موقع متخصص بالشؤون الصينية

عن الحرب غير المباشرة على الصين

0

fouad-rajeh-china-war

موقع الصين بعيون عربية ـ
فؤاد راجح*
كممثل سيادي للهيمنة الغربية، تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية أُسلوب توريط الحلفاء، وحشد مواهب التضليل من أجل تنفيذ أجنداتها الخارجية بحشد حلفائها في كل إقليم تستهدفه بالتدخل، ومن ثم توجيه رسائل مباشرة لغير الحلفاء، إما عسكرية من خلال بعض التحركات التي تصل إلى درجة الإستفزاز، أو رسائل إعلامية يَغلب عليها التضخيم والتهويل وتشويه الحقائق.
ذلك هو ديدن الأمريكان. يظل الأمر المؤسف هو أن تصبح علاقة بعض الدول التي لها ثقل إقتصادي وسياسي وربما عسكري بأمريكا علاقة تبعية، تجعل منها كالقطيع تحركها الإستراتيجيّات الأمريكية بشكل قد يضر بمصالحها وعلاقاتها مع جيرانها والدول الأخرى.
إن مواقف اليابان والفليبين في تضخيم خلافاتهم مع جمهورية الصين الشعبية يفضح تواجد وتدخل العامل الأمريكي، في الوقت الذي يقتضي المنطق أن تتصرف هاتان الدولتان بحكمة أكثر، وأقصد من خلال الحذر من الإندساس الأمريكي غير الضروري في خلافاتهما مع أقوى جار لهما، وهي دولة الصين، التي تحاول أن تتقارب معهما برغم التباين الواضح.
ومهما يكن، لا يعني ما قلته أن هناك إنعداماً للتصرف العقلاني والحكيم من قبل البلدين، ولا يعني أيضاً أن هناك خلافاً محتدماً للغاية مع الصين..لا! ولكن إعطاء أمريكا فرصة ولو كانت ضئيلة للتدخل في هذه الحالة.. أمر غير حكيم، بل أنه خطر للغاية.
لقد دأبت الولايات المتحدة على حشد حلفائها الأوروبيين وتوريطهم في مشاريع العنف والفوضى، خصوصاً في منطقة “الشرق الأوسط”. الإلتقاء الغربي “الأمريكي-الأوروبي” بديهي ويبدو منطقياً لما لهذه الدول من تجانس بمختلف أشكاله. لكن أن تنضم دول قوية في شرق آسيا إلى القطيع الذي تديره الولايات المتحدة الأمريكية، فذلك أمر شاذ.
الإبقاء على الحليف القوي والناجح “أمريكا” لا يقتضي بأي حالٍ من الأحوال الإساءة للآخرين أو إغفال العقل والمنطق ومن ثم التعاطي بشكل سلبي من خلال الركون إلى تكتيكات ذلك الحليف فقط.
على دول شرق أسيا أن تضع إستقرار وأمن ونهضة المنطقة كأولوية مطلقة في ظل مخاوف الغرب من النهضة الصينية المذهلة في مختلف الجوانب. وعلى هذه الدول أيضاً أن تتشارك كل شيء، وأن تُؤثِر فيما بينها إن كان الخلاف يعطي الفرصة لمزيد من التدخلات الخارجية والنفوذ الغريب!
إعلاميا، يستحوذ الغرب على نصيب الأسد من الإعلام الدولي وذلك يُعدُ من أهم الوسائل التي تساعد وتسهّل عمليات هذه الدول وتدخلاتها غير المشروعة في بعض المناطق. ومن البديهي أن تتصادف بمؤسسات إعلامية غربية رائدة تشوّه الحقائق وتعمل على تضليل الرأي العام المحلي والدولي في سبيل خدمة أجندة الهيمنة أو إذكاء الصراع لتبرير التدخل وإبقاء يد الغرب هي الأعلى.
عادة ما تُخْلِصْ مؤسسات الإعلام الغربية وتحسن النقل والتعاطي مع قضايا الشأن الداخلي، ولعلنا نتذكر جميعاً في هذا الخصوص، قضية “ووتر جيت” التي أجبرت الرئيس الأمريكي نيكسون على الإستقالة. لكن تعاطي الإعلام الغربي مع القضايا الدولية لا يتناقض مع استراتيجيات ومشاريع الفوضى والهيمنة التي تعمل عليها بعض الدول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعليه، نجد أن مؤسسات الإعلام الغربي تسعى لتصوير الوضع في جنوب وشرق الصين على أنه موجه ضد مصالح الغرب أولاً، ومن ثم ثانياً ضد مصالح حلفائهم في المنطقة. لكن الجغرافيا والتاريخ، وكذلك القانون الدولي، تقف إلى جانب الصين الشعبية، وتصطفّ في صفها، في حقها السيادي وممارسة نفوذها الطبيعي على المناطق المتنازع عليها في بحري جنوب وشرق الصين، وبدون إلغاء أي حق قانوني وواقعي لجيران الصين.
وكما قلنا في مقال غير هذا: العقلانية وإتّزان سياسة الصين الخارجية تهدف بشكل أساسي إلى تطمين جيران “التنين” على أنه جار وصديق وحليف آمن ومسالم ونافع وبأنه أهم جار. السؤال الموضوعي الآن، أيهما أفضل: أن تظل دول في شرق أسيا صديقة للصين، أم أن تبقى خاضعة للهيمنة الغربية؟!

*مراسل وكالة أنباء الصين الرسمية “شينخوا” في صنعاء، وعضو ناشط ومساعد يحمل رتبة مراقب إعلامي وتنظيمي لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.