موقع متخصص بالشؤون الصينية

التوتر بين أميركا والصين يتصاعد… ولا حرب

0

2014-11-12t073057z_478134707_gm1eabc170y01_rtrmadp_3_usa-china_286782_large
لن يبقى المحيط الهادي “هادئاً” كما كانت حاله منذ انتهاء “حرب فيتنام” قبل عقود. فالصين الدولة الأكبر في العالم من حيث الديموغرافيا وربما الجغرافيا صارت دولة كبرى ذات اقتصاد قوي ومزدهر. وهي تسعى لأن تصبح دولة عظمى تعيد الثنائية الى الزعامة العالمية التي غابت بانهيار الاتحاد السوفياتي عامي 1989 و1990. ولهذا السبب تحاول تحديث جيشها وتزويده أفضل الأسلحة في العالم وأكثرها فتكاً، وتحاول في الوقت نفسه تطوير مقدراتها العلمية والتكنولوجية والبحثية والمعرفية. لكنها لن تنتظر إنجاز كل ذلك لممارسة دورها تدريجاً. وقد بدأته بادعاء السيطرة على ما يسمّى “بحر الصين الجنوبي” باعتباره جزءاً من جغرافيتها الوطنية تريد بناء جزر اصطناعية فيه وإقامة قواعد عسكرية عليها، وبالاختلاف بسبب ذلك مع جارات لها مثل فيتنام والفيليبين واليابان وغيرها، الأمر الذي اضطر بعضها الى اللجوء الى التحكيم الدولي والى الحصول على حكم لمصلحته. لكن ذلك لم يدفع الصين الى الاعتراف بارتكابها خطأً الأمر الذي أثار توتراً شديداً بينها وبين الدول المذكورة مرشحاً لأن يصبح توتراً مع الولايات المتحدة، باعتبارها القوة البحرية العسكرية الأولى في المحيط الهادي، وحليفة غالبية جارات الصين المطلة عليه وتحديداً على بحرها الجنوبي.
طبعاً لا يعني ذلك أن الحرب صارت حتمية بين العملاق الصيني وجاراته على تفاوت أحجامها، أو بين بيجينغ وواشنطن لأن الأولى تدرك أن الحرب سابقة لأوانها إذا اضطرت الى خوضها، وستكلفها دورها كما ستجر العالم الى كارثة، ولأن الثانية تعرف هذه الحقيقة وتدرك أن لا مصلحة في استفزاز دولة كبيرة مرشحة لأن تصبح عظمى ولا في تركها تتحدى حلفاءها وترسي أساسات نفوذها عليهم. لكن الإشارة إليه وتناوله إعلامياً صار ضرورياً ولا سيما لجهة معرفة الموقف الأميركي الفعلي من تحدي الصين لجاراتها والاستعداد للتدخل حماية لها في حال الاعتداء عليها. ذلك أن ما يجري في الشرق الأوسط وخصوصاً في سوريا والعراق، ومواقف أميركا منه ومن دور إيران الاسلامية فيه، ربما يدفع الجارات المُشار إليها الى الشك في رغبة واشنطن في مساعدتها لمواجهة الطموحات الصينية أو في قدرتها على ذلك.
من هنا السؤال الآتي: كيف ترى أميركا الصين اليوم بتحدياتها وقوّتها؟
الجواب يقدمه متابع أميركي جدّي لبلاده والصين ولتطور العلاقة بينهما فيقول إن واشنطن عرفت دائماً أن الجيش الصيني كان مناهضاً لها ولا يزال. أسباب ذلك كثيرة منها عدم اعتراف أميركا ولمدة طويلة بشرعية سيطرة الشيوعيين على السلطة في الصين منذ عقود، ودعمها المستمر لنظام تشانغ كاي تشيك في تايوان التي انفصلت عنها وتزويدها أنواعاً عدة من الأسلحة الحديثة. ومنها أيضاً شرعية الحرب الكورية أميركياً التي لا تعترف بها الصين. ومنها ثالثاً بحث الجيش الصيني مثل كل الجيوش في العالم عن تهديد وجودي ليقوّي نفسه وسلطته داخل بلاده وليستأثر بحصة مهمة من ميزانيتها العامة.
إلا أن ذلك كله لا يبرّر أو لا يشرح العداء الحديث الذي بدأ يظهره الجيش المذكور في بحر الصين الجنوبي، والإصرار على السيطرة عليه رغم تمسّك دول أخرى مثل الفيليبين والفيتنام بحقوقها فيه، وتجاهل عدم اعتراف أميركا بادعاءاته السيادية. فهذه الأخيرة تتساءل عن سبب عدم ممارسة الصين الضغط على زعيم كوريا الشمالية أو بالأحرى عن السماح له بتهديد حلفائها بالصواريخ البعيدة المدى والقنابل النووية. وخبراء في المنطقة هناك يعزون ذلك الى تمسّك الجيش الصيني بإظهار قيادته التي تهددها والصين كلها في رأيه أميركا وجاراتها المتحالفة معها. وهذا التهديد ليس واقعياً. أما خبراء أميركا فيعزونه الى اقتناع القيادة الصينية أن “سياسة الولد الواحد” ستجعل قسماً كبيراً من شعبها كهلاً وسيكبدها ذلك خلال 20 – 30 سنة تكاليف كثيرة، كما أنه سيكون على حساب الجيش ودوره الكبير في حماية النظام وفي المنطقة. وربما على حساب الاستقرار الذي حقّقه بروز الطبقة الوسطى والذي لا بد أن يزعزعه ضعفها مستقبلاً. انطلاقاً من ذلك يعتقد هؤلاء الخبراء كلهم أن القيادة الصينية السياسية والعسكرية تحاول تحقيق المكاسب الكبيرة الآن انطلاقاً من معرفتها بالمشكلات التي ستقع فيها البلاد خلال الـ20 أو 30 سنة المقبلة وأبرزها الحاجة الى تقليص موازنة الجيش.
هل هذا التحليل المعلوماتي صحيح؟
الانتظار أفضل جواب عن السؤال مع الإشارة الى خطورة تصاعد التوتر في المحيط الهادي وأثره على مواقف الصين من أميركا في مناطق أخرى من العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.