موقع متخصص بالشؤون الصينية

خبراء صينيون يوضحون أسباب وتداعيات انسحاب القوات الروسية من سوريا

0

 

 

فاجأ بوتين العالم يوم الاثنين بقراره سحب القسم الأكبر من قواته الجوية من الأراضي السورية بعد توافقه مع الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي جرى بينهما، ما دفع الوضع في سوريا إلى مرحلة جديدة.

وأكد خبراء هنا في بكين أن روسيا قد حققت أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تقوية حليفها الرئيس السوري بشار الأسد وإضعاف المعارضة، وإعادة القوة الروسية إلى منطقة الشرق الأوسط لتنافس الولايات المتحدة، وزيادة ثقلها في التفاوض مع الدول الغربية، والخروج بأقل الخسائر من الصراع.

وبينما أشاد الخبراء بايجابية ومعقولية القرار الروسي، أعربوا أيضا عن قلقهم إزاء إمكانية انتكاسة الوضع في سوريا في غياب دعم عسكري فعال من قبل روسيا للحكومة السورية.

–أسباب: روسيا حققت أهدافها الاستراتيجية

وجاء قرار بوتين بعد أسبوعين على بدء سريان اتفاق وقف العداءات الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن، وتزامنا مع بدء مفاوضات تجمع المعارضة والحكومة في جنيف. واعتبر الخبراء القرار الروسي بأنه “معقول” وأرجعوا ذلك لأربعة أسباب.

الأول، إن روسيا التي كانت قد وضعت سقفا زمنيا لتدخلها العسكري يتراوح ما بين 12 و18 شهرا قبل بدء عملياتها، قد حققت إنجازا عمليا في 5 أشهر ونصف تمثل في توطيد سيطرة الحكومة السورية على أراضيها والحد من تقدم قوات المعارضة المسلحة.

ورأى الباحث بمعهد الصين للشؤون الدولية هوا لي مينغ أن المشاركة الروسية المباشرة في سوريا دفعت الحكومة السورية الى وضع الهيمنة والضغط على الأطراف المعارضة والدول الغربية للعودة إلى مسار التفاوض.

وأكد تشانغ هونغ، الباحث بمركز أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بمعهد الصين للعلوم الاجتماعية، أن عمليات مكافحة الجماعات الإرهابية التي أجرتها روسيا في سوريا، حققت إنجازا أكبر بشكل واضح مقارنة بما قامت به الولايات المتحدة والدول الغربية، ولكنها واجهت أيضا انتقادات كثيرة لتعرض أرواح المدنيين للخطر.

وإتفق الخبراء على أن الحرب ضد الإرهاب ستكون حربا طويلة الأمد، لذا كان من الأجدى لروسيا أن تسحب قواتها من المستنقع قبل التورط فيه.

الثاني، مع الاحتفاظ ببعض الوجود العسكري في قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار، نجحت روسيا في دفع عودة قواتها إلى منطقة الشرق الأوسط التي انفردت الولايات المتحدة بالسيطرة عليها في السنوات الأخيرة.

ومنذ بدء روسيا عملياتها العسكرية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في سبتمبر الفائت، قامت القوات الروسية بأكثر من 9000 غارة جوية وقتل ما يزيد على 2000 إرهابي وتدمير 209 منشآت لإنتاج النفط ونقله. ومن المتوقع أن تترك روسيا حجما كافيا من قواتها في البلد للمحافظة على مصالحها في المنطقة.

الثالث، استعرضت موسكو عبر عملياتها في سوريا بعض أسلحتها المتقدمة ما عزز مكانتها في المفاوضات مع الدول الغربية في القضايا المتعلقة بسوريا وأوكرانيا. وأفاد ليو هونغ، باحث صيني مستقل، بأن روسيا من خلال بدءها الحازم وإنهائها المفاجئ كشفت عن نيتها الجدية لإطلاق المفاوضات.

أما السبب الرابع والأهم من وجهة نظر الخبراء فيكمن في الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها موسكو بسبب انخفاض سعر النفط المستمر والتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا خلال الأشهر الأخيرة. وكشفت وسائل الإعلام الروسية مؤخرا أن الغارات الجوية التي قامت بها القوات الروسية في سوريا تكلفت 2.5 مليون دولار أمريكي يوميا، ما شكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد الروسي.

–آثار وتداعيات سحب القوات

لكن هل سيكون لهذا القرار تداعيات وآثار على عملية السلام التي بدأت في جنيف؟.

في رأيه، قال ما شياون لين، الباحث الصيني البارز في قضايا الشرق الأوسط ، إن سحب روسيا لقواتها من سوريا فى هذا التوقيت أظهر نية وعزم روسيا والحكومة السورية على دفع المحادثات السلمية لتسوية الأزمة السورية، ما يدفع تحويل الوضع فى سوريا من حالة الحرب إلى حالة الحوار ويهيئ الأجواء المناسبة لاجراء المحادثات السلمية.

وأعربت المعارضة السورية عن ترحيبها بالقرار الروسي. وقال المتحدث باسم لجنة المفاوضات رفيعة المستوى للمعارضة السورية سالم المسلط إن القرار سيلعب دورا إيجابيا في المحادثات فى حال تنفيذه”بجدية”. ووفقا لوكالة ((تاس)) الروسية، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن الانسحاب، وأكدا ضرورة تعزيز التنسيق الوثيق بين الجانبين في سوريا بما في ذلك الحفاظ على الهدنة ودفع المحادثات السياسية للأزمة السورية.

لكن على الجانب الآخر، أعرب ما شياو لين عن قلقه إزاء تأثير خفض القوات الروسية على جهود مكافحة الإرهاب والجماعات المتشددة وارتداد الوضع بعدما شهد بعض الهدوء النسبي في الفترة الأخيرة، مشيرا الى أن تقليل القوات الجوية الروسية قد يشجع بعض الأطراف المعارضة بدعم من قوى إقليمية على خرق الهدنة والعودة مرة أخرى للاشتباك وتحقيق تقدم على حساب قوات الحكومة وداعميها مستفيدة من الوضع الجديد.

وقال ما شياو لين إن “ضعف الوجود العسكري الروسي، قد يشكل تحديات كبيرة للحكومة السورية في غياب الحماية الجوية الروسية وقد يعزز أوراق المعارضة السورية على المساومة في المفاوضات وحتى العودة الى الاشتباك مع الحكومة السورية”.

وأشار إلى أن بوتين يساوره نفس القلق ومن هنا جاء احتفاظه بالقواعد العسكرية لدعم الملاحة فى الأراضي السورية لمراقبة نتيجة الالتزام باتفاق الهدنة، قائلا إن ” الانسحاب الروسي ليس انسحابا كاملا، ويأتي احتفاظ موسكو الجزئي بقواتها في سوريا للابقاء على فرصتها في العودة إلى سوريا في الوقت الذي تريده وفقا لتطورات الوضع”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.