موقع متخصص بالشؤون الصينية

الصين.. العقلنة والإتزان والنجاح في السياسة الدولية

0

fouad-rajeh-china-politics

موقع الصين بعيون عربية ـ
فؤاد راجح*
عُرِفَت الصين بتوازن سياساتها الخارجية مما كفل لها لعب دور ناجح على المستويين الدولي والإقليمي، بالتوازي مع نجاحها الإقتصادي الطاغي الذي لم يكن له مثيل في تاريخ البشرية .
ولا تُغْفِل جمهورية الصين مسئوليتها تجاه الوضع الدولي بما في ذلك المستجدات في منطقة “الشرق الأوسط”، إذ تتبنّى سياسات خارجية تتغير وفق ما يُتَطَلب منها القيام به. على سبيل المِثال، السعي الى بناء قاعدة عسكرية في جيبوتي. مثل هذا التحرك لا يعكس بأي حال من الأحوال تغيّراً في جوهر السياسة الخارجية للصين، بل يثبت القدرة على تطويع تلك السياسة، مع الإحتفاظ بالجوهر الثابت والذي يضمن التوازن وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، أو الإبتزاز العسكري.
ووفقا للتاريخ، لم تكن الصين يوماً دولة إستعمارية. وليس هناك ما يدل على أنها ستصبح دولة إستعمارية في يوم ما، حتى في ظل مخاوف البعض من تعدادها السكاني الكبير، و الذي تشير بعض التقارير إلى أنه وصل الى ملياري نسمة.
ولا يقتصر نجاح السياسة الخارجية للصين على مبدأ “عدم التدخل”، بل أيضاً على عدم الإندفاع نحو خيارات صعبة وكارثية من باب ردود الأفعال، وخير دليل على ذلك تعاطيها مع الخلاف حول بحر جنوب الصين. فبرغم ما يبدو من تزايد التحركات العسكرية الاجنبية هناك ومن جانب بعض دول تلك المنطقة، أو غيرها، كالولايات المتحدة الأمريكية، إلاّ أن الصين تسعى إلى إحتواء مظاهر الإضطراب أو الخلاف مع جيرانها بشكل عقلاني ومتّزن ودون الانجرار الى مواجهات عسكرية.
ويتجاوز “حُلم التنين” المواجهات العسكرية والحادة، لكونه يُفضّل التعاطي مع تلكم التطورات الخطرة والمحاولات الأمريكية لتكثيف تواجدها العسكري في بحر الصين، بأشكال سلمية ودبلوماسية محض، وتبقى بكين تراقب عن كثب وتأسف جداً لتواصل الحِراكات الخطرة على حدودها البحرية الشرقية، ولا تكل ولا تمل تطالب الآخرين إتباع العقلنة، برغم زخم الحشد الاجنبي الكبير على حدودها البحرية. ومن اشكال الحشد، تكثيف نفوذ واشنطن وتواجدها في المنطقة، و/أو الضغط بشكل غير مباشر على الصين من خلال الإستثمار في الخلاف حول بعض الجُزر، أو النفوذ في بحر الجنوب.
ماتزال الصين تعمل بصمت كما عوّدت العالم. فبالرغم من نهوضها الإقتصادي المَهول لتصبح أسرع نمو إقتصادي في العالم، تواصل الصين على بناء قدراتها العسكرية “الدفاعية والهجومية” بشكل متناغم مع طموحاتها وتوجهاتها السياسية والإقتصادية السلمية التي دأبت عيها منذ حركة الاصلاح والانفتاح في عام 1987. وعليه، لا يستطيع أحد أن ينكر او يُحرّف الدور الايجابي الذي تلعبه الصين اليوم في سبيل خدمة الإستقرار والأمن الدوليين والحرص على السلام ومصالح الشعوب وفقرائها وفي تسييده وإعلاء شأنه، مايؤكد ان الصين والصينيين ملتزمون بالحكمة السلمية الصينية التي تستمر تعيش في عقولهم وممارساتهم اليومية منذ أُلوف السنين..

 

*كاتب وصحفي من صنعاء – اليمن، ومراسل وكالة أنباء شينخوا الرسمية الصينية في اليمن، وعضو ناشط ومساعد يحمل رتبة مراقب إعلامي وتنظيمي لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.