موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: تنظيم ” الدولة الاسلامية ” ورقة مساومة أمريكية في الشرق الاوسط

0

isis-usa-finanziert

 

صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم/ تيان ون لين، باحث مساعد في المعهد الصيني لأبحاث العلاقات الدولية المعاصرة:

في الايام الاخيرة، يمضي التعاون بين القوات العسكرية الامريكية والقوات العراقية في الحرب على تنظيم ” الدولة الاسلامية ” في الموصل على قدم وساق، ما يظهر احتمال القضاء على التنظيم في الموصل خلال أيام قليلة، ولكن الحقيقة ليست متفائلة جدا. حيث أن موقف أمريكا غامض إتجاه الحرب على الارهاب وتتخذ سياسة ازدواجية المعايير في مواجهة الإرهاب، ناهيك عن ايديولوجية تنظيم ” الدولة الاسلامية ” المستعصية .

اعتادت الدبلوماسية الأميركية استخدام قوة ثالثة لضرب المنافس، حيث تقدم الدعم لتعزيز قوة خصم المنافس الرئيسي لاستهلاك قوته حتى تهزم المنافس في الأخير. على سبيل المثال، بعد الغزو السوفيتي لافغانستان عام 1979، بدأت أمريكا تدعم القوات المسلحة الاسلامية، ” تحالف الاحزاب السبعة”، “طالبان” وغيرها من القوات الاسلامية المقاتلة الاخرى، فضلا عن تنظيم ” القاعدة” والقوى الارهابية الاخرى التي شهدت نموا وتطورا خلال هذه الفترة. كما أن تنظيم ” الدولة الاسلامية” الذي ظهر لأول مرة تحت اسم جماعة “التوحيد والجهاد” تأسس في هذه الفترة. وبعد حادث 11 سبتمبر، تحولت أمريكا من المتواطئ الذي يتغاضى على الجماعات الارهابية الى محارب صارم ضد الارهاب. ومع ذلك،أدت “الحربان ضد الإرهاب” في العراق وأفغانستان الى وضع أمني محلي خارج عن السيطرة، كما قدم الانسحاب الامريكي المندفع وغير المسؤول فرصة نادرة لتنظيم ” الدولة الاسلامية” لملء الفجوة. وعليه، فإن تنظيم ” الدولة الاسلامية” من عواقب السياسة الامريكية الخاطئة في الشرق الاوسط.

في الواقع، بالرغم من أن ممارسات تنظيم ” الدولة الاسلامية ” المتطرفة تهدد سلامة وأمن أمريكا نفسها، إلا أن تنمية هذه الانظمة المتطرفة يتماشى مع المصالح الاستراتيجية لأمريكا، مما جعل موقف امريكا تجاه محاربة الارهاب يجمع بين ” القمع والتواطؤ”. و يتمثل ما يسمى ب” القمع” في عدم السماح بنمو المنظمات الارهابية في العراق ” منطقة النفوذ ” الامريكية، وبالنسبة لما يسمى ب ” التواطؤ” ،هو تشجيع نمو تنظيم ” الدولة الاسلامية” في سوريا، بهدف استهلاك طاقة القوات الحكومية السورية والروسية. لذلك، فإن استبعاد امريكا بحزم سوريا وايران وبلدان أخرى من المشاركة في تشكيل التحالف ضد الارهاب، وعدم حرصها على مكافحة الارهاب في سوريا، وفي كثير من الاحيان ما تقصف القوات الحكومية السورية بالخطأ. وبعبارة أخرى، أصبح تنظيم ” الدولة الاسلامية ” ورقة مساومة أمريكية في الشرق الاوسط.

يبدو أن مشاركة أمريكا في القتال ضد تنظيم ” الدولة الاسلامية ” في العراق حاليا، تسير جنبا الى جنب مع الحرب ضد الارهاب في سوريا، لكن الواقع عكس ذلك تماما. وقد إستعاد نظام بشار الاسد عافيته مرة أخرى بعد أن كان على وشك الانهار منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في نهاية سبتمبر 2015، ليتحول تدريجيا من الدفاع الى الهجوم. كما أن أمريكا التي سعت الى تنحي بشار الاسد، وترى منطقة الشرق الاوسط حكرا عليها، غاضبة من عودة روسيا الى المنطقة واستقرار حكومة بشار الاسد حاليا. وقال وزير الدفاع الأمريكى اشتون كارتر، أن التدخل الروسي خطأ جوهري ، وأمريكا ترفض التعاون مع روسيا في قضايا ذات الصلة، وتحاول ايجاد سبل لمنع العمليات العسكرية التي تتخذها القوات الحكومية السورية والروسية في مكافحة الارهاب.

تتخذ قوات التحالف بمكافحة الارهاب في معركة الموصل استراتيجية حصار المنطقة من الشمال والشرق والجنوب، ولكن الجزء الغربي بالقرب من الحدود السورية يبقى غير محاصر، ما يساعد عناصر تنظيم ” الدولة الاسلامية” على الفرار الى سوريا. وذكرت وكالة نوفوستي الروسية، أن امريكا من المحتمل أن تتوصل الى اتفاق مع السعودية لنقل 9000 عنصر من تنظيم ” الدولة الاسلامية” الى الجزء الشرقي من سوريا. لذلك، يمكن القول، أن معركة الموصل ليست معركة ابادة وإنما معركة طرد. وطالما تمكنت امريكا من طرد تنظيم ” الدولة الاسلامية” من العراق الى سوريا ، فإنها قد حققت هدفها بالفعل. ويمكن للمرء أن يتصور لو أن تنظيم ” الدولة الاسلامية ” يفهم نية أمريكا، ويرفع شعار “معادي لسوريا وغير معادي للعراق”، أو “معادي لروسيا وغير معادي لأمريكا”، فإنه من المرجح أن يحصل على تأييد كامل من أمريكا. وعلى هذا الصدد، مهمة مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط لم تقترب من الانتهاء، وإنما تدخل مرحلة جديدة غامضة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.