ذكرى التأسيس ال95 ورقي مكانة الصين التعليمية والثقافية
موقع الصين بعيون عربية ـ
الدكتورة يلينا ريزونينكو المومني*:
تشتهر جمهورية الصين الشعبية بنظامها التعليمي والثقافي، وتُعتبر الجامعات والمدارس الحكومية الصينية، لا الخاصة(!)، الأفضل والأحسن والأكثر رقياً ونهجاً، ويَفخر الشعب الصيني بها أيّما افتخار، وتراهم قُبيل بدء الدراسة يتناقشون ممتلئين بالفخار بتلك المؤسسات التي ابتعثوا أبناءهم إليها و أفضليتها.
قد يسأل سائل ولماذا يفاخرون؟ القضية هي ان الشعب الصيني يبني بلاده ويُعمّرها ويحاول بلا كلل ولا ملل ان ينهض بها بدون توقف ويجعلها تحتل مكانة هي الافضل صينياً ودولياً، وينعكس تطور العلوم الصينية على مكانة كل عائلة ومستقبلها الحياتي.
لم تتطور الصين كل هذا التطور المُذهل بدون نظام تعليمي وثقافي متقدم ومدروس، ويعود الفضل في ذلك الى الحزب الشيوعي الصيني الذي يَحتفل على مدار هذا العام بالذكرى ال95 لتأسيسه وميلاده، وقد علمنا نحن الروس خلال حياتنا ودراستنا وصداقتنا المستمرة مع الصين، ان الصينيين شعب كادح، صبور ويَسعى لنيل درجات عليا من الكمال التعليمي والثقافي، ولهذا فقد بَنينا معه صداقة أبدية، يكسب الطرفان من خلالها في مختلف المناحي.
تقول المراجع، ان عدد الجامعات الصينية، حتى عام2010، يفوق ال3000 جامعة، منها 1300 جامعة حكومية. كما توجد عدة أشكال من الجامعات؛ منها جامعات عادية ومدارس مهنية على مستوى عالٍ. وفي الصين يجب على الطلاب أن يشاركوا في امتحانات عامة قبل التحاقهم بالجامعات. وتحدد وزارة التعليم الصينية أو الدوائر التعليمية على مستوى المقاطعة مواضيع الامتحانات، وتقر الحد الأدنى للقبول وفقاً لنتائج تلك الامتحانات.
وخلال السنوات الاخيرة بذلت الدوائر التعليمية الصينية الجهود لتطوير التعليم العالي، حيث زادت الجامعات الصينية معدل قبولها للطلاب بنسبة كبيرة خلال السنوات المنصرمة، كما ازداد عدد الطلاب الجامعيين عدة أضعاف، كما شهد مجال الدراسات العليا تطوراً كبيراً أيضاً.
أذكر، أن الطلاب الاجانب كانوا يدرسون بالصين حتى قبل بدء عملية الاصلاح والانفتاح الشهيرة (1978)، وكان هناك عدد غير قليل من الطلبة العرب والروس والسوفييت، ودلت تجارب الكثيرين ممن درسوا في هذه البلاد أن الشرط المهم جداً والأساسي الذي وضعته وزارة التعليم الصينية، هو تعليم اللغة الصينية للطالب للصين القادم من البلاد الأجنبية، فهذا الشرط هو شرط صائب يَحرص على تحقيقه الطالب الأجنبي بكل جد واجتهاد، حتى يَعينه ليس على الدراسة فحسب، بل على الحياة والتعامل مع الصينيين أيضاً وفهم الصين وحياة الصينيين، ولخلق الانسجام بين طرفي العملية: الصين والصينيين و الطالب الاجنبي، الذي يجب ان يصبح جزءاً واعياً ومُبدعاً في الحياة الصينية ومن ثم في بلاده الصديقة للصين.
بدأ الحزب الشيوعي الصيني – الذي تأسس في تموز/يوليو 1921، في مدينة شنغهاي الشهيرة، وحرّر البلاد من الاستعمار الخارجي وانتخبه الشعب قائداً له في عام 1949 بقيادة ماو تسي تونغ – بعملية واسعة لإرساء نظامين تعليمي وثقافي، وتمكّن من إرسائهما في المجتمع، وإنهاضه السريع، مختصراً مئات السنين التي احتاجتها دول رأسمالية اخرى لهذا الهدف، فأكد بذلك أهليته لقيادة الدولة والشعب، وصحيح رؤيته، وصائب طريقه، بخاصة منذ1978، حيث بدأت البلاد تتقدم بخطوات واسعة لم يسبق له مثيل في التاريخ، بيّنت للعالم جدوى النظام التعليمي الصيني وصلاحه ليكون مثالاً عالمياً يُحتذى حذوه.
الحزب الشيوعي الصيني هو قائد المجتمع كله، وهو يمثل القوى الرئيسية في مجالات التعليم والإنتاج بقطاعاته المختلفة شاملة بذلك القطاع الخاص، كما ان الحزب هو الضامن الاول والاساس لتقدم الصين علمياً وتعليمياً وثقافياً، وقد اعتمد الحزب سياسة تعليمية شاملة للنهوض في التعليم، وكان من أهمها تشجيع العمال والفلاحين والجنود وممثلو مختلف الطبقات على الإرتباط بالمدارس، وهو كذلك ضامن للعوامل المؤثرة على التعليم في الصين، ومنها الاستقرار الاجتماعي و السياسي الذي أدى إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بصورة مُبدعة، والإبقاء على التراث الروحي للفلسفة الكنفوشية، و الدعوة إلى احترام العِلم و العلماء وإجلالهم، والعمل بمبدأ القدرة، ويعني: أن الأطفال من مختلف القدرات يجب تعليمهم بطرق مختلفة في ظل منهج واحد، ونشر وترسيخ المبادئ الاشتراكية، ما انتج التالي:
– التركيز على التربية المهنية؛
– تطبيق نظام التعليم الإجباري؛
– تحقيق الإدارة اللامركزية للتعليم الابتدائي؛
وتتبنى الصين بفضل رؤية الحزب، توفير تدريب مهني للأفراد غير القادرين على استكمال التعليم العالي، وكذلك تدعم مشروع التعليم الإلزامي في المناطق الفقيرة، وفتح مجال جمع التبرعات من أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات الغنية، من خلال نظام واضح ومتكامل لدعم التعليم في الأرياف، ولا ننسى هنا إقرار الحزب والدولة لنظام ”التعليم مدى الحياة“، بهدف توظيف شامل وسريع للعلوم والتكنولوجيا التي وصلت نقلاتها بالصين الى مستويات عظيمة، تستفيد منها بلدان العالم المختلفة.
* الدكتورة يلينا ريزونينكو المومني: رئيسة شعبة اللغة الروسية في الجامعة الاردنية، وعضو قيادة في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين، ونائب رئيس منتديي القسم العربي للاذاعة الصينية وقراء “مجلة مرافئ الصداقة” بالاردن.
……………………………….
ـ المراجع:
1/ المُنتدى – موقع الدكتور عمرو خالد.
2/ الجزيرة نت.
3/ الحوار المتمدن.
4/ مدونة إيمان أحمد – مشروع دراسة علمية لنظم التعليم في البلدان المختلفة.