موقع متخصص بالشؤون الصينية

القدرة التنافسية للصين تتوقف على الإصلاح الضريبي (العدد 47)

0

صحيفة غلوبال تايمز الصينية 22- 12- 2016
لي واي غوانغ
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

تخاطر الصين بفقدان قدرتها التنافسية الصناعية إذا لم تقّلص العبء الضريبي على الشركات التجارية.
وقد أصبح هذا الأمر ملحاً إثر تغيير الوقائع الجيوسياسية والاقتصادية الحيوية، وتعهُد الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب بإعادة الوظائف التصنيعية إلى الولايات المتحدة.
لا يزال التصنيع هو القوة الأساسية للاقتصاد الصيني، والعبء الضريبي الثقيل يهدد بتآكل القدرة التنافسية الصناعية في الصين، إضافة إلى إبعاد الشركات عن البلاد وتفريغ اقتصادها. وسيشكل إصلاح النظام الضريبي وتخفيف العبء الضريبي دون زيادة مستوى الدين الوطني مهمة شاقة على واضعي السياسات.
تُعد الصين من البلدان التي تفرض أعلى ضرائب على الشركات في العالم. ووفقاً للبنك الدولي، إن إجمالي عائدات الضريبة على الشركات في الصين، أي كلفة كافة الضرائب التي تتحملها (والتي تشمل الدخل والعمالة والضرائب العقارية)  كان 68 في المئة عام 2016.
وفي المقابل، إن مجموع معدل الضرائب – كنسبة مئوية من الأرباح التجارية في الولايات المتحدة هو 44 في المئة. وقد أظهر تحليل لمعدل الضريبة الإجمالي في الصين عام 2016 أن معدل ضريبة الدخل على الشركات كان 10.8 في المئة. فيما وصل معدل الضريبة على العمالة إلى 48.8 في المئة، وهو أعلى بكثير من المتوسط ​​العالمي البالغ 16.3 في المـئة.
الى جانب ذلك، إن ضرائب العائدات، والتي غالبا ما يمكن تحميلها من مورد السلع أو الخدمات للمشتري، عالية جدا أيضا، وثلث تلك الضرائب على شركات التصنيع لا يمكن تحميلها للمشتري، الأمر الذي يعدّ أحد الأسباب الرئيسية في تحمّل الشركات المصنّعة عبئاً ضريبياً مرتفعاً في الصين.
لكن وللأسف، إن مسألة الحد من الضرائب معقدة نتيجة للمقاييس المختلفة والتي لا تضع الصين دائماً على قائمة الدول الأعلى ضريبة في العالم، إضافة إلى كون الصناعيين والأكاديميين منقسمين حول هذه المسألة. فعلى سبيل المثال، ووفقاً لمعايير صندوق النقد الدولي، إن نسبة الضرائب المفروضة على الناتج المحلي الإجمالي، وهي مقياس للعبء الضريبي الكلي للصين، كانت 29.1 في المئة عام 2015، وهو رقم أدنى بكثير من المتوسط ​​العالمي البالغ 38.8 في المئة.
ومع ذلك، لا يستطيع المقياس أن يعكس العبء الضريبي على الشركات وبالتالي يضلّل الناس للاعتقاد بأن العبء الضريبي على الشركات الصينية، وخاصة الشركات الخاصة، ليس من بين أعلى المعدلات في العالم.

في الواقع، لقد زادت مساهمة الضرائب من الطاع الخاص على مدى العقد الماضي، حيث ساهم القطاع ب 51.43 في المئة من عائدات الضرائب عام 2015.
وقد أظهر مسح أجري في النصف الأول من العام الحالي ل 113 شخصاً من أصحاب المشاريع الخاصة أن 87 في المئة من رجال الأعمال، والذين يغطون  12 صناعة من الصناعات الرئيسية في مدينة هانغتشو، ووهان وداليان وقوييانغ، اشتكوا من الإلتزامات الضريبية الثقيلة، بما في ذلك الضرائب العقارية والضرائب المرتفعة على دخل الشركات. كما كانت الإجراءات المعقدة والتشريعات المبهمة مصدرا إضافيا للسخط.
على الجانب الآخر، تدعم الولايات المتحدة إعادة التصنيع والعودة الى الصناعة عن طريق خفض تكاليف الإنتاج وتوفير الشروط المواتية لجذب الشركات. وعلاوة على ذلك، وعد ترامب بخفض معدل ضريبة الدخل على الشركات أكثر من النصف إلى 15 في المئة، وتقديم إعفاءات ضريبية مرة واحدة للشركات الأميركية لإعادة الاموال من الخارج بمعدل 10٪ فقط بدلا من 35٪ حاليا من أجل اعادة الوظائف التصنيعية.
من شبه المؤكد أن هذه الخطط ستتحقق. والتحول السياسي الأميركي لن يؤثر على الصين وحدها بل على العالم كله، وسيغير على الأرجح المشهد الإقتصادي والصناعي في العالم. والسياسات لن تغري الشركات الأمريكية وحدها للعودة إلى الوطن وإنما أيضا ستجذب المستثمرين الأجانب. لقد دفع الإعفاء الضريبي الذي منحته الولايات المتحدة في الثمانيينات بالعديد من البلدان الأخرى لأن تحذو حذوها، الأمر الذي تسبب بثورة في تكنولوجيا المعلومات. متى تركز الولايات المتحدة على إحياء اقتصادها، فمن المرجح أن يخلق ذلك معجزة لا يمكن تصورها.
عندما يتعلق الأمر بالإنعاش الاقتصادي، تراهن كل من الصين والولايات المتحدة على قطاع الصناعة، وبين أمور أخرى، تبقى ميزة التكلفة ساحة المعركة الرئيسية للقدرة التنافسية الصناعية.
إن زيادة الأعباء الضريبية على الشركات قد دفعت بعض الشركات الصينية بالفعل لإقامة مصانع في الولايات المتحدة.
وقد استثمر تساو ده وانغ، مؤسس شركة Fuyao وهي الأولى في تصنيع زجاج السيارات في الصين، في مصنع في الولايات المتحدة للاستفادة من ضرائب البلاد المنخفضة وغيرها من تكاليف التشغيل مثل الأراضي والمياه والكهرباء. وهذه ليست حالة فردية. جميع المستثمرين يطاردون الأرباح. والإعفاءات الضريبية والحد من تكاليف الإنتاج سيزيدان من جاذبية الأسواق الأميركية وبعض الأسواق الغربية فيما ستؤدي التكاليف المرتفعة إلى تآكل القدرة التنافسية للمنتجات الصينية.
يتعين على الصين التكيف مع الوضع المتغير.
لقد حان الوقت لكي تحد السلطات الصينية وصانعي السياسات من العبء الضريبي على الشركات دون زيادة العجز المالي أو مستويات الدين، والبدء بإصلاح للنظام الضريبي ليعكس السوق أكثر. وبما أنه ليس هناك مجال لتخفيض مستوى ضرائب العمالة العالي والضرائب على العائدات ، فإن هذا يمكن أن يشكل  مؤشراً على المكان الذي يمكن للإصلاح الضريبي إحداث خرق فيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.