موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين.. قوميات إسلامية وحقبات تاريخية

0

ahmad-kaysi-china-islam

موقع الصين بعيون عربية ـ
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي*:

 

منذ عام (618-907م) أي قبل ألف وماية وتسع سنوات، دخل الإسلام الى الصين، وإنتشر في فترة حكم أسرة تانغ, وخلال تلك الفترة وما بعدها إلى قبيل تأسيس الصين الجديدة, عاش المسلمون بكل قومياتهم حياة طبيعية في سنوات، وعانوا في سنوات أخرى, وبالذات في فترة أسرة تشينغ وعهد حكم أمراء الحرب الشماليين, حيث وقتها عانى المسلمون وبخاصة في شمال شرقي الصين القتل والإذلال وشغف العيش.

وخلال تلك الفترات المتعاقبة في الصين تشكلت عدة قوميات إسلامية هي (قومية الويغور, وقومية القازاق, وقومية قرغيز, وقومية الأوزبك, وقومية الطاجيك, وقومية التتار, وقومية هوي, وقومية سالار, وقومية دونغشيانغ, وقومية باوآن), ويسكن معظمهم المناطق والمقاطعات الصينية وفي العاصمة بكين, وينتمون إلى طوائف إسلامية متعددة وإلى مذاهب أكبرها وأقدمها ما يسمونه بالمذهب القديم التقليدي وهو المذهب الحنفي, والذي يحترم الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى ويتعايش معها ويقبلها, وأيضا يتعايش مع الأديان الأخرى في الصين ويتقبلها ويتعايش معها بكل محبة, وبدون تفرقة أو عنصرية.

في الصين تعيش طوائف منها السنة والشيعة، والطائفة الإسماعيلية والإثني عشرية, وبالنسبة للمذاهب فمعظم مسلمي الصين يتمسكون بالحنفية إلا قليل منهم يتبعون المذهب الشافعي, ودخلت الصوفية أيضا إلى الصين أوائل حكم أسرة تشينغ, وظهرت طوائف إسلامية مستقلة في شمال شرقي الصين, وإنبثقت منها ثلاثة مذاهب وهي المذهب القديم الحنفي, ومذهب الإخوان, ومذهب شيداوتانغ, وأربعة من (منهوان) الكبيرة وهي الكبرية, القادرية,الخفية, الجهرية.

ومنذ ثورة عام 1911م وحتى تأسيس الصين الجديدة عام 1949م, شهدت شينجيانغ والقوميات والطوائف والمذاهب فيها مراحل مختلفة من الحكام والتغيرات والمعاملة التي كانوا يعاملونهم بها حسب أفكارهم وسياساتهم, منذ حكم يانغ تسنغ شين, وحكم جين شورن, وحكم شنغ شي تساي, وحكم الكومينتانغ مباشرة, فمنهم من عمل على كسب تأييد كبار الشخصيات الإسلامية في المقاطعات للسيطرة على المسلمين بالمسلمين, ومنهم من أمراء الحروب من عاث بالقوميات الإسلامية ظلماً وإضطهاداً وقسوة في المعاملة والبطش مما عمق التناقضات القومية وأثار الفتن بين الصينيين بمختلف أديانهم وقومياتهم ومذاهبهم وطوائفهم, ومنهم من نفذ سياسة القضاء على الإسلام في الصين.

ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949م إنتهجت حكومة الصين سياسة مساواة القوميات وحرية العقيدة, وتنفس المسلمون الصعداء وأصبحت لهم حياة جديدة وتمتعوا بحرية الإعتقاد وحتى المساواة القومية والسياسية والإقتصادية, وحسب الإحصاء الوطني لعدد سكان الصين عام 2000م بلغ عدد سكان الصين 20 مليون نسمة، يعيشون في عدة مقاطعات ويعملون بكل جد وإجتهاد ومحبة لوطنهم ولقيادتهم وحكومتهم وشعبهم, محافظين على الوحدة الوطنية وإستقرار المجتمع وإزدهار الدولة الصينية, ويقومون بمساهمات كبيرة في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية والثقافية…وغيرها.

المسلمون ينالون من دولتهم الحديثة الحضارية ومن مختلف القوميات والطوائف والمذاهب، على حقوقهم كاملة وبالمساواة مع إخوانهم الصينيين من الأديان الأخرى, وفقا للدستور الصيني, وأصبحت نشاطات المسلمين الدينية وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم الدينية تحظى بإحترام عامة الشعب الصيني, والحكومة الصينية منذ ذلك الوقت إلى يومنا الحالي تهتم يحماية المساجد والقباب والمواقع الدينية وتقوم بترميم المساجد القديمة بطابع صيني إسلامي جميل, وتحترم وتقدر عادات وتقاليد المسلمين وأخلاقهم العالية جداً, كما أن الحكومة الرئيسية في الصين منحت سياسة الحكم الذاتي للمسلمين في المناطق التي يتجمعون فيها وأقامت لهم حكومات شعبية ذاتية الحكم على كافة المستويات مثل منطقة أو مقاطعة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم..وغيرها من المناطق.

فالمسلمون ومنذ ثورة 1949م دخلوا حياة جديدة وتغير مصيرهم إلى الأفضل والأحسن وقد بادروا إلى المشاركة في بناء الصين الجديدة وإصلاح المجتمع وبناء الإقتصاد الوطني الصيني وإعطاء النموذج الإسلامي الحقيقي عن الإسلام والمسلمين بكل قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم وهيئاتهم ومدارسهم وجامعاتهم الدينية المختلفة, والذين ساهموا أيضا بمد جسور التواصل بين الصين وبين الأمة العربية والإسلامية منذ ذلك الوقت لغاية يومنا الحالي وستبقى بإذن الله تعالى إلى يوم أن نبعث إلى الله سبحانه وتعالى.

نتمنى مزيداً من الخير والتقدم والإزدهار لجمهورية الصين الشعبية الحليفة ولشعبها وحكوماتها وقيادتها الحكيمة والصديقة للاتحاد الدولي الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب حلفاء الصين, ونعبّر لهم جميعاً عن شكرنا وإمتناننا على مواقفهم المشرفة من القضايا العالمية ومن قضايانا العربية والإسلامية، وبالذات القضية الفلسطينية والمسألة السورية, ونثمن لهم كل جهودهم الخيّرة، التي يعملون لأجلها ونحن نعمل معهم أيضاً من خلالها لنشر المحبة والسلام والتقدم والإزدهار بين امتينا العربية والصينية وبين الأمم الأخرى، وبالتعاون والمحبة والشراكة والأخوّة الإنسانية التي أمرنا بها الله ورسله وعباده الصالحين.

 

*عضو ناشط بالاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب حلفاء الصين وباحـــــــــث وكاتــــــــب أردنــــــــــــي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.