مصادر الدخل والإعتماد على إقتصاد غير نفطي في المستقبل بالإضافة إلى المسير قدما في خطط التنمية الحالية و التركيز على تطوير مهارات المواطن السعودي ليكون رقما فعلا في عجلة الإقتصاد.
الاهتمام بالجانب الاقتصادي والمالي بدا واضحاً منذ توجيه خادم خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الدعوة للرئيس الصيني لزيارة المملكة، وذلك لما يتمتع به الاقتصاد الصيني من قوة عالمية ولما تتميز به الشركات من نظام أهلها لتكون في مقدمة الشركات العالمية ولتصنع لبلادها مكانا متقدما في الجانب الإقتصادي والمالي.
البيان المشترك جاء تتويجا لمجموعة من الحقائق والأرقام التي شكلت خلفية صلبة وثابتة تتابع منها رؤى البلدين انطلاقها للشراكة المحققة لأهدافهما الوطنية وهو ما أكده البيان من خلال رفع مستوى الشراكة بين الدولتين للوصول إلى منطقة آمنة يصعب على المتغيرات السياسية التأثير عليها، هذه الشراكة اتخذت من المنافع الاقتصادية المتبادلة أساسا تستند عليه في سوق مشتركة ما زالت تجذب المزيد من الشركات.
أعطى البيان أهمية خاصة للشراكة الجديدة ولتحديات القرن الواحد والعشرين وكيفية تطوير العلاقة بشكل كبير، ورؤية المملكة لهذه الشراكة، وذلك من خلال الحديث عن تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، والتأكيد على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، مؤكدا في الوقت نفسه أن بكين تعتبر الرياض مصدرا آمناً وموثوقاً ويعتمد عليه في إمدادات البترول للأسواق العالمية.
الرؤية الجديدة للعلاقة بين البلدين جاءت تطويرا للأسس التي قامت عليها منذ عقود إلا أن الجانب الإقتصادي يظل الأبرز في هذه العلاقة خصوصا في ظل تولد قطاعات جديدة وأسواق محلية في كلا البلدين تجذب المزيد من رؤوس الأموال بالإضافة إلى خلق العديد من الفرص العمل للمواطنين، هذه الفرص تعني إشراك قوى المجتمع الفاعلة في الاقتصاد والعلم والثقافة والإعلام.
على أرض الواقع وبعيدا عن لغة الخطابات الرسمية، يشكل خلق الوظائف الهدف الرئيس من أي شراكة اقتصادية بين البلدان فمن الطبيعي أن أن تخلق هذه الاستثمارات الضخمة الكثير من الوظائف على مختلف المستويات والدرجات والخبرات المطلوبة لشغلها وتشتغليها بالإضافة إلى أنها ستكون فرصة للعديد من المبتعثين في الصين خاصة وفي العالم بصفة عامة خصوصا أن الشاب السعودي حاليا بات أكثر وعيا من ذي قبل في متطلبات سوق العمل وخصوصا الشركات العالمية.
كما تهدف هذه الشركات إلى نقل التكنولوجيا وتوطينها، فالمملكة قطعت شوطا كبيرا في التحول إلى ما يعرف ب”اقتصاد المعرفة” والذي لا يمكن أن يقوم بعيداعن الشراكة العلمية الحقيقية قبل رأس المال وهو ما أكد عليه البيان المشترك من خلال التشديد حرص الجانبين على مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لاجراء التعاون العملي وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية – الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وذلك لاثراء مقومات التعاون باستمرار، وتوسيع الاستثمار المتبادل ومواصلة تعميق التعاون في مجال البنية التحتية وحسن التعامل مع المشاريع المتبادلة في مجالات السكك الحديدية والطرق والجسور والاتصالات والموانئ وغيرها.
ردود أفعال سعودية على زيارة الرئيس شي لبلادهم (صحيفة الرياض)
كتب  صالح المحيسن من الاحساء:
أكد أكاديميون في مجال الاقتصاد إلى أهمية التنامي المضطرد في الشراكة الاقتصادية وفي حجم التبادل التجاري بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، مشددين على أن هذا التطور انعكس بصورة إيجابية على استقرار الأسواق العالمية في الطاقة، رغم ما تشهده المنطقة والعالم من توترات جيوسياسية ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي بكل مفاصله، واعتبر الاقتصاديون أن مستوى الشراكة بين البلدين من شأنه أن يعيد عجلة الاقتصاد العالمي إلى حالتها الصحية.
وأوضح د. محمد السهلاوي أستاذ اقتصاديات الطاقة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إلى أن الصين تعد المستورد الأكبر من النفط السعودي ودول مجلس التعاون، ووصف العلاقة الاقتصادية والتجارية بين المملكة والصين في السنوات الأخيرة بأنها تتسم بالقوة والصلابة، كما أن العلاقة تمضي قدماً في تعزيز التبادل التجاري المشترك.
ولفت د. السهلاوي إلى أن اقتصاد الصين تعرض مؤخراً إلى هزات أثرت على مستوى النمو الاقتصادي وبالتالي أثر بطبيعة الحال على حجم طلبها من النفط، ولذا فبدا واضحاً فتح المجالات والتعاون بين المملكة والصين في المجالات الأخرى لمنح قوة إضافية للتعاون بين البلدين. كما أن لدى الصين توجها لدعم إستراتيجيتها في الحفاظ على حصتها في السوق من النفط السعودي.
وأكد أن تضاعف العلاقات الصينية والمملكة من شأنه أن يخلق بيئة إيجابية يتيح لكلا الدولتين تحقيق ما تطمح إليه، وأشار السهلاوي إلى أن الصين تلعب دور في السياسة العالمية ومنها الشرق الأوسط، بدورها فإن المملكة تتخذ خطوات مهمة حالياً لأخذ موقع مفصلي وذلك من منطلق أهميتها التاريخية والحضارية والاقتصادية.
وفيما يتعلق بانعكاس زيارة الرئيس الصيني للمملكة وتوطيد العلاقة على أسعار النفط رأى السهلاوي أن لكل ٍمن الدولتين وللعالم أجمع مصلحة مشتركة في استقرار أسعار النفط على الاقتصاد العالمي، مستدركاً أن المملكة والصين تعيان هذا الدور ولذا فتنسيق المواقف وتعزيز الواردات والصادرات في مجال الطاقة وعلى وجه التحديد النفط والغاز يسهم في استقرار البترول ومعه الاقتصاد في العالم.
د. ابراهيم القحطاني أستاذ المالية والاقتصاد في بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن رأى أن لدى الصين توجها للاستثمار في مجالين رأسمالي متمثل في (المصانع وتكرير النفط)، ومالي والمتعلق بتحرير العملة، وأعرب عن اعتقاده بأن الصين تسعى “بعد أن قامت بتحرير الليوان” (وبعد أن غيرت إستراتيجيتها المتعلقة بالعمالة وأجورها)، تسعى للاستثمار في قطاع العملة مع الدول الأجنبية، والصين سوف تستفيد من الفرص الاستثمارية المالية المتاحة في المملكة، كما أن هناك قطاعات واعدة كقطاع الغاز الطبيعي والتعدين والبتروكيماويات، كما أنها تخطط للاستفادة من موقع المملكة الإستراتيجي بهدف التوسع في المنطقة عبر دول الارتكاز. كما أن تنسق استراتيجياً في قطاع البترول، لاسيما وأنها تعلم تماماً بأن المملكة من أكثر الدول استقراراً وقوة اقتصادية في العالم وهي عناصر جذب للصين لتوطيد علاقاتها الاقتصادية.
د. عبدالوهاب القحطاني أستاذ الإدارة الإستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ذكّر بأن الصين هي الشريك التجاري الثاني مع المملكة بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي المستورد الأول للطاقة من المملكة، كما أن هناك شراكات ضخمة في مجال إقامة الصناعة البترولية، معتبراً أن من شأن تنامي العلاقات بين البلدية أن ينعكس إيجابا على عودة أسعار النفط لمستويات مرضية للجميع. وتابع أن الصين مهتمة بخلق حالة من التوازن في أسعار النفط والبتروكيماويات لا سيما وأن الصين من كبار مصنعي البلاستيك، وأضاف أن الصين حريصة على تعزيز علاقتها بالمملكة في الطاقة، كما أن امريكا والدول الغربية فاتحة أسواقها للمنتجات الصينية، ولذا فهناك حرص صيني واضح لعمل معادلة ومتوازنة في استيراد النفط ،وختم د.عبدالوهاب بالتأكيد على أن النمو في الاقتصاد الصيني بحاجة لمزيد من النفط السعودي والخليجي وهو الأمر الذي يحقق المصلحة للجميع.

–    توقيع (14) إتفاقية ومذكرة تعاون صينية – سعودية بحسب اللائحة التالية:

saudi-chinese1 saudi-chinese2

•    الأكاديمي مروان سوداح: رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين ومتخصص بالشؤون الصينية والروسية والسوفييتية.
•    م. يلينا نيدوغينا: رئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين، ورئيسة تحرير صحيفة “الملحق الروسي” بالاردن سابقاً، ومتخصصة بشؤون الصين وروسيا والاتحاد السوفييتي السابق.
•    “الشرق الاوسط”: إضطررنا في المقالة لاستخدام هذا المصطلح الاوروبي الغربي والاستعماري، نقلاً لتصريحات صينية، برغم أنه مصطلح لا يُعبّر عن الواقع الجيوسياسي العربي.
•    كان الشعب العربي العُماني السبّاق عربيا ً الى علاقات مباشرة مع الصين في مختلف المجالات، إرتباطاً بطريق الحرير البحري القديم.
•    من المراجع المستخدمة في هذه الدراسة: موقع الصين بعيون عربية (في لبنان)/ والمواقع والصحف الالكترونية الصينية الناطقة بالعربية على اختلافها ومنها: مواقع اذاعة الصين الدولية/ الفضائية الصينية-CCTV / وكالة شينخوا/ الشعب اليومية الصينية ووزارة الخارجية الصينية؛ والمواقع المصرية ومنها: موقع هيئة الاستعلامات المصرية وهي هيئة حكومية مصرية/ الاهرام/ اليوم السابع؛ والسعودية ومنها: الرياض، الشرق الاوسط،الوطن، البلاد والحياة؛ وعدد كبير من  المواقع الاعلامية والفضائيات العربية والاجنبية ومنها تالياً: الجزيرة/  العربية/ روسيا اليوم/ المصرية؛  بالاضافة الى مصادر ايرانية ومنها: قناة العالم الفضائية/ وكالات الانباء الايرانية أرنا ومهر وفارس/ واذاعة ظهران.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.